هل ستواجه إسرائيل التصعيد الأعنف خلال رمضان؟

هل ستواجه إسرائيل التصعيد الأعنف خلال رمضان؟

هل ستواجه إسرائيل التصعيد الأعنف خلال رمضان؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
09/03/2023

ترجمة: إسماعيل حسن
تفقد إسرائيل السيطرة على التصعيد المتزايد في مناطق الضفة الغربية وشرقي القدس، وما يجري من موجة ثأر فلسطينية على عمليات الجيش ضد معاقل المخربين، يؤدي إلى إحباط إسرائيلي كبير، وهذا يتطلب من حكومة إسرائيل أن تكون ملزمة بالعمل لإعادة النظام والاستقرار، يجب مواصلة أعمال الإحباط ضد المخربين واعتقالهم والتشويش على خططهم.
 يقدر الجيش بأنّ منظمات الإرهاب ستحاول تنفيذ عمليات ثأر خلال رمضان المقبل، حجم القتلى الفلسطينيين العالي وكمية النار التي نفذت نحو الفلسطينيين، دليل على مدى حدة تفجر الوضع والذي سيبقى متوتراً جداً، فالعملية القاسية في حوارة وأعمال شغب المستوطنين التي جرت في القرية ليست حدثاً إضافياً آخر في سلسلة أحداث وتصعيد أمنيّ، بل هي أحداث ذات مغزى وقد تكون المحفز لتصعيد إضافيّ في الميدان.
 في المرحلة الحاليّة يسعى الجيش للتركيز على الأهداف المتواضعة نسبياً لتحقيق الهدوء حتى شهر رمضان وخلاله، وذلك  بالالتزام بالتفاهمات التي تمت صياغتها في قمة العقبة، والتي تشجع السلطة الفلسطينية على الدخول لمساحات إضافيّة في مناطق الضفة الغربية، والحد من العقوبات الاقتصاديّة المفروضة عليها في الآونة الأخيرة وتجنب الحديث عن اختفائها، لأنّها قد تكون الأقل خطورة بنظر الجيش عندما يواجه بدائل الفوضى وسيطرة حماس على الضفة الغربية، فدوافع انعقاد قمة العقبة ناتجة عن وجود سحابة استخباراتية ثقيلة للغاية وقريبة جداً، تحمل في طياتها اقتراب انفجار وشيك تخشى أطراف القمة من تبعاته، وباتت جميع الأطراف تنظر لاقتراب شهر رمضان مع قلق كبير، فالقمة تعبر عن إرادة ومصلحة من الطرفين، سواء أراد نتنياهو أم رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن منع مزيد من التصعيد عشية رمضان وعيد الفصح، فإنّ الميدان المشتعل وقطار التصعيد الأمنيّ الذي انطلق دون سيطرة عليه، هو من سيحدد طبيعة المرحلة القادمة. 

 في المرحلة الحاليّة يسعى الجيش للتركيز على الأهداف المتواضعة نسبياً لتحقيق الهدوء حتى شهر رمضان وخلاله
تصعيد قادم
العمليات الأخيرة في مناطق الضفة الغربية تشكل تواصلا ًلموجة التصعيد التي سادت في أعقاب رمضان الماضي، قسم كبير من العمليات يقوده شبان يعملون بشكل مستقل أو في إطار خلايا صغيرة ومنظمات محلية ممن يحرصون على الامتناع عن التماثل مع أحد الفصائل، خلال شهر واحد قتل أكثر من 60 فلسطينياً في عمليات خاصة قام بها الجيش ضد إرهابيين، هذا التصعيد من قبل الجيش لم يوصلنا إلى انتفاضة ثالثة خلال الفترة السابقة مقارنة بما ستحمله الأيام المقبلة من تصعيد هو الأخطر، الضربات المتبادلة بين الفصائل في غزة والجيش الإسرائيلي تؤشر إلى أنّ في غزة ميلاً واضحاً للتصعيد سيكون من الصعب كبحه، في الواقع الحاليّ يعتقد الجيش بأنّ حماس غير معنية بحرب ولعل هذا صحيح، لكنّها بلا شك توتر المعادلات مع إسرائيل، معطيات النار من غزة تتحدث عن تغيير مهم في سياسة حماس، تعطي على الأقل ضوءاً أخضر لمنظمات الإرهاب الأخرى لتنفيذ ضربات الصواريخ، وذلك كجزء من محاولة تثبيت معادلة جديدة بهدف محاولة تهديد حرية عمل الجيش الإسرائيلي في الضفة وشرقي القدس وداخل الحرم، حماس لا تستطيع ولا تريد مواصلة البقاء على الجدار، والمؤشرات الأوليّة على ذلك باتت حاضرة، خطورة التهديد الذي ينطوي عليه منفذو العمليات الأفراد أو الخلايا المحلية أقل ظاهرياً مقارنة بالشبكات العسكرية كشبكات حماس والجهاد الإسلامي، لكنّ هذا النموذج يطرح تحدياً قاسياً أمام إسرائيل، حملة التحريض التي تقودها هذه الشبكات تزيد من العنف، سيحاول المصريون تهدئة الأوضاع مرة أخرى في الأيام القريبة القادمة، لكنّ تجربة الماضي تفيد بأنّ استئناف تنقيط الصواريخ بعد حملة أدت إلى فترة معينة من الهدوء، سيؤدي إلى طوفان يجر لجولة تصعيد أخرى وعنيفة وتتعزز هذه الفرصة بشكل أكبر.
الفوضى السياسية تهدد إسرائيل
تضع الفوضى السياسية القائمة في إسرائيل نتنياهو في مفترق قرار مهم تجاه سياساته، يدور الحديث عن خليط من الإشارات الأمريكية عن إمكانية الابتعاد عن إسرائيل، وتوتر أمنيّ متصاعد في الساحة الفلسطينية وأساساً أزمة عميقة في المجتمع الإسرائيليّ، الذي يشهد حالة من التفكك والانهيار، في الحكومة الحالية يوجد أجندة متنافسة ومتعارضة حول القضية الفلسطينية، الأجندة الأولى هناك من يسعى لتطبيق السيادة على الأراضي الفلسطينية والقضاء على السلطة، والإسراع في الاستيطان مع إبداء اهتمام محدود بالعواقب الدولية، الأجندة الثانية المهيمنة الخاصة برئيس الوزراء نتنياهو تجسد التطلع للاستقرار والحفاظ على الوضع القائم وتعزيز السلطة.

على الحكومة أن تركز على أهداف متواضعة نسبياً من حيث تحقيق الهدوء حتى رمضان ويمكن للأمر أن يتحقق من خلال الالتزام بالتفاهمات التي تحققت في مؤتمر العقبة


 بيْد أنّ التوتر المتراكم بين النهجين بات نقطة خلاف عقب قمة العقبة وتصاعد هجمات المستوطنين في حوارة، ولذلك قد تكون القضية الفلسطينية عاملاً مزعزعاً للحكومة الإسرائيلية وقد تؤدي لنهاية الائتلاف، مما يؤكد أنّ جميع الحكومات الإسرائيلية لا يمكنها الهروب من القضية الفلسطينية، التظاهرات في إسرائيل تستمر للأسبوع الثامن على التوالي ضد مشروع قانون التعديلات القضائية، والذي أعلن نتنياهو تصديق الكنيست عليه، كما أنّ الفجوة والتوتر يزداد عقب مؤتمر العقبة الذي تبلورت في إطاره تفاهمات بين إسرائيل والفلسطينيين، سموتريتش وبن غفير هاجما بشدة المؤتمر، دعا سموتريتش إلى محو حوارة في إشارة إلى دعوة المستوطنين لتصعيد أعمال العنف، والتي من شأنها أن تعطي الفرصة للمخربين الفلسطينيين بتنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية الدامية. 

التظاهرات في إسرائيل تستمر للأسبوع الثامن على التوالي ضد مشروع قانون التعديلات القضائية
ضرورة تعزيز التعاون مع السلطة
على صعيد السلطة الفلسطينية يسمح الضعف المتزايد الذي تواجهه لإيجاد خلفية تغذي موجة التصعيد، فالحكم الفلسطينيّ يحظى بصورة سلبية في الشارع ، وخصوصاً بسبب مظاهر الفساد والمحسوبية وانعدام الديمقراطيّة، واعتبار أنّ السلطة تقودها قيادة كبيرة في السن ومنقطعة، تبدي عدم ثقة وعدم دافعية لفرض سيادتها على الشارع، إلى جانب الاتهامات بالتعاون مع إسرائيل، نشأت على هذه الخلفية فراغات سلطوية في جنين وبقدر كبير أيضاً في نابلس وأريحا، تستوجب من إسرائيل نشاطاً عسكرياً متزايداً لكن يخلق الأمر احتكاكات عنيفة قاسية، ويشكل فرصة لتعزيز قوة حماس في المنطقة ونشوء فوضى تقودها شبكات محلية، تتشكل أحياناً من زعران وذوي سوابق يكتسون صورة مقاتلين من أجل أهداف وطنية.

يعتقد الجيش بأنّ حماس غير معنية بحرب ولعل هذا صحيح، لكنّها بلا شك توتر المعادلات مع إسرائيل، معطيات النار من غزة تتحدث عن تغيير مهم في سياسة حماس


 إنّ الاتساع المستقبليّ لتلك الفراغات قد يطالب إسرائيل بأن تهتم بالسكان وأداء صلاحيات مدنية في ضوء العجز المتزايد من جانب السلطة التي قد تضعف من ناحية الأداء، نتنياهو يسعى لاتخاذ خط براغماتي للحفاظ بشكل غير مباشر على العلاقات مع رئيس السلطة أبو مازن، والامتناع لاحقاً عن خطوات من طرف واحد، كما يدرك نتنياهو أنّ مجال مرونته مع الأمريكيين ضيق أكثر من وعوده الائتلافية، ومن هنا أيضاً التوترات والفجوات الكبرى داخل حكومة اليمين ستزداد.
 في المرحلة الحالية على الحكومة أن تركز على أهداف متواضعة نسبياً من حيث تحقيق الهدوء حتى رمضان وفي أثناء الشهر، يمكن للأمر أن يتحقق من خلال الالتزام بالتفاهمات التي تحققت في مؤتمر العقبة، وتشجيع السلطة بمشاركة الأمريكيين على الدخول إلى الفراغات التي نشأت في المناطق دون تطوير توقعات زائدة، وتقييد العقاب الاقتصادي المفروض على السلطة في الأشهر الأخيرة والامتناع عن الحديث عن إزالتها، هذه مسألة مطلوب فيها أن نستوعب رغم نواقص السلطة الفلسطينية، إلا أنّها لا تزال أهون الشرور مقابل بدائل الفوضى أو سيطرة حماس على قسم من الضفة الغربية، ومن هنا يجب مواصلة سياسة حذرة في موضوع الحرم، التي أثبتت أنّه لا يزال ممكناً أن يحدث تصعيد حاد بين إسرائيل والفلسطينيين خلال رمضان.
مصدر الترجمة عن العبرية:
https://www.maariv.co.il/journalists/opinions/Article-985148



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية