غزة ليست حماس

غزة ليست حماس


16/03/2019

فاروق يوسف

ردت إسرائيل بهجوم جوي على القصف الصاروخي الذي استهدفها من غزة.

المعادلة ليست متكافئة بين الطرفين. فحماس المسؤولة عن ذلك القصف غير المبرر هي قوة مزعجة. اما إسرائيل التي تعرضت لذلك الازعاج فهي قوة قاهرة ومدمرة.

مشكلة حماس أنها تكره أن يتم تذكيرها بتلك الحقيقة. وهي مشكلة بعض الفلسطينيين الذي لا يرون في "حماس" خطأ في تاريخ حركة النضال الوطني الفلسطيني. ذلك الخطأ لا يمكن تصحيحه اليوم إلا عن طريق ازالته. وهو ما يعجز عن القيام به الفلسطينيون بأنفسهم.

سيكون من غير الأخلاقي مطالبة إسرائيل بالقيام بتلك الهمة.

ذلك لأن غزة ليست حماس مثلما لبنان ليس حزب الله. 

البعض يرى أن ضرب إسرائيل ضروري بغض النظر عما يمكن أن ينتج عنه من دمار في غزة بسبب الرد الإسرائيلي العنيف وهي رؤية انتحارية تخفي تحت ضباب دعايتها الثورية مشروعا منحطا، يُراد من خلاله التضحية بغزة وأهلها من أجل غايات إيرانية. ذلك لأن الوقائع علمتنا أن حماس تلجأ إلى أسلوبها التقليدي في اثارة غريزة القتل لدى الاسرائيليين كلما شعرت إيران بالضيق، كما لو أن شعب غزة صار واحدا من الحجابات الامامية في معركة نظام آيات الله مع العالم.  

ليس مقنعا بالنسبة لإسرائيل أن يُقال لها إن حماس واحدة من أذرع إيران في المنطقة ولهذا يجب أن لا تؤخذ غزة بجريرتها. فإسرائيل التي تعرف أن غزة قد تم اختطافها لا تملك الوقت الكافي من أجل أن البحث عن الخاطفين ومعاقبتهم فردا فردا. لا يدخل ذلك ضمن اختصاصها. لذلك فإنها تتجه مثل ثور أعمى إلى هدفها الذي هو غزة.

ولأن الدمار الذي تسببه العربدة الإسرائيلية سيخلف وضعا إنسانيا رثاً صارت حماس تعول عليه من أجل جلب مساعدات إنسانية فإن إسرائيل أرادت أم لم ترد ستكون مسؤولة عن ضخ أسباب الحياة في جسد جماعة إرهابية لا تلتزم بشروط الهدنة ولا تحترم مسؤوليتها عن حياة المدنيين الذين قُدر لهم أن يقعوا في قبضتها.

من المؤكد أن إسرائيل ليست مسؤولة عن الأخطاء الفلسطينية. فإذا كانت حماس خطأ فلسطينيا فقد كان الأولى بالفلسطينيين أن يصححوا ذلك الخطأ. غير أنها ترتكب خطأ جسيما حين تعاقب غزة رغبة منها في الانتقام من حماس. ذلك سلوك يغذي الإرهاب وينعشه.

وكما أرى فإن النظر إلى "حماس" كونها ظاهرة فلسطينية يخون الحقيقة. فتلك الحركة التي هي فرع من فروع جماعة الاخوان المسلمين قد وضعت نفسها في خدمة إيران وهو ما يجعل منها نموذجا واضح الملامح للإسلام السياسي في عبوره للطائفية. الامر الذي يؤكد أن إيران الشيعية كانت ولا تزال تدعم وتمول الجماعات الإرهابية السنية إسوة بالجماعات الإرهابية الشيعية. ذلك لأنها تستفيد منهما في تصدير مشروعها.

وعلى هذا الأساس فإن حماس هي واحدة من تجليات الوجود الإيراني في المنطقة. لذلك فإن الحاق الدمار مجددا بغزة لا يعني شيئا على مستوى الرغبة في إزالة حركة حماس من الخارطة. تلك الحركة ستظل موجودة ما دام النظام الإيراني قادرا على بث الروح فيها.

وإذا ما كانت إسرائيل قد عجزت عن القضاء على حركة حماس فما ذلك إلا لأنها تعاملت معها باعتبارها ابنة المكان الذي هي فيه. وذلك ليس صحيحا. فحماس لا تستمد أسباب حياتها من غزة. إنها ومنذ أن تأسست تتنفس هواء اصطناعيا. هي نتاج الدول التي رعتها ومولتها وحرصت على استمرارها. حماس هي بذرة شيطانية زُج بها في النضال الفلسطيني.

ما تفعله إسرائيل بغزة انتقاما من حماس هو فعل عبثي.

عن "ميدل إيست أونلاين"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية