وقّعتْ الولايات المتحدة الأمريكية، أول من أمس، اتفاقية إستراتيجية للموانئ مع سلطنة عُمان، تمنح الجيش الأمريكي تسهيلات أكبر في منطقة الخليج، كما تحدّ من الحاجة لإرسال السفن عبر مضيق هرمز، قبالة ساحل إيران.
اقرأ أيضاً: البعد الإيراني في زيارة نتنياهو إلى سلطنة عُمان
وقالت السفارة الأمريكية في عُمان، في بيان، إنّ الاتفاقية تضمن للولايات المتحدة الاستفادة من المنشآت والموانئ في الدقم (تبعد نحو 600 كيلومتر إلى الجنوب من العاصمة مسقط) وصلالة (وهي ثاني أكبر مدن السلطنة، وتقع على بعد 1000 كلم جنوب مسقط). وذكرت السفارة في بيانها أنّ الاتفاقية "تؤكد من جديد التزام البلدين تعزيز الأهداف الأمنية المشتركة".
وتقول صحيفة "القبس" الكويتية في تقرير لها عن الاتفاقية إنّ السلطنة تنظر للاتفاقية من منظور اقتصادي؛ إذ تريد السلطنة تطوير الدقم مع الاحتفاظ بدورها الحيادي في السياسة والدبلوماسية بمنطقة الشرق الأوسط، على الطريقة السويسرية.
خيارات عسكرية مفيدة للجانب الأمريكي
ولفتت الصحيفة الأنظار إلى أنّ هذه الخطوة تأتي مع تنامي قلق الولايات المتحدة من برامج إيران الصاروخية، التي توسعت وتطورت في السنوات الماضية على الرغم من العقوبات والضغوط الدبلوماسية الأمريكية. وأشارت إلى أنه "سبق لإيران أنْ هددت بإغلاق مضيق هرمز، وهو مسار رئيسي لشحن النفط في الخليج، رداً على أيّ عمل عدائي أمريكي، بما في ذلك محاولات وقف صادرات النفط الإيرانية عن طريق العقوبات".
تأتي الخطوة مع تنامي قلق أمريكا من برامج إيران الصاروخية، التي توسعت وتطورت بالأعوام الماضية رغم العقوبات والضغوط الأمريكية
وقال مسؤول أمريكي إنّ الاتفاقية مهمة؛ لأنها تحسّن الوصول إلى موانئ تتصل بالمنطقة عبر شبكة من الطرق، ما يمنح الجيش الأمريكي قدرة كبيرة على الصمود وقت الأزمة، على حدّ تعبيره. وأضاف المسؤول الأمريكي: "اعتدنا العمل بناء على افتراض أنّ بإمكاننا دخول الخليج بسهولة"، لكن "نوعية وكمية الأسلحة الإيرانية تزيدان المخاوف". وأفادت "القبس" بأنّ الاتفاقية ستزيد من الخيارات العسكرية الأمريكية في المنطقة في مواجهة أي أزمة.
المنافسة مع الصين
وبالنسبة لسلطنة عُمان، سيتم توظيف الاتفاقية باتجاه دعم جهود السلطنة لتحويل الدقم، التي كانت يوماً ما مجرد قرية للصيد تبعد 550 كيلومتراً إلى الجنوب من مسقط، إلى مرفأ ومركز صناعي مهم في منطقة الشرق الأوسط في إطار سعيها لتنويع موارد اقتصادها بعيداً عن صادرات النفط والغاز.
ويمكن للاتفاقية أيضاً أن تعزز موقع الولايات المتحدة في المنافسة العالمية مع الصين على النفوذ في المنطقة. فقد استهدفت الشركات الصينية استثمار ما يصل إلى 10 مليارات و700 مليون دولار في مشروع الدقم، الذي يزوّد عُمان بالكثير من رأس المال في إطار ما كان متوقعاً أن يكون ترتيباً تجارياً غير عسكري، وفق ما نقلت "القبس".
اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن رحلة الإخوان المسلمين في سلطنة عمان؟
وقد دخل مشروع منطقة الدقم الاقتصادية في سلطنة عُمان في السابع عشر من أيلول (سبتمبر) 2018 مرحلة جديدة بالافتتاح الرسمي لمطار الدقم، ثالث أكبر مطار في البلاد، ليفتح بذلك نافذة كبيرة لتوسيع أكبر المشاريع الإستراتيجية المتكاملة في السلطنة.
وتسعى مسقط من خلال المطار المرتبط بميناء ومنطقة صناعية ولوجستية إلى تنشيط الحركة التجارية والسياحية من خلال توسيع شبكة الأعمال الاقتصادية في المنطقة، التي تراهن عليها لإنعاش الاقتصاد في مناطق وسط البلاد، بحسب صحيفة "العرب" اللندنية.
كما يُعدّ المشروع الاقتصادي في الدقم، الأكبر في تاريخ عُمان، وهو يأتي في إطار جهود الدولة الخليجية لتنويع مواردها، لتشمل صناعات أخرى قبل نفاد الاحتياطيات النفطية.
مدينة صناعية يابانية في الدقم
وفي الصيف الماضي، بحثت السلطنة مع الحكومة اليابانية أيضاً إنشاء مدينة صناعية يابانية في الدقم، وحث رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم الجانب الياباني على الاستثمار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، مبيّناً المزايا الاستثمارية والأهمية الاقتصادية للمنطقة وقدرتها على مواكبة تطلعات المستثمرين اليابانيين، مشيراً إلى أنّ الدقم تقع بالقرب من الأسواق الرئيسية لليابان في آسيا وأفريقيا، ويمكن للشركات اليابانية إنشاء مصانع لها في المنطقة.
مسؤول أمريكي: الاتفاقية مهمة لأنها تحسّن الوصول لموانئ تتصل بالمنطقة عبر شبكة من الطرق ما يزيد من الصمود وقت الأزمة
وشدد وقتها، كما نقل موقع "أثير" الإخباري العُماني، على أهمية الموقع الإستراتيجي للدقم بعيداً عن مضيق هرمز، وبالقرب من الأسواق الاستهلاكية في آسيا وإفريقيا ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مشيراً كذلك إلى عدد من المشاريع التي تشهدها المنطقة حالياً؛ مثل محطة رأس مركز لتخزين النفط، كما تطرق إلى المكونات الأخرى للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم كميناء الدقم والحوض الجاف ومطار الدقم وغيرها.
وتحوي المنطقة مصفاة للنفط تشيدها وزارة النفط بالشراكة مع شركة البترول الكويتية باستثمارات تقدر بنحو 7 مليارات دولار، ومجمعاً للبتروكيماويات وأنشطة تصنيعية ومنشآت للتخزين والخدمات. والمخطط العُماني في أن تصبح المنطقة مركزاً لصناعة صيد السمك في السلطنة، فضلاً عن إقامة منطقة سياحية بهدف تعزيز دورها في النشاط الاقتصادي، كما أوردت "العرب" اللندنية.
هرمز
ويطلّ ميناء الدقم على بحر العرب، ويبعد نحو 500 كلم عن مضيق هرمز الإستراتيجي.
اقرأ أيضاً: سلطنة عُمان تواجه تحدياتها بإستراتيجية من شقين
وخليج هرمز يرتدي أهمية كبرى لإمدادات الطاقة العالمية، ويمر عبره يومياً ثلث كميات النفط التي تنقل عبر الشحن البحري. ويشكل المضيق ممراً دولياً تعبره القوات الأمريكية بشكل روتيني. وتقع حوادث في هذه المنطقة بين القوات الأمريكية والبحرية الإيرانية.
وتستخدم القوات الأمريكية قواعد عسكرية عدة في الخليج، كما تشن الولايات المتحدة هجمات بطائرات من دون طيار على مواقع لتنظيمات متطرفة في اليمن المجاور لسلطنة عمان، وفق صحيفة "العرب" اللندنية.