هل يغدو إنهاء الانقسام الفلسطيني مهمة مستحيلة؟

هل يغدو إنهاء الانقسام الفلسطيني مهمة مستحيلة؟

هل يغدو إنهاء الانقسام الفلسطيني مهمة مستحيلة؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
22/08/2023

لا يعوّل الفلسطينيون وبخاصة سكان قطاع غزة على أيّ أمال مرتقبة تنهي حالة الانقسام الفلسطينيّ، الذي أثر سلباً على واقع المواطنين اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً، بعد أن وصل السكان إلى مستوى قياسي من الإحباط والتذمر، نتيجة عجز المستوى السّياسي عن الخروج من مأزق الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية ولم الشمل الفلسطينيّ.
وفشلت وساطات العديد من الدول العربية والدولية، في إحداث اختراق بملف الانقسام المتواصل منذ أكثر من 16 عاماً على التوالي، حيث اسّتضافت السعودية ومصر والجزائر وتركيا وروسيا وغيرها من الدول طرفي الانقسام حماس وفتح، من أجل محاولة تخطي العقبات وتحقيق الوحدة الفلسطينية، إلا أنّ جميع هذه المحاولات باءت بالفشل، وخيّم بذلك الاحباط على الفلسطينيين نتيجة تعثر جميع المحاولات. 
وفي تعقيب حركة حماس على استمرار الانقسام وفشل محاولات تحقيق الوحدة الوطنية، صرح رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل خلال مقابلة صحافية قائلاً: لا يوجد أسباب حقيقة للانقسام الفلسطينيّ سوى التنافس على القيّادة، ليس فقط في فلسطين وإنّما في العالم العربي، مضيفاً إسرائيل لا تريد أن تعطينا دولة، في حين أننّا متفقون على الأقل على دولة بحدود عام 1967، ومتفقون على القدس وعلى حق العودة، وإسرائيل لا تريد لنا ذلك، متسائلاً: لماذا إذاً نختلف وندخل في حالة انقسّام حقيقي من أجل التنافس على القيادة؟
غزة تدفع الثمن
أما رئيس مكتب العلاقات الدوليّة بحركة حماس موسى أبو مرزوق فقال، إنّ حركة حماس لا تسعى لإنّشاء دولة في قطاع غزة، مؤكداً رفضها عرضاً أمريكياً بهذا الخصوص، لافتاً إلى أنّ قطاع غزة الآن يدفع الثمن من أجل الحفاظ على الضفة الغربية، في حين ممارسات السلطة الفلسطينية تجهض أي حلول لمشكلات قطاع غزة، موضحاً أنّ  مشاكلنا سهلة الحل لكن السطلة تعترض على كل حل تقدمه حماس.
أما على صعيد حركة فتح، فتتهم حركة حماس بالتهرب من استحقاقات المصالحة، وافشال كل المحاولات التي تبذلها جهات محليّة وعربية لتحرك الملف، ويعود ذلك إلى أطماع حماس واستفادتها من الانقسام، بعد أنّ انفتحت على العالم الخارجيّ، وأقامت علاقات على حساب السلطة الفلسطينية مع بعض الدول الإقليمية.

مشعل: لا يوجد أسباب حقيقة للانقسام الفلسطينيّ سوى التنافس على القيّادة
ووفق سّياسيين فإنّ أيّ مصالحة بين الطرفين لن تعيد الأمور الى ما كانت عليه قبل سّيطرة حماس على القطاع، وفي حقيقة الأمر كان انقلاب حماس على السلطة الفلسطينية مجرد حلقة من مخطط بدأ التفكير به إسرائيلياً قبل ذلك، ولهذا السبب فإنّ كل جولات المصالحة لإنّهاء الانقسام كانت تفشل، بسبب اقتصارها على حركتي فتح وحماس ووجود شكلي لبقية الفصائل، وغياب الفاعلين الأساسيين للانقسام، إضافة إلى عرقلة إسرائيل جهود السلطة في التوجه لإنهاء الانقسام.
غياب الثقة
وفي تعقيه على ذلك يقول الكاتب والمحلل السّياسي الدكتور جهاد ملكة إنّ "الفشل المتكرر لجهود المصالحة الفلسطينية يعود لعدة أسباب هو غياب الثقة بين كل من فتح وحماس اللتين تمثلان طرفيّ الانقسام، وهما مستفيدتان من الانقسام نفسه، ففي رام الله هناك فئة استفادت من الانقسام بأنّ ارتاحت من أعباء إدارة  قطاع غزة، بسبب تعقيد مشاكله ما بين فقر وحصار وسلاح مقاومة، وأيضاّ هناك فئة في غزة لا تريد انهاء الانقسام، لأنّها استفادت منه وأصبحت من ذوات الرتب العالية والأموال والمشاريع، وهذا خلق عدم توفر إرادة سياسية لدى طرفي الانقسام". 

سكان قطاع غزة نظموا حراك بدنا نعيش، وذلك نتيجة تردي أوضاع السكان المعيشية بسبب استمرار الانقسام الفلسطيني وارتفاع معدلات الفقر


وأوضح في حديثه لـ"حفريات": "هناك تحديات كبيرة تواجهها القضية الفلسطينية، كما أنّ هناك ملفات معقدة يصعب حلها تؤدي إلى فشل جهود انهاء الانقسام، ويعد ملفا الأمن والمعابر من أبرز الملفات الشائكة، يليهما ملفات الموظفين والانتخابات العامة والمحلية وانتخابات المجلس الوطني، إضافة إلى انضمام حركة حماس لمنظمة التحرير".
وأضاف أنّ "تداعيات الانقسام الفلسطيني أثرت بشكل سلبي على مجمل مناحي الحياة السّياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، ويمكن وصفها بأنّها مدمرة لكل شيء في حياة الفلسطينيين، وأما من الناحية السّياسية ومع صعود اليمين الإسرائيلي، فقد أضعف الانقسام الموقف الفلسطيني، وقدم ذريعة إضافية لحكومة بنيامين نتنياهو الرافضة للرؤية الدولية للحل على أساس الدولتين، كما وعزز الفصل بين شطري الوطن بحجة وجود حماس في غزة".
ولفت إلى أنّ" الشعب الفلسطيني بات لا يعول على أي مبادرة أو جهود للمصالحة، بسبب التجارب الكثيرة والفاشلة التي مرت على الشعب الفلسطيني في موضوع المصالحة، فمنذ 17 عاماً جال الفلسطينيين معظم بلدان العالم في جولات للمصالحة، وقدمت عشرات المبادرات المحلية والإقليميّة، لذلك من غير المتوقع أنّ تنجح أيّ جهود مستقبلية، طالما لا يوجد هناك تغيرات أو تنازلات سياسية في هذا الملف".
جهات مستفيدة
من جهته، يقول رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الدكتور صلاح عبدالعاطي إنّ "المصالحة الفلسطينية باتت أمراً مستحيلاً، ويعود ذلك إلى وجود طبقة سّياسية مستفيدة من الانقسام ومعنية بإدامته، وإلى الخلط بين المصالحة والوحدة الوطنية من جانب وإنهاء الانقسام من جانب آخر، كما أنّ المخططين الرئيسيين والمستفيدين من الانقسام غائبون دائماً عن اللقاءات وهذا يفشل جهود التقارب".


وأشار في حديثه لـ"حفريات": إلى أنّ "المحور الأمريكي المساند لإسرائيل لا يريد توحيد الصف الفلسطيني خدمةً لإسرائيل، فهناك شروط تفرضها الولايات المتحدة على السلطة الفلسطينية لقبول المصالحة مع حماس، وهي اعتراف الأخيرة بشروط الرباعيّة الدولية وأهم هذه الشروط الاعتراف بإسرائيل، حيث ترفض حماس هذا الشرط بشكل قاطع وهذا ما يجعل من الانقسام أمراً مستداماً". 
وأضاف: "الانقسام أصبح قضية تتجاوز الأطراف الفلسطينية، فهو مخطط إسرائيلي أفرز خلافات فلسطينية حادة وعدم ثقة بين الأطراف المتنازعة، وهدفه تدمير المشروع الوطني الفلسطينيّ وحل الدولتين، من خلال فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وبالتالي فإنّ أيّ محاولة لتجاوز هذا الانقسام بما يؤدي لإعادة توحيد الضفة وغزة في سلطة وحكومة واحدة، يحتاج لموافقة إسرائيلية وإقليمية".

صالح عبدالعاطي لـ"حفريات": الانقسام مخطط إسرائيلي أفرز خلافات حادة وعدم ثقة بين الأطراف المتنازعة، وهدفه تدمير المشروع الوطني الفلسطينيّ وحل الدولتين


وبين أنّ"بعض القضايا العالقة في ملف المصالحة مثل الرواتب والمعابر وغيرها هي قضايا جوهرية حلها ليس صعباً، ولكن هناك اختلاف في البرامج السّياسية فيما بينهما، فعلى صعيد السلطة الفلسطينية وحتى خلال اجتماع الأمناء العامين في القاهرة، وهي تواصل الاعتقال السّياسي بحق عناصر حماس والجهاد الإسلامي، وهذه نهج يصعب على السلطة التوقف عنه لضمان بقائها في الحكم، كما يعيق موافقة حماس على القبول بأيّ شروط لتحريك ملف المصالحة".  
يشار إلى أنّ سكان قطاع غزة قد نظموا خلال الأسابيع القليلة الماضية حراك بدنا نعيش، وذلك نتيجة تردي أوضاع السكان المعيشية بسبب استمرار الانقسام الفلسطيني وارتفاع معدلات الفقر، وتراكم العديد من الأزمات ومنها أزمة الكهرباء، التي دفعت المواطنين للخروج والمطالبة بإنهاء الانقسام لتجاوز الأزمات الواقعة على غزة. 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية