الإخوان المسلمون: بنية التنظيم تتجه نحو التفكك وبحث عن الخروج الآمن في تونس

الإخوان المسلمون: بنية التنظيم تتجه نحو التفكك وبحث عن الخروج الآمن في تونس


09/12/2021

في سابقة جديدة، خرجت ما تسمى بــ "جبهة علماء الإخوان" ببيان بشأن النزاع المتواصل على السلطة داخل الجماعة، بين جبهتي اسطنبول ولندن. وفي تونس واصلت حركة النهضة استراتيجيّة التصعيد، من أجل عقد صفقة تمكن قياداتها، وعلى رأسهم راشد الغنوشي، من الخروج الآمن. وفي اليمن، تواصلت مؤامرات ميليشيا الإخوان، بعد قيامها بتسليم ثلاث مديريات تقع في شمال شبوة للحوثيين.

جبهة علماء الإخوان تشعل الصراع داخل الجماعة

في سابقة هي الأولى، خرجت ما تسمى بــ "جبهة علماء الإخوان" ببيان يوم الخميس 2 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، يتعلق بالنزاع المتواصل داخل الجماعة، بين جبهتي؛ اسطنبول بزعامة محمود حسين، ولندن بزعامة نائب المرشد والقائم بالأعمال، إبراهيم منير.

البيان الذي لم يحمل أيّ توقيع، أظهر انحيازاً مطلقاً لإبراهيم منير، وطالب بضرورة دعمه للقيام بمهامه كقائم بالأعمال، بزعم الحرص على وحدة الصف، وحفاظاً على قداسة البيعة، حيث لا توجد أيّ أسباب تدعو إلى نقضها، من وجهة نظر البيان.

جبهة علماء الإخوان، دعت إلى "طاعة منير، والالتفاف حوله، والتعاون معه، وضـرورة إعمال الشورى الملزمة والصحيحة، والتقيد بمخرجـاتها، والعمل على تولي الصلحاء، الأمناء، وإسناد الأمـر إلى أهله من كل قوي أمين"، مع المطالبة بإبعاد "كل صاحب هوى أو غرض"، بهدف "العمل على جمع الشمل، واستيعاب المخالف، ورفـض الإقصاء والتهميش، والانطلاق نحو التطوير، والتجديد في إطار المؤسسية والقيادة الجماعية، والمسؤولية التضامنية، والبعد عن الخلافات..".

 

زعم الداعية الإخواني، سامح الجُبة، أنّه أحد الذين صاغوا البيان، دون أن يعطي أيّ معلومات عن أعضاء جبهة العلماء المزعومة

 

ويطرح بيان جبهة العلماء عدة مؤشرات تخص بنية الجماعة، ومدى انفلات الأمور داخلها، إلى الحد الذي دفع إحدى هيئاتها إلى الانخراط في الصراع الدائر على السلطة، كما يُفهم من عدم توقيع أيّ من هؤلاء العلماء على البيان، أنّ التنظيم لا يعبأ بمبدأ المصداقية، وهو ما أكّده الشيخ الإخواني عبد الخالق الشريف، الذي انتقد ذلك الأمر قائلاً: "البيان ليس تحته أيّ توقيع، في حين الدنيا فيها متحدث إعلامي، وصحفي وغير ذلك، فقلت في نفسي، هل وصل الأمر بالعلماء، أن ليس فيهم شجاع يذكر اسمه؛ حتى يحاوره الناس، أو يستفسرون منه؟ ومن أين يصدق الناس هذا البيان، الذي لم يصاحبه اسم لأحد". وأضاف: "سألت أربعة من العلماء المشهود لهم، فكلهم قالوا لا علم لنا بذلك، قد اطلعنا عليه مثلك".

من جهته، زعم الداعية الإخواني، سامح الجُبة، أنّه أحد الذين صاغوا البيان، دون أن يعطي أيّ معلومات عن أعضاء جبهة العلماء المزعومة، وظهر التناقض في تصريحاته، حيث قال إنّ "لجنة العلماء هي المُمَثلة الرسمية داخل الجماعة، وفيها أغلبية، ولا أقول كل علماء الإخوان.. إن نسبتهم 80% تقريباً"، ثم عاد وقال إنّ نسبتهم 90% أو أكثر!!

إخوان تونس.. الغنوشي ورحلة البحث عن خروج آمن

كشف الكاتب والمحلل السياسي التونسي، بلحسن اليحياوي، أنّ راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، "قدَّم وساطات للرئاسة التونسية؛ لضمان الخروج الآمن له من تونس باتجاه منفى اختياري، ومن ناحية أخرى فهو يستمر في تصريحاته الهجومية؛ لممارسة الضغط على رئاسة الجمهورية". اليحياوي لفت إلى أنّ تهديدات الغنوشي التي أطلقها بشأن عودة البرلمان، تُعدّ "نوعاً من ممارسة الضغوط على الرئيس قيس سعيّد، في الوقت الذي يسعى فيه الغنوشي، للبحث عن خروج آمن من تونس، حيث قدم عدة وساطات، إلى جانب تواصله مع جهات تطلب منه مقابلاً؛ يتمثل في أن يتعهد بعدم الخوض في الشأن التونسي مجدداً؛ حتى يتم له السماح بتحقيق خروجه الذي يبحث عنه".

وهو ما يرفضه الأخير، بحسب تصريحات اليحياوي، الذي أكّد أنّ الغنوشي "يمارس ضغطه على مستوى رئاسة الجمهورية، وعلى مستوى الرأي العام، من أجل أن يصور نفسه أنّه لا يزال مركز قوة في تونس، وفي صنع القرار السياسي في تونس". مضيفاً: "كل ما يهتم له الغنوشي الآن، هو محاولة إنقاذ هيكل حركة النهضة، فهو يدرك أنّه إذا أرادت الحركة المحافظة على نفسها كحزب سياسي، أو جزء من المشهد السياسي التونسي، يجب أن تقدم أضحية ما"، هذه الأضحية ربما تكون الغنوشي نفسه، وهو يدرك ذلك جيداً، لذا فهو "يخشى من المقربين منه داخل الحركة، أكثر مما يخشى من الرئيس قيس سعيّد".

 

أكّد مراقبون أنّ حركة النهضة تسعى نحو تعطيل عملية تحييد الإدارة والأمن التونسي، عن طريق إشاعة التوتر في البلاد

 

من جهة أخرى، علّق الأمين العام لحزب التيار الشعبي، زهير حمدي، على لغة التصعيد الأخيرة، في الخطاب السياسي لحركة النهضة، مؤكداً أنّ ذلك يندرج تحت إطار "خوض حرب نفسية؛ لإثبات تواصل وجودهم" والإفلات من العقاب. وأضاف: "هم يدركون حجم الجرائم والانتهاكات التي قاموا بها، والنهضة ستدفع الثمن الذي يصل إلى الحلّ والعقوبات السجنية".

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون، أزمة دبلوماسية في أوروبا وتحركات في الولايات المتحدة وانتهازية في أستراليا

كانت حركة النهضة قد شملت المؤسسة العسكرية بالهجوم، في سياق استراتيجية التصعيد الأخيرة، وانتقدت الحركة في بيان رسمي، ما وصفته بـــ "إقحام المؤسسة العسكريّة، في الشؤون السياسيّة"، حيث عرّض البيان بـــ "استمرار رئيس الدولة في اعتماد خطابات التشنج والتخوين، وإصراره على إقحام المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي". مطالباً بضرورة احترام ما أسماه "مهام الجيش الوطني، وإبعاده عن التجاذبات السياسيّة، وصراعات الأحزاب ومنافساتها".

حركة النهضة اتهمت الرئيس التونسي بالضغط على القضاء، والتهديد بسن أوامر ومراسيم بعينها، للهيمنة على مؤسسات الدولة، والسعي تجاه التخلّص من المعارضين له، زاعمة أنّ سياسات سعيّد أوصلت البلاد إلى عزلة دولية.

وعلى صعيد آخر، أكّد مراقبون أنّ حركة النهضة تسعى نحو تعطيل عملية تحييد الإدارة والأمن التونسي، عن طريق إشاعة التوتر في البلاد، لمنع فتح الملفات التي تدين الحركة، حيث كشف المحلل السياسي التونسي، منجي الحرباوي، أنّ "المراجعات الجارية في وزارة الداخلية، مسّت حركة النهضة في النخاع؛ فالتعيينات التي أجراها شرف الدين، وإعفاء القيادات القريبة من النهضة هو ما استفزها، لأنّ هؤلاء كانوا يمثلون غطاء أمنياً واستخبارياً للحركة".

اقرأ أيضاً: إخوان الجزائر يتلقون صفعة جديدة... ما أسباب الهزيمة التي لحقت بالجماعة في الانتخابات المحلية؟

بدورها، أعلنت عبير موسي، زعيمة الحزب الدستوري الحر التونسي، أنّها سوف تقوم بمقاضاة راشد الغنوشي، حيث قالت في مقطع فيديو، نشرته على صفحتها الرسميّة على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، "سنتتبعه قضائياً؛ من أجل المغالطة والتحيل والتدليس، إذ ليس من حقه تشكيل وفود تمثل البرلمان التونسي في الخارج؛ طبقاً للفصل 56 من النظام الداخلي للمجلس، الذي يسند هذه الصلاحية لمكتب المجلس، وهو هيكل معلق حالياً، ولم يجتمع لاتخاذ أي قرار".

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: ارتباك في ليبيا وأكاذيب في تونس وخطاب فارغ في الجزائر‎

وكانت تقارير متعددة توقعت أن يقوم الرئيس قيس سعيّد، يوم 17 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، بمناسبة الذكرى الــ 11 للثورة، بإصدار مرسوم بقرار رئاسي، يقضي بحلّ حركة النهضة بشكل نهائي.

إخوان اليمن ومؤامرات متواصلة

في اليمن، وبعد أكثر من شهر على عودته إلى شبوة، شن الزعيم القبلي، النائب عوض بن الوزير العولقي، مستشار الرئيس اليمني هجوماً صريحاً على الإخوان المسلمين، في أعقاب تأزم الموقف العسكري في مأرب، نتيجة قيام الإخوان بتسليم ثلاث مديريات تقع في شمال شبوة للحوثيين.

ابن الوزير قال إنّ "سياسة الإقصاء التي تمارسها السلطة الإخوانية في شبوة، هي التي أدت إلى السقوط المريب لمديريات بيجان، بيد مليشيات الحوثي". مضيفاً: "ما حدث في بيجان من تسليم ثلاث مديريات في يوم واحد دون قتال، يؤكد ما كنا دوماً نتحدث عنه من إقصاء للمؤهلين العسكريين، ذوي الخبرة المشهود لها على المستوى الوطني، واستبدالهم بتربويين لم يدخلوا معركة واحدة من قبل". لافتاً إلى أنّ الإخوان يخوضون الحرب بأهداف حزبيّة، وبأجندة خاصّة، بعيداً عن الأهداف الوطنية.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: إيران توظف جماعة الدعوة والإصلاح وصراع متواصل ودعوات للفوضى

من جهة أخرى، أصدر أحمد عبيد بن داغر، رئيس مجلس الشورى، وعبدالعزيز جباري، نائب مجلس النواب، وهما من العناصر المقربة من الإخوان، بياناً مريباً، اتهما فيه دول التحالف بالانحراف عن أهداف عاصفة الحزم، مع الدعوة لوقف الحرب، والتلميح بضرورة عقد اتفاق سلام  مع مليشيات الحوثي، بزعم وصول الحل العسكري إلى طريق مسدود، مع الدعوة لتشكيل "تحالف جديد منقذ".

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: "تبرعات الموتى" تفضح حركة النهضة ومخططات جديدة في ليبيا

البيان أثار ردود أفعال واسعة، لما يحمله من انبطاح أمام التحالف الحوثي/الإيراني، الأمر الذي دفع هيئة رئاسة مجلس النواب اليمني، إلى الرد على البيان باعتباره "مفاجئاً وصادماً، ولا يعبر إلا عن رأي فردي، لا يمثل مجلس النواب، ولا هيئة رئاسته من قريب أو بعيد". كما أكّدت أنّ "النائب عبدالعزيز جباري، عضو هيئة رئاسة المجلس، لم يضعها في صورة البيان، ولم يناقشه معها، وأنّها لا ترى في ذلك البيان، لا في مكنونه ولا في مضمونه، ما يعبر عن مصالح الشعب اليمني، ويحقن دماء أبنائه".

رئاسة البرلمان اليمني في ردها على بيان ابن داغر وجباري، أكّدت أنّ "السلام قضية وهدف الشرعية، والتحالف العربي بقيادة السعودية بالدرجة الأولى".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية