إيران لا تريد الحرب... ماذا وراء زيارة إسماعيل قاآني للعراق؟

إيران لا تريد الحرب... ماذا وراء زيارة إسماعيل قاآني للعراق؟

إيران لا تريد الحرب... ماذا وراء زيارة إسماعيل قاآني للعراق؟


25/02/2024

مع توقف الهجوم الممنهج الذي تمارسه الميليشيات الإيرانية في العراق ضدّ قوات التحالف، بالتزامن مع زيارة قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، يبدو أنّ إيران عازمة على وقف التصعيد، والإلحاح على ضرورة منع اتساع الصراع لما هو أبعد من غزة، أو بالأحرى عدم الصدام والمواجهة المباشرة بين طهران وواشنطن؛ بالتالي جاءت استجابة الفصائل المسلحة المدعومة من طهران، الأمر الذي أكدته عدة مصادر صحفية سواء إيرانية أو عالمية. وذكرت (واشنطن بوست) أنّ النظام الإيراني شدد على تنظيماته بالعراق بضرورة "َضبط النفس"، وعدم استفزاز الجيش الأمريكي بالمنطقة.

توقف هجمات وكلاء طهران... ما القصة؟

ونتيجة هذا التوجه هي توقف الهجمات على المواقع الأمريكية لنحو أسبوعين. ويقول مصدر عراقي في البرلمان: إنّ الفصائل الولائية منذ اغتيال قاسم سليماني برفقة أبي مهدي المهندس قائد الحشد الشعبي باتت في حالة "سيولة"، ولا يمكن توقع "ردود فعل" أو "ضبط" تحركاتها واستراتيجيتها. ويشير المصدر لـ (حفريات)، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أنّ قاآني ما زال لا يملك النفوذ ذاته الذي حازه القائد السابق على التنظيمات المسلحة، الأمر الذي جعل الأمور تصل إلى الحافة مع "أخطر تلك التنظيمات وهي كتائب حزب الله، وانفرادها بموقف عنيف وخارج قواعد الاشتباك المتفق عليها وتنفيذها الهجوم على القاعدة الأمريكية برج 22".

قاسم سليماني

ولا يُعدّ القيادي بالحرس الثوري إسماعيل قاآني "نقطة الحسم في الصراع القائم، وإنّما كانت تلك الزيارة هي تتمة ما جرى بين الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أكبر احمديان وقادة الفصائل برفقة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، الذي تربطه بها علاقات وثيقة، كونه ضمن قيادات الصف الأول في الإطار التنسيقي الذي يضم الفصائل المسلحة المدعومة من إيران، وكانت الرسالة مفادها هي توقف العمليات والسعي لتهدئة تامة ونزع فتيل الأزمة التي لامست حدود الخطر، والبدء في تحرك سياسي يستهدف انسحاب القوات الأمريكية من العراق، لكنّ زيارة قاآني هي تحصيل حاصل، ولا تبدو أكثر من وجود صوري لإتمام وتنسيق بعض الأمور التي تتصل بالدعم الأمني والعسكري واللوجيستي. هذه الرسالة المطلوبة وصلت من الأطراف المباشرين".

 

 مع توقف الهجوم الممنهج الذي تمارسه الميليشيات الإيرانية في العراق ضد قوات التحالف، بالتزامن مع زيارة قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، يبدو أنّ إيران عازمة على وقف التصعيد.

 

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين أنّ إيران تتخوف من مواجهة خشنة ومباشرة مع الولايات المتحدة، وتخشى إيران من إثارة مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، و"تحث الميليشيات المرتبطة بها في منطقة الشرق الأوسط على ضبط النفس لتجنب أيّ تصعيد مع الجيش الأمريكي". وتابعت: "عندما شنت القوات الأمريكية ضربات على الجماعات المدعومة من إيران في اليمن وسوريا والعراق، حذرت طهران علناً من أنّ جيشها مستعد للرد على أيّ تهديد، ولكن في السر يحث كبار القادة الإيرانيين الميليشيات المرتبطة بهم بتوخي الحذر. وربما أدركت إيران أنّ مصالحها لا يمكن تحقيقها من خلال السماح لوكلائها بقدرة غير مقيدة على مهاجمة القوات الأمريكية وقوات التحالف".

وفي ما يبدو أنّ إدارة الرئيس الأمريكي جو بادين اتبعت الموقف الحذر ذاته، حيث لم يرضخ لضغوط المشرعين خصوصاً الجمهوريين بالكونغرس، الذين طالبوا بضرب إيران من الداخل، واتجه إلى ضرب الوكلاء.

وأكد مسؤول عراقي لـ (واشنطن بوست) أنّ إيران تبذل قصارى جهدها لمنع التصعيد وتوسع الحرب ووصولها إلى نقطة اللّاعودة. وفي العلن أشاد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بالمجموعات خلال زيارة قام بها مؤخراً إلى لبنان، ووعد بمواصلة دعمهم. لكن في السر، اعتمد المبعوثون الإيرانيون نبرة أكثر اعتدالاً، فقد أشادوا بـ "تضحيات حزب الله"، لكنّهم حذروا من أنّ الحرب مع إسرائيل ستقود إلى عواقب وخيمة في المنطقة".

زيارة قاآني وأزمة ملء فراغ قاسم سليماني

ولا يكاد يختلف ما ذكره القيادي العراقي عن مماثله في حزب الله اللبناني، فقد قال الأخير: إنّ رسالة طهران مفادها أنّ "نتنياهو محصور الآن في زاوية لا تعطيه مخرجاً... ينبغي ألّا نعطيه فائدة شنّ حرب أوسع نطاقاً، لأنّ ذلك سيجعله منتصراً".

أمس نقلت وكالة (رويترز) للأنباء، عن عدة مصادر إيرانية وعراقية، أنّ الزيارة الأخيرة للقيادي بالحرس الثوري الإيراني قد نجحت في وقف الهجمات التي استهدفت القواعد الأمريكية، وقالت: "توجه إسماعيل قاآني إلى العراق بعد فترة وجيزة من إلقاء واشنطن اللوم على الجماعات المدعومة من إيران في مقتل (3) جنود أمريكيين. وقد التقى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، نهاية الشهر الماضي، مسؤولي عدة مجموعات مسلحة في مطار بغداد وحذّر أعضاءها للبقاء بعيداً عن الأنظار، لتجنب الهجمات الأمريكية على كبار قادتهم ومنشآتهم الحيوية، أو حتى الاستهداف المباشر لإيران".

وبحسب (رويترز)، رفضت مجموعة واحدة فقط طلب قائد فيلق القدس، بينما استجابت معظم المجموعات لهذا الأمر منذ البداية. ونقلت وكالة (رويترز) عن قيادي بإحدى الميليشيات المسلحة العراقية قوله: إنّه "لولا التدخل المباشر لقاآني، لكان من المستحيل إقناع كتائب حزب الله بوقف عملياتها العسكرية لخفض التوترات".

وقال مسؤولون أمريكيون لشبكة CNN نهاية الأسبوع الماضي: إنّ الولايات المتحدة بدأت في شن ضربات على أهداف لميليشيات مدعومة من إيران في العراق وسوريا. وأضاف المسؤولون أنّ هذه الضربات "بداية لما سيكون على الأرجح سلسلة من الضربات الأمريكية واسعة النطاق على الميليشيات التي نفذت هجمات على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط"، كما أوضح مسؤول دفاعي أنّ من بين الطائرات المستخدمة في الضربات  قاذفة القنابل B1 لانسر.

وقال جو بادين في بيان: إنّ الرد العسكري الأمريكي "سيستمر في الأوقات والأماكن التي نختارها"، وتابع: "بناء على توجيهاتي ضربت القوات العسكرية الأمريكية أهدافاً في منشآت في العراق وسوريا يستخدمها الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له لمهاجمة القوات الأمريكية. ردنا بدأ اليوم وسيستمر في الأوقات والأماكن التي نختارها".

وذكر بايدن أنّ واشنطن "لا تريد التصعيد في الشرق الأوسط، لكنّها سترد على الهجمات على الأمريكيين"، وقال: "الولايات المتحدة لا تسعى إلى الصراع في الشرق الأوسط أو في أيّ مكان آخر في العالم. لكن فليعلم كل من قد يسعون إلى إلحاق الأذى بنا هذا: إذا قمت بإيذاء أمريكي، فسنرد".

لا أحد يريد الحرب 

من جهته، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في بيان: إنّ الضربات الأمريكية في العراق وسوريا هي "بداية ردنا"، وأضاف: "نحن لا نسعى إلى صراع في الشرق الأوسط أو في أيّ مكان آخر، لكنّ الرئيس وأنا لن نتسامح مع الهجمات على القوات الأمريكية، وسنتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن الولايات المتحدة وقواتنا ومصالحنا".

وذكر الناطق بلسان مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي: "نعتقد أنّ الضربات كانت ناجحة"، وأضاف أنّه لا يعرف  حالياً عدد المسلحين الذين قتلوا أو جرحوا، وتابع أنّ الطائرات العسكرية الأمريكية أصبحت الآن في أمان، وأكد أنّ الأهداف "تم اختيارها بعناية لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين".

 

في حديثه لـ (حفريات) يقول المحلل السياسي الدكتور مصطفى صلاح: "إنّ طهران شعرت بالتهديد الحقيقي إثر انفلات الميليشيات في الهجوم الأخير، وهي في استراتيجيتها منذ "طوفان الأقصى" لا تبحث سوى عن اليوم التالي للحرب.

 

وفي حديثه لـ (حفريات) يقول المحلل السياسي الدكتور مصطفى صلاح: إنّ طهران "شعرت بالتهديد الحقيقي إثر انفلات الميليشيات في الهجوم الأخير، وهي في استراتيجيتها منذ "طوفان الأقصى" لا تبحث سوى عن اليوم التالي للحرب. تصعد على متن الأحداث، وتحاول أن تكون في جانب الإسناد والدعم لما يُعرف بـ"المقاومة"، لكن من دون أن تتورط بما يعرّضها لمواجهة مباشرة، الأمر الذي جعل المرشد الإيراني يؤكد المرة تلو الأخرى أنّ ما حدث في 7 تشرين الأول (أكتوبر) هو محض دور فلسطيني".

ويؤكد صلاح أنّ طهران تتخوف من "إهدار ما راكمته من نفوذ على مدار عقود بوساطة الجماعات والفصائل والميليشيات التي شكلتها، حيث إنّ استهدافها أو تفكيكها سيكون تقويضاً تاماً للعمق الميداني والسياسي، وتداعياته الجيوسياسية، وإنهاء لمصالح الملالي".

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية