أحكام بالإعدام تطال مرشد الإخوان وآخرين: المحاسبة على جرائم لا تسقط من الذاكرة

أحكام بالإعدام تطال مرشد الإخوان وآخرين: المحاسبة على جرائم لا تسقط من الذاكرة

أحكام بالإعدام تطال مرشد الإخوان وآخرين: المحاسبة على جرائم لا تسقط من الذاكرة


10/03/2024

لم يكن الحكم القضائي الصادر بحق جماعة الإخوان، المصنفة في مصر وعدد من البلدان العربية بأنّها إرهابية، سوى لحظة اكتمال العدالة على خلفية جرائم عديدة تورطت فيها عناصر وقادة الجماعة في الخفاء وفي العلن، وبشكل مباشر وغير مباشر. فهذه الجماعة التي وصلت إلى الحكم في مصر، ثم سقطت بفعل ثورة شعبية في غضون عام، واجهت نبذ المجتمع السياسي لها، ورفض إدارتها للحكم بالقمع والعنف الذي وصل إلى حدّ القتل والتفجير وقد أصاب البشر والمنشآت. 

القضاء يردّ الاعتبار للمجتمع

أصدرت الدائرة الأولى إرهاب بمحكمة جنايات أمن الدولة بمصر الإثنين الماضي حكمها الذي قضى بمعاقبة كلٍّ من محمد بديع مرشد جماعة الإخوان، ومحمود عزت القائم بأعمال المرشد، ومحمد البلتاجي وعمرو زكي وأسامة ياسين وصفوت حجازي وعاصم عبد الماجد ومحمد عبدالمقصود بالإعدام شنقاً، عمّا أسند إليهم في القضية المعروفة إعلامياً بـ "أحداث  المنصة"، كما قضت المحكمة في القضية رقم (72) لعام 2021 والمقيدة برقم (9) لعام 2021 كلي القاهرة الجديدة، بالسجن المؤبد لـ (37)، وبراءة (21) آخرين، والمشدد (15) عاماً لـ (6) متهمين، والمشدد (10) أعوام لـ (7) آخرين. ووفق موقع (العربية)، فقد "أحالت نيابة أمن الدولة العليا قضية أحداث المنصة إلى محكمة جنايات أمن الدولة في نيسان (أبريل) 2021، لتنظر الدائرة الأولى إرهاب أولى جلسات القضية في 6 حزيران (يونيو) 2021، في مقر المحكمة بمجمع محاكم طرة. وبعدها تم نقل المحاكمة إلى مجمع المحاكم بمأمورية استئناف مركز الإصلاح والتأهيل بمدينة بدر، وعلى مدار جلسات متعاقبة تنظر المحكمة محاكمة المتهمين."

محمود عزت

وتابع: "في أيلول (سبتمبر) 2021 استمعت المحكمة لأمر إحالة المتهمين في قضية أحداث المنصة، حيث اتهمت النيابة العامة المتهمين من الأول حتى السادس أنّهم في غضون تموز (يوليو) 2013 بدائرة قسم ثان مدينة نصر، تولوا قيادة في جماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقانون، ومنه مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي."

 

يرى الباحث المختص في شؤون الإسلام السياسي عبد السلام القصاص أنّ منصة رابعة كانت "بؤرة إجرامية"، ولا يمكن التعاطي معها بالمنطق الحقوقي أو بأنّها كانت وقفة احتجاجية.

 

وجاء في أمر الإحالة أيضاً أنّه "تولى المتهم الأول قيادة جماعة الإخوان "المرشد العام"، وتولى المتهمون من الثاني حتى السادس قيادة بها "أعضاء مكتب إرشاد الجماعة ومجلس الشورى العام"، تلك الجماعة التي تهدف لتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على أفراد ومنشآت القوات المسلحة والشرطة والمنشآت العامة، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة في تحقيق أغراضها". وقد أمدوا جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون بمعونات مادية، بأن أمدوا الجماعة موضوع الاتهام بأسلحة وذخائر وعبوات حارقة، ودبروا، هم وآخرون مجهولون، تجمهراً الغرض منه ارتكاب جرائم القتل العمد تنفيذاً لغرض إرهابي، واستعمال القوة والعنف والتهديد مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم، والتخريب العمد لمبانٍ وأملاك عامة ومخصصة لمصالح حكومية ومرافق عامة تنفيذاً لغرض إرهابي.

كما قاموا باستعراض القوة والتلويح بالعنف واستخدامهما بقصد تكدير الأمن والسلم العام، والتأثير على السلطات في أعمالها باستعمال القوة والتهديد بأن حرضوا المتهمين من التاسع حتى الأخير وآخرين على المشاركة في تجمهر بطريق النصر للأغراض ذاتها بتكليفهم، واتفقوا معهم على ذلك بوضع مخطط حُدّد به دور كل منهم، وساعدوهم بأن أمدوهم بالأسلحة النارية والبيضاء.

جرائم لا تمحى

في حديثه لـ (حفريات) يوضح الباحث المختص بالعلوم السياسية الدكتور مصطفى صلاح أنّ جرائم جماعة الإخوان "تتجاوز ما في ذاكرة المواطن إلى ذاكرة الوسائط المتعددة، والتي وثقت في مقاطع مصورة تجاوزاتها المختلفة بالعنف المباشر والتحريض على القتل والحرق والعدوان. ولدى الأجهزة والمؤسسات المختلفة سجلات حافلة، الأمر الذي يمكن القول عنه إنّ ما خفي كان أعظم". 

ويقول صلاح: إنّ أحكام القضاء في مصر لا يمكن تسييسها، فهو "قضاء يلتزم بالاعتبارات القانونية، ومن ثم، بعيداً عن الشق القانوني الذي لا يمكن التعليق عليه وبطبيعة الحال مناقشة جزئية الحكم، فإنّ ما جرى من خروقات وتجاوزات وعنف بحق المدنيين ومؤسسات الدولة وأفراد الشرطة والجيش يحتاج إلى قصاص، وهو حق المجتمع الذي ردّ له الجيش اعتباره باسترداد السلطة من يد فئة كانت تذهب لدعشنة أو طلبنة وأخونة البلاد تحت مسمّى التمكين". 

محمد البلتاجي

ويضيف صلاح: لا يمكن نسيان أو إسقاط أحداث العنف في سيناء، وتفجير خطوط الغاز، فضلاً عن الاستهدافات المتكررة لقوى الجيش والشرطة في الكمائن المختلفة، بل وتجاهل ارتباطها المباشر بتهديدات القيادي بالجماعة الإرهابية محمد البلتاجي، الذي قال من على منصة رابعة: "هذا الذي يحدث في سيناء، سيتوقف في الثانية التي يعلن فيها عبد الفتاح السيسي عودة الرئيس المعزول إلى ممارسة سلطاته".  

 

الجماعة التي وصلت إلى الحكم في مصر، ثم سقطت بفعل ثورة شعبية في غضون عام، واجهت نبذ المجتمع السياسي لها ورفض إدارتها بالحكم بالقمع والعنف الذي وصل إلى حدّ القتل والتفجير وقد أصاب البشر والمنشآت. 

 

تهديدات عناصر الجماعة والمؤيدين لهم، مثل صفوت حجازي، وعاصم عبد الماجد، لم تتوقف بل كانت تحريضية لشن هجمات بحق المعارضة و"سحقها"، على حد تعبير حجازي الذي هدد قائلاً: "أقولها مرة أخرى، الرئيس محمد مرسي الرئيس المصري، اللّي هيرشّه بالميّه هنرشه بالدم". 

وتابع: "الأغبياء أدخلوا رقبتهم تحت المقصلة، ولا بدّ أن ندوس الآن على السكين". 

التهديد بأخونة و"طلبنة" أو دعشنة مصر

من جهته، يرى الباحث المختص في شؤون الإسلام السياسي عبد السلام القصاص أنّ منصة رابعة كانت "بؤرة إجرامية"، ولا يمكن التعاطي معها بالمنطق الحقوقي أو بأنّها كانت وقفة احتجاجية، لافتاُ في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ الجماعة التي استخدمت القوى الإسلامية الراديكالية، التي تؤمن بحمل السلاح، لم تفعل ذلك بشكل عرضي وإنّما لهدف مقصود وهو تخويف الشعب والمدنيين ومنهم المعارضة، فضلاً عن بعث رسائل لأطراف داخل الدولة وقوى خارجية بأنّ بديل الإخوان هم "السلفية الجهادية والجماعات المسلحة والتنظيمات التكفيرية". بالتالي، كان ظهور طارق الزمر وأمثاله في حفل انتصار تشرين الأول (أكتوبر)، وبعدها في منصة رابعة، إنّما لإيجاد أو إخراج "الذراع الذي بمقدوره البطش وبدموية،" واستعراضه أمام الجميع، مرة في حفل له دلالاته الرمزية لدى المصريين، والمرة الثانية في مواجهة الشعب الذي انتفض رافضاً حكم الجماعة.

وقد هدد الزمر من على المنصة قائلاً: "سيكون هذا اليوم الضربة القاضية لكل المعارضة، والذين دعوا لمظاهرات 30 حزيران (يونيو)، كفروا بالصندوق، لقد توعدونا لكنّهم سيسحقون جميعاً"، وهو تهديد واضح من الإرهابي السابق بسحق المتظاهرين السلميين".

وسبق لوزير العدل المستشار عمر مروان، أنّ صرّح بأنّ "اعتصام رابعة العدوية الذي كانت تنظمه جماعة الإخوان الإرهابية اعتصام مسلح، وهذا ما تم إثباته من قبل لجنة تقصي الحقائق". وقال: إنّ "كاميرات المراقبة داخل مسجد رابعة العدوية رصدت أسلحة وذخائر كانت بحوزة الجماعة الإرهابية، بالإضافة إلى أنّ كاميرات المراقبة التي كانت في محيط الاعتصام المسلح  رصدت أسلحة كانت بحوزة المتواجدين بالاعتصام، مؤكداً أنّه تم عمل ممرات آمنة لخروج المعتصمين، ولم يتم القبض على أحد منهم".

وتابع في لقاء تلفزيوني: "أول شهيد كان ضابط شرطة قامت جماعة الإخوان بقتله قبل الساعة (7) صباحاً بالرصاص داخل اعتصام رابعة العدوية، ولا يوجد لدى الإخوان دليل واحد أنّ لديهم أحد تم قتله من قبل رجال الشرطة قبل الساعة (7) صباحاً، في يوم فض الاعتصام". مشيراً إلى أنّ عدد الذين سقطوا في الفضّ يتراوح بين (300 و400) شخص، وأسباب الوفاة كانت ناتجة عن القتل بالرصاص من الإمام إلى الخلف ومن الخلف إلى الأمام، وهذا يؤكد أنّ الاعتصام كان مسلحاً. وذكر أنّ "الممرات الآمنة كانت لخروج الجميع من الاعتصام، ولم يتم القبض على أحد منهم، موضحاً أنّ كاميرات مسجد رابعة فضحت جماعة الإخوان، وتم رصد أسلحة وذخيرة بحوزة الجماعة الإرهابية".

وختم عمر مروان حديثه قائلاً: "أتحدى أيّ شخص من جماعة الإخوان أن يقدم شهادات الوفاة للذين يزعموا أنّهم توفوا في اعتصام رابعة، أين شهادات الوفاة؟ فالطب الشرعي لا علاقة له بانتماء الشخص المتوفى، ولكنّه ينظر إلى الجثة فقط".

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية