إخوان الجزائر والعودة إلى التدخل في الشأن التونسي لدعم حركة النهضة.. لماذا الآن؟

إخوان الجزائر والعودة إلى التدخل في الشأن التونسي لدعم حركة النهضة.. لماذا الآن؟


21/02/2022

لا يكف عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم (حمس)، الذراع السياسية للإخوان في الجزائر، عن التدخل في الشأن الداخلي التونسي، وكشف تورطه في خدمة الأجندة الإخوانية، وفق أولويات وتعليمات التنظيم الدولي، بوصفه رئيس منتدى كوالالمبور للفكر والحضارة، أحد أبرز أدوات الإخوان في شرق آسيا.

ويرتبط مقري بعلاقات وثيقة براشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، تلك العلاقات التي أخذت شكلاً تنظيمياً في أوائل العام 2015، إثر اللقاء الذي جرى بينهما في تونس، في محاولة لخلق تكتل إخواني مغاربي، في ظل هيمنة حركة النهضة على الحكم في تونس، وحزب العدالة والتنمية (المصباح) في المغرب، وكان من الضروري العمل على دفع حركة مجتمع السلم نحو السلطة بأيّ ثمن، وكذا دعم الميليشيات الإخوانيّة في ليبيا.

اقرأ أيضاً: إخوان الجزائر من التناقض السياسي إلى التهديد باستخدام العنف

كان تقرير أعده المركز الفرنسى للأبحاث والسياسات الدولية، قد كشف في شباط (فبراير) من العام الماضي، أنّ حركتا مجتمع السلم الجزائرية، والنهضة التونسيّة، يتبادلان الأدوار فى تنفيذ الأجندة التركيّة في المغرب العربي، والتنسيق فيما يتعلق بدعم الميليشيات الإخوانية المسلحة في الغرب الليبي "بعدما اعتبر رئيس حركة مجتمع السلم، عبدالرزاق مقري، أنّ العاصمة الليبية طرابلس خطاً أحمر، وأتبعه رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، بتصريح مفاده أنّ تونس غير محايدة فى الملف الليبى". وهو ما يطرح تساؤلات متعددة حول الدور المشبوه الذي تلعبه حمس في المنطقة.

تدخل جديد في الشأن التونسي

لم يكف عبد الرزاق مقري، منذ مساء 25 تموز (يوليو) الماضي، عن التدخل في شؤون تونس، ومهاجمة الرئيس قيس سعيّد، بضرواة وفجاجة استهجنتها أطراف جزائرية متعددة.

منذ أيام، وفي أعقاب قيام الرئيس التونسي، بحل المجلس الأعلى للقضاء، عاود رئيس حركة مجتمع السلم هجومه على الرئيس التونسي، منتقداً أداء الجزائر في الملف التونسي، وهو انتقاد دأب عليه منذ دشن الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، زيارة رسمية إلى تونس، في منتصف كانون الأول (ديسمبر) الماضي، في تأييد جزائري ضمني لثورة التصحيح التونسيّة.

 

اقرأ أيضاً: الأديب الجزائري أشرف مسعي لـ "حفريات": نعاني من داء الأيديولوجيّات

مقري نشر تدوينة مثيرة للجدل، على صفحته الرسميّة، على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، واصل بها تدخلاته المريبة في الشأن الداخلي التونسي، قائلاً: "من أسباب المطبات التي وقعت فيها السياسة الخارجية في بلادنا، سوء تقدير التطورات في عدد من الملفات الإقليمية الدولية، منها الملف التونسي".

زعيم حمس عاود الهجوم على الرئيس قيس سعيّد، زاعماً أنّه "يشيّد نظاماً دكتاتورياً؛ بقرارات لا شرعية، ولا عقلانية، توّجَها بحل المجلس الأعلى للقضاء". مدعياً أنّ مختلف القوى الوطنية التونسيّة، انتفضت ضدّ قرارات سعيّد، وأنّ الأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية الدولية، ترفض ما جرى في تونس! وأضاف: "الجزائر لا تراعي هذا كله، فتتورط في دعمه، والإنفاق عليه، بلا احترام لقطاعات واسعة من الشعب التونسي، وبلا خوف على سمعة الجزائر في المحافل الدولية، والرأي العام العالمي".

 

حازم القصوري: حركة مجتمع السلم لا تمثل الجزائر قيادة وشعباً، بل هي ضمن فئة محدودة ارتهنت بالأجندة الإخوانيّة

 

المحامي والناشط التونسي، حازم القصوري، خصّ "حفريات" بمداخلة، دان فيها بشدة تصريحات عبد الرزاق مقري، لافتاً إلى أنّ هذا الخطاب الإخواني، يدخل في إطار محاولة زعزعة العلاقات التونسيّة الجزائريّة الراسخة في التاريخ، خاصّة وأنّ الدماء التونسية والجزائرية روت درب الحرية، في معارك التحرير، بحسب تعبيره.

القصوري قال إنّ حركة مجتمع السلم لا تمثل الجزائر قيادة وشعباً، بل هي ضمن فئة محدودة ارتهنت بالأجندة الإخوانيّة، وقد حسم الشعب الجزائري أمره مع هؤلاء المتأسلمين بعد العشرية السوداء، ولم يعد لهم حاضنة شعبية، وواصفاً تصريحات مقري بأنّها مجرد تعبير عن حالة من الإفلاس السياسي.

 

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: ارتباك في ليبيا وأكاذيب في تونس وخطاب فارغ في الجزائر‎

القصوري طالب الجزائريين برفض مثل هذه التصريحات، مطالباً بفتح تحقيق ضد الحركة، بداعي مخالفتها قانون الأحوال، والإساءة إلى العلاقة التونسيّة الجزائريّة العميقة، وكشف الجهة التي تعمل لحسابها.

حمس في خدمة التنظيم الدولي للإخوان

في تصريحات صحفيّة، قال محيي الدين عميمور، المستشار السابق للرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، إنّ بلاده "تراقب التطورات السياسية في تونس بشكل حذر". واستطرد: "السياسة الخارجية للجزائر، لناحية التعامل مع الشأن التونسي، هي كما في غيرها، مرتبطة بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول". لافتاً إلى أنّ هذا المبدأ "ما زال يمثّل عمق القرار السياسي للجزائر، تجاه أزمات دول الجوار". الأمر الذي ينفي ادعاءات رئيس حركة مجتمع السلم، ما يكشف عن جملة من النوايا السيئة، التي تهدف إلى إحداث تجاذبات داخل دوائر صنع القرار في الجزائر، من أجل تحييدها على الأقل تجاه أطراف الأزمة في تونس.

من جهته، قال الدكتور سامح مهدي، الباحث المصري في الفكر السياسي، إنّ حركة مجتمع السلم الجزائرية، "اعتادت منذ اليوم الأول لثورة التصحيح في تونس، الهجوم على قيس سعيّد، زاعمة أنّه سوف يجر تونس والمنطقة إلى فتنة عظيمة، وبالطبع فإنّ إزاحة أيّ ذراع إخوانية في المنطقة، يعد كارثة وجرس إنذار للباقيين، ما دفع مقري إلى الهجوم بشكل هستيري على الإجراءات الثورية في تونس، قائلاً: "هم كلهم في خدمة المشروع الصهيوني، والمشروع الاستعماري، والذين سيبقون على الحياد في تونس، شركاء في الجريمة، ويتحملون مسؤولية المآلات"".

 

سامح مهدي: الحراك الشعبي في الجزائري، اتخذ موقفاً سلبياً تجاه الإخوان، وطرد قياداتهم من التظاهرات أكثر من مرة

 

ولفت مهدي، في حديثه لـ"حفريات"، إلى أنّ الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، نجح إلى حد بعيد في الحد من خطورة الإخوان في بلاده، كما أنّ الحراك الشعبي في الجزائري، اتخذ موقفاً سلبياً تجاه الإخوان، وطرد قياداتهم من التظاهرات أكثر من مرة.

وأكد مهدي أنّ زيارة الرئيس الجزائري لتونس، في منتصف كانون الأول (ديسمبر) الماضي، سبقها قيام وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، بزيارة تونس ثلاث مرات في شهر آب (أغسطس)، في تحرك سريع لدعم دولة جارة، في إشارة لافتة إلى الانحياز لخيارات الشعب التونسي، الأمر الذي دفع رئيس حركة مجتمع السلم، إلى الهجوم على نظام بلاده، في تصريحاته الأخيرة، بسبب موقفها من الوضع الراهن في تونس، والذي يخالف قناعات الإخوان، ويثير لديهم عدة مخاوف، في ظل السقوط المتتالي لأذرعهم السياسية في المنطقة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية