من كان أول وزير داخلية سعودي يكشف حقيقة جماعة "الإخوان"؟

الإخوان المسلمون

من كان أول وزير داخلية سعودي يكشف حقيقة جماعة "الإخوان"؟


24/12/2018

عند التدقيق في تاريخ العلاقة بين المملكة العربية السعودية وجماعة "الإخوان المسلمين" نجد أن علاقة الحذر كانت قائمة من جانب الرياض تجاه الجماعة منذ فترة بعيدة، وليست وليدة الأعوام الأخيرة، كما يظنّ كثيرون، ممن يربطون ابتداء حالة الخصومة الشديدة بين الطرفين مع عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، أو في أواخر عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز.

جماعة الإخوان المسلمين أيدت غزو صدام حسين للكويت، ووقفت معه في حرب الخليج الثانية ضد السعودية

فلطالما كانت السلطات السعودية حذرة في تعاملها مع جماعة "الإخوان المسلمين" منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، ولم يسمح لها بتأسيس هيئة أو أفرع لمكتب الإرشاد داخل السعودية، ولكن المملكة راعت الظروف التي دفعت أعضاء وقيادات الجماعة للهرب من بلدانهم، وآوتهم ووفرت لهم فرصاً وظيفية وقدمت لهم معاملة حسنة وحياة كريمة، إلا أنهم لم يحفظوا ذلك، وهو ما تجلى في عهد الملك فهد، رحمه الله، حين أيدوا غزو صدام حسين للكويت، ووقفوا معه في حرب الخليج الثانية ضد السعودية وتبعتهم في ذلك التأييد غالبية أفرع الجماعة في البلدان العربية، كما أوردت صحيفة "عكاظ" السعودية في تقرير مطوّل نشرته أمس.
وزير الداخلية الراحل، الأمير نايف بن عبدالعزيز

أول وزير داخلية سعودي يقول الكلمة الفصل في "الإخوان"
وقالت الصحيفة إنّ ملابسات حرب الخليج الثانية، كشفت عن موقف القيادة السعودية من جماعة "الإخوان المسلمين" ورؤيتها تجاهها، وتجلى ذلك في تصريحات وزير الداخلية الراحل، الأمير نايف بن عبدالعزيز، خلال حواره مع صحيفة "السياسة" الكويتية، في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2002، الذي كان بمنزلة الكلمة الفصل في موقف السلطات السعودية من جماعة "الإخوان"، إذ قال رحمه الله: "جماعة الإخوان المسلمين أصل البلاء. كل مشاكلنا وإفرازاتنا جاءت من جماعة الإخوان المسلمين، فهم الذين خلقوا هذه التيارات وأشاعوا هذه الأفكار. لجأوا إلى السعودية فتحملتهم، وحفظت محارمهم وجعلتهم آمنين".

اقرأ أيضاً: تحولات الإخوان المسلمين: تفكك الأيديولوجيا ونهاية التنظيم
وأوضح الأمير السعودي أن "أحد الإخوان البارزين أقام 40 سنة عندنا، وتجنس بالجنسية السعودية، وعندما سئل عن مثله الأعلى قال: حسن البنا". وحول الغزو العراقي للكويت، قال الأمير نايف: "جاءنا عبدالرحمن خليفة (المراقب الأسبق للإخوان في الأردن) وراشد الغنوشي (زعيم حزب النهضة التونسي) و(الإخواني اليمني) عبد المجيد الزنداني، فسألناهم: هل تقبلون بغزو دولة لدولة واقتلاع شعبها؟ فقالوا: نحن أتينا للاستماع وأخذ الآراء"، وأكمل الوزير: "بعد وصول الوفد الإسلامي إلى العراق، فاجأنا ببيان يؤيد الغزو!!".

البيان الرسمي بتجريم "الإخوان"
وتضيف "عكاظ" أنه بالرغم من استشعار الأخطار الآتية من جماعة "الإخوان" منذ وقت مبكر، فإن السلطات السعودية ظلت تتعامل مع الجماعة بحكمة ورويّة، ولم تتخذ إجراءات حاسمة لاجتثاث "الإخوان"، ولكن حدثت متغيرات خطيرة في سلوك الجماعة بعد اندلاع أحداث "الربيع العربي" في 2011، وحينها خرج المنتمون لـ"الإخوان" بمواقفهم الداعية لزعزعة الاستقرار في المنطقة، مستغلين حالة الفوضى التي اندلعت في عدد من الدول العربية، وهو ما دفع وزارة الداخلية في عهد الملك عبدالله إلى إصدار بيان بتاريخ 7 آذار (مارس) 2014 استناداً إلى الأمر الملكي رقم (أ/‏‏44) الموافق لتاريخ 3/‏‏4/‏‏1435هـ، ويقضي بإدراج "جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة وجبهة النصرة وتنظيم داعش وحزب الله والحوثيين"، ضمن قائمتها للجماعات الإرهابية، واعتبر البيان أن كل تنظيم مشابه لهذه الجماعات تنظيم إرهابي، وشمل المرسوم اعتبار المشاركة أو الدعوة أو التحريض على القتال بالدول الأخرى عملاً إرهابياً، كما قضى المرسوم الملكي بتشكيل لجنة من وزارات وجهات رسمية عدة ، تكون مهمتها إعداد قائمة -تُحدّث دورياً- بالتيارات والجماعات المشار إليها.
التعليم السعودي وفكر "الإخوان"
وأوردت "عكاظ" في تقريرها أن من أبرز الإجراءات التي بدأت بها وزارة التعليم السعودية في السنوات الأخيرة في التصدي لفكر جماعة "الإخوان"، التعميم الصادر لجميع مديريات التعليم بالمملكة في أواخر عام 2015، وطالب بسحب 80 مؤلفاً لأعلام جماعة "الإخوان"، وعلى رأسها كتب حسن البنا وسيد قطب ويوسف القرضاوي وأبي الأعلى المودودي وعبدالقادر عودة ومصطفى السباعي، من جميع مكتبات المدارس السعودية، ووجه التعميم حينها بسرعة تسليم هذه الكتب إلى إدارات التعليم ومكاتبها في موعد أقصاه أسبوعان من تاريخ الخطاب.

وزارة التعليم السعودية استبعدت عدداً من منسوبيها لتأثرهم بأفكار جماعات محظورة ومصنفة إرهابية، منها جماعة "الإخوان المسلمين"

وأضافت الصحيفة السعودية أنه وبعد مرور عام على البيان السعودي التاريخي الذي صدر في آذار (مارس) 2017، ويُصنّف جماعة "الإخوان المسلمين" ضمن قائمة الجماعات الإرهابية، أكد وزير التعليم السعودي، الدكتور أحمد العيسى، في تصريح عبر الموقع الرسمي للوزارة بتاريخ 19 آذار (مارس) 2018، على مضي المملكة في اجتثاث فكر كل من ينتمي لفكر "الإخوان"، موضحاً أن هذا الفكر جاء بعد أن انخرط بعض رموز الجماعة، الذين هربوا من مصر في الستينات والسبعينات الميلادية من القرن الماضي، في التدريس بالتعليم العام والجامعي السعودي، وتأثر بهم بعض المسؤولين والمشرفين والمعلمين، وأسهموا في صياغة المناهج الشرعية، ونظموا النشاطات الطلابية وفق منهج الجماعة المنحرف، وأضاف العيسى أنه لم يتنبه الغيورون على الدين والوطن إلى خطر الجماعة إلا في وقت متأخر، حيث بدأت الجهود ولا تزال لتخليص النظام التعليمي من شوائب منهج الجماعة.

اقرأ أيضاً: كيف تسعى السعودية للتحرر من اختطاف "الإخوان" المناهج الدينية؟
وشرح وزير التعليم السعودي جهود الوزارة في محاربة الفكر المتطرف، وذلك من خلال إعادة صياغة المناهج الدراسية وتطوير الكتب المدرسية، وضمان خلوها من منهج جماعة "الإخوان" المحظورة، إضافة إلى إبعاد كل من يتعاطف مع الجماعة أو فكرها أو رموزها من أي منصب إشرافي أو من التدريس. وأشار العيسى إلى أن استئصال فكر الجماعة المتطرف يحتاج إلى جهد متواصل وإلى يقظة واهتمام من مسؤولي الوزارة كافة، نظراً لاختلاطه بغيره من المدارس الفكرية الإسلامية، وتخفي بعض المتعاطفين مع الجماعة.
ولفتت "عكاظ" إلى أن وزارة التعليم السعودية استبعدت خلال العام الحالي عدداً من منسوبيها من معلمين وأعضاء هيئة تدريس في الجامعات، لتأثرهم بأفكار جماعات محظورة ومصنفة إرهابية، منها جماعة "الإخوان المسلمين" وغيرها.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية