دموية ولاية الفقيه في العراق

دموية ولاية الفقيه في العراق


29/04/2019

باهرة الشيخلي

المتوقع أن تزيد الميليشيات الإيرانية من اغتيالاتها وتصفياتها الجسدية خصوصا في المحافظات الجنوبية، بالتزامن مع حالة الرفض للنفوذ الإيراني، التي بدأت تتنامى بنحو كبير.

عادت إلى الواجهة في عدد من محافظات العراق جرائم الاغتيال والتصفية الجسدية، وشهدت محافظة البصرة العدد الأكبر من هذه الجرائم، التي ذهب ضحيتها ناشطون عرفوا بمعارضتهم للنفوذ الإيراني في العراق.

قال مستشار محافظ البصرة لشؤون العشائر، الشيخ محمد الزيداوي، إن “البصرة تشهد عمليات اغتيال في وضح النهار وفي وسط المدينة، كان آخرها اغتيال المقدم عمر السعدون المنتسب لقيادة عمليات البصرة والمقدم عبدالحسين التميمي المنتسب لشرطة البصرة، فضلا عن اغتيال مدرسة وناشطة وجرح الشيخ نصير الساعدي وقتل ابن عمه وآخرها جريمة قتل مروعة داخل أحد مستشفيات البصرة”، معتبرا أن “عمليات الاغتيال والتصفيات الجسدية في شمال البصرة لا تعد ولا تحصى”.

في محافظة كربلاء وسط العراق، أضربت العيادات الخاصة للأطباء عن العمل احتجاجا على مقتل الدكتور محمد الخفاجي طبيب التخدير في مدينة الإمام الحسين الطبية، الذي اختطف وقتل في مدينة الشعلة في بغداد، في حين أفاد مصدر أمني في المحافظة بأن شابين قتلا أثناء تواجدهما في سيارة أجرة من قبل شخص يستقل دراجة نارية غرب كربلاء. وفي بغداد، اقتحم مسلحون منزل ضابط في قضاء اليوسفية جنوبي بغداد وقتلوا ابن الضابط وزوجة ابنه.

مسلسل الموت في العراق لم يتوقف منذ يوم 9 أبريل 2003، يوم داست أقدام المحتلين أرض بغداد، وإن خفتت موجات هذا المسلسل، لكنه لم يختف من الحياة العراقية كليا، ففي كل يوم هناك بيت عزاء وحداد، فلدى أحزاب الخراب الوطني وحشودها المسلحة وميليشياتها الإرهابية لائحات للموت تنتظم فيها مئات بل آلاف الأسماء المرشحة للقتل، الآن أو بعد حين، وتستمر عروض الموت اليومي في أنحاء البلاد في مراكز المدن والبلدات، بل امتد القتل غيلة إلى الأطراف القصية ونالت القرى نصيبها.

وعلى الرغم من أن أصابع الاتهام العراقية تتوجه إلى ميليشيات الموت الإيرانية في ارتكاب هذه الجرائم، وإلى الانفلات الأمني الذي خلقه السلاح المنفلت في الشارع العراقي وضعف الأجهزة الأمنية أمام هذه الميليشيات، إلا أن هذه الميليشيات ومن يؤيدها يتهمون جهات أخرى، لا مصلحة لها في الغالب، بمثل هذه الحوادث الإجرامية، فمستشار محافظ البصرة لشؤون العشائر، الشيخ محمد الزيداوي مثلا، قال إن “جهات بعثية تقف وراء ازدياد عمليات القتل بعد أن سمحت بتفشي ظاهرة حيازة السلاح بما سرقته من حاويات تابعة للجيش العراقي والقوات الأمنية وباعتها قبل اجتياح داعش للموصل وبعدها، وهي حاليا تتمتع بنفوذ وتتحكم بالأمور كيفما شاءت وتتوعد من يحاول كشف جرائمها أو فتح ملفات ضدها”.

ورغم أن هذا الاتهام بعيد عن الواقع، لمعرفة العراقيين أن السلاح المنفلت المنتشر في الشوارع لا تحمله إلا أيدي الميليشيات المسلحة التي تدين بالولاء لإيران، إلا أن من الممكن مناقشته، ورده بأن المستهدفين بهذه الاغتيالات والتصفيات هم كل من يعترض على الفساد في الحكومة وعلى التواجد الإيراني ومن يقف بوجه من يدخل المخدرات إلى البلاد، إذ طالت ضباط الحدود في البصرة وميسان الذين ضبطوا مهربي المخدرات المرتبطين بميليشيات الحشد ويعملون مع الحرس الثوري الإيراني والقادمين من إيران، والناشطين والمتظاهرين الذين اتهمتهم الميليشيات سابقا بأنهم بعثيون، فما مصلحة البعثيين بالدفاع عن حكومة الفساد وهم يناهضونها أصلا؟

إن الاتهامات توجه إلى كل سلاح خارج القانون وإلى المافيات وإلى الميليشيات كافة، وقبل هذا وذاك إلى أحزاب العملية السياسية، التي صنعت عصرا من الإرهاب الدموي هو الأول والآخر في تاريخ بلاد الرافدين.

كما أن أصابع الاتهام يمكن أن توجه إلى زعيم جيش المختار واثق البطاط، المرتبط بالحرس الثوري والذي هدد بذبح ضباط وشرطة المنافذ الحدودية الذين ألقوا القبض على معمم إيراني متلبس بجريمة تهريب الزئبق، وذبح عائلات هؤلاء الضباط والشرطة، وجعل رؤوسهم منافض للسجائر.

ونذكّر بتقرير نشرته، في وقت سابق، صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية، نقل عن مسؤولين أمنيين بريطانيين قولهم إن طهران تستخدم فرق اغتيالات لإسكات منتقديها، وسط ما وصفته بمحاولات إيرانية للتدخل في شؤون الحكومة العراقية الجديدة.

المتوقع أن تزيد الميليشيات الإيرانية من اغتيالاتها وتصفياتها الجسدية خصوصا في المحافظات الجنوبية، بالتزامن مع حالة الرفض للنفوذ الإيراني، التي بدأت تتنامى بنحو كبير في هذه المحافظات.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية