يوم الشهيد: الإمارات تشعل قناديل الفخر بأبنائها البواسل

يوم الشهيد: الإمارات تشعل قناديل الفخر بأبنائها البواسل


30/11/2021

"ورأيت الشهداء واقفين، كلٌ على نجمته، سعداء بما قدّموا للموتى الأحياء من أمل، ورأيتَ رأيت رأيت بلاداً يلبسها الشهداء ويرتفعون بها، أعلى منها وحياً وحياً، ويعودون بها خضراءَ وزرقاء، وقاسيةً في تربية سلالتهم: موتوا لأعيش! فلا يعتذرون ولا ينسون وصاياهم لسلالتهم: أنتم غَدُنا، فاحيَوا كي نحيا فيكم". بهذه الكلمات يرصّع الشاعر محمود درويش جبين الشهداء، ويزرعهم فوق ذرى المجد.

في الثلاثين من تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام تحيي الإمارات "يوم الشهيد"، وتشعل قناديل الفخر بأبنائها الذين قدموا أرواحهم كي تحيا البلاد، وكي يظل البيت متوحداً عصياً على الطامعين والغزاة.

أول شهيد

ويتزامن يوم الشهيد مــع تاريخ استشهاد أول جندي إماراتي، وهو البطل، ســالم سهيل بن خميــس، في 30 نوفمبر عام 1971، في معركة طنب الكبرى ضد القوات الإيرانية، وكان يتبع الإدارة العامة لشرطة رأس الخيمة، وهو أول شـهداء الإمارات، وتخليداً لهذه الذكرى أمر سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بإنشاء ساحة ونصب الشهداء في حرم المدينة الجامعية بالشارقة، كما أمر بتسمية الشارع الخلفي للمدينة الجامعية بـ"شارع الشهداء".

أول شهيد إماراتي هو البطل سالم سهيل بن خميس الذي استشهد في 30 نوفمبر 1971

ويتكون النصب، كما ذكر موقع المدينة الجامعية بالشارقة، من 10 مستويات ارتفاع كل مستوى متر بإجمالي 10 أمتار، المستوى الأول هو القاعدة الغرانيتية للعمود بمساحة 706 أمتار مربعة، والمستوى الأخير القبة المستقرة مكونة من أقواس على شكل ثماني المصبوب مع طلاء باللون الذهبي. يتوسط النصب ألواح ألمنيوم مطلية باللون الذهبي معلقة بها قطع مكعبة بأبعاد 20 في 20 في 30 سم لكل قطعة، محفور بكل قطعة كلمة من كلمات الآية الكريمة "ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً، بل أحياء عند ربهم يرزقون"، وتزن كل قطعة 2.5 كغم، ويعلق في كل مستوى من 60 إلى 70 قطعة.

يتزامن يوم الشهيد مــع تاريخ استشهاد أول جندي إماراتي، وهو البطل، ســالم سهيل بن خميــس، في 30 نوفمبر عام 1971، في معركة طنب الكبرى ضد القوات الإيرانية

وقدمت دولة الإمارات على مدى السنوات الماضية عدداً من أبنائها الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة من أجل نصرة الوطن، ونصرة الحق، في حروب ومواجهات مختلفة خاضتها القوات المسلحة الإماراتية مثل: "حرب لبنان" عامي 1976 و1977، وحرب "تحرير الكويت" عام 1991، كما شاركت الإمارات ضمن قوات حفظ السلام "إعادة الأمل" في الصومال عام 1992، وصولاً إلى مشاركتها المشرّفة ضمن قوات التحالف العربي في اليمن لمساندة الشرعية.

واحة الكرامة

وفي 30 نوفمبر 2016، تم افتتاح "واحة الكرامة" في أبوظبي لتكون صرحاً يجسّد أسمى معاني الفخر والاعتزاز بالبطولات المشرّفة لشهداء الوطن، وعرفاناً لما قدموه من تضحيات وبذل، في سبيل الحفاظ على أمن الوطن وكرامته.

ساحة ونصب الشهداء في حرم المدينة الجامعية بالشارقة

وذكر الموقع الإلكتروني لـ"واحة الكرامة" بأنه "انطلاقاً من حرص صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة "حفظه الله"، وانطلاقاً من رؤيته الفذة، بتخليد ذكرى شهداء الوطن الأبرار الذين جادوا بأرواحهم الطاهرة تأدية للواجب الوطني، أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإنشاء واحة الكرامة التي تم افتتاحها رسمياً في 30 نوفمبر 2016، كصرح يجسد أسمى معاني الفخر والاعتزاز بالبطولات المشرفة لشهداء الوطن، وعرفاناً لما قدموه من تضحيات وبذل، في سبيل الحفاظ على أمن الوطن وكرامته، وحمايةً لمكتسباته ومنجزاته".

اقرأ أيضاً: يوم الشهيد... الإمارات تستذكر تضحيات شهدائها وتخلد جهودها لنشر السلام

يتولى مكتب شؤون أسر الشهداء بديوان ولي عهد أبوظبي إدارة واحة الكرامة والإشراف عليها ومتابعة الخطط والبرامج اللازمة بالتنسيق مع الجهات والمؤسسات المعنية في الدولة لتشييد هذا المعلم الوطني.

 وتعد واحة الكرامة الوجهة الأمثل التي تعنى بتعريف الجمهور بالشهداء من خلال التجول في أرجائها واكتشاف القصص البطولية خلف استشهاد بواسل الإمارات، حيث تتربع على مساحة 46 ألف متر مربع، وتشمل محطات داخلية وخارجية ممتدة على طول الواحة. وتضم على امتدادها أربعة أجزاء، أبرزها "ميدان الفخر" ويحتل المساحة الأكبر من المكان، التي تبلغ نحو 4000 متر مربع. ويحاط به من كل الأطراف مدرجات تتسع إلى 1200 شخص، ويتميز الميدان بوجود مساحة مائية انعكاسية تقع في المنتصف، تتخذ شكلاً دائرياً يصل عمقها إلى 15 ملم، حيث تجمع انعكاس كل من نصب الشهيد وجامع الشيخ زايد الكبير، الذي يقع في الجهة المقابلة لواحة الكرامة، في صورة واحدة محاذية لنصب الشهيد، لتعطي منظراً خلاباً.

نصب الشهيد

ويشكل "نصب الشهيد" الجزء الأهم في واحة الكرامة، وقام بتصميمه الفنان البريطاني إدريس خان، حيث يتكون النصب من 31 لوحاً من الألواح المكسوة بالألمنيوم يستند كل منها إلى الآخر في دلالة تصويرية وفعلية ترمز إلى أسمى معاني الوحدة والتلاحم والتكاتف بين القيادة والشعب. كما تتميز تلك الألواح بنقوش ومقتطفات شعرية وأقوال حكيمة لقادة دولة الإمارات، كتبت لتسطّر بسالة وشهامة شهداء الوطن البواسل. وتمتزج الأبيات الشعرية والاقتباسات بمشاعر من الفخر والاعتزاز نقشت على جميع ألواح نصب الشهيد، منها مقتطفات شعرية للمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في اللوحين الأماميين للنصب، بينما تحمل بقية الألواح نقوشاً لقصائد وأقوال لسمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، إلى جانب اقتباسات من سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

عملت الإمارات على تنفيذ إستراتيجية لدعم أسر الشهداء من 4 محاور، شملت دعم الاستقرار الأسري عبر برامج الإسكان، وتعزيز الخدمات التعليمية لأبناء الشهداء وتوفير الرعاية الصحية والدعم الاجتماعي

وفي نهاية الألواح يقع لوح أفقي تستند إليه كل الأعمدة، يسمى لوح القسم، الذي يرمز إلى جنود الوطن، بحيث يعكس العلاقة التضامنية بين القيادة والشعب وحُماة الوطن، كما يميز اللوح وجود قسم الولاء التابع للقوات المسلحة لدولة الإمارات، محفوراً على امتداده.

ويمثل "جناح الشرف" آخر محطات واحة الكرامة، الذي نقشت على يمينه سورة الفاتحة، ويغطى سقف الجناح بثمانية ألواح، سبعة منها ترمز إلى إمارات الدولة السبعة. بينما يمثل اللوح الثامن شهداء الإمارات. وتم نقش جزء من سورة آل عمران في الألواح العليا للجناح. ويحتوي على جميع أسماء الشهداء، منقوشة على ألواح شكلت من قطع هياكل الأليات الحربية التابعة للقوات المسلحة الإماراتية، استخدمت في مهمات سابقة، وتمت إعادة تدويرها بطريقة مبتكرة.

إستراتيجية من 4 محاور

وعملت الإمارات على تنفيذ إستراتيجية متكاملة لدعم وتلبية متطلبات توفير الحياة الكريمة لأسر الشهداء تضمنت 4 محاور أساسية، شملت دعم الاستقرار الأسري عبر برامج الإسكان وتوفير المنازل، وتعزيز الخدمات المقدمة لأبناء الشهداء في قطاع التعليم ومتابعة تحصيلهم العلمي، إضافة إلى توفير الرعاية الصحية الشاملة والتي تتضمن مبادرات خاصة بأصحاب الهمم لا سيما في فترة جائحة "كوفيد – 19، ومنظومة متكاملة من مبادرات الدعم الاجتماعي ومبادرات تنمية المهارات الحياتية والعلمية والثقافية والرياضية، كما أفاد الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية والتعاون الدولي.

"واحة الكرامة" في أبوظبي تروي القصص البطولية لبواسل الإمارات

ويتولى مكتب شؤون أسر الشهداء في ديوان ولي عهد أبوظبي الإشراف على تلك المبادرات وفق مسارين، يعنى المسار الأول بمتابعة ودراسة احتياجات ومتطلبات الأسر وأبناء الشهداء، فيما تضمن المسار الثاني تبني واعتماد المبادرات والمشاريع النوعية والإشراف على تنفيذها.

وعمل مكتب شؤون أسر الشهداء على مأسسة الخدمات المقدمة للأسر، وترجمة توجيهات القيادة الرشيدة عبر تقديم منظومة من برامج الدعم والرعاية في إطار مؤسسي.

وتفصيلاً، شكل ضمان الاستقرار الأسري والاجتماعي لأبناء الشهداء وذويهم أحد أبرز أولويات الدعم، حيث حرص مكتب شؤون أسر الشهداء على متابعة مراحل إنجاز المنازل والتواصل الدوري والمباشر مع مستحقيها لإجراء الترتيبات المتعلقة بتسليمهم هذه البيوت في أسرع وقت ممكن.

أقرأ أيضاً: يوم الشهيد يعيد إلى الأذهان بطولات الإمارات... هؤلاء هم من سطروا آيات الفخر والاعتزاز

وعلى مستوى القطاع التعليمي، تضمنت منظومة الدعم، التي سعت لضمان مستقبل أبناء الشهداء، توفير البيئة الدراسية المناسبة التي تتيح لهم التفوق في تحصيلهم، وتوفير الفرص المناسبة لهم ليكونوا قادة متميزين في المستقبل.

وأطلق المكتب برنامج الإرشاد والتوجيه المهني "خطوات" مستهدفاً الطلبة المتفوقين دراسياً من أبناء الشهداء لاكتشاف الخيارات المتعلقة بمسارهم المهني المستقبلي، حيث يتضمن البرنامج دورات وورش عمل ومحاضرات تهدف إلى تزويدهم بالمهارات اللازمة والأسس العلمية الصحيحة، لتمكينهم من تجاوز التحديات وتحقيق أهدافهم وطموحاتهم.

وفي السياق ذاته، شكلت صحة وسلامة أسر الشهداء وذويهم أولوية خاصة لدى مكتب شؤون أسر الشهداء الذي حرص على متابعة كل ما يتعلق بشؤونهم الصحية لاسيما فئات كبار السن وأصحاب الهمم.

وأطلق المكتب مبادرة مخيمات أبناء الفخر التي تعد مبادرة نوعية موجهة لأبناء الشهداء بهدف تنمية القدرات والعلاقات الاجتماعية، وتحمل المسؤولية لدى المشاركين عن طريق اشتراك الفرد مع زملائه في النشاطات المتعددة وتعاونه معهم على إنجاز مختلف الأعمال، بالإضافة إلى تزويدهم بمعلومات وخبرات جديدة توسع مداركهم وثقافاتهم وآفاق تفكيرهم.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية