الجزائر: ماذا يعني تسلح حركة النهضة بالحرس القديم مجدداً؟

أسفر المؤتمر السابع لحركة النهضة الإخوانية في الجزائر عن عودة الحرس القديم وعلى رأسه الأمين العام السابق محمد ذويبي إلى دفّة القيادة، فماذا تعني "ديمقراطية القديم المتجدّد"؟

بشكل كان متوقعاً، تُوّجت الدورة الأولى لمجلس الشورى الوطني لحركة النهضة بتثبيت عضوية (131) مناضلاً، وجرى انتخاب الطاهر حبشي رئيساً لمجلس الشورى الوطني، ومحمد ذويبي أميناً عاماً، خلفاً ليزيد بن عائشة، مع الإشارة إلى أنّ محمد ذويبي سبق له قيادة النهضة بين عامي 2013 و2018.

يُعتبر شرق الجزائر معقل حركة النهضة التي اشتهرت باستقطابها للمحامين والأطباء والجامعيين، فضلاً عن فئة "التائبين" في مواعيد انتخابية سابقة

وأتت عودة ذويبي وسط تأكيد حركة النهضة "عزمها على مواصلة نضالها السياسي وإجراء تغييرات وترتيبات تنظيمية ومراجعات سياسية من أجل رسم معالم المرحلة القادمة"، علماً أنّ حركة (النهضة) تأسّست في آذار (مارس) 1989، على يد الشيخ سعد عبد الله جاب الله الذي أرغم على تركها عام 1999، بعد انشقاق أثّر كثيراً على الحزب الذي ظلّ يتبع منهج الإخوان المسلمين "مُعدّلاً" وفق خصوصيات الجزائر، لذا سُمّيت النهضة "الحركة الإقليمية"، في مقابل الحركة العالمية للإخوان المسلمين.

ويُعتبر شرق الجزائر معقل حركة النهضة التي اشتهرت باستقطابها للمحامين والأطباء والجامعيين، فضلاً عن فئة "التائبين" في مواعيد انتخابية سابقة.

إلى ذلك، وفي ثالث خطوة تقاربية على مدار أقل من شهر، قام وفد من حركة (البناء) بقيادة الوزير السابق عبد القادر بن قرينة بزيارة مقر حركة النهضة، على نحو أتى ليؤشر مجدداً على تقارب في الأفق بين أذرع الإخوان قبل نحو عام ونصف العام من الانتخابات الرئاسية المزمعة في كانون الأول (ديسمبر) 2024.

ثبات على القديم

انتقد ناشطو منصة التواصل (فيسبوك) تكريس قيادة الحزب الإخواني لذهنية "رسكلة القديم"، وانسياقه وراء "تدوير الحرس القديم"، في إشارة إلى تداول الوجوه ذاتها على قيادة التشكيلة على مدار أعوامها الـ (34).

في هذا الصدد، علّق الناشط كمال عرّار ساخراً: "ديمقراطية القديم المتجدّد"، وكتب عبد الغني عنان: "هذا ما أفرزه الصندوق، أحياناً تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"، وعقّبت حركة النهضة على صفحتها الرسمية بالقول: إنّ "هذا خيار الغالبية، وما على الأقلية إلّا العمل، وعدم الانسحاب والاكتفاء بالنقد والمعاتبة، وهذا قرار مجلس الشورى ويجب الالتزام به"، ليردّ كمال عرّار: "المشكلة ليست في الصندوق، بل في من كان مسؤولاً سابقاً، ولم ينجح أو يُنجز أو يُطوّر حركة النهضة، فلماذا يترشح أو يُرشّح؟ نعيب على السلطة عدم وجود محاسبة، ونحن نعيشها كأحزاب وجمعيات".

انتقد ناشطو منصة التواصل فيسبوك تكريس قيادة الحزب الإخواني لذهنية "رسكلة القديم" في إشارة إلى تداول الوجوه ذاتها على قيادة التشكيلة على مدار أعوامها الـ (34)

بدوره، انتقد رمضان سعيد حصيلة المؤتمر "النهضوي" السابع، بجزمه: "لا تغيير، هناك ثبات على القديم، أليس هناك جديد؟"، وأيّده كمال عرّار الذي عاد ليؤكد: "عندما يصبح هدف الحركة الاستمرار، لا تحقيق أهداف التأسيس، وعندما يُصبح تجديد القيادة من الأرشيف، للأسف هي النهاية".

وتقاطع مختار بولحية مع طرح رمضان سعيد وكمال عرّار، حيث لم يهضم: "تجديد الأشخاص أنفسهم وطرق وأساليب العمل ذاتها"، كما أبرز عبد الحميد طاجين خيبته قائلاً: "للأسف إعادة تكريس الرداءة وإنتاج الفشل، الغباء عينه أن نتوقع نتائج جديدة وجيدة بتكرار التجارب نفسها بالأسلوب نفسه، والأشخاص أنفسهم الذين فشلوا سابقاً...، قالها الراحل مصطفى بوقرة: هزُلت!".

أسرار عمرها (21) عاماً

لم يُخف أتباع "النهضة" انزعاجهم من انتقادات المعارضين، وقالت هدى ذويبي مدافعةً: "لمّا تُفرز المؤسسات قرارها، يجب علينا جميعاً أن نحترمه، وما دُمنا وافقنا على تحكيم الصندوق، علينا أن نتعلم احترام مؤسساتنا، أمّا الأشخاص، فيأتون ويذهبون".

وردّ عبد الحميد طاجين: "كلام جميل وقاعدة ذهبية معتمدة في أدبيات النهضة (حرية المداولة/ غالبية القرار/ إلزامية وجماعية التنفيذ...)، لكن في الواقع يحصل غير ذلك، خاصة ما تعلق بالشق الأخير، وفي الكثير من المحطات المفصلية، واسألوا إن شئتم عمّا حدث في دورة مجلس الشورى بعد انتخابات 2002، ليلة استقالة الأمين العام أمام وسائل الإعلام، ثمّ قرّر المجلس الإبقاء عليه كأمين عام بالنيابة، وكان ذلك في حدود الثانية صباحاً، فقام من قام، وانفجر المجلس ومن خلاله الحركة، وانصرف إلى بيته، بعد أن تفرّق الجمع، ولحقت به مع بعض الأفاضل إلى البيت، ورفض حتى الحديث إلينا، وكلّمونا من وراء الباب بأنّه غير موجود في البيت، وأصاب الحركة بسبب ذلك زلزال هزّ أركانها وشتّت شملها وبدّد قوتها، ولم تستطع لملمة شأنها إلى اليوم، رغم الكثير من المحاولات اليائسة... أكتفي بهذه الجزئية، وأرجو ألّا أضطر إلى التفصيل...".

وعلّق عبد الكريم ثابت مستهجناً: "كلام غير مسؤول، وغير مبرر"، ممّا استفزّ عبد الحميد طاجين الذي شدّد: "أنت لا تعرف ما نعرف، ولم تعش ما عشناه، ولم تُعانِ ما عانيناه، وبالتالي فأنت معذور"، لكنّ عبد الكريم ثابت ردّ مدافعاً: "النهضة حركة سياسية علنية وليست سرية، ولها مؤسسات محلية ومركزية مؤسسات مداولة وتنفيذية مفتوحة أمام مناضليها بالتساوي، ولا أحد يزعم أنّه يحقّ له ما لا يحقّ لغيره، وكلّ له الحق في الرأي والرأي المخالف، والصندوق الشفاف هو الفيصل، والإعلام الحر هو الشاهد".

وعقّب عبد الحميد طاجين: "تريد أن تُعرّفني بما أعرفه قبلك، وأفضل منك، وتتجرّأ على الردّ على من لا تعرفه ولا تعرف موقعه في معادلة النهضة ومسارها منذ الجماعة الإسلامية والبيعة التي أعطيناها لزعيمها إلى وقت الناس هذا، وكل المراحل في موقع القيادة الوطنية أو المحلية، بل وأحد مؤسسيها حين كان البعض لا يعرف أبجديات العمل السياسي، فدعك يا صديقي من إقحام نفسك في أمور لا تعرف حقائقها ولا خلفياتها، ولا تدفعنا إلى التفصيل رجاءً".

"أولوية" الفكر القديم

اختار الناشط كمال عرّار التعليق مجدداً بيقين: "بقيت الدار على حالها للأسف"، وتقاطع معه أسامة مزيان وعبد القادر الحاج بقولهما: "دعاة التجديد والمحافظة على الرؤوس والفكر القديم من أولوياتهم، يُريدون التغيير بالأساليب نفسها وبالأشخاص أنفسهم".

وتابع منصور بوحفنة: "انتخاب الرئيس بطريقة الغالبية البسيطة من أهم أسباب انقسام الأحزاب واستقطابها، فيمكن لمترشح حصل على 25% فقط الفوز بمنصب الرئيس، وبالتالي فهو لا يتمتع بالإجماع، وقد تتمردّ عليه الغالبية ويتفتت الحزب، لكنّ الطريقة الأفضل هي الأصوات المتعددة، أي للمصوّت الحق في اختيار (3 أو 4) مترشحين، وتُجرى انتخابات الإعادة بين الفائزين الأوّلين في حالة عدم حصول أيّ أحد على أكثر من 50%، هذه الطريقة تنتج رئيساً متوافقاً عليه أكثر، وتعطي الحزب استقراراً أكبر، وربما كان من الأفضل أن يقدّم كل مترشح برنامجه قبل مدة كافية لدراسة البرامج من قبل كل أعضاء مجلس الشورى".

مواضيع ذات صلة:

- الجزائر: هل تهدف حملة الحجاب في الجامعات إلى "الأدلجة" و"التدجين"؟

- إخوان الجزائر على محور أمريكي صيني... ما القصة؟