95 عاماً على تأسيس جماعة الإخوان... كيف أضحى بناء البنّا حطاماً؟

95 عاماً على تأسيس جماعة الإخوان... كيف أضحى بناء البنّا حطاماً؟

95 عاماً على تأسيس جماعة الإخوان... كيف أضحى بناء البنّا حطاماً؟


04/04/2023

بالتزامن مع ذكرى التأسيس الـ (95)، تبدو جماعة الإخوان المسلمين قد بلغت مرحلة متقدمة من العجز والضعف؛ نتيجة الانهيار التنظيمي المتفاقم بسبب الأزمة البنيوية التي يعيشها التنظيم لأعوام، وحالة التأزم السياسي أيضاً، التي تبعت سقوطه عن الحكم في عدد من الدول كانت بداية في مصر عام 2013، وتواصلت تباعاً في عدة دول، آخرها تونس.

هذا العام تزامنت ذكرى التأسيس في 22 آذار (مارس) الماضي، مع إعلان جبهة لندن اختيار صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد العام خلفاً لإبراهيم منير الذي توفي في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، على وقع احتدام غير مسبوق للصراع القيادي داخل التنظيم، فيما تشير كافة التقديرات إلى نهاية أفكاره وبنيته الهيكلية كنتيجة حتمية لأزمات التنظيم الراهنة، الأمر الذي دفع عدداً من قيادات التنظيم دعوة جبهتي لندن وإسطنبول لإجراء مراجعات سريعة وحّل أزمة الخلافات المتفاقمة، والنظر إلى الملفات العاجلة داخل الإخوان، وفي مقدمتها أزمة إخوان مصر.

مفارقة تاريخية

ضمن إحدى المفارقات التاريخية الشاهدة على تاريخ الإخوان العنيف، تتزامن ذكرى تأسيس التنظيم مع مقتل القاضي المصري أحمد الخازندار، الذي نفذ التنظيم الخاص للإخوان حادث اغتياله في 22 آذار (مارس) عام 1948، بعد نحو (20) عاماً على تأسيس التنظيم.

تزامنت ذكرى التأسيس في 22 آذار (مارس) الماضي، مع إعلان جبهة لندن اختيار صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد العام

يقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي، المنشق عن التنظيم، إٍسلام الكتاتني، لـ "حفريات": إنّ مقتل الخازندار، في ذكرى تأسيس الإخوان نفسها يُعدّ أحد أهم المفارقات التي تدلل على عنف التنظيم، رغم تبرّئه الدائم من التطرف والعنف، لكنّ الوقائع التاريخية هي خير دليل على سلوك ونهج جماعة الإخوان العنيف منذ نشأتها، وتدحض فكرة استحداث العنف من أجل صراعات جديدة، أو بدافع انتقامي، كما يدّعي قادتها مؤخراً، الأكيد أنّ العنف فكرة أصيلة ومترسخة داخل التنظيم.

كيف يتحرك الإخوان في الوقت الراهن؟

يرى الكتاتني أنّ جماعة الإخوان تعاني جملة من الأزمات في الوقت الراهن، يرتبط بعضها بحالة التقهقر التنظيمي في الدول العربية، وأيضاً التضييق على أفرع التنظيم في أوروبا، فضلاً عن احتدام الصراع الداخلي، الذي يشهد تصعيداً ملحوظاً منذ وفاة القائم بأعمال المرشد العام إبراهيم منير، وقد أثرت تلك الأزمات على إحداث حالة من الانهيار التنظيمي والتشويه الفكري لدى عناصر الإخوان.

لكنّ الجماعة تعمل في الوقت ذاته اعتماداً على عدة أذرع ما تزال نشطة، وتحاول تنفيذ أجندة التنظيم بشكل كبير، ويمكن اعتبارها، وفق الكتاتني، عوامل مؤثرة في تحديد المآلات المتوقعة لمستوى النشاط التنظيمي للإخوان داخلياً أو خارجياً، والتي توضح طبيعة الوضع القائم داخل الإخوان في الوقت الراهن.

إسلام الكتاتني: الجماعة تعاني جملة من الأزمات في الوقت الراهن، يرتبط بعضها بحالة التقهقر التنظيمي في الدول العربية، وأيضاً التضييق على أفرع التنظيم في أوروبا، فضلاً عن احتدام الصراع الداخلي، الذي يشهد تصعيداً ملحوظاً منذ وفاة  إبراهيم منير

أوّل تلك الأذرع التي تعتمد عليها جماعة الإخوان، وتشهد نشاطاً مكثفاً خلال الفترة الراهنة، هي مجموعة المنصات الإعلامية التي تملكها الجماعة، موزعة بين الفضائيات والمواقع الصحفية إضافة إلى اللجان الإلكترونية، ويمكن وصف الأخيرة بأنّها الأخطر باعتبارها أداة غير مباشرة لتأليب الرأي العام وحشد آراء مؤيدة للإخوان دون تواصل مباشر، وهو أسلوب اعتمدت عليه الجماعة بشكل كبير خلال الأعوام الماضية لكسر عزلتها الاجتماعية.

أيضاً يعتمد التنظيم، بحسب الكتاتني، على عدد من صانعي المحتوى عبر مختلف المنصات ومواقع التواصل الاجتماعي، من أجل نشر أفكاره من جهة، ومحاولة تشويه الأنظمة العربية وتحريض الشعوب على الحكام من جهة أخرى، وهو توجه جديد تستهدف منه الجماعة نشر إيديولوجيتها والتحريض ضد دول المنطقة العربية ومصر، وعادة لا تستخدم الجماعة عناصرها في هذا النوع من الدعاية، لكنّها تعتمد على واجهات أخرى، أيضاً بغرض كسر العزلة الاجتماعية والنبذ الشعبي الذي تراكم خلال الأعوام الماضية نتيجة ممارسة الإخوان.  

رهان على الحواضن البديلة

كما تحاول الجماعة توظيف منظمات حقوق الإنسان، ومؤسسات المجتمع الدولي التابعة لها، ومعظمها خارج مصر، لصياغة أجندة معادية للداخل المصري، وتأجيج بعض الملفات لدى الخارج، أبرزها ما يتعلق بانتهاكات التنظيم حول الملف الحقوقي.

الكتاتني: أهم الأذرع التي يعتمد عليها الإخوان، وتشهد نشاطاً مكثفاً خلال الفترة الراهنة، هي المنصات الإعلامية التي تملكها الجماعة

وتراهن جماعة الإخوان في الوقت الحالي، بحسب الكتاتني، على الحواضن الدولية مثل أوروبا وبعض الدول التي تقدم لهم رعاية، أو تمثل حواضن بديلة، ففي حين تتجه غالبية تلك الدول إلى تشديد الرقابة وفرض قيود صارمة على أنشطة الإخوان، إلا أنّ بعض العواصم تبدو حتى الآن حاضنة بشكل كبير لنشاط التنظيم، وتُعدّ تلك الحواضن عوامل ارتكاز قوية للإخوان يمكن أن تلعب دوراً محورياً في عودة نشاطهم.

ويقول الكتاتني: إنّ الجماعة تحاول التسلل للمشهد السياسي في مصر، بالاعتماد على  بعض حلفائها من عناصر التيار المدني داخل مصر، وهم بالفعل يكثفون الدعوات في الوقت الراهن، من أجل المصالحة أو التفاوض السياسي مع التنظيم، لكنّه أمر ترفضه الدولة المصرية بشكل قاطع.

ما السيناريوهات المتوقعة لمستقبل التنظيم؟

تبدو كافة السيناريوهات أمام مستقبل الإخوان ضبابية، خاصة في ضوء احتدام الصراع الداخلي وتمسك كل طرف برؤيته حول أحقيته منفرداً في قيادة الإخوان، وتتصارع (3) جماعات تدعي كلّ واحدة منها أنّها تقود التنظيم، بينما يتولى في الوقت الراهن قائمون بأعمال المرشد لا يعترف كلٌّ منهم بشرعية الآخر.

إلى ذلك، يقول إسلام الكتاتني: إنّ الصراع التنظيمي مستمر لفترة طويلة داخل الإخوان، وفيما تبدو جبهة لندن قوية، لكنّ محمود حسين يمتلك صلات تنظيمية، خصوصاً مع الداخل المصري، تجعله أكثر قوة في التحرك داخل الإخوان وأكثر قدرة على حسم الملفات العالقة، لذلك من المتوقع أن يتصاعد الصراع التنظيمي مستقبلاً في ضوء سيناريوهات مفتوحة للمواجهة بين الطرفين.

الكتاتني يحاول التنظيم الخروج من عنق الزجاجة، وتجاوز حالة الغضب الشعبي ضده، من خلال خلق حالة من التعاطف باستغلال بعض الظروف الراهنة في مصر أبرزها الأزمة الاقتصادية

وحول المحددات الحاكمة لمستقبل التنظيم، والتي يمكن من خلالها قراءة السيناريوهات المتوقعة لمستقبل الجماعة، يرى الكتاتني أنّها تتمثل: أوّلاً في وضع المجموعة القيادية في السجون، ويبدو المستقبل غامضاً فيما يتعلق بهم حتى الآن، وهم المجموعة الشرعية الوحيدة المتفق عليها من جانب كافة الجبهات المتناحرة داخل التنظيم، ويمكنهم حسم الصراع.

وثانياً: مدى تعامل السلطات المصرية مع التنظيم مستقبلاً، خاصة أنّ الجماعة قد كثفت دعواتها بشكل مباشر أو غير مباشر خلال الفترة الماضية للتصالح مع الدولة المصرية، لكنّ الأمر تم رفضه بشكل قاطع من جانب مصر التي تضع التنظيم على قوائم الإرهاب.  

ويظلّ مستقبل الإخوان، وفق الباحث المصري، مرهوناً بالحاضن الغربي، وإمكانية العودة لتوظيف أذرع الإخوان مجدداً لخدمة مصالح بعض الدول في المنطقة العربية.

ذلك فضلاً عن محاولات التنظيم لكسر العزلة الشعبية، وبحسب الكتاتني يحاول التنظيم الخروج من عنق الزجاجة، وتجاوز حالة الغضب الشعبي ضده، من خلال خلق حالة من التعاطف باستغلال بعض الظروف الراهنة في مصر، أبرزها الأزمة الاقتصادية، فضلاً عن محاولات التنظيم أيضاً توظيف الملف الحقوقي لحصد تعاطف شعبي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية