فيصل أحمد
هناك، لا صوت يعلو فوق صوت الموسيقى. وكأن مهمة هذا المكان الشهير باسم سوق الحِلّة الشعبي، وسط العاصمة الرياض، هو نشر الفرح .
منذ سنوات، أصبح ملاذاً يقصده كبار الفنانين، والهواة، وأولئك الذين شغفتهم الموسيقى، كما هو عنوان رئيسي للساعين إلى شراء آلات موسيقية.
يقع سوق الموسيقى تحديداً في حي العود الشعبي، في عاصمة باتت مترامية الأطراف. ولم يعرف هذا السوق تحسينات كثيرة على مر السنين. وتذهب أكثر الروايات إلى أن عمره يتجاوز 30 عاماً.
سوق الموسيقى.. مفارقات
التوغل في جغرافيا ذلك المكان الكائن في حي شعبي قديم، يجبرك على التساؤل كيف لحي الفرح أن يجاور أسوار العدم؟ فآلات الموسيقى التي تعرض نفسها في الواجهات تجاور أشهر مقابر العاصمة المعروفة بمقبرة العود، في مشهد سريالي لافت. وبين السوق والمدافن، 5 دقائق بالسيارة، بحسب "خرائط غوغل"، وسفر لا ينتهي في الزمن.
تختلط في الحي أصوات الفرح وخطى باعة وزوار وفنانين وهواة وسياح تختلف ألوانهم ومشاربهم، في مشهد يضفي غنى على المكان.
وفي يوم حار، زار "النهار العربي" السوق الشهير، وقصد تلك العمارة السكنية القديمة التي تنتشر فيها محال بيع الآلات الموسيقية.
تفاوت عدد الزوار بين محل وآخر، وقصد البعض المكان لا للشراء أو الفرجة فحسب، بل أيضاً لتلقي دروس في العزف على العود والبيانو.
ومع حلول المساء، ازدحمت السوق، وكان لافتاً حضور نساء أبدين اهتماماً لافتاً بالآلات.
ويتذكر أحمد الهويشل، الستيني، الذي أمضى ما يربو على ثلاثة عقود في هذا السوق، تاريخ تلك المتاجر الموسيقية وتفاصيلها.
وكان يسرد الهويشل قصة الحي ويتذكر أنه يتردد على هذا السوق منذ عام 1404 هجرية، ما أتاح له فرصة لقاء عدد لا بأس به من الفنانين مثل: طاهر الأحسائي، وفهد بن سعيد، وحمد الطيار، والمغني عزازي، والموسيقار الشهير عبد الرب إدريس والمطرب المعروف بشير شنان.
انتعاش يقابله ركود
ويقول الرجل الذي كسا شعره البياض إن "بعض الزوار يقصدون السوق للتنزه فحسب، والتعرف إلى تفاصيل آلات الطرب"، مقراً بأن الحركة تنتعش في المجمع في فترات يقابلها ركود أحياناً أخرى.
يُقدّر الرجل المهتم في النوادر الموسيقية التراثية عدد محال الموسيقى داخل العمارة القديمة بنحو 20 وربما أقل.
وفي السابق كان هناك نحو 50 متجراً لبيع الآلات والأجهزة الموسيقية، لكنها اندثرت، بسبب انتقال أصحابها إلى مجمعات تجارية حديثة، وخصوصاً في شمالي العاصمة وشرقها.
لا نهاية "للعود"
يبدو العود سيد السوق وله النصيب الأكبر في العرض والطلب على ما يبدو. ويقول الهويشيل: "تتوافر في سوق الموسيقى أنواع الأعواد كافة، سواء القديمة أو الجديدة".
وتتنوع الأعواد المتوافرة في السوق ما بين السورية المعروفة بـ"الزرياب"، والمصرية التي تتراوح أسعارها بين 400 و600 ريال سعودي.
ويلفت البائع إلى أن هناك أنواعاً أخرى من الأعواد تتراوح قيمتها بين 1200 و6000ريال سعودي، في إشارة إلى الأنواع الكثيرة المتوافرة. ويكشف أن ثمة أعواداً عمرها ما بين 20 و30 سنة، الا أنها ليست معروضة للبيع.
الكمان الصيني ينتشر والألماني لا وجود له
وتعرض في السوق أيضاً آلات "الكمان"، ومعظمها من النوع الصيني، فيما تفتقد تلك المحال الأنواع الألمانية، بسبب ارتفاع أسعارها، إذ تصل نحو 3000 ريال.
عن "النهار العربي"