احتجاجات طلاب السليمانية تشلُّ الحياة في كردستان العراق 

احتجاجات طلاب السليمانية تشلُّ الحياة في كردستان العراق 


11/12/2021

شلّتْ الحركةُ الاحتجاجيةُ التي يقودها الطلابُ الجامعيونَ في مدينة السليمانية، الحياةَ العامة في إقليم كردستان العراق، إثرَ تصاعد الاحتجاجات مجدداً، لعدمِ ثقةِ المحتجينَ بإجراءاتِ الحكومة؛ ووعودها في تحسينِ الواقع المعيشيّ لهم.
وخرجتْ وتيرة الاحتجاجات عن سياقها المناطقيّ؛ لتمتدَ إلى مناطق الإقليم بما فيها العاصمة أربيل، ومناطق أخرى "متنازع عليها" مع بغداد. في الوقت الذي تعيشُ فيهِ حكومة كردستان وضعاً حرجاً جرّاء فشلها في مكافحة الفساد، وعدم إيجادها لحلولٍ سريعةٍ من شأنها أنْ تضمنَ صرف المنح المالية للطلاب، وتحسين الواقع الاقتصادي في الإقليم، واستثمار طاقات شبابهِ الهاربة إلى "المجهول" الأوروبي بطرقٍ "غير شرعية". 

اقرأ أيضاً: قوات التحالف الدولي تنهي مهمتها في العراق

وفشلت معظم المعالجات من قبل الحزبين الكرديين الحاكمين في الإقليم، في إيقاف زحف الاحتجاج من شريحةِ الطلاب إلى شرائح مجتمعية أخرى، تعاني "الحيف الطبقي" في ظلِّ "فسادِ" المنظومة الحزبية الحاكمة في كردستان. 

شباب من بغداد يعلنون تضامنهم مع طلبة السليمانية

ومنذ نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، يتظاهر طلاب جامعة السليمانية، للمطالبة بتنفيذِ مطالبهم الخاصة بصرف المنح المالية، والبالغة (33 دولاراً) لمن يسكن في المحافظة، و(66 دولاراً) للطلبة الساكنين خارجها. وقد سقط منذ بدء التظاهرات قتيلان، وجرحَ ثمانيةٌ آخرون، في حين تم حرق مقار الاتحاد الوطني الكردستاني (الحزب الحاكم) في السليمانية. 

عجز حكومي وتصاعد احتجاجي 
وبعد هدوءٍ استمرّ يومين، عادتْ الاحتجاجاتُ الطلابيةُ في مدينة السليمانية ثانيةً، لتشملَ مناطق عدة في إقليم كردستان العراق، منها مدن كلار، وحلبجة، وأربيل، فضلاً عن قطع الطريق الرابط بين مدينتي السليمانية وكركوك (الأخيرة متنازع عليها بين المركز والإقليم). 

 توقعات بإمكانية لجوء المتظاهرين إلى الاعتصام المفتوح، من أجلِّ الضغطِ على حكومة إقليم كردستان لصرف المنح المالية، لاسيما بعد تصاعدها في كافة المدن الكردية


وتأتي عودة التظاهرات؛ إلى فشلِ الجهات الحكومية في تلبيةِ مطالب طلاب الجامعات في كردستان. وبحسبِ الصحفيّ سامان نوح، فإنّ "الاحتجاج توقفَ يومين؛ لأنّ وزارة التعليم العالي في حكومةِ الإقليم، عطّلَتْ العمل في الجامعات، وبالتالي ليس هناك دوامٌ رسميٌّ للطلبة، مما دعا إلى توقفِ الاحتجاج، لعدمِ قدرةِ الطلبة على الاحتجاج داخل الحرم الجامعي، أو أمام رئاسة الجامعة، أو الشوارع القريبةِ منها". 

الشرطة بمواجهة طلبة يحتجون على قطع مخصصاتهم في السليمانية

نوح أبلغ "حفريات"، أنّ "الحكومة الكردية اتخذتْ قراراً بتخصيصِ أموالٍ لتحسينِ أحوالِ الأقسام الداخلية، وتوفير بعض متطلبات الطلاب بشكلٍ خاص، لكنّ هذا القرار لم يعالج أصل المشكلة، المتعلقة بمنحةِ الطلاب"، مبيناً أنّ "المنحة مازالت غير متوفرة، ولم يتخذ قراراً بإعادتها، والطلاب يرون ضرورة عودتها في ظل الأجواء الاقتصادية الحرجة". 

توقعات باعتصام مفتوح
وتذهبُ التوقعات إلى إمكانية لجوء المتظاهرين إلى الاعتصام المفتوح، من أجلِّ الضغطِ على حكومة إقليم كردستان، لاسيما بعد امتدادها لمناطق تعدُّ مغلقة أمنياً لـ"الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بارزاني، وهو حزبٌ عشائريٌّ محافظ، يتمتعُ بقبضةٍ أمنيةٍ على مفاصل الحكومة؛ في مدينتي أربيل ودهوك تحديداً. 

الطالب الجامعي علي فائز لـ"حفريات": إعلام السلطة يسلطُ الضوءَ على المساحات التي يرغبُ بظهورها، وما إن تحينَ ساعة الانفجار على شكلِّ تظاهراتٍ يظهرُ لنا الوجه الحقيقي في الإقليم


ويقول نوح، إنّ "أربيل، عاصمة إقليم كردستان، شهدتْ تظاهرات لشرائح أخرى فضلاً عن شريحة الطلبة"، مشيراً إلى "خروج شرائح اجتماعية نددت بسوء الخدمات، وفقدان الحصول على الوظائف الحكومية الدائمة، لاسيما أولئك المتعاقدين منذ سنوات بعقودٍ وقتيةٍ لغرض تثبيتهم على الملاك الدائم".  
ويتوقع الصحفي الكردي احتمالية ذهاب المتظاهرين في كردستان إلى اعتصام مفتوح؛ "لأنّ أصل المشكلة لم يحل، ناهيك عما يمرُ بهِ الإقليم من أزماتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعية، وهذه بمجملها تدفعُ باتجاهِ زيادةِ التمرد الشعبي".  


وعن دور منظمات المجتمع المدني، في رصدِ الخروقات الأمنية بحقِ المحتجين، أجابَ قائلاً "كان دوراً ضعيفاً، لأنها منظمات تابعة لواجهات حزبية، لهذا بنية المجتمع المدني محدودة"، لافتاً إلى فاعلية "منصات التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام الحزبية المعارضة للسلطة والمستقلة، في نقلِ الأحداثِ مباشرةً، والتركيز على الاعتداءات الأمنية التي طالتْ الناشطين".

صحافيون يتعرضونَ لاعتداءاتٍ "وحشية"
تعرّضَ عددٌ من الصحفيينَ لاعتداءاتٍ "وحشية" من قبلِ أجهزةِ الأمنِ الكردي، أثناء تغطيتهم لاحتجاجاتِ الطلابِ في مدينةِ السليمانية، إذ أُصيبَ بعضهم بحالاتِ اختناقٍ جرّاءَ الغازاتِ المستخدمة لتفريق المتظاهرين، فيما تعرّضَ آخرونَ إلى تهديداتٍ واعتداءاتٍ طالتهم وأدواتهم الناقلة للبثِ الحي. 

اقرأ أيضاً: الصدر يدعو إلى حل الميليشيات المسلحة في العراق
بيانٌ للمرصد العراقيّ للحرياتِ الصحفية، أدانَ "الوحشية التي تعاملتْ بها، سلطات الأمن ضد الصحفيينَ ووسائل الإعلام في محافظة السليمانية، خلال تغطية تظاهرات عمتْ أقضية ومدن المحافظة"، مبيناً أنّ "نحو 47 صحفياً أصيبوا باختناقات الغازات المستخدمة لتفريق المتظاهرين، بينما وصلت حالاتُ التهديد المباشر إلى 5 حالات، فضلاً عن 19 حالة منع من التغطية". 

وأضافَ أنّ "القوات الأمنية استخدمتْ الوسائل العنيفة ضد الفرق الإعلامية، بهدفِ منعها من التقاطِ صور، وتصوير فيديوهات عن انتهاكاتٍ لحقوقِ الإنسان أثناء التظاهرات، حيث مارستْ الضرب، واستخدمتْ العصي الكهربائية ضد الصحفيينَ والصحفياتِ بشكلٍ متكرر".
وطالبَ المرصد، الحكومةَ الاتحادية في بغداد، بـ"مساءلة السلطات في الإقليم عن تلك الانتهاكات".

أكراد عالقونَ خارجَ أسوارِ الوطن 
وأحرجتْ الأعدادُ المتزايدة للشبابِ الكردي، المهاجر إلى أوروبا بشكلٍ غير شرعي، الحكومة في إقليم كردستان، على اعتبار أنّ الأخير يشهدُ استقراراً أمنياً وحركةً اقتصاديةً للقطاع الخاص على أقلِّ التقادير. إذ علقَ عددٌ من الشبيبة العراقية لـ"حفريات"، عن الدوافع التي جعلتْ الشاب الكردي معلقاً على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا. 
وتوفي نحو 27 شخصاً في القنال الإنكليزي، الأربعاء الماضي، أغلبهم من الكرد العراقيين، لدى محاولتهم الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. 

اقرأ أيضاً: مواجهة الإرهاب في العراق
ويقول الناشط السياسي في بغداد، بسام عبد الرزاق،إنّ "هناك اعتقاداً خاطئاً بأنّ الشباب الكردي يعيشُ بمعزلٍ عن مشاكل الشباب في العراق، وهذا الاعتقاد مرتبط بالعلاقة المتوترة سياسياً بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، فضلاً عن العلاقة الاجتماعية التي تأخذُ طابعها السياحي والترفيهي لمدنِ الاقليم، فيما نبتعدُ عن جوهر هذه المشاكل، والتي فيها الكثير من أوجهِ التشابهِ مع بقيةِ مدن العراق"، مؤكداً أنّ "الشباب الكردي يخوضُ نفسَ التجربة القاسية التي يتعرّضُ لها بقية الشباب، من انعدام فرصَ التشغيل وحصرها بأحزاب السلطة والمقربينَ منها". 

بدورهِ، أكدَ علي فائز، وهو طالب جامعي من محافظة الديوانية في جنوب العراق، أنّ "إعلام السلطة غالباً ما يسلطُ الضوءَ على المساحات التي يرغبُ بظهورها ويربطها بإنجازاته؛ ويغيِّبُ مساحات المهمشينَ وضحايا الرأي، مما يخلقُ انطباعاً لدى الرأي العام أنّ الامورَ بخير"، مستدركاً بالقول "لكنْ ما إن تحينَ ساعة الانفجار على شكلِّ تظاهراتٍ تتعرضُ للقمعِ أو هجرة للشباب، فإنّها تظهرُ لنا الوجه الحقيقي الذي يعيشهُ الإقليم".

سابعة طائرة تقل المهاجرين إلى العراق
وبشأنِ التطورات المتعلقة بملف المهاجرين العراقيين غير الشرعيين إلى أوروبا، أعلنت وزارة الخارجية العراقية، عودة 419 عراقياً عالقاً في بيلاروسيا، إلى البلاد.
الناطق باسم الوزارة أحمد الصحاف، قالَ إنّ "رحلة إجلاء استثنائية سابعة انطلقت للراغبين بالعودة طوعاً اتجهت من منيسك إلى العراق"، مبيناً أنّ "الرحلة تحمل 419 مسافراً عراقياً كانوا قد علقوا على الحدود البلاروسية البولندية.

اقرأ أيضاً: العراق في مواجهة شح مائي أسرع من المتوقع... ما علاقة إيران؟
وخلال الرحلات السبع تم إعادة أكثر من ألفي شخص في الأسابيع القليلة الماضية. وفي الوقت نفسه، الذي كان فيهِ بعض العراقيين يعودون جواً إلى مدينة أربيل، المنطقة التي ينحدر منها كثير ممن سافروا جواً إلى بيلاروسيا، كان الآلاف غيرهم لا يزالون ينتظرون على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا.

اقرأ أيضاً: مقتل 5 من قوات البيشمركة بعبوة ناسفة في العراق

ويأتي تنظيم الرحلات الجوية بالتعاون بين وزارة الخارجية العراقية، وحكومة اقليم كردستان؛ إذ تهبط أغلب الرحلات في الإقليم، قبل التوجه للعاصمة بغداد.
وفي نهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، قدرت وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة (IOM) أنّ هناك حوالي 7000 مهاجر في بيلاروسيا. وقالت الوكالة إنها عززت مساعدتها لمن يقفونَ على الحدود.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية