اتهامات للإخوان بالتخطيط لاغتيال الرئيس التونسي

اتهامات للإخوان بالتخطيط لاغتيال الرئيس التونسي


26/08/2021

من جديد، عادت الذئاب المنفردة للتحرّك داخل تونس التي عاشت على وقع اغتيالات سياسيّة، عام 2013، عبر التخطيط لاغتيال الرئيس، قيس سعيّد، وذلك بعد فترة من الغياب على الساحة، فيما يتوقّع مراقبون أن تقبل تونس على عمليات إرهابية مكثفة خلال الفترة المقبلة، على وقع الوضع السياسي المهتز، بسبب قرارات سعيّد الاستثنائية، والتي رفضتها حركة النهضة الإسلامية بتونس.

وتجري السلطات القضائية في تونس حالياً تحقيقاً مع عنصر اُلقي القبض عليه بشبهة التحضير، لاغتيال الرئيس قيس سعيّد، وذلك خلال زيارة كان يفترض أن يقوم بها سعيّد إلى إحدى المدن الساحلية، وهو عنصر من الذئاب المنفردة، بحسب ما نقلته جريدة الشروق التونسية.

هذا وتروّج معطيات محلياً عن أنّ المشتبه به هو تونسي الجنسية، ينتمي لتنظيم داعش، وتسلّل مؤخراً من ليبيا، حيث تلقى تدريباته.

وكانت وزارة الداخلية التونسية قد أعلنت قبل أيام أنّ الوحدات الأمنية في مدينة المنستير أوقفت شخصاً كان يحرض على اغتيال رئيس الدولة، عبر شبكة فيسبوك، ونشر تدوينات تحريضية ذات منحى إرهابي.

الإخوان في قفص الاتهام

وفي نهاية الأسبوع الماضي، كشف سعيّد، وجود خطط لاغتياله، وأكّد خلال إشرافه بقصر قرطاج على موكب تمّ خلاله التوقيع على اتفاقية توزيع مساعدات اجتماعية لفائدة العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل التي تضرّرت من تداعيات جائحة كورونا، أنّها محاولات يائسة، وأنّه سيواصل على المنهج نفسه في إطار القانون الذي يتيح اتخاذ الإجراءات.

وأضاف، في لقاء بثّته الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية؛ أنّ هناك جائحة سياسية في تونس، ولا بدّ من وضع حدّ لها، لافتاً إلى أنّ الطريق الوحيدة التي سيسلكها هي طريق الشعب، ولا طريق أخرى، مؤكداً وجود عدد من المتآمرين "اعتادوا العمل تحت جنح الظلام، ودأبوا على الخيانة، يسعون إلى تأليب دول أجنبية ضدّه وضدّ النظام في تونس".

ويتهم سعيّد في ذلك أطرافاً سياسية "مرجعيتها الإسلام"، قال إنّها تسعى إلى ضرب الدولة والقيام بمحاولات تصل إلى حدّ التفكير بالاغتيال والقتل وسفك الدماء.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس التونسي عن وجود مخطط لاغتياله؛ إذ سبق أن أعلن محاولة لتسميمه من خلال الخبز، وكذلك تلقي رئاسة الجمهورية ظرفاً يتضمّن مادة مسمّمة، علاوة على اتهامات بمحاولة الانقلاب عليه.

 الباحث التونسي، محمد ذويب

وقال الباحث التونسي، محمد ذويب؛ إنّها المرة الثالثة التي تتداول فيها مسألة التخطيط لاغتيال الرئيس، وهي مسألة خطيرة جدّاً، وتهدّد أمن تونس كاملة، وليس فقط رئيس الجمهورية، وأشار ذويب، في تصريحه لـ "حفريات"، إلى وجود عدّة قرائن تؤكّد إمكانية اغتيال رئيس الجمهورية، من أهمها حديث الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الذي قال فيه إنّه قد أبلغ سعيّد كلاماً خطيراً جداً.

ذويب لفت أيضاً إلى ما نقله الإعلام التونسي منذ أيام حول القبض على عنصر إرهابي خطير عائد من تركيا، كان ينوي اغتيال قيس سعيّد في زيارته لإحدى المدن الساحلية.

"النهضة" ترتبك

 إثر تصريحات سعيّد مباشرةً سارعت حركة النهضة للتعبير عن قلقها، مما قاله سعيّد حول وجود "مؤامرات خطيرة" تهدّد أمن البلاد والأمن الشخصي للرئيس، مستنكرة تلك المؤامرات، وحذّرت كافة التونسيين من خطورة تلك "المؤامرات وتداعياتها، داعية الجميع إلى "اليقظة والتصدي لمثل هذه الأجندات إن تأكّدت"، بحسب بيان صادر عنها.

الأطراف التي تقف وراء مخططات اغتيال سعيّد هي بالتحديد الأحزاب التي كانت بيدها السلطة المطلقة خلال "العشرية السوداء" الماضية في تونس، وهي المتنفذة في الدولة

كما شدّدت على "نهج الحركة في الالتزام بقوانين الدولة التونسية، والعمل في إطارها واحترام مؤسساتها، واعتماد الحوار السياسي أسلوباً وحيداً لحلّ الخلافات، والعمل على الحيلولة دون ما يمكن أن ينزلق بالبلاد إلى مربعات العنف والفوضى".

وأصدرت الحركة بياناً آخر أكدت فيه استعدادها لاتخاذ الإجراءات التأديبية ضدّ قواعدها التي قد يثبت من خلال تدويناتها الإساءة للرئيس قيس سعيّد وعائلته، وعبّرت عن تضامنها مع عائلة الرئيس، إزاء أيّة محاولة للتشهير بها، أو إقحامها في التجاذبات.

وقد تبرّأ القيادي بالحركة والبرلماني، أسامة الصغيّر، من هذا البيان، ورأى أنّه لا يمثله، وقال الصغيّر في تدوينة له على فيسبوك: "البيان الأخير للحركة، الذي يحمّل فيه المسؤولية للقواعد، لا يمثلني"، وإنّه كان من الحريّ بها التدقيق في مَن دفع الخطاب السياسي للتحريض والتجييش ضدّ الخصوم السياسيين".

وفي خطوةٍ لاحقة، حلّ زعيم الحركة، راشد الغنوشي، الإثنين، مكتب الحركة التنفيذي، وأعفى كلّ أعضائه، وأعاد تشكيله "بما يستجيب لمقتضيات المرحلة ويحقق النجاعة المطلوبة"، وفق بيان لمكتب الإعلام والاتصال في الحركة، الذي أكد أنّ القرار جاء "تفاعلاً مع ما استقر من توجه عام لإعادة هيكلة المكتب التنفيذي".

هذا وتؤكّد مصادر مختلفة من صلب حركة النهضة؛ أنّ عدداً من أعضاء مجلس الشورى وقّعوا عريضة للمطالبة بسحب الثقة من رئيس المجلس، عبد الكريم الهاروني، وأنّ عدد الموقّعين وصل،  حتى الآن، أكثر من 40 شخصاً.

الباحث محمد ذويب لـ"حفريات": الأطراف التي راهنت على أن يكون الرئيس دمية مطيعة في يدها وخاب ظنّها هي التي تقف وراء تكرّر محاولات الاغتيال

من جانبه، يرى محمد ذويب؛ أنّ الأطراف التي راهنت على أن يكون الرئيس دمية مطيعة في يدها، فخاب ظنّها وخسرت نفوذها في تونس، بعد 25 تموز (يوليو)، هي التي تقف وراء تكرّر محاولات الاغتيال.

وقال إنّ هذه الأطراف؛ إما أن تكون أحزاب سياسية، مثل حركة النهضة وائتلاف الكرامة، خاصة أنهما يضمّان عناصر تكفيرية كثيرة، تجمعها علاقات في الداخل والخارج بتنظيمات إرهابية، سواء في تونس أو في الخارج، أو عصابات ولوبيات متنفذة منذ عقود، وتخشى فقدان نفوذها ومحاسبتها، بعد توجّه الرئيس قيس سعيّد نحو مقاومة الفساد.

سوابق إخوانية

وترى مديرة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية، بدرة قعلول؛ أنّ الأطراف التي تقف وراء مخططات اغتيال سعيّد هي بالتحديد الأحزاب التي كانت بيدها السلطة المطلقة خلال "العشرية السوداء" الماضية في تونس، وهي التي كانت تقرّر كلّ ما يجب أن يكون، ومتنفذة في مفاصل الدولة ومواقع القرار، معتبرة أنّ تلك الأطراف لها المصلحة في الإطاحة بالرئيس، سواء عبر الاغتيال أو بطرق أخرى.

بدرة قعلول

ولفتت قعلول، في حديثها لـ "حفريات"، إلى وجود سوابق إخوانية في مخططات الاغتيال وفي العنف السياسي والأيديولوجي، مذكّرة بعمليات الاغتيال عبر التاريخ وفي مقدمتهم أنور السادات، وأضافت أنّه من بين الأطراف الأخرى التي من مصلحتها الإطاحة بالرئيس الإرهابيون الذين تمّ التضييق عليهم، والمهرّبون الذين دخلوا السلطة عبر البرلمان.

هذا وتُتَّهم حركة النهضة الإسلامية بالوقوف وراء عمليات الاغتيال  السياسي التي عاشتها تونس خلال عام 2013 بعد اغتيال اليساريَّين المعارضَين: شكري بلعيد ومحمد البراهمي.

كما وتتهم هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، رئيس البرلمان راشد الغنوشي (زعيم حركة النهضة)، بالتغطية السياسية على الإرهابيين في تونس، وحمايتهم قضائياً، وتؤكّد أنّ المجموعات الإرهابية تمكّنت من الاختباء في بعض الجبال تحت غطاءَين، أحدهما سياسيّ رئيسه الغنوشي، والآخر قضائي رئيسه القاضي بشير العكرمي، المحسوب على حركة النهضة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية