أردوغان "البارع" في التخلي عن حلفائه: هل حماس بعد قنوات الإخوان؟

أردوغان "البارع" في التخلي عن حلفائه: هل حماس بعد قنوات الإخوان؟


21/03/2021

يترقب كثيرون الخطوة التالية بعدما أبلغت السلطات التركية القنوات المصرية المعارضة بتخفيف نبرتها. ويتوقع مراقبون أنّ الأمر لن يقف عند هذا الحد، بل ستلحقه إجراءات قد تؤدي إلى إغلاق تلك القنوات التي تبث من تركيا ويقف وراءها  تنظيم الإخوان المسلمين الذي اتخذ من تركيا ملاذاً آمناً له، لكنّ هذا الملاذ في طريقه للتلاشي، كما يردّد بعض الكتاب والمعلقين المصريين.

هناك عوامل خارجية عديدة أجبرت تركيا ومصر، على إعادة تقييم علاقتهما؛أهمها وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن ومساعيه إلى تقليل النزاعات في المنطقة

وسرت موجة من التفاؤل بين بعض مؤيدي الحكومة المصرية، حتى إنّ بعض الصفحات الإلكترونية روّجت لما حدث باعتباره "انتصاراً للسيسي على الإخوان"، كما تقول "بي بي سي".

ويربط أصحاب تلك الصفحات مسار التقارب المفترض بين تركيا ومصر بأنه نتاج لأحد اشتراطات القاهرة على أنقرة.

كما اعتبر آخرون أنّ الخطوة التركية الأخيرة تعد "دليلاً على استعدادها للتخلي عن الإخوان وإغلاق منابرهم الإعلامية نهائياً".

فبعد سنوات من توتر حاد كاد يؤدي إلى مواجهة عسكرية في ليبيا تشهد العلاقات بين تركيا ومصر مؤشرات على تحسن محتمل، خاصة إثر أوامر أنقرة بتخفيف نبرة القنوات المعارضة المصرية الخاضعة لها.

اقرأ أيضاً: سلام أردوغان أم مناورة سليم العثماني: هل يسير التلميذ على نهج الأستاذ؟

وطلبت السلطات التركية من ثلاث قنوات تلفزيونية معارضة مصرية مقرها في اسطنبول، وهي "الشرق" و"مكملين" و"وطن"، بتخفيف تغطيتها السياسية الانتقادية للحكومة المصرية، في حين تسعى تركيا إلى إصلاح العلاقات المتوترة مع مصر، حسبما أكده مسؤولون مطلعون.

وذكر المعارض المصري ورئيس قناة "الشرق" التلفزيونية المرتبطة بجماعة "الإخوان المسلمين"، أيمن نور، في تصريحات متلفزة، أنّ المسؤولين الأتراك طالبوا وسائل الإعلام الـ3 بتخفيف حدة خطابها.

"تضيق ثم تضيق ثم تضيق"

وأشار نور مع ذلك إلى أنّ القنوات الـ3 لم تتلق أوامر بالإغلاق أو بوقف بث برامج، وأضاف: "بدأ حوار بيننا وبين الأتراك في إطار تغيير الخطاب". وكتب أيضاً: "تضيق ثم تضيق ثم تضيق ثم تفرج وبشر الصابرين".

وقال محرر يعمل لدى قناة "الشرق"، في حديث لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، إنّ مسؤولين أتراكاً تقدموا بالطلب خلال اجتماع في اسطنبول، الخميس الماضي، مع مديرين من "الشرق" و"مكملين" و"وطن".

وأبلغ المسؤولون مديري البث أنّ بإمكانهم الاستمرار في تقديم برامج عن مصر، ولكن ليس ضد الحكومة المصرية، مشيرين إلى مفاوضات تجريها تركيا مع مصر، بحسب المحرر.

كما قال المصدر ذاته، الذي طلب عدم ذكر اسمه نظراً لحساسية المسألة، إنّ القنوات التلفزيونية توقفت على الفور عن بث بعض البرامج السياسية.

ماذا علّق مستشار الرئيس التركي؟

من جهته، علق مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ياسين أقطاي، على ما تردد بخصوص وضع الإعلاميين والقنوات التلفزيونية المصرية التي تبث من تركيا، ونفى عزم أنقرة طرد أو تسليم عدد منهم للقاهرة، في تصريح صوتي له على منصة "كلوب هاوس".

الكاتب عبد الباري عطوان: أردوغان تخلى عن معلمه أربكان ثم حليفيْ دربه عبدالله غل وأحمد داوود أوغلو وثالثهم علي باباجان مهندس النهضة الاقتصادية

أما الصحفي عبد المنعم محمود، فقد أعرب عن أسفه لما سمّاه استخدام تركيا للقنوات المصرية كورقة ضغط. وغرّد على "تويتر": "للأسف تركيا استخدمت القنوات المصرية في اسطنبول كورقة سياسية في مصالحها، مذيعين في هذا القنوات تباروا في الدفاع عن مصالح تركيا في منطقة غاز شرق المتوسط في مواجهة حقوق مصر كدولة، وفي النهاية النظام التركي استخدمهم كورقة للتفاوض في اتفاقية بين أنقرة والقاهرة حول ترسيم الحدود".

ولم يصدر بعدُ أي تعليق من جماعة "الإخوان المسلمين"، لكنّ الحكومة المصرية أصدرت، على لسان وزير الإعلام، أسامة هيكل، ترحيباً علنياً بهذه الخطوة، حيث وصفها في بيان بأنها "بادرة طيّبة من الجانب التركي، تخلق مناخاً ملائماً لبحث الملفات محل الخلافات بين الدولتين على مدار السنوات الماضية".

وأضاف هيكل أنّ "صدور قنوات من دولة لتعادي دولة أخرى ليس مقبولاً في العلاقات الدولية، ومن المهم جداً لكل دولة أن تبحث عن مصالحها ومصالح شعبها، ولا أعتقد أنّ الخلافات السياسية بين تركيا ومصر تصب في مصالح الشعبين".

هيكل قال أيضاً إنّ مصر دولة لا تعادي أحداً، وإنّ الموقف المصري ثابت في علاقاتها الدولية؛ حيث "تعمل على تطوير علاقاتها مع الجميع على أساس من التفاهم والحفاظ على  المصالح المشتركة".

أين الغرابة إذا تخلى أردوغان عن الإخوان؟

وغرّد رئيس تحرير موقع "رأي اليوم" الكاتب عبد الباري عطوان، على صفحته على "تويتر": أردوغان تخلى عن معلمه أربكان ثم حليفيْ دربه عبدالله غل وأحمد داوود أوغلو وثالثهم علي باباجان مهندس النهضة الاقتصادية، فأين الغرابة إذا تخلى عن الإخوان المسلمين وأغلق محطاتهم التلفزيونية؟ حماس ربما تكون الهدف التالي والله أعلم".

اقرأ أيضاً: هل استسلم أردوغان؟

ويقول محللون إنّ هذا التقارب بين أنقرة والقاهرة لا يعني التوافق على جميع الملفات، بل يرونه مجرد تقارب تكتيكي يخضع للظروف الآنية وللغة الأرقام، وفق "بي بي سي".

ويضرب هؤلاء مثالاً فيذكرون العلاقات التركية الروسية. فنشوء تحالف بين أردوغان وبوتين يعد أمراً مستحيلاً، لأنّ أجنداتهم ليست متقاربة. لكن القطيعة بينهما صعبة في نفس الوقت.

ويرى كثيرون أنّ استضافة تركيا للمعارضة المصرية لم يكن سبباً محورياً للخلاف بين البلدين، فهم يعتقدون أنّ المعارضة لم تعد تمثل هاجساً للحكومة المصرية؛ نظراً لتشتتها وتحولها لمجرد ظاهرة إعلامية.

في المقابل، يشدد آخرون على أهمية المعارضة في أسباب التقارب والخلاف بين البلدين. فاستضافة المعارضين لم يعد يقتصر على تركيا بل يشمل أيضاً مصر التي استقبلت أعضاء من جماعة غولن المحظورة في تركيا.

اقرأ أيضاً: من سيرث حكم أردوغان؟

علاوة على ذلك، ثمة عوامل خارجية عديدة أجبرت البلدين، على إعادة تقييم علاقتهما؛أهمها وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن ومساعيه إلى تقليل النزاعات في المنطقة.

وغرد فاضل أبو الليل على "تويتر": المصالح هي سبب تحول الموقف التركي تجاه مصر. غاز المتوسط بالإضافة إلى أنّ الترتيبات الجديدة التي تقف وراءها إدارة بايدن في المنطقة قد تؤدي إلى عزلة أكبر لها وخسارات فادحة لها إذا لم تعد حسابات خلافاتها. المؤكد أنّ تركيا  ستغير الخطاب الإعلامي للقنوات المدعومة من تركيا.

وبالإضافة للملف الليبي، توجد العديد من المصالح الحيوية بين البلدين أبرزها ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط.

أزمة بين مصر وتركيا

وتشهد العلاقات بين مصر وتركيا أزمة سياسية منذ العام 2013 بعد رفض السلطات التركية القاطع لعزل الجيش المصري للرئيس الراحل، محمد مرسي، القيادي في جماعة "الإخوان المسلمين" و"أول رئيس مصري منتخب ديمقراطياً" حسب أنقرة، التي رفضت سابقاً الاعتراف بشرعية الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، كما تقول وكالة الأنباء الأمريكية.

وتعتبر تركيا عزل مرسي "انقلاباً عسكرياً"، فيما تدين السلطات المصرية، التي تصف تلك الأحداث بالثورة، هذا الموقف، متهمة تركيا بدعم جماعة "الإخوان المسلمين" التي أعلنتها القاهرة رسمياً "تنظيماً إرهابياً".

ومؤخراً، أشار مسؤولون أتراك بارزون إلى تحسن العلاقات مع مصر، في تحول عن نهجهم النقدي الحاد السابق تجاه حكومة السيسي.

لكنّ مسؤولين مصريين قالوا إنّ تركيا بحاجة إلى اتخاذ خطوات جوهرية نحو محادثات "حقيقية" لإصلاح العلاقات.

وأوضحوا أنّ الخطوات تشمل رحيل مئات القوات التركية و"آلاف المرتزقة السوريين" من ليبيا، فضلاً عن تسليم إسلاميين مطلوبين لدى مصر بتهم تتعلق بالإرهاب.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية