
تسعى جماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا والنمسا إلى إقامة مجتمع مواز يعتمد على التفسير المتشدد للشريعة، وتعتبر جماعة الإخوان المسلمين لاعباً رئيسياً في الحركة الإسلاموية، وتحتفظ بشبكة واسعة من المنظمات والأندية، ولا تظهر باسمها الخاص، وهذا يسمح لمسؤوليها العمل بعيد عن أعين الأجهزة الأمنية.
وفي ضوء تقرير نشره المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI في بون، تحاول جماعة الإخوان المسلمين التسلل إلى المجتمع والتقرب إلى السياسيين والتأثير عليهم، كذلك التأثيرعلى القيم والمجتمع الألماني والنمساوي، فجماعة الإخوان المسلمين لا تريد توسيع النفوذ على المدى القصير، بل على المدى الطويل.
وأفاد التقرير بأنّ تقييم الأجهزة الاستخباراتية لأنشطة جماعة الإخوان المسلمين كان مختلفاً لسنوات عديدة، وأصبح الإخوان المسلمون في ألمانيا معضلة للأجهزة الأمنية والاستخباراتية، ويرجع ذلك أساسا إلى أنّ الجمعيات والمنظمات التابعة للجماعة تتسلل إلى النظام الديمقراطي لخلق مجتمع موازٍ.
وأدركت ألمانيا والنمسا حجم مخاطر جماعة الإخوان، حيث أصبحت تمثل تهديداً للأمن المجتمعي، من خلال استثمار التظاهرات في أعقاب الحرب على غزة، فضلاً عن استغلال صعود اليمين المتطرف والأحزاب اليمينية الشعبوية لكسب أنصار جدد والحصول على التمويل.
ومن المرجح، وفق الرؤية الأمنية، أن يكون لتنامي أنشطة الإخوان المسلمين في ألمانيا والنمسا تأثير سلبي على المنظمات الإسلامية ذات الفكر المعتدل وعلى الشباب، ما قد يسرع من وتيرة حظر الجماعة في ألمانيا.
ويتوقع أن تعمل الحكومة الألمانية والنمساوية على المزيد من التدقيق في أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، وإجراء دراسات واسعة حول تأثيرات أيديولوجية الإخوان على المجتمع على المدى البعيد.
يذكر أنّ جماعة الإخوان المسلمين تدير العديد من المنظمات، وتنظم أيضاً العديد من الأنشطة وتتمتع أعضاء الجماعة بالعديد من الروابط بالجمعيات الإسلامية والأحزاب الألمانية، وبهذه الطريقة، تمكنت جماعة الإخوان المسلمين من نشر أيديولوجيتهم وتوسيع نفوذهم.
تحذيرات استخباراتية من تنامي الإخوان المسلمين
16 يونيو 2024 : رصدت الاستخبارات الداخلية في النمسا تحركات الإخوان منذ بداية 2023، لتحقيق أهداف الجماعة، وأكدت النمسا وجود منظمات إسلاموية راديكالية، لكن جماعة الإخوان المسلمون أكثر خطورة.
13 مايو 2024 : أشار تقرير مكتب حماية الدستور إلى تصنيف جماعة "مسلم إنتراكتيف" بأنها متطرفة، ويرجع ذلك من بين أمور أخرى إلى أنّ الجماعة ترفض الديمقراطية ونظامها الأساسي الدستوري في ألمانيا. تعتبر هذه الجماعة "مسلم إنتراكتيف (MI) " ضمن قائمة مراقبة السلطات الأمنية، وهي مذكورة في تقرير مكتب حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية الألمانية". ويعتبر التقرير الأمني، أنها مقربة من "حزب التحرير"، الذي تم حظره عام 2003 الذي يعد فرعاً من جماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا.
أدركت ألمانيا والنمسا حجم مخاطر جماعة الإخوان، حيث أصبحت تمثل تهديداً للأمن المجتمعي، من خلال استثمار التظاهرات في أعقاب الحرب على غزة
20 يونيو 2023 : ذكرت هيئة حماية الدستورية أنها تشعر بالقلق من أنّ جماعة الإخوان المسلمين أرادت إقامة نظام اجتماعي مواز يحرض ضد القيم والمجتمعية والدستور الألماني، ويُنظر إلى جماعة الإخوان المسلمين على أنها رائدة الجماعات الإسلاموية في ألمانيا.
15 يونيو 2023 : أشار تقرير مكتب حماية الدستور إلى أنّ فرع جمعية “DMG” في “براونشفايغ” كانت له روابط مع الدعاة السلفيين، وأنّ عروض هؤلاء الدعاة السلفيين المعروفين على المستوى الوطني متاحة لعدد كبير من المشاهدين عبر قنوات “DMG raunschweig” المختلفة على الإنترنت وتشير الإحصائيات إلى قناة DMG” Braunschweig ” على “YouTube” وحدها حوالي (70) ألف مشترك في مايو 2023.
30 يناير 2023 : جاء في تقرير هيئة حماية الدستور أن جمعية “DMG” تعتبر جزءاً من الشبكة العالمية للإخوان المسلمين، وذلك بناء على التشابكات والصلات الوثيقة في الهياكل والمناصب مع الإخوان المسلمين.
24 فبراير 2022 : رصدت أجهزة الاستخبارات الألمانية تزايد عدد عناصر الإخوان القيادية في العاصمة برلين، بشكل كبير، محذرة من نشاط هذه المجموعة وتأثيرها على الأمن المجتمعي في ألمانيا.
10 يناير 2022 : حذرت هيئة حماية الدستور من خطر انتشار جماعة الإخوان المسلمون بعد رصد زيادة الأعضاء المنتمين للتنظيم، حيث ارتفع عدد أعضاء وأنصار تنظيم الإخوان من (1350) في عام 2019 إلى (1450) في 2020، وظل عدد القيادات في ولاية ساكسونيا ثابتاً عند (25) شخصاً.
16 ديسمبر 2021 : كشفت الأجهزة الأمنية عن تأسيس جماعة “الإخوان المسلمين” في برلين بؤرة تطرف بتمويل مباشر من فرع التنظيم في بريطانيا، واستحوذت منظمة “Europe Trust” مقابل ( 4) ملايين يورو على عقار في منطقة “فيدنغ” ببرلين، وأنّ العديد من الجمعيات والمؤسسات، التي تخضع لرقابة هيئة حماية الدستور لارتباطها بجماعة الإخوان، انتقلت إلى العقار.
25 أغسطس 2021 : يقول مكتب حماية دستور ولاية شمال الراين وستفاليا إنّ “واقع الإسلام السياسي” يثير “المخاوف وعدم الثقة في الدولة الدستورية” ويشجع على الابتعاد عن القيم الديمقراطية، كما أنه يُظهر القرب الأيديولوجي من جماعة محظورة في ألمانيا مقربة من تنظيم الإخوان المسلمين في العام 2003 .
18 فبراير 2021 : كشف تقرير لهيئة حماية الدستور الألمانية، بولاية بادن “فورتمبيرغ”، عن إدارة تنظيم الإخوان لمخطط “سيرة” لزرع الأيديولوجية المتطرفة لدى الشباب والقصّر، من خلال دورات تدريبية.
23 يونيو 2020 : حذر المكتب الاتحادي لحماية الدستور من خطورة موقف الإخوان المسلمين وتهديده للمجتمعات، حيث تعتمد جماعة الإخوان على استقطاب النخب، وأشخاص مدربين أكاديمياً لتوسيع النفوذ.
هل يتم حظر جماعة الإخوان في ألمانيا؟
يدرس البرلمان الألماني في 2024 مشروع قرار لحظر الجماعة والمنظمات المرتبطة بها في البلاد ومصادرة أصولها. وتدعو المجموعة البرلمانية لحزب البديل من أجل ألمانيا، الحكومة الاتحادية، إلى أن تقدم للبرلمان الألماني (البوندستاغ) على الفور صورة محدثة عن طبيعة ومدى الأنشطة الحالية، للمنظمات الإسلاموية في ألمانيا.
خبير: الحركات الإسلاموية لا تطمح بشكل رئيسي إلى تجنيد أتباع محتملين فقط، بل أنها تريد بداية أن تكون معروفة ومتابعة إعلامياً بشكل جيد
وقالت وزيرة الداخلية الفيدرالية “نانسي فيزر” في 12 يونيو 2024 إنّ “الحكومات الفيدرالية وحكومات الولايات تعمل بشكل حاسم ضد الجماعات المتطرفة”. ولذلك فإنّ المشهد الإسلاموي يخضع للمراقبة عن كثب، وأضافت “لن نتسامح مع الجماعات التي تدفع الشباب إلى التطرف وتنشئ إسلاميين جدداً”.
ما هي أساليب جماعة الإخوان لتوسيع النفوذ؟
أقدمت ألمانيا على حظر جماعة “أنصار الدولية” المعروفة بعلاقتها القوية بالإخوان المسلمين في 6 مايو 2021، لتمويلها الإرهاب ولقيامها بدور الوسيط بين الإخوان والمتطرفين في ألمانيا. وتشير هذه الروابط إلى احتمالية اكتساب الإخوان مهارات تجنيد الشباب من الجماعات المتطرفة، واعتماد أساليب التخفي عن أعين الأجهزة الأمنية، لذا تعد خطوة حظر هذه الجماعات بداية لحظر الإخوان في ألمانيا. وكان قد استبعد المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا جمعية صنفها جهاز حماية الدستور “الاستخبارات الداخلية” على أنها تابعة لشبكة الإخوان المسلمين.
يقول “نافيد والي” وهو موظف تربوي في المنظمة غير الحكومية “شبكة منع العنف” Violence Prevention Network في 13 مايو 2024 إنّ “الحركات الإسلاموية لا تطمح بشكل رئيسي إلى تجنيد أتباع محتملين فقط، بل إنها تريد بداية أن تكون معروفة ومتابَعة إعلامياً بشكل جيد. ويوضح والي بعد شهرة المجموعة سيتم تنفيذ الخطط في وقت لاحق على أي حال من قبل دائرة صغيرة يتم البدء بها”.