ذكرت مجلة "الإيكونوميست" في تحليل نشرته في الرابع عشر من الشهر الجاري أنّ هناك قلقاً ثابتاً بشأن الليرة التركية، التي فقدت نحو 15٪ من قيمتها مقابل الدولار حتى الآن هذا العام، وهو الأكبر بين الأسواق الناشئة الكبيرة المستوردة للسلع الأساسية. ولفتت المجلة المرموقة إلى أنّ البنك المركزي التركي قد "أحرق" ما يقرب من 35 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية هذا العام؛ في محاولة لدعم العملة التركية. ووصفت "الإيكونوميست" دفاع تركيا عن الليرة بأنه "غير حكيم وغير فعال".
اقرأ أيضاً: تراجع الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها.. بماذا تأثرت؟
وإذا عجزت تركيا عن تدبير تمويل بعشرات المليارات من الدولارات، يقول المحللون إنها ستواجه خطر انهيار في سعر صرف العملة على غرار ما حدث في 2018، عندما فقدت الليرة لبعض الوقت نصف قيمتها في أزمة هزت الأسواق الناشئة، وفقاً لوكالة "رويترز" للأنباء.
يأتي ذلك بعد أن سجلت الليرة التركية مستوى قياسياً منخفضاً الأسبوع الماضي، ما يحدّ من قدرة أنقرة على معالجة بواعث القلق حيال احتياطياتها الأجنبية الآخذة بالتناقص وعبء ديونها الضخم، بحسب وكالة "رويترز".
أزمة عملة ثانية خلال عامين
ونقلت الوكالة عن ثلاثة مسؤولين أتراك كبار قولهم إنّ الحكومة التركية طلبت المساعدة من حلفائها الأجانب؛ في إطار مساعٍ عاجلة لتدبير التمويل، إذ تستعد لمواجهة ما يخشى المحللون من أنها ستكون أزمة العملة الثانية لها خلال عامين.
هناك قلق ثابت بشأن الليرة التركية التي فقدت نحو 15٪ من قيمتها مقابل الدولار حتى الآن هذا العام
وقالوا إنّ مسؤولي الخزانة والبنك المركزي أجروا محادثات ثنائية في الأيام الأخيرة مع نظرائهم من اليابان وبريطانيا بشأن إنشاء خطوط مبادلة عملة، ومع قطر والصين بشأن زيادة حجم تسهيلات قائمة.
وأكد جودت يلمظ، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم للشؤون الخارجية، يوم الخميس الماضي أنّ تركيا تسعى لاتفاقات مبادلة.
وأبلغ حلقة نقاش "نجري مفاوضات مع بنوك مركزية مختلفة بخصوص فرص المبادلات"، مضيفاً "ليست الولايات المتحدة فحسب، بل هناك دول أخرى أيضاً". لكنه لم يذكر تفاصيل أخرى.
فقدان الثقة بين أمريكا وتركيا
وتقول الحكومة التركية إنّ احتياطياتها من النقد الأجنبي ملائمة، لكنّ مجلة "الإيكونوميست" تفيد بأنّ لدى تركيا بالفعل ترتيبات مع الصين (بقيمة مليار دولار) وأخرى مع قطر (بقيمة 5 مليارات دولار)، ولكن لديها القليل من الأمل في الحصول على اتفاقية مماثلة مع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وتذكر المجلة أنّ أحد صانعي السياسة في بنك الاحتياطي الفدرالي أشار مؤخراً إلى أنّ خطوط مبادلة العملة الخاصة بها تقتصر على الدول التي تتمتع "بالثقة المتبادلة" مع أمريكا. وتعلّق "الإيكونوميست" على ذلك بالقول: "ربما تكون المشاعر السائدة الآن بين تركيا وأمريكا متبادلة، لكنها بالكاد تكون موثوقة" في الحقيقة.
وكالة الأناضول: شركة البترول التركية (تباو) قدمت طلباً إلى ليبيا للحصول على إذن بالتنقيب في شرق البحر المتوسط
وتضيف المجلة بأنّ تركيا خرجت جزئياً من أزمة العملة لعام 2018 من خلال رفع أسعار الفائدة المتأخرة (وإطلاق سراح القس الأمريكي، آندرو برنسون أواخر 2018). لكن رئيس البنك المركزي أقيل من منصبه العام الماضي من قبل رئيس البلاد، رجب طيب أردوغان، الذي حكم تركيا "مع القليل من ضبط النفس منذ فوزه بسلطات جديدة في استفتاء عام 2017"، على حدّ وصف المجلة.
وفي إشارة إلى ارتباك أردوغان في محاولة إنقاذ الليرة التركية، تذكر "الإيكونوميست" أنّ حكومة أردوغان تحاول تعزيز النمو على حساب إضعاف العملة، وتحاول تقوية العملة، ولكن على حساب إضعاف البنوك، التي ستحتاج في النهاية إلى بعض دولاراتها إذا أرادت الوفاء بالتزاماتها بالعملات الأجنبية. وتضيف "الإيكونوميست" بأنه من أجل إحياء النمو واستعادة شعبية أردوغان (التي تراجعت جرّاء انهيار العملة التركية)، قام محافظ البنك المركزي الجديد بخفض أسعار الفائدة إلى 8.75٪، أكثر من نقطتين مئويتين أقل من معدل التضخم.
عين أردوغان على البترول الليبي
إلى ذلك، أفادت وكالة أنباء الأناضول التركية، الخميس الماضي، أنّ شركة البترول التركية (تباو) قدمت طلباً إلى ليبيا للحصول على إذن بالتنقيب في شرق البحر المتوسط.
ونقلت الوكالة عن وزير الطاقة التركي، فاتح دونماز، قوله إنّ أعمال الاستكشاف ستبدأ فور الانتهاء من العملية. وكان الوزير التركي يتحدث في أثناء مؤتمر يوم الأربعاء الماضي.
وفي رأي وكالة "رويترز" للأنباء فإنّ من شأن "هذه الخطوة أن تؤجج التوترات في المنطقة، حيث يدور خلاف منذ سنوات بين تركيا وكل من اليونان وقبرص، فضلاً عن قوى إقليمية أخرى بخصوص ملكية الموارد الطبيعية".
كانت حكومة الوفاق الوطني الليبية وقّعت اتفاقاً مع تركيا في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 لإقامة منطقة اقتصادية خالصة من الساحل التركي الجنوبي على المتوسط إلى سواحل شمال شرق ليبيا. وتعارض اليونان وقبرص وآخرون الاتفاق الذي يصفونه بالمخالف للقانون، وهو ما ترفضه تركيا، ويعارضه أيضاً الاتحاد الأوروبي، بحسب "رويترز".