إدارة التوحش في أقبية التعذيب الإيرانية: اعتداءات جنسية لكسر الإرادة

إدارة التوحش في أقبية التعذيب الإيرانية: اعتداءات جنسية لكسر الإرادة

إدارة التوحش في أقبية التعذيب الإيرانية: اعتداءات جنسية لكسر الإرادة


13/02/2023

تمثل الاعتداءات الجنسية، في إيران، بحق المعتقلين، من آليات النظام القمعية في إدارة التوحش داخل أقبية التعذيب. ولا تعدو الحقائق الموثقة بخصوص العنف الجنسي في سجون الملالي، والتي كشفت عنها صحيفة "الغارديان" البريطانية، مؤخراً، كونها أمراً مباغتاً أو عرضياً، بل إنّ ثمة سوابق عديدة لحواث مماثلة.

تعذيب وانتهاكات ممنهجة

نهاية العام الماضي، بعثت الناشطة الحقوقية الإيرانية، نرجس محمدي، المعتقلة في سجن إيفين، سيء السمعة، رسالة إلى هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، بينما فضحت الانتهاكات التي تتعرض لها النساء والفتيات. ونقلت محمدي شهادة إحدى الفتيات، وقد ذكرت فيها تفاصيل ما جرى بحقها، فقالت: "إحدى الناشطات المعروفات تم ربطها من يديها وقدميها بخطاف في سقف العربة التي نقلتها إلى السجن وتعرضت للاعتداء الجنسي من قبل ضباط الأمن وهي في ذلك الوضع".

وتضيف محمدي: "إمرأة أخرى اعتُقلت في الشارع أخذها اثنان من رجال الأمن على دراجة نارية، جلس أحدهما في المقدمة يقود الدراجة والآخر خلفها وتعرضت للاعتداء الجنسي بشكل متكرر".

طاهر أبو نضال: أنماط التعذيب تتسبب في حالات انتحار كثيرة

ووفق الناشطة الحقوقية، فإنّ "عدم الكشف عن هذه الجرائم سيسهم في استمرار ممارسة هذه الأساليب القمعية ضد المرأة، ولذلك يجب الكشف عن الاعتداءات التي تتعرض لهن الناشطات والمقاتلات والمتظاهرات في إيران على نطاق واسع وبقوة على المستوى العالمي".

ولا تكاد تختلف الشهادات السابقة، بتفاصيلها الصعبة والمأساوية، عن ما ورد في صحيفة "الغارديان"؛ حيث إنّ استراتيجية الملالي تقوم على استخدام القمع حتى درجاته القصوى، دونما النظر إلى لوائح القانون أو بنود الدستور، وكذا القيم الحقوقية العالمية. وذكرت الصحيفة البريطانية في تقرير لها، قبل أيام، أنّ المحتجين والمحتجات تعرضوا للاغتصاب والاعتداء الجنسي والضرب والتعذيب على أيدي قوات الأمن الإيرانية أثناء وجودهم رهن الاحتجاز.

ولمّح التقرير البريطاني، الذي نشر مطلع شباط (فبراير) الحالي، بعد توثيق حالات نحو 11 متظاهراً إيرانياً من الذكور والإناث، إلى وقوع الاعتداء على بعضهم في سيارات الشرطة أو في الشارع، بينما تم الاعتداء على آخرين في مراكز الشرطة أو السجون.

جرائم بالجملة

وفي حديثه لـ"حفريات" يوضح عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية الشعبية (الأحوازية)، طاهر أبو نضال، أنّه في حال الحديث عن الجرائم بالسجون والمعتقلات الإيرانية، يمكن القول إنّها تتجاوز حيز التقارير الأممية إلى آثارها العميقة في "نفسية كل من تعرض لهذه التجربة القاسية"، لافتاً إلى تجربته في السجن والتي يقول عنها: "ما تزال آثار التعذيب باقية على جسدي، بينما آثارها الأخرى في ذاكرتي، بأبعادها النفسية، التي ستبقى تلاحقني حتى وأنا في عقدي السادس من عمري".

ويردف: "البنية التحتية للمراكز العقابية بإيران تعود في غالبيتها إلى الخمسينات من القرن الماضي، والاحتجاز في هذه السجون، بحد ذاته، يعد عملية تعذيب ممنهجة، حيث يضطر المعتقل إلى الجلوس على مساحة 20 بلاطة، وارتفاع لا يتجاوز سبعة أمتار".

يعد التحرش والاعتداء الجنسي، ضمن طرق النظام الفاشي بإيران لانتزاع اعترافات قسرية من المعتقلين، بهدف الإدانة القانونية ثم إصدار أحكام الإعدام والسجن مدى الحياة بحقهم

ومن بين أنماط التعذيب "الضرب المتواصل بآليات مختلفة والسحل على أرضية الغرفة، والربط بسلاسل حديدية من الأطراف، ثم الإهانات اللفظية والتهديد باعتقال أفراد آخرين من العائلة، بالإضافة إلى الخروقات الحقوقية المرتبطة بالاعتداءات الجنسية والتي تسببت في حالات انتحار داخل السجون الإيرانية". يقول أبو نضال.

ووفق موقع إذاعة "صوت أمريكا"، الناطق باللغة الفارسية، فإنّه "بالاعتماد على مقابلات مع أشخاص وتقارير ووثائق وصور جمعتها، ففي إحدى هذه الحالات تسبب الاغتصاب الذي وقع في إصابات خطيرة". وتابع: "وفي حالة أخرى، تم تسجيل اغتصاب طفل قاصر والتحقق منه"، لافتاً إلى أنّ "جهاز الأمن صور الاعتداء الجنسي".

المحلل السياسي منصور أبو سعد: لـ"حفريات" الاغتصاب والتعذيب هدفهما التدمير النفسي للسجناء وبعث الخوف في قلوب المحتجزين لإرغامهم على الابتعاد عن العمل السياسي المعارض

وفي تقرير لمنظمة العفو الدولية، في أيلول (سبتمبر) العام الماضي، كشفت التحقيقات الأممية للمنظمة المعنية بحقوق الإنسان عن "أنماط واسعة النطاق من الاستخدام غير القانوني للقوة والعنف الذي لا يرحم من جانب قوات الأمن. ويشمل ذلك استخدام الذخيرة الحية وطلقات الخرطوش وسواها من الكرات المعدنية (الخردق)، والضرب المبرح للمتظاهرين، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك العنف الجنسي ضد النساء".

وقد وثقت منظمة العفو الدولية "حالات من العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الاعتداءات الجنسية التي ترتكبها قوات الأمن، ومنها الإمساك بثدي النساء وشدّهنّ بعنف من شعرهن لأنهن خلعن الحجاب".

تاريخ سيء للملالي

نظام طهران له "تاريخ سيء" في جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي بحق المعتلقين، وتحديداً بحق خصومه من أبناء الشعوب غير الفارسية التي تناضل من أجل استرداد حقوقها في إيران، وفق المحلل السياسي والمعارض للنظام الإيراني منصور أبو سعد، موضحاً لـ"حفريات" أنّه "يتم الاغتصاب والتعذيب بهدف التدمير النفسي للسجناء وبعث الخوف في قلوب المحتجزين لإرغامهم على الابتعاد عن الانخراط في العمل السياسي المعارض، والانفصال عن أيّ مشاركة بالمظاهرات، أو حتى الأنشطة الثقافية التي تكشف جرائم النظام، مع الأخذ في الاعتبار أنّ النظام يعمد إلى المبالغة في إهانة المحتجزين من خلال تصويرهم أثناء التعذيب كما يتم تسجيل الاعترافات القسرية".

في ثمانينات القرن الماضي تورطت سلطات النظام الإيراني في جريمة اغتصاب جماعي بحق السجناء السياسيين، بحسب أبو سعد، كما أنّ "الفضيحة تسربت للإعلام حينها وتسببت في ضجة كبيرة بعموم ايران حتى وصل الأمر إلى احتجاج حسين علي منتظري، الذي كان نائباً للخميني في ذلك الوقت، الأمر الذي أدى إلى إقالته من المنصب"، وفق ما يقول أبو سعد.

ويردف: "التحرش والاعتداء الجنسي، يعد ضمن طرق النظام الفاشي بإيران لانتزاع اعترافات قسرية من المعتقلين، بهدف الإدانة القانونية ثم إصدار أحكام الإعدام والسجن مدى الحياة بحقهم"، وعليه، فإّن التقرير الذي نشرته، مؤخراً، صحيفة "الغارديان" البريطانية عن الاعتداء الجنسي بحق المعتقلين يعكس مدى وحشية النظام الإيراني في التعامل مع كل من يقف على النقيض من سياساته "الإجرامية". كما أنّ التقرير يشير إلى جزء بسيط من "ممارسات النظام بخصوص الاعتداء الجنسي بحق الرجال والنساء؛ إذ إنّ هناك عشرات الآلاف ممن لم تصل لهم، بما، وسائل الإعلام أو المنظمات الأممية، فضلاً عن احتمالية امتناع البعض عن الإدلاء بشهاداتهم".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية