هل مات السفير الإيراني لدى الحوثيين بـ"كورونا"؟

هل مات السفير الإيراني لدى الحوثيين بـ"كورونا"؟


26/12/2021

 تعدّدت الروايات المستندة إلى تسريبات مقصودة ومبرمجة حول الظروف التي أحاطت  بوفاة مندوب الحرس الثوري الإيراني "حسين إيرلو" لدى جماعة أنصار الله الحوثية، بعد وصوله إلى طهران قادماً من صنعاء على متن طائرة عراقية، وكان من أبرزها الرواية الرسمية الإيرانية التي أكدت وفاته بفيروس كورونا، وأنّ سبب الوفاة كان نتيجة تلكؤ السلطات السعودية بإصدار تصريح للطائرة العراقية التي نقلت إيرلو إلى طهران، وهي طائرة عراقية توسطت سلطنة عُمان والحكومة العراقية بالسماح لها بالهبوط والإقلاع من مطار صنعاء، وأنّ السعودية مسؤولة عن وفاته، لكنّ روايات أخرى تشكّك بالرواية الإيرانية، على النحو التالي:

أوّلاً: بالتزامن مع الرواية الإيرانية الرسمية، هناك روايتان مختلفتان تناقضان الرواية الإيرانية؛ وهما: الأولى أنّ إيرلو أصيب خلال الضربات الجوية المركزة على أهداف متنوعة في صنعاء، بما فيها مطار صنعاء ومحيطه، ومراكز تخزين وتجميع صواريخ وطائرات إيرانية مسيّرة، وأنّ إيرلو أصيب بجروح خطيرة خلال تلك الضربات ربما أدت إلى وفاته وهو في اليمن، وهو ما يعني أنّه نُقل جثة من صنعاء إلى طهران، والثانية تشير إلى أنّ إيرلو تمّ تسميمه من قبل الفريق القائم على خدمته من يمنيين يتبعون لجماعة الحوثي، وقد تمّ دسّ السم له في وجبة طعام، وتردد أنّ الحوثيين، مع بدء توسع ضربات التحالف ضد أهداف في صنعاء، طلبوا من إيرلو مغادرة اليمن بوصفه شخصاً غير مرغوب فيه.

 

الوصول إلى شخصية بوزن "إيرلو" القائد في الحرس الثوري يمثل إنجازاً لقوات التحالف، وخسارة كبيرة لإيران، خاصة مع المهام التي كان يقوم بها في إدارة العمليات العسكرية للحوثيين

 

ثانياً: من وجهة نظر أمنية، وبمعزل عن السبب الحقيقي لمغادرة إيرلو اليمن وعودته إلى إيران "حيّاً أو ميتاً" إلا أنّ الرواية الإيرانية تبدو هي الأضعف، لا سيّما أنّ السعودية لم تعلق رسمياً على أسباب الوفاة، واكتفت تسريبات لنشطاء سعوديين ويمنيين تؤكد أنّ إيرلو مات بصواريخ التحالف لدعم الشرعية التي شُنّت على أهداف مركّزة في صنعاء.

اقرأ أيضاً: ميليشيات الحوثي مخترقة... أدلة جديدة

ثالثاً: سبب آخر يجعل الرواية هي الأضعف، وهو طبيعة الإعلام الإيراني التي تعمل وفق نظرية جوبلز وزير إعلام هتلر في الحرب العالمية الثانية "اكذب، ثم اكذب، حتى يصدقوك" وإعلام الأنظمة الشمولية المغلقة، ومعروف "عبر التجارب" أنّ الرواية الإعلامية ينتجها ويوزعها الحرس الثوري الإيراني على الصعيدين؛ الداخلي والخارجي، من بينها الروايات المتعددة حول "اشتباكات" بحرّية الحرس الثوري مع البحرّية الأمريكية في مياه الخليج، وإسقاط الطائرة الأوكرانية فوق مطار طهران، وصولاً إلى الاشتباكات المسلحة بين الحرس الثوري وطالبان على الحدود الأفغانية- الإيرانية الشهر الماضي.

اقرأ أيضاً: "ضرب الحوثي" و"قوة المنطق"

رابعاً: سياقات العملية في إطارات خارج الرواية الإيرانية تتضمن جملة من المؤشرات ذات الدلالات الأمنية، ذلك أنّ الملف اليمني تتم إدارته بمستويات سياسية وأخرى عسكرية من بينها المستوى الأمني، الذي يحتل أهمية كبيرة في إدارة العمليات، وربما تدلل عليه الدقة في ضرب الأهداف، التي تزداد تركيزاً بعد الوصول إلى أماكن تخزين نوعية للطائرات المسيّرة والصواريخ، باستخدام سلسلة من الأسلحة المتطورة متعددة المصادر.

اقرأ أيضاً: إيران والحوثيّون... لم يتغيّر شيء

خامساً: إنّ الوصول إلى شخصية بوزن "إيرلو" القائد في الحرس الثوري وفيلق القدس يمثل إنجازاً لقوات التحالف، وخسارة كبيرة لإيران، خاصة مع المهام التي كان يقوم بها إيرلو في إدارة العمليات العسكرية للحوثيين، بما فيها إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه المملكة العربية السعودية، ومع ذلك فلا يمكن عزل استهداف إيرلو عن استهداف قائمة طويلة من الرموز اليمنية والقادة الإيرانيين خلال الأعوام الـ5 الماضية من عمر الحرب اليمنية، وهو ما يعزّز تسريبات أنّ إيرلو لم يكن وحده خلال استهدافه، وأنّ قادة حوثيين ومن جماعة الحوثي كانوا برفقته.

 

تبقى العملية محطة من محطات الحرب اليمنية، وعودة التحالف لاستهداف مناطق في صنعاء وفقاً لاستراتيجية جديدة، عنوانها ضرب مراكز تجميع وتصنيع الصواريخ والمسيّرات الإيرانية

 

سادساً: تؤشر عملية اغتيال إيرلو إلى أنّه لم يكن مستهدفاً لذاته، وربما كان في منطقة يفترض أنّها محمية أمنياً برفقة كوادر من الحرس الثوري وقادة الحوثي، من خبراء في صناعة المتفجرات وتجميع الصواريخ والطائرات المسيّرة الايرانية، وبالتزامن فإنّ المرجح أنّ العملية استندت لمعلومات استخبارية حصلت عليها الأجهزة الأمنية لتحالف دعم الشرعية، تعكس اختراقات واسعة لجماعة الحوثي، خاصة أنّ خلافات واسعة تتعمّق بين ما يُعرف بـ" تيار صعدة وتيار صنعاء".

سابعاً: وبالرغم من كلّ ذلك، تبقى العملية محطة من محطات الحرب اليمنية، وعودة التحالف لاستهداف مناطق في صنعاء وفقاً لاستراتيجية جديدة، عنوانها ضرب مراكز تجميع وتصنيع الصواريخ والمسيّرات الإيرانية، لكنّ هذه العمليات تطرح تساؤلات حول ما يجري، لا سيّما بعد ردود إيرانية متفائلة تشيد باستئناف اللقاءات بين طهران والرياض بوساطة عراقية يقودها رئيس الوزراء الكاظمي، وهل طُوي ملف إيرلو، كما طُوي سابقاً ملف قاسم سليماني؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية