التونسيون يطردون النهضة من كل مكان... هل استحالت عودتها إلى المشهد؟

التونسيون يطردون النهضة من كل مكان... هل استحالت عودتها إلى المشهد؟

التونسيون يطردون النهضة من كل مكان... هل استحالت عودتها إلى المشهد؟


09/01/2023

يبدو أنّ تداعيات قرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد في 25 تموز (يوليو) 2021، لن تؤدي فقط إلى إبعاد حركة النهضة عن الحكم، بل قد تنهي المستقبل السياسي أيضاً للإسلاميين، الذين فقدوا ثقة التونسيين، بسبب ممارساتهم خلال العقد الذي أعقب الثورة.

وتؤكد أغلب القراءات للمشهد التونسي أنّ مظاهر فشل جماعة النهضة لم تبدأ يوم 25 تموز (يوليو)، لحظة استجابة قيس سعيد للاحتجاجات الشعبية وتحويلها إلى مواقف سياسية، بل إنّ الفشل السياسي، سواء في أعوام الحكم أو في أعوام المعارضة السرّية، كان مظهراً مرافقاً لتاريخ الحركة.

النهضة منذ تأسيسها لم تناضل من أجل مضامين اقتصادية أو اجتماعية، بل إنّ الوصول إلى السلطة ومن ثم تطبيق أهدافها البعيدة (تطبيق الشريعة بكل حمولاته السياسية والفكرية) كان غايتها الحقيقية، وهو ما نفّر التونسيين منها، وطالبوا بمحاسبتها وإبعادها عن المشهد السياسي.

التونسيون يهتفون: لا عودة إلى الوراء

وفي أحدث تفاعل بين التونسيين والحركة ميدانياً، قام تونسيون الأحد بطرد قيادات "جبهة الخلاص الوطني" المعارضة والواجهة السياسية لحركة النهضة الإخوانية، خلال محاولتهم التظاهر ببلدة المنيهلة مسقط رأس الرئيس التونسي قيس سعيّد في ضواحي تونس العاصمة، موجهين انتقادات حادّة لتحركات المعارضة الأخيرة.

وهتف المواطنون: "ارحلوا يا أعداء تونس... ارحلوا يا خونة ويا عملاء"، و"لا عودة إلى الوراء يا أعداء تونس"، ممّا أجبر قيادات الجبهة على الانسحاب، حيث ظهر رئيسها البارز نجيب الشابي وهو يهرول مسرعاً خوفاً من الحشود الرافضة له، وكذلك القيادي جوهر بن مبارك وهو يهرب من المحتجين، قبل أن تتدخل قوات الأمن للحيلولة دون وقوع مواجهات بين الطرفين.

هتف المواطنون: "ارحلوا يا أعداء تونس... ارحلوا يا خونة ويا عملاء"

وأقرت "جبهة الخلاص الوطني" في بيان بفشل وقفتها الاحتجاجية في منطقة المنيهلة، واتهمت أنصار الرئيس قيس سعيّد باستعمال العنف المادي واللفظي ضد قياداتها وأنصارها لمنع اجتماعهم.

وكانت الجبهة قد دعت أنصارها إلى الحضور في وقفة احتجاجية في بلدة المنيهلة، التي يتواجد فيها منزل الرئيس قيس سعيّد، وذلك للمطالبة برحيله، وللتنديد بتدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار.

التونسيون يطردون النهضة من كل مكان

في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي طرد عدد من أهالي الرقاب التابعة لمحافظة سيدي بوزيد (وسط غربي تونس) قيادات "جبهة الخلاص الوطني" التي تقودها حركة النهضة، واتهم بعض قيادات الجبهة الرئيس سعيّد بمنع اجتماعهم وتعرضهم إلى ضغوطات أمنية، داعين إيّاه إلى الكف عن التضييق على حرية التعبير والتظاهر.

وبعدها، قامت مجموعة من المواطنين بطرد الغنوشي من مسجد بمنطقة الملاسين بضواحي العاصمة، وتداول نشطاء مقطع فيديو على شبكات التواصل الإجتماعي، قام المحتجون فيه برفع شعارات ضده: "ديقاج" (غادر)، "يا غنوشي يا سفاح... يا قاتل الأرواح". 

قرارات الرئيس سعيّد لن تؤدي فقط إلى إبعاد حركة النهضة عن الحكم، بل قد تنهي المستقبل السياسي أيضاً للإسلاميين

وقبل أيام اتهم الرئيس سعيّد البعض بمحاولة ما وصفها بتسميم الأجواء التونسية، والاستعانة بأطراف خارجية للتدخل بسيادة البلاد، وتعهد بالتصدي لهؤلاء ومحاسبتهم، مؤكداً أنّ القانون فوق الجميع.

وأضاف الرئيس التونسي أنّ تلك الأطراف "تتلقى مبالغ ضخمة من الخارج، بهدف مزيد من تأجيج الأوضاع، وضرب استقرار الدولة التونسية"، مجدّداً تأكيده على أنّ "الحرية لا تعني الفوضى والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".

وتعتزم أحزاب المعارضة التونسية الخروج في مظاهرات احتجاجية يوم 14 كانون الثاني (يناير) الجاري، ذكرى سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، للتعبير عن رفضها لمشروع الرئيس قيس سعيّد، والتنديد بالقرارات الأخيرة بإحالة عدد من قياداتها البارزة على القضاء للتحقيق معها في تهم إرهابية.

النهضة تفشل في حشد الشارع وتفقد ثقته

وفي تقييم للتحرك، سجلت حركة النهضة الإخوانية وحلفاؤها فشلاً جديداً في إقناع الشارع التونسي وحشده، رغم الدعوة إليها من قبل معظم قادة الإخوان، فقد كانت المشاركة محدودة جداً، ويرى مراقبون أنّ حركة النهضة فقدت ثقة التونسيين بها، ولم يتبقّ لها في الشارع التونسي أيّ موالين أو قواعد، وأصبح تأثيرها محدوداً، وأتباعها عددهم قليل، وهم من المنتفعين من الحركة وعائلاتهم.

قبل أيام اتهم الرئيس سعيّد البعض بمحاولة ما وصفها بتسميم الأجواء التونسية

في أحدث استطلاع رأي، أعرب 67% من التونسيين عن ثقتهم في الرئيس قيس سعيّد، حين تصدّر لائحة الشخصيات السياسية الموثوق بها، فيما واصل زعيم الإخوان بتونس راشد الغنوشي تصدر لائحة الشخصيات السياسية التي تنعدم كلياً ثقة التونسيين فيها.

وكشف الاستطلاع أنّ 89% لا يثقون في الغنوشي إطلاقاً، كذلك، حلّ القيادي بالنهضة علي العريض ثالثاً في ترتيب الشخصيات التي لا يثق فيها التونسيون بنسبة 80%، يليه النائب عن ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف بـ 78%، ثم الرئيس السابق المنصف المرزوقي بـ 76%.      

التونسيون سئموا سياسة الإخوان

الإخوان فشلوا على مدار (10) أعوام في إدارة الشأن التونسي، حتى أنّهم أدخلوا المجتمع في دوامة من الإرهاب والمعارك السياسية، فضلاً عن الاغتيالات وتبييض الأموال والاصطفاف في سياسة المحاور، ممّا دفع الشعب إلى النزول في مظاهرات تطالب الرئيس قيس سعيّد باتخاذ إجراءات حاسمة ضد الوجود الإخواني، فعزل سعيّد رئيس البرلمان، وأوقف تنازع السلطات الـ (3)، ووضع "خارطة طريق" بدأها بوضع دستور جديد للبلاد.

النهضة لم تناضل من أجل مضامين اقتصادية أو اجتماعية، بل إنّ الوصول إلى السلطة كان غايتها الحقيقية

ثم كانت الخطوة الجديدة، وهي إجراء الانتخابات البرلمانية لتشكيل برلمان جديد، لكنّ جماعة الإخوان لم تقف مكتوفة الأيدي أمام خطوات الإصلاح السياسي، واستعدت بخطة لعرقلة مسيرة الإصلاح، رغم رفض الشعب لها. 

وخسرت الحركة أنصارها بشكل مطرد على مدى العقد الماضي، حيث كانت تروج لموقف إيديولوجي معتدل، وتدعم حكومات متعاقبة، وتراجع نصيبها من التصويت في الانتخابات المتتالية حتى عام 2019 عندما حصلت على ربع المقاعد فقط في البرلمان.

وفي البرلمان المنحل الذي ترأسه الغنوشي، جمع النواب في عدّة مناسبات أكثر من (100) توقيع لسحب الثقة منه من أجل إزاحته من رئاسة البرلمان.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية