الحرب الباردة ما بعد الاستعماريّة: كيف نفهم العلاقات الصينيّة-الأمريكيّة؟

الحرب الباردة ما بعد الاستعماريّة: كيف نفهم العلاقات الصينيّة-الأمريكيّة؟

الحرب الباردة ما بعد الاستعماريّة: كيف نفهم العلاقات الصينيّة-الأمريكيّة؟


11/09/2018

ترجمة: كريم محمد


في مقابلة مع صحيفة "The American Prospect"، في آب (أغسطس) الماضي، قال كبير مستشاري البيت الأبيض آنذاك، ستيف بانون: إنّ "الولايات المتحدة في حرب اقتصادية مع الصين، فالحرب كامنة في كلّ أدبياتهم، ولا يخجلون من قول ما يقومون به. إنّ الواحد منا سيكون مهيمناً خلال خمسة وعشرين أو ثلاثين عاماً، وهي ستعمل على إنفاذ ذلك في حال سلكنا نحن سبيلاً غير هذا السّبيل"، فإذا واصلت الولايات المتحدة خسارتها في الحرب الاقتصادية، يقول بانون، "فإنّنا سنكون على بُعد خمسة أعوام، فيما أعتقد، أو عشرة أعوام، على الأكثر، من الارتطام بنقطة الانعطاف التي لن نكون قادرين على الاستشفاء منها أبداً".

وفيما يبدو، وتمشّياً مع هذه التعليقات، فإنّ الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، الذي شنّ حملة على أجندة القومية الاقتصادية، قام بإجراء تحقيقات في سرقة الملكية الفكرية الصينية، التي يمكن أن تؤدي إلى فرض رسوم جمركية أمريكية على الواردات الصينية، لكنّ المسؤولين الأمريكيين سعوا، في الوقت نفسه، إلى كسب تعاون بكين فى ترويض كوريا الشمالية المحاربة بلا هوادة.

واشنطن تخشى أنّ الصين ستنشر نموذجاً للتنمية السياسية والاقتصادية سيقوّض النظام الدولي الليبرالي الذي تسعى أمريكا للتمسّك به

والحال؛ أنّ التقلبات المزاجية لإدارة ترامب بخصوص الصين، التي تعدّها أحياناً تهديداً للبراعة الأمريكية، وأحياناً أخرى شريكاً مهمّاً، ليست بجديدة. وفي الواقع؛ كما يوضح المؤرّخ غريغ برازينسكي، من جامعة جورج واشنطن، في كتابه الجديد "الفوز بالعالم الثالث: المنافسة الصينية-الأمريكية خلال الحرب الباردة"؛ فإنّ واشنطن تخشى، منذ أمدٍ بعيد، من أنّ "الصين ستنشر نموذجاً للتنمية السياسية والاقتصادية، سيقوّض النظام الدولي الليبرالي، الذي تسعى الولايات المتحدة إلى التمسك به والعض عليه بنواجذها".

يبيّن كتاب "الفوز بالعالم الثالث"؛ كيف تنافست الصين والولايات المتحدة مع بعضهما، خلال منتصف القرن العشرين؛ بغرض التأثير في الدّول ما بعد الكولونياليّة، والأكثر أهمية وأساسية من ذلك؛ هو أنّ بكين وواشنطن تناوشتا حول عن بنية النظام الدولي ما بعد الكولونيالي نفسه. وبعد موجة فكفكة الكولونيالية، بعد الحرب العالمية الثانية، عزمت الصين الماوية على تكريس نفسها، باعتبارها الأولى بين نظراء كثيرين في كتلة مستقلّة آسيو-إفريقيّة من الدول، وهو المسعى الذي كانت الولايات المتحدة، تلك الدولة القوية حديثاً، والمتينة في مكانتها بين الدّول ما بعد الكولونياليّة، عازمة على إحباطه وإفشاله.

اقرأ أيضاً: هل تعيد الصين تشكيل العالم اليوم؟

ومع ذلك، رغم جهودهما المثلى في ذلك؛ فإنّ سياسات الدولتين تجاه العالم ما بعد الكولونياليّ، سواء تمثّلت في دعم واشنطن للدكتاتوريين، أو في دعم بيكين لانتفاضات العصابات، كانت على خطأ، من وجهة نظر السّكان المحليين، ولم تفعل شيئاً يُذكر لحلّ مشكلات المجتمعات ما بعد الكولونياليّة، وفي اللحظة التي يشير فيها كثيرون إلى حتمية الصراع بين الصين والولايات المتحدة؛ فإنّ كتاب "الفوز بالعالم الثالث" يذكّرنا تذكيراً ناجعاً بكيفية دفع الأفكار المختلفة حول النظام العالمي بكين وواشنطن إلى الاشتباك في الماضي. سيتساءلُ المشكّكون في فائدة مقارنة مواجهات اليوم بمواجهات الحرب الباردة، عندما كانت الصين ملتزمة بتصدير الثورة، بدلاً من السلع الاستهلاكيّة الرخيصة، لكن بإظهار الأهميّة الفائقة للمكانة، وليس للينينيّة الماركسيّة، بالنسبة إلى الرؤى الصينيّة للنظام العالميّ؛ فإنّ برازينسكي يجعل كتاب "الفوز بالعالم الثالث" جوهريّاً للقراءة بالنسبة إلى أيّ أحد مهتمّ بمستقبل العلاقات الصينية-الأمريكية.

امرأة تنظف السجادة خلال حوار أمريكي - صيني بقاعة الشعب الكبرى في بكين، يوليو 2014 (رويترز)

مسألة المكانة

حدث أنّ حركة التحرير الوطنية الصينية وصعود الولايات المتحدة إلى مكانة القوة العظمى حصلا في الوقت نفسه، في أوائل القرن العشرين؛ فقد انهارت الأسرة الإمبراطورية الصينية الأخيرة (تشينغ) عام 1911؛ الأمر الذي أدّى إلى نشوب صراع بين القوميين والشيوعيين الصينيين؛ حيث طمحت كلتا المجموعتين إلى ترأّس عمليّة إعادة إحياء قومية، من شأنها أن تضع حداً لبقاء الصين في يد الإمبرياليين الأوروبيين واليابانيين. غير أنّ زعماء الصين الشيوعيين، كما يحاجج برازينسكي، لم يفكروا في العلاقات الدولية، سواء من حيث الأيديولوجيا الشيوعيّة، أو (كما في العصر الإمبراطوريّ) من حيث التسلسل الهرمي الذي تتمحور حوله الصين؛ فقد شددوا، عوضاً عن ذلك، على ضرورة أن تستعيد الصين مكانتها "لا سيما بين المجتمعات ما بعد الكولونياليّة الأخرى، كوسيلة لإنهاء تاريخ الصين من الإهانة واستعادة الشرف والمجد اللذين سُرقا منها".

اقرأ أيضاً: لماذا توصف زيارة الرئيس الصيني للإمارات بالتاريخية؟

والحال؛ أنّ رغبة الحزب الشيوعيّ الصينيّ (CCP) في إقامة علاقات مع العالم ما بعد الكولونياليّ، جعلته في منافسة مع الولايات المتّحدة المتصاعدة، التي أصبحت، العام 1916، القوة الصناعية الرائدة في العالم، وحقّقت الهيمنة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، وصوّرت واشنطن، مثل بكين، نفسها كبديل للإمبرياليّة؛ فقد قدّم الرئيس الأمريكي، وودرو ويلسون، بعد الحرب العالمية الأولى، الولايات المتحدة على أنّها مناصرة لتقرير المصير الوطني، وأدّت، منذ أواخر القرن التاسع عشر، الالتزامات الأمريكية بالتجارة الحرّة إلى صراعها مع مجموعات التجارة الإمبريالية الأوروبية (واليابانية لاحقاً)، وخلال الحرب العالمية الثانية؛ نظرت الولايات المتحدة إلى الصين، باعتبارها حليفاً ضدّ اليابان، وقال الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، العام 1942: "على الصين أن تلعب دورها الصحيح في الحفاظ على السلام والازدهار، ليس فقط في شرق آسيا، إنّما في العالم بأجمعه"، فمن وجهة نظر روزفلت؛ من شأن صين موحّدة ومتحالفة مع الولايات المتحدة أن "تساعد في إدارة الوصاية في جنوب شرق آسيا وأماكن أخرى، ما يسمح لبقية آسيا بتحقيق الاستقلال مع مرور الوقت"، ولبّى روزفلت، عام 1943، دعوة الجنرال الوطني، تشيانغ كاي شيك، إلى مؤتمر القاهرة؛ حيث لعب تشيانغ دور رجل دولة رائد جنباً إلى جنب مع روزفلت وتشرشل؛ حيث ناقشوا مستقبل آسيا.

لقد رأت بكين نفسها على أنها بناء "هرمية غير رسمية، هرمية" لأمم ما بعد الاستعمار، تكون فيها الصين الأولى بين المتساوين

كانت رؤية الولايات المتحدة تصبو إلى أن تقوم دولة صينية مُقادة وطنياً وموالية للولايات المتحدة، وتقوم بعملية فكفكة الكولونياليّة في آسيا، بيد أنّ ذلك وقع في مشادّة مباشرة مع أهداف الحزب الشيوعي الصيني، وبعد الغزو الياباني للصين، عام 1937؛ فإنّ ما يسمّى "حملة التصحيح داخل الحزب الشيوعي الصيني"، أصرّت ليس فقط على قيادة ماو للحزب في الصين، لكن أيضاً على تطبيق واسع لفكره على الشعوب المستعمَرة الأخرى؛ فكما أوضح تشانغ روكسين، وهو مؤيّد ذو نفوذ للماويّة، عام 1941: "قدّمت تجربة الصين رأسمالاً ثورياً قيّماً للغاية، بالنسبة إلى الغالبيّة العظمى (إن لم يكن كلّها) للدول الكولونياليّة وشبه الكولونياليّة"، وتبعتِ الأفعال الكلمات؛ ففي تشرين الأول (أكتوبر) 1941، استضاف الحزب مؤتمر الشعوب الشرقية، المعادي للفاشيّة، في يانان، وضمّ مندوبين من ثمانية عشر بلداً، بما في ذلك بورما وكوريا وفيتنام، أضِف إلى ذلك؛ أنّه بعد وقت قصير من الهجوم اليابانيّ على بيرل هاربور، أمر ماو الحزب الشيوعيّ بالتنسيق مع الأحزاب الشيوعية في جنوب شرق آسيا، في كفاحهم المشترك ضدّ اليابانيين.

إنّ هذا البعد الدولي للشيوعية الصينية باغت الأمريكيين على حين غرّة، ونظرت الأيدي العاملة الصينية الشابة إلى الحزب الشيوعي بوصفهم إصلاحيين زراعيين ليس لديهم سوى القليل من الاهتمام بالثورة العالمية، وعملاً بهذا الافتراض؛ اقترح الدبلوماسيون الأمريكيون، الذين صاغوه لليابان؛ أن تقيم واشنطن علاقات مع الحزب الشيوعي الصيني، من أجل دعم معركته ضدّ اليابانيين، أو، على الأقل، من أجل تشجيع الإصلاح بين القوميين الفاسدين والوحشيين.

ومع ذلك؛ فإنّ شخصيات بارزة، مثل المبعوث الأمريكيّ باتريك جي هورلي، رفضت هذه الفكرة، ما أجبر الشيوعيين على التوجّه نحو الاتحاد السوفييتي للحصول على المساعدة وحرمانهم من أيّ صوت في مستوطنات ما بعد الحرب في شرق آسيا. وبدوره؛ عزّز هذا الأمر انطباع الحزب الشيوعي الصيني، الذي عُثر عليه في أحد التقارير المؤثرة للحزب، بأنّ الولايات المتحدة "من المرجَّح أن تقف (عقبة) في طريق طموحات الحزب الشيوعي الصيني، للحصول على مكانة راسخة في الصين وفي جميع أنحاء العالم".

اقرأ أيضاً: هل تتحكم معلومات الصينيين بهم في المستقبل القريب؟ وماذا عنك؟

وبعد أن هزم الحزب الشيوعي الصيني القوميين في الحرب الأهلية القصيرة، بعد انسحاب اليابانيين، سرعان ما وجد الحزب نفسه في صراع مع الولايات المتحدة، ولم يكن هذا الصراع مجرد نتيجة لرفض الولايات المتحدة الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية، المعلنة حديثاً، إنّما لأنّ رؤى واشنطن وبكين كانت مختلفة جداً بشأن النظام العالميّ ما بعد الكولونيالي؛ حيث كانت واشنطن تفضّل تقرير المصير الوطني، في إطار نظام دولي ليبرالي ورأسمالي، لكنّها نظرت إلى سيرورة فكفكة الاستعمار، باعتبارها سيرورة تدريجية، مع الوصاية على دول مثل؛ كوريا وفيتنام، وأيّدت التراتبية الرسمية (مجلس الأمن الدوليّ)، وغير الرسميّة (حقوق التصويت في صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي). أمّا الصين، وعلى النقيض من ذلك؛ فقد عزّزت الاعتماد على الذات اقتصادياً، وعلى التحرير الفوري لكوريا وفيتنام بالوسائل العسكرية، واستحداث شبكات شيوعية ومناهضة للكولونيالية، كبديل للأمم المتحدة، ونظرت بكين إلى نفسها، بحسب برازينسكي، كبناء "لتراتبية لا رسمية ومعادية للترابية" للدول ما بعد الكولونيالية، التي ستكون الصين الأولى على رأسها، الأمر الذي هو على النقيض من الإذعان المطالَب زعماً من قبل الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.

كانت رؤية أمريكا تصبو إلى أن تقوم دولة صينية مُقادة وطنياً وموالية للولايات المتحدة، وأن تفكك الكولونياليّة في آسيا

أدّت هذه الرؤى المختلفة إلى جعل الصين والولايات المتحدة في صراع مفتوح، متمثلاً، للمرة الأولى في الحرب الكوريّة؛ حيث دعمت الصين كوريا الشمالية، ودعمت الولايات المتحدة الجنوبية، ولاحقاً في فيتنام، عندما دعمت الصين التمرّد الشيوعي ضدّ الفرنسيين، ثم الأمريكيين. وفي مؤتمر باندونج، عام 1955، الذي سعى إلى تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية والآسيوية؛ عرض رئيس مجلس الدولة الصيني، تشو آن لاي، بإقناع، موقف الصين المتشدد تجاه تايوان والولايات المتحدة، بما يتفق مع رغبات القادة الآخرين في السلام والاستقرار في المنطقة.

ومع أنّ واشنطن كانت ما تزال تعترف بالقوميين في تايبي، كحكّام شرعيين للصين، فإنّ بكين ناورت للحصول على اعتراف من دول ما بعد كولونيالية، مثل؛ مصر والعراق وغينيا، وحكومة المنفى التابعة لجبهة التحرير الوطني الجزائرية. ويوضح برازينسكي كيف اتّبعت الصين هذه الخيارات السياسية، لا لنشر الشيوعية؛ بل لتعزيز التحرّر ضدّ الكولونيالية، فعلى سبيل المثال؛ وصف أمر ماو بالقتال، جنباً إلى جنب، مع الكوريين الشماليين، الحرب بأنّها "حرب واحدة دفاعاً عن مصالح شعوب جميع البلدان الشرقية، وليس فقط عن الصين أو كوريا".

الرئيس ماو وزو إنلاي في عام 1966

لمَ تشتري ماو؟

كتاب برازينسكي هو الأقوى؛ عندما أظهر أنّ وجهات نظر واشنطن وبكين المضللة لطبيعة الصراع، أدّت بهما إلى اعتماد سياسات ذات نتائج عكسيّة، وغدا القادة الأمريكيون ينظرون إلى صين ماو كدولة خطيرة؛ لأنّ فكفكة الاستعمار، من وجهة نظرهم، توعّدت بتعقيد الصراع الأيديولوجيّ بين الشرق والغرب، بصراع عرقيّ بين الشمال والجنوب. افتقدت بكين إلى موارد موسكو، لكنّ الصينيين كانوا مناصرين أكثر معقوليّة لمناهضة الإمبريالية العنصرية المتطرفة من الروس المسؤولين عن الاتحاد السوفياتي.

اقرأ أيضاً: سمير أمين يترجّل: في معنى أن يقرأ الرئيس الصيني لمفكر عربي

ولأنّ الأمريكيين ينظرون إلى التحدي الصيني على أنّه راديكالي جداً، فإنّهم لم يتبنّوا سوى القليل من الحلول الوسط؛ فقد كانت واشنطن معنيّة جداً بالدفاع عن فيتنام الجنوبية، مثلاً، التي تسامحت مع هجمات سايغون على معسكرات فييت كونغ في كمبوديا المحايدة، وعندما بدأت الميليشيات الكمبودية المعارضة للحكومة في بنوم بنه بإجراء برامج إذاعية من فيتنام الجنوبية، هدّدت الحكومة الكمبوديّة بإنهاء جميع برامج المساعدات الغربيّة والتحالف مع الصين ما لم يتمّ وقف البثّ، ولم تفعل الولايات المتحدة شيئاً، واتجهت كمبوديا إلى الصين، للحصول على مساعدات عسكرية واقتصادية، وأغلقت سفارتها في واشنطن.

هيمنت الأيديولوجية الماوية على كل مجالات النشاط الأجنبي في الصين مما خفض الهيبة الصينية في الخارج

كان الأميركيون، والحال كذلك، مهووسين جداً بإبقاء فيتنام خارج المعسكر الشيوعي؛ حيث زجوا دولاً أصغر إلى اقتتال مع الصينيين، وأضعفوا الثقة بأنفسهم كأنصار لنظام دولي عادل.

وميّزت خطايا مماثلة التجارة الأمريكية وسياسة مساعداتها؛ فمن عام 1950 إلى عام 1971، فرضت الولايات المتحدة حظراً شاملاً على جميع التجارة مع الصين، من أجل عرقلة التنمية الصناعية في البلاد، وعزلها عن المجتمع الدولي، وخلال الحرب الكوريّة، نجحت في دفع الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على إرسال مواد إستراتيجية للصين، بيد أنّ دولاً، مثل الهند ومصر، رفضت مشروعية الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة، وتمكّنت بكين من مقايضة بلدان كثيرة، مثل أندونيسيا وسريلانكا (في كثير من الأحيان، يكون ذلك في ظروف غير مؤاتية) لتجنّب العزلة، ولم يضعف الحظر اقتصاد الصين بشكل كبير، وفاخرت بكين بأنّ بقاءها في مواجهة الإمبريالية الأمريكية أثبت جدوى نموذجها الاقتصادي، وإظهار واشنطن كقوة إمبريالية.

ورغم أنّ كلا البلدين قدّم مساعدات للعالم ما بعد الكولونيالي، إلّا أنّ الصين قامت بذلك، في كثير من الأحيان، مع إيلاء اهتمام أكبر بالرمزية (symbolism)؛ ففي جنوب إفريقيا مثلاً، اقترحت تنزانيا وزامبيا غير الساحلية خطّ سكّة حديد يربط مناجم النحاس في زامبيا بميناء المحيط الهندي، وكلّ ذلك دون عبور الولايات التي يحكمها البيض، لكنّ الدول الغربية والاتحاد السوفياتي رفضوا تمويل المشروع؛ لأنّهم غير مقتنعين بفائدته الاقتصادية، ومع ذلك؛ قبل الصينيون ببناء خطّ سكة الحديد، عام 1967، متفهّمين أنّ المشروع يتعلق بالاكتفاء الذاتيّ، ومعارضة الحكم الأبيض، كما أنّه يتعلّق بالاقتصاد، وردّت الولايات المتحدة بإنشاء مشروع طريق على الطريق نفسه، لكنّها فشلت في جعلها طريقاً رئيسة للتجارة؛ بسبب عدم وجود شاحنات في أيّ من البلدين، ومن المفارقات؛ أنّ قدرها الرئيس كان منصبّاً على نقل الإمدادات للسكك الحديدية الصينية.

اقرأ أيضاً: لماذا اختار الرئيس الصيني زيارة الإمارات؟

بيد أنّ الصين ارتكبت أخطاء عديدة حدّت من نفوذها في العالم الثالث؛ فقد فشلت بكين، كما يقول برازينسكي، في فهم أنّ "هيمنة الأيديولوجيا الماوويّة على كلّ مجال من مجالات النشاط تقريباً في الصين، قد صدّت الجماهير الأجنبيّة، وقلّصت مكانة الصّين في الخارج". فمثلاً؛ أُصيب بالأسى أحد الصحافيين الهنود الذين رصدوا أداء رقصة من قبل فرقة صينية، في شتاء 1954-1955، وتساءل عن السبب في أنّ الصينيين "دمّروا هذا الفنّ الرائع عندما حدّوه عن طريق ربطه بزمام الأيديولوجيا". وفي الوقت نفسه؛ أدّى قمع بكين لانتفاضة عام 1959 في التبت، إلى تدمير صورة الصين في البلدان ذات الأغلبية البوذيّة، ودفعت حربها مع الهند، عام 1962، هذه الأخيرة إلى طلب المزيد من المساعدة من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ، وقد دمّرت الحرب مع الهند صورة الصين، بوصفها مضيفاً للسلام في آسيا، التي أولت اهتماماً كبيراً للزراعة في باندونغ. والحال؛ أنّ سلوكاً على هذه الشاكلة أدّى أيضاً إلى تقسيم الحركة الأفرو-آسيويّة، أكثر فأكثر، إلى معسكرات؛ معسكر تلك البلدان، مثل الصين وأندونيسيا، التي فضلت المواجهة المسلّحة مع القوى العظمى. ومعكسر تلك الدّول، من قبيل مصر والهند، التي فضّلت مساراً أكثر اعتدالاً من "عدم الانحياز"، الذي من شأنه استبعاد الصين الشيوعية.

وعام 1965؛ حاولت الصين تنظيم مؤتمر باندونغ الثاني في الجزائر، لتعزيز رؤيتها الأكثر عدوانيّة لمكافحة الإمبرياليّة؛ حيث دعت إلى مواجهة حربية مع "القوى البيضاء"، مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ، غير أنّ راديكاليّة بكين أثارت قلاقل الكثير من البلدان على الدولانية الصينية، حتى أنّ ذلك أدّى إلى إلغاء نهائي للمؤتمر، قبل وقوع الانقلاب في نظام الحكم.

اقرأ أيضاً: زيارة الرئيس الصيني للإمارات.. ومنطق "عالمٌ ليسَ لنا"

والحال أنّ الثيمة الرئيسة في سردية برازينسكي: هي كيف أنّ تعزيز الصين للماويّة، كعقيدة ثوريّة مركزية للمقاتلين المناهضين للكولونياليّة، أعاق فرص بكين في تحدّي واشنطن وموسكو في الجنوب العالمي؛ فقد دعمت الصين حركات حرب العصابات المسلّحة في دول مثل الجزائر ولاوس وليسوتو وفيتنام، منذ منتصف الخمسينيات فصاعداً، وقدّمت السلاح والمال والتدريب في الصين، وترجمت نسخ كتابات ماو حول حرب العصابات، لكنّ إصرار الصين على أنّ حروب العصابات كانت تتبع الأرثوذكسية الماووية إنّما كان هزيمة ذاتية، ما أسهم، مثلاً، في انهيار انتفاضة في الكونغو.

إنّ رجال حروب العصابات، الذين يسمّون أنفسهم "الأسود" غزوا النصف الشرقيّ من البلاد، في أوائل عام 1964، لكن حتى بعد أن أعلن زعيم الأسود أنّ ماو "ليس فقط محرّر الصين، لكن أيضاً محرّر العالم كلّه"؛ فإنّ المسؤولين الصينين ما يزالون يشعرون بأنّ "الأسود، في الواقع، لم يكن لديهم اهتمام كبير بتجربتنا"، وأوقفوا الدعم لهم، وبينما تردّدت الصين، فإنّ التدخلات العسكريّة البلجيكيّة والأمريكيّة أدت إلى إضعاف حركة الأسود هؤلاء، وعوضاً عن التعلم من التجربة؛ ألقت بكين اللّوم في هزيمة الأسود على فشلهم في قبول الماوية، وفي غضون عام؛ كان أكبر بلد في إفريقيا واقعاً في أيدي الطاغية الموالي للغرب، جوزيف موبوتو، بينما إصرار الصين على النّقاء والطهورية تركها دون قاعدة ثوريّة في إفريقيا.

اشتباك أمريكا والصين مبكراً تمّ تصوّره في المجتمع الدولي كأمر يمكن أن يحلّ جزئياً، محلّ السيطرة الإقليمية ووضع القوة العظمى

ملتصقاً بالوطن، كان الحزب الشيوعي الصيني مقتنعاً للغاية بمساهمة الماوية في الكفاح الفيتنامي، الذي غفل عنه كيف أنّ الفيتناميين كانوا أكثر اهتماماً بهزيمة الإمبريالية الأمريكية، من إثبات تعاليم ماو الصحيحة، وإثر ذلك؛ فشلت بكين في تقدير أنّ هانوي، التي كانت تتلقى المزيد من المساعدات العسكريّة، والتدريب من الاتحاد السوفياتي، لم تكن لها مصلحة تذكَر في معارضة موسكو كقوة "إمبريالية اجتماعية"، كما أملت العقيدة الماوية.

وبعد الحرب؛ أبرمت هانوي تحالفاً رسمياً مع موسكو، عام 1978، والأسوأ من ذلك؛ أنّ فيتنام كانت لديها طموحات إقليمية خاصة بها، فبعد أن غزا الفيتناميون كمبوديا، عام 1978، لتحلّ محلّ حكومة الخمير الحمر، المتحالفة في بكين، التي لديها نظام دمى موالين لهانوي وموسكو، أمرَ الزعيم الصيني، دنغ شياو بينغ، بغزو محدود لفيتنام، عام 1979، وأسفرت الحرب عن مقتل حوالي 28 ألف شخص في الحرب الصينية في شهر واحد؛ أي ما يقرب من نصف عدد الأمريكيين الذين عاشوا في فيتنام منذ 20 عاماً، واستثمرت الصين موارد كبيرة في تأمين دولة فيتنامية مستقلة وموحّدة، لكنّ هاجس بكين بالتطبيق الشامل للماوويّة أضرّ بمركزها في جنوب شرق آسيا.

الرئيس الأمريكي الأسبق، ريتشارد نيكسون

تغيير التروس

ويركّز تصوّر برازينسكي، إلى حدّ كبير، على الخمسينيات وأوائل الستينيات، (ويعتمد الكتاب على وثائق من وزارة الخارجية الصينية، التي، حتى عندما كانت مفتوحة لفترة وجيزة من عام 2004 إلى عام 2012، منعت إجراء البحوث في أعوام الثورة الثقافية)، ومع ذلك، كما تبين الفصول الختامية لكتاب "الفوز بالعالم الثالث"؛ فإنّه قبل نهاية الستينيات من القرن الماضي؛ أدرك القادة الأمريكيون والصينيون أنّ التعاون، لا الصراع، أفضل الفرص المعروضة لتعزيز وضع دولتهم.

ويشير برازينسكي إلى تقرير حزيران (يونيو) 1966 من وزارة الخارجية والبنتاغون، كنقطة تحوّل في التفكير الأمريكي في الصين؛ حيث أشار التقرير إلى أنّه "لا يمكن للولايات المتحدة أن تحرص على السيطرة على آسيا من جانب قوة واحدة، لكن يتعيّن عليها البحث عن سبل لتقديم موقف الصين واحترامها، الأمر الذي يمكن أن تحلّ محلّه، جزئياً، الأهداف التي لا يمكن تحقيقها للهيمنة الإقليمية ووضع القوى العظمى"، ولم يغيّر هذا التقرير السياسات، لكنّ ليندون جونسون تحدّث، بعد شهر من المشاركة، بدلاً من العزلة، مشيراً إلى أنّ "السلام الدائم لا يمكن أبداً أن يأتي إلى آسيا، طالما أنّ 700 مليون شخص من الصين القارّية، معزولون من قبل حكامهم عن العالم الخارجي".

اقرأ أيضاً: مسلمو الأويغور.. نزلاء معسكرات إعادة التأهيل الصينية

قدّم الرئيس الأمريكي، ريتشارد نيكسون، الذي تولّى منصبه عام 1969، هذه الرؤية، "بينما كانت الإدارات الأمريكية السابقة كلّها تكافح لعزل الصين وتدمير هيبتها في العالم الثالث"، يكتب برازينسكي: "أرادت إدارة نيكسون إعادة دمج جمهورية الصين الشعبية في المجتمع الدولي، ومنحتها الاحترام لكونها قوة عظمى"، وقد أدرك نيكسون أنّ الصدارة الأمريكية لا يمكن الحفاظ عليها إلا بتحويل واشنطن إلى العنصر المهيمن في المثلث الجيوسياسي مع بكين وموسكو.

إنّ حساسية نيكسون تجاه الاستهانة، والإصرار على الاحترام، علاوة على ذلك، جعلته محاوراً مثالياً مع بكين، وكتب نيكسون في مسودته التحضيرية لحديثه مع ماو، عام 1972: "تعامل معه (كإمبراطور)، أثنِ على الشعب، الفنّ القديم، امتدح القصائد وحبّ البلاد"، وكان العنصر الحاسم أنّ نيكسون لم يجعل التقارب بين الصين والولايات المتحدة مشروطاً بتخلي الصين عن مطالبها الثورية، وجاء في حديث نيكسون الأخير مع تشو: "لديك موقف في بلدك، وفي الحركة الاشتراكية كلّها، والعالم، وهو موقف مبدأ، والذي نتوقّعه منك، بالطبع، الحفاظ عليه".

ولحسن حظّ نيكسون؛ عدّل الحزب الشيوعي الصيني تصوّراته الخاصة المتعلقة بأفضل طريقة لتحقيق مكانة بحلول وقت زيارته، وقد تبنّت بكين دبلوماسية أكثر براغماتية؛ فقد هذّبتها الثورة الثقافية والصلات القريبة مع الاتحاد السوفيتي، فأقامت علاقات مع دول "رجعية"، مثل إيران وتركيا وزائير، واستمرت بتقديم نفسها بوصفها قائد العالم الثالث في الأمم المتحدة، لكنّها تعاونت، في الثمانينيات، بشكل وثيق مع الولايات المتحدة في معارضة الأنظمة الماركسية في "عالم الجنوب"، وعلى سبيل المثال؛ فقد عملت الصين مع الولايات المتحدة والتمييز العنصري في جنوب إفريقيا، في محاولة للإطاحة بالنظام في أنغولا، المدعوم من السوفييت وكوبا، وانضمّت للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وباكستان في دعمهم للمجاهدين الأفغان، للإطاحة بالنظام الحليف لموسكو في كابول.

لذلك؛ فإنّ أحد الدروس التي يأخدها برازينسكي في الحسبان، هو المدى الذي سمح به التهديد السوفييتي، بالتعاون الأمريكي-الصيني في عالم الجنوب والاقتصاد العالمي.

الفوز بالقرن الحادي والعشرين؟

الفوز بالعالم الثالث، يبدو تماماً كما لو أنّ إدارة ترامب تعرقل النقاش الحيوي الآن حول العلاقات الأمريكية-الصينية. يثبت كتاب برازينسكي قيمته؛ لأنه يوضح كيف أدّت الاختلافات بين وجهات النظر الأمريكية والصينية حول وضع الصين في النظام العالمي، وليس فقط المخاوف الأيديولوجية من التخريب الشيوعي، إلى نزاع طويل الأمد بين الدولتين.

قد تكون الصين اليوم حيواناً مختلفاً عمّا كانت عليه في عهد ماو، لكنّها ما تزال تقدّم نفسها للإفريقيين والآسيويين كدولة نموذجية ونصيرة لنظام عالمي جديد غير هرمي.

عندما افتتح شي جين بينغ منتدى (Belt and Road Forum)، في أيار (مايو) 2017؛ فقد ناصر "نوعاً جديداً من العلاقات الدولية، الذي من شأنه أن يحترم السيادة والسلامة الإقليمية لكافة الدول"، وتخلّت بكين عن إدعاءاتها الأكثر تطرفاً، لكنّ أساسيات نهجها، كتعزيز مكانة الصين ضمن النظام غير الهرمي، لم تتغير كثيراً.

أفضل رهان للصين على طرد أمريكا من المنطقة، وتأمين مركزها الخاص، سيكون ثقة سخيّة بالنفس القومية الصينية

لكنّ برازينسكي، بدلاً من عرض ادعاءات مكانة الصين كتهديد، قدم حكمة حول أساليب توجيهها، لا سيما فيما يتعلق بقضايا مثل التجارة، التي تهمّ الأمريكيين الذين صوّتوا لترامب. على سبيل المثال؛ يشير برازينسكي إلى أنّه: رغم أنّ الصين ما تزال ترى نفسها كنموذج للعالم النامي، فإنّ كثيرين في إفريقيا وآسيا ما يزالون مشكّكين في نوايا بكين، "إنّ النهج الغربي لفرض قيمه ونظامه السياسي على دول أخرى غير مقبول للصين، إننا نركز على التنمية المتبادلة، لا على تعزيز دولة واحدة على حساب الأخرى"، قال وانغ هونغ يي، الدبلوماسي الصيني والمتخصّص بإفريقيا، في منتدى حول التعاون الصيني الإفريقي، في بكين عام 2006.

غير أنّ الأفارقة المؤثرين، مثل حاكم المصرف المركزي النيجيري السابق، لاميندو سانوسي، قد انتقد الصين بوصفها "مساهماً مهمّاً في تراجع الصناعة والتخلف"، ومن وجهة نظر سانوسي؛ فإنّ فيضان السلع الفولاذية والاستهلاكية الصينية الرخيصة القادمة إلى إفريقيا، يجعل من المستحيل على الشركات الإفريقية أن تنافس، بينما تعتمد عمليات التعدين الصينية على استيراد العمالة الصينية والتكنولوجيا، بدلاً من من نقل المهارات إلى السكان المحليين، وهو ما يدعوه سانوسي "جوهر الكولونيالية".

ويمكن أن تحكى قصة مماثلة عن لاوس، منذ 2011؛ حيث أثار مشروع السكك الحديدية الصيني مخاوف بشأن حقوق الأراضي والمعايير، أو في سيريلانكا؛ فقد تمّ تمويل المرافئ والمطارات من خلال قروض غير قابلة للتحصيل من بكين، إضافة إلى مخاوف بشأن مخصصات الأراضي والأثر البيئي، وتشكّل هذه المشروعات جزءاً من دائرة خيبة الأمل بشأن تأثير الصين في العالم النامي.

لكن، كما يؤكد برازينسكي؛ فإنّه على الولايات المتحدة أن تكبح نفسها عن الاحتفال بخيبة أمل الآخرين مع الصين، كما فعلت في الحرب الباردة. لقد جلبت المنافسة الأمريكية الصينية مكاسب قليلة للأفارقة والصينين، غير أن برازينسكي يؤكد، اليوم، كيف يمكن للدولتين أن تتعاونا في قضايا مثل الصحة العامة ومكافحة الأمراض، كما فعلتا خلال فترة تفشّي وباء الإيبولا، عام 2014، في غرب إفريقيا.

وفي حين أنّ الحديث عن حرب اقتصادية مع الصين يرى أنّ معايير العمل المنخفضة في البلاد، وضعف التنظيم البيئي، وإغراق السوق بالصادرات، من المسلّم به أنّها تخدم كلّها المصالح الوطنية الصينية؛ فإن برازينسكي يؤكّد أنّه "فقط من خلال جعل نفسها مسؤولة أمام المعايير البيئية العالمية، ومعايير العمل، وتلطيف قوميتها، يمكن للصين أن تستعيد مكانة المملكة الوسطى الذي تمتعت به يوماً ما".

إذا كان هذا النهج يمكن أن يثبت نجاحه في آسيا، فإنّه أقلّ وضوحاً، وقد تقتنع بكين، على سبيل المثال، بقبول قوانين الملكية الفردية الأمريكية، أو قوانين العمل السيرلانكية، كأدوات لتعزيز مكانتها.

وكما يذكرنا كتاب برازينسكي؛ فإنّ اشتباك أمريكا مع الصين في وقت مبكر تمّ تصوّر مكانته في المجتمع الدولي، كأمر "يمكن أن يحلّ، جزئياً، محلّ السيطرة الإقليمية ووضع القوة العظمى، لكنّ قلّة قد تشكّك، اليوم، في أنّ الصين تهيمن على منطقتها، أو في أنّها قوة عظمى". ومن المفارقات، في رأي برازينسكي: أنّ "أفضل رهان للصين على طرد الولايات المتحدة من المنطقة، وتأمين مركزها الخاص، سيكون ثقة سخيّة بالنفس القومية الصينية"، التي من شأنها أن تجعل القواعد الأمريكية في كوريا الجنوبية واليابان تبدو زائدة عن الحاجة. ومع ذلك، ما تزال القومية الصينية سجينة ذكريات الجراح على أيدي الغربيين واليابانيين؛ حيث يبدو أنّ إعادة تعريف كهذه بعيدة الاحتمال، والأكثر من ذلك؛ أنّ إعادة كهذه لتعريف المكانة، قد تتطلب التعاطف والخيال من خصوم المرء، وكذلك الصفات الجيدة التي يمتلكها عدد قليل فقط من رؤساء الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة، التي تبدو، تقريباً، غائبة تماماً عن البيت الأبيض اليوم.

 


المصدر: تيموثي نونان، فورين أفيرز


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية