هل تقطع تفاهمات الأكراد الطريق على تركيا في الشمال السوري؟

سوريا

هل تقطع تفاهمات الأكراد الطريق على تركيا في الشمال السوري؟


06/01/2019

يشهد الملف السوري حراكاً مكثّفاً على مستويات عدّة. وكان من الواضح أنّ أحد أهم تداعيات الإعلان الأمريكي الانسحاب من سوريا هو اتجاه بوصلة الأكراد السوريين باتجاه تكثيف التواصل والتفاهمات مع القوى الدولية الكبرى لتأمين حقوقهم، ومنع الأتراك من الاستفراد بهم وتهديدهم وإفشال مشروعهم في الإدارة الذاتية ضمن سوريا موحدة.

مسؤول كردي بارز: زعماء أكراد سوريا يسعون إلى اتفاق سياسي مع حكومة النظام السوري بوساطة روسية

فتواصلُ الأكراد لم ينقطع حتى الآن مع واشنطن مع تراجع الإدارة الأمريكية عبر حديثها عن أنّه "لا جدول زمنياً للانسحاب"، وهو تواصلٌ يشهد حالياً مع موسكو حوارات مهمّة يأملون في أن تفضي إلى تسليم الحدود في الشمال السوري إلى "الدولة السورية" مقابل قبول إدارة محلية بضمانة روسية. وفي الاتجاه ذاته وجّه الأكراد أعينهم إلى فرنسا لتأمين حماية لهم في حال أغرى أي فراغ، في المناطق التي سينسحب منها الأمريكيون، أنقرة من تمديد نفوذها إلى شرق سوريا.
وقد شدد القيادي الكردي البارز في قوات سوريا الديمقراطية ريدور خليل على أنّه "لا مفر من التوصل إلى حل" مع دمشق إزاء مستقبل الإدارة الذاتية الكردية، مؤكداً أنّ هذا الاتفاق يجب أن يشمل بقاء المقاتلين الأكراد في مناطقهم مع إمكانية انضوائهم في صفوف الجيش السوري.

اقرأ أيضاً: عملية عسكرية تركية ضد الأكراد.. وأمريكا تحذر من المساس بحلفائها
وقال خليل في مقابلة مع "وكالة الصحافة الفرنسية": "لا مفر من توصل الإدارة الذاتية إلى حل مع الحكومة السورية؛ لأن مناطقها هي جزء من سوريا". وأشار خليل إلى "مفاوضات مستمرة مع الحكومة للتوصل إلى صيغة نهائية لإدارة شؤون مدينة منبج"، مضيفاً: "في حال التوصل إلى حل واقعي يحفظ حقوق أهلها، فبإمكاننا تعميم تجربة منبج على باقي المناطق شرق الفرات"، في إشارة إلى مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" في محافظة دير الزور في شرق سوريا.
لا جدول زمنياً للانسحاب

ترتيبات الانسحاب و"عدم تكرار خطيئة عفرين"
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط"، أول من أمس، عن مصادر وصفتها بالمطلعة لم تسمّها، أنّ قائد "وحدات حماية الشعب" الكردية سيبان حمو قام بزيارتين غير معلنتين إلى دمشق وموسكو لنقل "عرض سري" تضمن الموافقة على تسليم الحدود إلى "الدولة السورية" مقابل قبول إدارة محلية بضمانة روسية.

وأشارت المصادر إلى أنّ العرض يرمي إلى الوصول إلى تفاهمات لـ "ملء الفراغ" بعد الانسحاب الأمريكي و"قطع الطريق" على تدخل تركي في شمال سوريا وشمالها الشرقي.

اقرأ أيضاً: الأكراد يستأنفون معاركهم ضدّ داعش بموجب اتفاق.. ما هي بنوده؟

وجاء في التفاصيل أنه بعد أيام من إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نيته القيام بـ "انسحاب سريع وكامل" من سوريا، طار حمو إلى قاعدة حميميم، ثم جرى لقاء سري في دمشق ضم مدير مكتب الأمن الوطني، اللواء علي مملوك، ووزير الدفاع السوري، العماد علي أيوب، بحضور وفد عسكري روسي.

وفي الـ 29 من الشهر الماضي، وبالتزامن مع زيارة وفد تركي برئاسة وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، إلى موسكو، وصل حمو إلى العاصمة الروسية والتقى وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، ورئيس الأركان، فاليري غيراسيموف.
وأفادت "الشرق الأوسط" بأنّ رسالة "الوحدات" إلى دمشق، كانت ضرورة "عدم تكرار خطيئة عفرين: تشدد الطرفين في دمشق وقامشلو (القامشلي) أدى إلى خسارتها"، ثم أبدت الاستعداد لتسليم الحدود شرق سوريا لـ "بسط سيادة الدولة" ثم يجري ترك الدستور والحل السياسي للمستقبل.

على الضفة الأخرى، تستعجل الإدارة الأمريكية ضبط ترتيبات الانسحاب؛ إذ تجرى اتصالات لترتيب زيارة لمستشار الأمن القومي، جون بولتون، إلى شرق الفرات بعد محادثات في أنقرة غداً وقبل زيارته لتل أبيب.
اتفاق سياسي مع الأسد بوساطة روسية
وفي تأكيد لاتجاه البوصلة الكردية، أعلن مسؤول كردي سوري بارز، أول من أمس، أنّ زعماء أكراد سوريا يسعون إلى اتفاق سياسي مع حكومة النظام السوري بوساطة روسية بغض النظر عن خطط الولايات المتحدة للانسحاب من منطقتهم. وقال بدران جيا كرد لوكالة "رويترز" للأنباء، إنّ الإدارة التي يقودها الأكراد، والتي تسيطر على معظم شمال سوريا، عرضت خريطة طريق لاتفاق مع بشار الأسد وتنتظر رد موسكو عليها.

ريدور خليل: لا مفر من توصل الإدارة الذاتية لحل مع الحكومة السورية؛ لأن مناطقها هي جزء من سوريا

ونددت تركيا، أول من أمس، بتصريحات وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الذي حذّر في وقت سابق الخميس الماضي، من أن يتعرض الأكراد في سوريا "للقتل" على أيدي القوات التركية.
وذكرت صحيفة "الحياة" أنّه للمرة الأولى منذ إعلان الانسحاب الأمريكي من سوريا، بحث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في مكالمة هاتفية أول من أمس مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، النزاع في سوريا.
وأورد بيان لمكتب نتانياهو أنّ الأخير وبوتين "ناقشا الوضع في سوريا والتطورات الأخيرة، وتوافقا على مواصلة التنسيق بين العسكريين الروس والإسرائيليين في سوريا". وأكد نتانياهو للرئيس الروسي أن "إسرائيل عازمة على مواصلة جهودها لمنع إيران من ترسيخ وجودها العسكري في سوريا".
وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو

بوتين وإدارة التوازنات
وفي تحليل كتبه يافوز بايدار في "أراب ويكلي" قال إن الرئيس بوتين، سوف يحتاج إلى الحفاظ على توازن دقيق بين طهران ودمشق، وأن يعمل كحامٍ للأكراد السوريين.

وأضاف "يستطيع أن يفعل ذلك بمساعدة الأكراد على نيل شكل من أشكال الحكم الذاتي.
سوف تكون بصمة الرئيس الروسي واضحة بالتأكيد على الدستور السوري الجديد، وسوف يحتاج إلى إبقاء كل هذا في ذهنه. ومن المؤكد أنه سيشجع الجماعات الكردية المسلحة، التي تسيطر على أجزاء كبيرة من شمال شرق سوريا، على تسليم الأرض إلى الرئيس السوري بشار الأسد. وقد أشار الأكراد إلى استعدادهم لذلك، في خطوة يأملون في أنها ستضغط على أنقرة"، بحسب بايدار.
اجتماعات هيئة التفاوض السورية
وفي العاصمة السعودية، الرياض، عقدت هيئة التفاوض السورية اجتماعها الدوري الذي سيستمر حتى يوم غدٍ. وتناقش الهيئة آخر المستجدات الميدانية والسياسية بشكل عام، وتطورات تشكيل اللجنة الدستورية وتداعيات التطبيع مع النظام السوري، كما تستعرض تقارير المكاتب واللجان الداخلية والقضايا التنظيمية، كما ذكرت "الحياة".

اقرأ أيضاً: ما هو مصير الجهاديين الأوروبيين المعتقلين لدى الأكراد؟
وأكد رئيس الهيئة، نصر الحريري، أنّ الهيئة مع الحل السياسي الشامل الذي يوقف معاناة الشعب السوري، والعمل على تعجيل تشكيل اللجنة الدستورية في أقرب وقت ممكن؛ "لأنها ستكون الخطوة الأولى نحو تحقيق بقية نقاط القرار الأممي 2254". وشدد على أنّه لا توجد دولة محددة تمتلك وحدها القرار في الشأن السوري، "ما استدعى ولا يزال حراكاً ديبلوماسياً نشطاً من أجل الوصول إلى اتفاق بين مختلف الأطراف الفاعلة في الساحة السورية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية