
في تصريح جديد أثار جدلاً واسعاً في الأوساط اليمنية، اتهم هاني بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، جماعة الإخوان المسلمين، ممثلة بحزب التجمع اليمني للإصلاح، باستغلال المساجد وتحويلها إلى منصات حزبية لخدمة أجندات سياسية. وفي تغريدة نشرها عبر حسابه على منصة (إكس)، شدد بن بريك على أنّ "المساجد يجب أن تكون لله وحده، لا لحزب أو جماعة"، مشيراً إلى أنّ حزب (الإصلاح) هو الوحيد الذي يسيطر على المساجد ويوجه الخطاب الديني لخدمة مخططاته السياسية، محذراً من خطورة هذا السلوك على استقرار المجتمع اليمني.
سياق الاتهامات وخلفية هاني بن بريك
يُعدّ هاني بن بريك أحد الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي اليمني، ويشغل منصب نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو كيان سياسي تأسس عام 2017 بهدف تمثيل مطالب الجنوبيين وتحقيق طموحاتهم في استعادة دولة الجنوب.
"اتهم هاني بن بريك جماعة الإخوان في اليمن بتحويل المساجد إلى منابر حزبية، محذرًا من خطر تسييس الخطاب الديني على استقرار المجتمع."
تأتي تصريحات بن بريك الأخيرة في سياق تصاعد التوترات بين المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية الشرعية التي يُعتبر حزب (الإصلاح) الإخواني أحد مكوناتها الرئيسية. ويُنظر إلى هذه الاتهامات على أنّها محاولة لكشف انتهازية حزب (الإصلاح) الذي يقوم باستغلال النفوذ الديني لتعزيز حضوره السياسي.
اتهامات استغلال المساجد: تفاصيل وتداعيات
في تغريدته، دعا بن بريك إلى إعفاء أيّ إمام مسجد ينتمي إلى أحزاب سياسية، مؤكداً ضرورة خضوع خطب ودروس المساجد للرقابة لمنع تسييس الخطاب الديني. وكشف أنّ حزب (الإصلاح)، الذي يُعدّ الذراع السياسية للإخوان المسلمين في اليمن، يستخدم المساجد كمنصات لتجنيد الأفراد وتنفيذ مخططات سياسية، ممّا يهدد وحدة المجتمع ويؤجج الصراعات الداخلية.
"بن بريك يرى أن حزب الإصلاح يستخدم المساجد لتجنيد الأفراد وتوسيع النفوذ السياسي، بما يُهدد وحدة اليمن ويغذّي الصراعات الداخلية."
وهذه ليست المرة الأولى التي يوجه فيها بن بريك اتهامات للإخوان المسلمين. ففي حزيران (يونيو) 2025 أشار في تصريحات أخرى إلى أنّ الإخوان هم "الحاضنة الحقيقية" لتنظيمات إرهابية مثل (القاعدة وداعش)، متهماً إيّاهم بدعم جماعة الحوثي بشكل غير مباشر، وهو ما اعتبره البعض محاولة لكشف تواطؤ وخيانة الإخوان المسلمين.
"في ظل حرب اليمن، تُوظّف جماعات الإسلام السياسي الدين سلاحًا ناعمًا لتحقيق السيطرة، وسط غياب سلطة مدنية تضع حدًا للفوضى."
ويُمثل حزب (الإصلاح) الامتداد السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، ويتمتع بنفوذ واسع في المؤسسات الدينية والتعليمية. ومع ذلك تنفي الجماعة باستمرار الاتهامات الموجهة إليها باستغلال المساجد أو دعم الإرهاب، مؤكدة التزامها بالعمل السياسي السلمي، وهو الأمر الذي أصبح مثاراً للسخرية مع الكشف المستمر عن أدلة وحقائق تؤكد مدى خيانة الجماعة والتواطؤ مع الحوثي تارة ومع جماعات الإرهاب تارة أخرى.
ردود الفعل والانقسامات
أثارت تصريحات بن بريك ردود فعل متباينة، ففي الأوساط الجنوبية تلقى دعماً من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي الذين يرون فيه رمزاً للمقاومة ضد الحكومة الشرعية وحزب (الإصلاح).
الخلفية السياسية والدينية
تكتسب هذه الاتهامات أهمية خاصة في ظل الوضع السياسي في اليمن، حيث تتصارع أطراف متعددة على السلطة وسط حرب مستمرة منذ عام 2015. ويُعدّ حزب (الإصلاح) أحد الأطراف الرئيسية في الحكومة الشرعية، بينما يسعى المجلس الانتقالي إلى مواجهة التحركات الإخوانية باستمرار، مع قيام الإخوان باستخدام القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى ضد قيادات الانتقالي الجنوبي.
"تثير دعوة بن بريك لحماية حياد المساجد أسئلة أوسع حول العلاقة بين السلطة الدينية والسياسية في بلد ممزق بالصراعات."
اتهامات هاني بن بريك باستغلال المساجد وتسييس الخطاب الديني تعكس توترات سياسية ودينية عميقة في اليمن، وتأتي هذه الاتهامات في سياق تصاعد الصراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي، والحكومة الشرعية اليمنية التي يُعدّ حزب (الإصلاح) جزءاً رئيسياً منها، الأمر الذي يؤكد ضرورة مراجعة الاستعانة بالإخوان ضمن أيّ تحالف، في ظل سعي الجماعة لتأكيد هيمنتها على المثلث النفطي، والتنكيل بالشعب اليمني.
"الانقسام حول دور الدين في السياسة اليمنية يزداد حدّة، مع تصاعد الاتهامات بتحويل المساجد إلى أدوات صراع حزبي وطائفي."
في المقابل، يدّعي حزب (الإصلاح) أنّ المساجد تُستخدم لأغراض دينية بحتة، ويرفض اتهامات التسييس، مؤكداً التزامه بالعمل السياسي السلمي، بينما تكشف مقاطع فيديو متعددة الكيفية التي يروّج بها دعاة الإخوان للعنف والاستقطاب السياسي، ومواجهة الخصوم السياسيين، وإقصاء المرأة، والتحريض على الفنون.
"حزب الإصلاح، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، يواجه اتهامات خطيرة بتحويل المساجد إلى معسكرات أيديولوجية تُكرّس الكراهية وتُقصي الخصوم."
وتثير تصريحات بن بريك تساؤلات حول دور الدين في السياسة، خاصة في بلد يعاني من صراعات طويلة الأمد. وتُبرز الحاجة إلى حماية المساجد من التسييس، والحفاظ على حياد دُور العبادة كمراكز للتعبد وتكريس الوحدة الاجتماعية في ظل التوترات السياسية والعسكرية، وهو ما يتنافى مع نهج الإخوان ومسعاهم لاستخدام الدين وتوظيفه بشكل دائم في الصراعات السياسية.