ما حدود "السياديّ" و"الفني" بشأن "المنطقة المحايدة" بين الكويت والسعودية؟

الكويت والسعودية

ما حدود "السياديّ" و"الفني" بشأن "المنطقة المحايدة" بين الكويت والسعودية؟


07/10/2018

ثمة تفاؤل سعودي-كويتي بإعادة تشغيل حقول النفط المشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت. وقد كان لافتاً للنظر أن الصحف الكويتية اليومية نشرت جميع ما ورد على لسان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في مقابلته الأخيرة مع "بلومبيرغ"، بخصوص كلامه عن إعادة تنشيط الإنتاج النفطي في "المنطقة المحايدة"، ما يعني أنه ليس هناك خلافات سياسية بين البلدين الجارين تحول دون ذلك، ومن ثمّ فإن الحديث عن "السيادة"، هو بلا ريب حديث ذو حساسية مُعتبرة تتعلق بالأسس الدستورية الراسخة في دولة الكويت، وهذه مسألة تستدعي الهدوء في معالجتها وإدارتها، وليس مطروحاً هنا الاستعجال في هذا الشأن على الإطلاق، أيْ أنها ليست مسألة فنية تخضع لشروط الاستعجال؛ تحت دواعي العرض والطلب في السوق النفطية أو الاستثمارية، وهو ما يدركه الطرف السعودي.

زيارة محمد بن سلمان الكويت

ولدى سؤاله من قِبل "بلومبيرغ" عن زيارته الأخيرة إلى دولة الكويت، وكيف سارت الأمور بشأن إعادة تنشيط الإنتاج في المنطقة المشتركة أو المحايدة، في ظل كلام الخبراء أن تلك المنطقة التي تضم حقلي "الخفجي" و"الوفرة" من شأنها توفير ما بين (500-700) ألف برميل نفط يومياً، قال الأمير محمد بن سلمان عن ذلك: "في الواقع إنّ الـ 1.3 مليون برميل يوميًا تمثلُ مخزونًا (إضافياً) نملكه نحن الآن، من دون تلك الفرصة في الكويت. ونحن نعتقد أننا نقترب من تحقيق شيءٍ مع الكويت. هناك فقط بعض المسائل التي كانت عالقة خلال الـ50 عاماً الماضية. والجانب الكويتي يريد حلَّها الآن، قبل أن نستمر في الإنتاج في تلك المنطقة".

مساعٍ للحصول على اتفاق لاستمرار الإنتاج للأعوام الـ5 إلى الـ10 المقبلة

وأضاف الأمير السعودي: "الأمور العالقة هي جزء من مسائل ذات علاقة بالسيادة، لم يتم حلّها بين المملكة والكويت خلال الـ50 عاماً الماضية، وهم يريدون حلَّها الآن قبل أن نستمر في الإنتاج من تلك المنطقة، ونحن نعتقد أنّ مسألة عالقة منذ 50 عاماً يكاد يكون من المستحيل حلُّها في أسابيع قليلة. لذا فنحن نعمل للحصول على اتفاق مع الكويتيين لكي نستمر في الإنتاج للأعوام الـ5 إلى الـ10 المقبلة وفي الوقت ذاته نعمل على حلِّ مسائل السيادة".

النشوان: الرياض والكويت قد قطعتا شوطاً كبيراً في حل المسائل الحدودية فيما بينهما على مدار الأعوام الماضية

وفي حديث لتلفزيون "بي بي سي" أمس أكد من الكويت أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور فايز النشوان، أنه لا خلافات سياسية بين الكويت والسعودية، وأن زيارة الأمير محمد بن سلمان الأخيرة إلى الكويت كانت ناجحة، ولذا فإن من المرجح أن يتم تفكيك مسألة "السيادة" عن المسائل الفنية المتعلقة بالإنتاج في الخفجي.

وأوضح النشوان أن المسائل المتعلقة بالسيادة تستغرق وقتاً، وأن الرياض والكويت قد قطعتا شوطاً كبيراً في حل المسائل الحدودية فيما بينهما على مدار الأعوام الماضية، وكان أبرز حلقة في هذا الإطار ترسيم الحدود البحرية في العام 2000، وهي من أعقد المشكلات.

اقرأ أيضاً: زيارة وليّ العهد السعودي إلى الكويت: ملفات ساخنة على طاولة المباحثات

ولا يرى النشوان معضلة في متابعة ترسيم الحدود المشتركة عبر اتفاقية تتطلب، بالتأكيد، نقاشاً دستورياً كويتياً، يشمل منظومة كاملة من أطراف صناعة القرار في دولة الكويت، وعلى رأس ذلك البرلمان بالطبع، حتى لو كان القرار النهائي بيد أمير دولة الكويت، وفق ما أفاد النشوان، الذي كان يعلّق على مضمون ما ورد في مقابلة ولي العهد السعودي مع "بلومبيرغ"؛ حيث قال الأمير: "نحن جاهزون في المملكة العربية السعودية، والآن نعمل مع الكويتيين، ونعتقد أنه يمكننا الحصول على شيء ما قريبًا، نحن نحاول إقناع الكويتيين بالحديث حول مسائل السيادة، وفي الوقت ذاته نستمر في الإنتاج حتى نقوم بحلِّها"، وتابع محمد بن سلمان بتأكيد أن "القيادة الكويتية تريد فعلًا المضي قُدُمًا في ذلك، نحن نعتقد أن جزءًا منهم هناك يريدون التمسُّكَ بمسائل السيادة قبل المُضي قُدُمًا، والجزء الآخر في الكويت يؤيدون ما نحاول قوله، هو أمرٌ جيد للكويت والمملكة العربية السعودية، وأنا أعتقد أنها مسألة وقتٍ حتى يتم حلُّها".

الفالح: تفاؤل بإعادة تشغيل الحقول قريباً

وكان وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي، خالد الفالح، قد أعرب عن أمله بإعادة فتح الحقول المشتركة في المنطقة المحايدة مع الكويت، موضحاً أن جزءاً كبيراً من الطاقة الإنتاجية الفائضة المشتركة يمكن تشغيله خلال فترة وجيزة.

اقرأ أيضاً: محادثات كويتية-سعودية-إماراتية مع العراق حول ملف الطاقة.. ما الجديد؟

وشهد عام 2014، توقف إنتاج النفط في حقل "الخفجي" النفطي المشترك بين السعودية والكويت في المنطقة المحايدة على الحدود بين البلدين، لأسباب بيئية. ووصل إنتاج الحقل إلى ما بين 280 ألفاً و300 ألف برميل يومياً في تشرين الأول (أكتوبر) 2014. وأدارت الحقل "شركة عمليات الخفجي"، وهي مشروع مشترك بين "نفط الخليج" الكويتية و "أرامكو لأعمال الخليج" إحدى وحدات "أرامكو السعودية"، وفق ما ذكرت صحيفة "الحياة" أول من أمس. وبالنسبة إلى حقل الوفرة فقد أغلق في أيار (مايو) 2015، نظراً إلى عقبات تشغيلية، وتديره "شيفرون" النفطية الكبرى نيابة عن الحكومة السعودية.

شهد عام 2014، توقف إنتاج النفط في حقل "الخفجي" النفطي المشترك بين السعودية والكويت

ويأتي إعلان الفالح، تضيف "الحياة"، بعد تأكيده قبل أيام نية بلاده زيادة إنتاجها النفطي في تشرين الثاني (نوفمبر)، عن المستوى الذي سجلته في تشرين الأول (أكتوبر) البالغ 10.7 مليون برميل يومياً، في مسعى لتحقيق الاستقرار في الأسواق بالتعاون مع "منظمة الدول المصدرة للنفط" (أوبك) ومنتجين من خارجها في مقدمتهم روسيا.

يمكن لإعادة تشغيل الحقول المشتركة أن تزيد من الإنتاج النفطي العالمي، وتقلص مخاوف في شأن نقص المعروض

وقال الفالح خلال منتدى للطاقة في موسكو الخميس الماضي، إن السعودية تملك القدرة على زيادة إنتاجها من النفط، كما أن لدى "أوبك" القدرة على زيادة الإنتاج بنحو 1.3 مليون برميل يومياً، مشيراً إلى أن بلاده تخطط لاستثمار 20 مليار دولار لزيادة طاقتها الفائضة والحفاظ عليها.

ورأت "الحياة" أنه يمكن لإعادة تشغيل الحقول المشتركة أن تزيد من الإنتاج النفطي العالمي، وتقلص مخاوف في شأن نقص المعروض خصوصاً بعد إعادة فرض عقوبات أمريكية على إيران تستهدف القطاع النفطي في شكل مباشر، في مسعى من إدارة الرئيس دونالد ترامب لخفض واردات الدول من نفط إيران إلى الصفر.

قنوات تواصل سعودية مع روسيا

وأثارت العقوبات مخاوف من نقص في المعروض، ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط، وأثار ترامب ودفعه إلى مطالبة "أوبك" بخفض الأسعار. من جانبه قال الأمير محمد بن سلمان في مقابلته مع "بلومبيرغ" إن ارتفاع الأسعار ليس مرتبطاً بإيران.

واتفق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مع رأي ترامب في شأن الأسعار نهاية الأسبوع الماضي، معتبراً أنها مرتفعة، لكن الأول حمّل ترامب وتدخله في الأسواق، إضافة إلى العقوبات على إيران، مسؤولية ارتفاع الأسعار.

اقرأ أيضاً: هل تبخرتْ أموال بعض الكويتيين في إيران؟

ويأتي التعاون الروسي مع "أوبك" بالتوازي مع تعاون وثيق مع المملكة العربية السعودية، علماً أن الفالح أعلن وجود قنوات تواصل أسبوعي مع روسيا. ولفت الفالح الخميس الماضي إلى أن صادرات النفط السعودية إلى الولايات المتحدة تشهد زيادة كبيرة أخيراً، مشيراً إلى أن بعضهم سيجادل بأن سوق النفط متخمة بالمعروض، بحسب "الحياة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية