ألقت مناسبة دينية في إيران بظلالها على المملكة الأردنية الهاشمية، لأنّها مرتبطة بأحد صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، الذي يتواجد مقامه في إحدى المناطق الجنوبية في المملكة الأردنية.
ووفق ما صرح الباحث في "وحدة الدراسات الإيرانية" في (مركز الإمارات للسياسات) الدكتور محمد الزغول، فإنّ عقد مؤتمر دولي حول الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب (جعفر الطيار) في طهران أمس برعاية مباشرة من القائد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران؛ علي خامنئي، الذي ألقى خطاباً في نهاية المؤتمر حول ضرورة الترويج للصحابي الجليل جعفر الطيار، وتبيين أهميته، وتضحيته، ومكانته في التراث الإسلامي الشيعي، عبر جهد ثقافي كبير: مرئي، ومسموع، ومكتوب، في هذا الظرف التاريخي، ليس جهداً ثقافياً بريئاً، وليس صحوة من بعد غفلة عن أهمية ومكانة الصحابي الجليل، إنّما هو جزء رئيس من رؤية إيران للمرحلة القادمة من مشروعها للتوسع الإقليمي، ومحاولتها اختراق الجدار العربي في الأردن.
وأضاف الزغول أنّ المؤتمر جزء من صناعة شرعية موهومة للتدخل، والنفوذ عبر صناعة (أماكن مقدسة، وتكريس رموز دينية) تسوغ الحضور الإيراني مستقبلاً لحمايتها والذود عنها، وهو أمر شهدنا مثله في سوريا والعراق واليمن من قبل.
مقام الصحابي الجليل جعفر الطيار في بلدة المزار الجنوبي في محافظة الكرك الأردنية كان موضوعاً لحوارات وسجالات طويلة بين الأردن وإيران.
وأكد الباحث الأردني أنّه تحدث عن هذا المشروع وأبعاده الجديدة والمتجددة في الكتاب الصادر عن المركز )حوز الزمرة ؛ الحياة في منطقة الميليشيات)، وشرح ملامح المرحلة الثانية من مشروع دوائر الثورة الإيرانية للهيمنة الإقليمية، والتي تستهدف مساحات جديدة من الجغرافيا السياسية للمنطقة، استناداً إلى روافع اجتماعية وسياسية وثقافية ودينية مختلفة جزئياً عن تلك التي استخدمت في المرحلة الأولى.
وتابع الزغول: "إنّ مقام الصحابي الجليل جعفر الطيار في بلدة المزار الجنوبي في محافظة الكرك الأردنية كان موضوعاً لحوارات وسجالات طويلة بين الأردن وإيران، تخللتها محاولات إيرانية عديدة بمداخيل اقتصادية وسياحية ودبلوماسية لتحويل المقام إلى واحد من أهم المزارات الشيعية في المنطقة، وتسيير السياحة الدينية الإيرانية إليه، وهو أمر لطالما حذرنا منه كخبراء وباحثين في الشأن الإيراني، ليس انطلاقاً من معطيات إيديولوجية ومذهبية، بل تأسيساً على فهم عميق لطبيعة المشروع الإيراني وأدواته واستراتيجياته التي لا نبالغ في وصفها ولا نقلل من شأنها".
ودعا الباحث في "وحدة الدراسات الإيرانية" في (مركز الإمارات للسياسات) إلى الانتباه والحذر من هذه الأبعاد غير الدينية وغير المذهبية، وتكريس وعي نخبوي ومجتمعي وإعلامي بها، بالرغم من إدراكنا لصلابة الوعي الرسمي الأردني، وإحاطته الكاملة بكل هذه الأبعاد.