الأسير مروان البرغوثي: أبو عمار جديد

الأسير مروان البرغوثي: أبو عمار جديد


29/01/2022

ما إن تذكر الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي اندلعت شرارتها عام 1987، حتى يتم التلويح بأحد أعلامها وقيادتها ومهندسيها، الذي كان له دور محوري وبارز في توجيه الشبان الفلسطينيين نحو مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وهو القيادي الفلسطيني البارز والأسير داخل السجون الإسرائيلية، مروان البرغوثي، القيادي في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح.

ونقل عن عاموس جلعاد، المنظّر الإستراتيجي في وزارة الحرب الإسرائيلية لمدة طويلة، أنّه فسّر عدم إطلاق سراح البرغوثي، رغم المطالبة الواسعة، حتى من أوساط إسرائيلية؛ لأنّه أبو عمار جديد، يمكن أن يفاوض لكنّه لن يتخلى عن المقاومة لتحقيق حلم شعبه.

أقرأ أيضاً: الشاعر الفلسطيني خالد أبو خالد يرحل قابضاً على قلم وبندقية

وولد مروان حسيب حسين البرغوثي، عام 1959، في بلدة كوبر قضاء رام الله بالضفة الغربية المحتلة، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية، وشهادة الماجستير في العلاقات الدولية، والدكتوراه في العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات العربية في جمهورية مصر العربية خلال عام 2010، كما عمل البرغوثي محاضراً في جامعة القدس- أبو ديس.

ولد مروان حسيب حسين البرغوثي، عام 1959

وانضم البرغوثي في سن مبكرة إلى صفوف حركة فتح، حيث لم يتجاوز حينها 15 عاماً، كما تم اعتقاله للمرة الأولى من قبل السلطات الإسرائيلية في سن 18 ربيعاً، وفي ذروة الانتفاضة الأولى قامت دولة الاحتلال بترحيله قسراً إلى الأردن، حيث مكث فيها قرابة سبعة أعوام، قبل أن يعود إلى الضفة الغربية بعد اتفاقية أوسلو، عام 1994، ليقود كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكري لحركة فتح آنداك.

وبدأ نضاله بوجه الاحتلال وهو فتى، حيث اعتقل وهو في المرحلة الثانوية، وحصل على شهادة الثانوية وهو في السجن، وأمضى في المعتقل 5 سنوات، حيث عاش تجربة الحركة الأسيرة، وانخرط بعد إطلاق سراحه في الحركة الطلابية، وأصبح عمودها الفقري، وتجلّى ذلك بانتخابه 3 مرات رئيساً لمجلس الطلبة في جامعة بيرزيت.

محاولات اغتيال إسرائيلية

ونتيجة الإجماع الشعبي الذي كان يتمتع به البرغوثي في الأراضي الفلسطينية، فقد تم انتخابه عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح، عام 1989، حيث كان أصغر عضو في المجلس، كما تم انتخابه عضواً في أول مجلس تشريعي فلسطيني منتخب، عام 1996، عن دائرة رام الله ضمن قائمة حركة فتح.

حكمت إسرائيل على مروان البرغوثي بالسجن 5 مؤبدات وأربعين عاماً، بتهمة الضلوع بالتخطيط لعملية قتلت 5 إسرائيليين، وعند اعتقاله قال أرئيل شارون: "كنت أفضّل أن يكون رماداً في جرّة"

وتعرض الأسير البرغوثي لأكثر من محاولة اغتيال أطلقت عليه في إحداها صواريخ موجهة، كما تم إرسال سيارة ملغومة خصيصاً له، فيما اعتقلته قوات الاحتلال في 15 نيسان (أبريل) عام 2002، من مدينة رام الله. وعام 2004؛ حكمت المحكمة الإسرائيلية عليه بالسجن خمس مؤبدات وأربعين عاماً، بتهمة الضلوع بالتخطيط لعملية فدائية داخل الأراضي المحتلة، أدت إلى مقتل خمسة إسرائيليين، وعند اعتقاله قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أرئيل شارون، "كنت أفضّل أن يكون رماداً في جرة"، بعد أن تم اعتقاله حياً.

اقرأ أيضاً: ما لا تعرفه عن سيرة المفكر الفلسطيني هشام شرابي

وبعد النطق بالحكم عليه، قام البرغوثي بترديد مقولته الشهيرة أمام المحكمة "إذا كان ثمن حرية شعبي فقدان حريتي، فأنا مستعد لدفع هذا الثمن".

وفي صورة تعبّر عن الخلافات بينه وبين الرئيس عباس، فقد تمكن الأخير من إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين القدامى من السجون الإسرائيلية، عام 2013، كبادرة حسن نيّة إسرائيلية حيّال السلطة الفلسطينية، لكن لم يكن البرغوثي من ضمن المفرج عنهم، على الرغم من فترة محكوميته العالية.

شعبية جماهيرية مرتفعة

ويفسّر د. خليل الشقاقي، مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، سرّ شعبية البرغوثي بأنّها تعود إلى أنّه مناضل مؤمن بالحل السياسي بلا تهوّر ولا تخاذل، وشديد الإيمان بالوحدة الوطنية المستندة إلى المقاومة، وشخص مقاوم للفساد وغير قابل للإفساد، وكان يَنظر إليه الشعب حتى في حياة ياسر عرفات كخليفة له.

تعرض الأسير البرغوثي لأكثر من محاولة اغتيال

وما يؤكد ذلك؛ أنّ أكثر من 50 استطلاعاً للمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، أجريت منذ عام 2007 وحتى عام 2021، أعطت الأسير البرغوثي نسبة كبيرة من التأييد تمكّنه من حسم سباق انتخابات الرئاسة بأغلبية كبيرة، إذ حصل على ما معدله 60% في حال ترشحه وإسماعيل هنية فقط، وقد وصلت نسبته في بعض الاستطلاعات إلى 67%.

اقرأ أيضاً: ساراماغو حين لا يعبأ بمعاداة السامية: مع فلسطين ضد إسرائيل

وفي الاستطلاع الأخير الذي صدر عن المركز، حصل البرغوثي على 63% مقابل 33% لإسماعيل هنية في حال كانا هما المرشحَيْن فقط للرئاسة، وعلى نسبة 48% مقابل 29% لإسماعيل هنية و19% لمحمود عباس في حال تنافس الثلاثة في الانتخابات الرئاسية، وهي نسبة مساوية لمجموع ما حصل عليه عباس وهنية مجتمعَيْن، كما أنّ معدل آخر 10 استطلاعات صادرة عن نفس المركز تعطي البرغوثي 42% إذا ترشح مقابل عباس وهنية.

كما أظهر الاستطلاع أنّ القائمة التي يشكّلها مروان البرغوثي ستحصل على 20%، مقابل 27% لقائمة حماس و24% لقائمة فتح، فيما قالت نسبة 28% إنّها ستصوت لقائمة يشكلها مروان البرغوثي مقابل 22% لقائمة فتح الرسمية، بزيادة 3 نقاط عن الاستطلاع قبل الأخير، في كانون الأول (ديسمبر) عام 2020، الذي منح قائمة مروان 25% مقابل 19% لقائمة فتح الرسمية.

عزل انفرادي

وفي تقرير نشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية، في 29 أيلول (سبتمبر) 2021؛ فإنّ البرغوثي قال خلال مشاركته برسالة من سجنه في ندوة "الحركة الفلسطينية الأسيرة: الجغرافيا السادسة"، التي نظّمتها مجلّة الدراسات الفلسطينية، إنّه "بعد ربع قرن من المفاوضات ومحاولات الوصول إلى تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قد وصل هذا المشروع إلى فشلٍ كامل، وإنّ السلطة الفلسطينية تحوّلت إلى سلطة بلا سلطة، واستعمار بلا تكلفة".

كان البرغوثي قد أعلن ترشحه للانتخابات التشريعية، التي كانت مقررة في 22 أيار (مايو) الماضي

وفي 18 نيسان (أبريل) 2017، وبمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، سرّب البرغوثي من سجنه مقالاً نشر في "نيويورك تايمز"، قال فيه إنّ السنوات الـ 15 التي أمضاها في السجون الإسرائيلية خولته أن يصبح شاهداً وضحية لنظام الاعتقالات الجماعية العشوائية الذي تقوم عليه المنظومة الإسرائيلية غير القانونية بحقّ الفلسطينيين وإساءة معاملتهم، مضيفاً أنّه "استنفذ جميع الخيارات الأخرى، وقرّر مقاومة هذه الانتهاكات بالإضراب عن الطعام".

نقلت "العربية" أنّ حماس طلبت ضمّ مروان البرغوثي، لصفقة تبادل الأسرى بين الحركة وإسرائيل. ووفقاً للمصادر التي وصفتها القناة بالمطّلعة، فإنّ إسرائيل تحفّظت على هذا الطلب حتى الآن

وعند توجيهه رسالة دعا فيها أبناء شعبه إلى الالتفاف حول المقاومة الفلسطينية، في ذكرى النكبة في 15 أيار (مايو) الماضي، نقلت إدارة السجون الإسرائيلية الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي من عزل سجن "هداريم" إلى زنازين العزل الانفرادي في معتقل "أيالون".

الزعيم القادم

ومع احتدام المواجهة الفتحاويّة الداخليّة بين محمود عباس والقيادي الفتحاوي محمد دحلان، تشير شواهد على عزم دحلان الاستثمار في سيرة واسم البرغوثي في وجه محمود عباس، وأكد دحلان في مقابلة تلفزيونيّة، عام 2015، دعمه البرغوثي في أيّة انتخابات رئاسيّة قادمة.

اقرأ أيضاً: الصحفي الفلسطيني الذي اغتيل في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. ماذا تعرف عن حنّا مقبل؟

وبعد ذلك بعام، زارت زوجته فدوى البرغوثي القاهرة، والتقت وزير الخارجية المصريّ سامح شكري، والذي أصدر بعدها بياناً للتعبير عن "تقدير مصر البالغ للسيد مروان البرغوثي، وعزمها مواصلة بذل الجهد من أجل الإفراج عنه"، وقد حملت لقاءات فدوى في القاهرة وإجاباتها عن أسئلة الصحافيين إشارات واضحة إلى مروان بصفته الزعيم القادم".

وكان البرغوثي قد أعلن ترشحه للانتخابات التشريعية، التي كانت مقررة في 22 أيار (مايو) الماضي، وهو الأمر الذي أثار حالة من الاضطراب بإعلانه عن قائمة مرشحين منافسة لحركة فتح التي ينتمي إليها، ما شكل تحدياً للرئيس محمود عباس (85 عاماً)، حيث أطلق البرغوثي وناصر القدوة، ابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات، على القائمة اسم "الحرية".

تبادل أسرى

وكانت مصادر فلسطينية مطلعة تحدثت، في الأول من حزيران (يونيو) الماضي، لقناة "العربية"؛ عن أنّ حركة حماس قد طلبت ضمّ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مروان البرغوثي، لصفقة تبادل الأسرى المزمع عقدها بين الحركة و"إسرائيل، ووفقاً للمصادر التي وصفتها القناة بالمطّلعة، فإنّ "إسرائيل" تحفّظت على هذا الطلب حتى الآن".

اقرأ أيضاً: وداد البرغوثي في قبضة احتلال خلق ثأراً شخصياً مع كلّ فرد فلسطيني

وشهدت الفترة الأخيرة مؤشرات عدة دلّت على رغبة "حماس" في الإفراج عن البرغوثي من معتقلات إسرائيل؛ إذ التقت زوجة البرغوثي رئيس المكتب السياسي لـ "حماس"، إسماعيل هنية، في القاهرة مرات عديدة، حيث جرى بحث ملفات عدة، أبرزها أن تشمل الصفقة المقبلة تحرير مروان البرغوثي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية