هل تستطيع الجوائز الأدبية أن تصنع نجوماً؟

هل تستطيع الجوائز الأدبية أن تصنع نجوماً؟


29/07/2019

أضحت الجوائز الأدبية، بالأخص منها تلك الممنوحة من دول الخليج، محطّ انتباه الجميع، وتمكّنت بعض تلك الجوائز من تصدير نجوم للرواية عربياً، فهل تستطيع الجوائز أن تصنع كتّاباً نجوماً؟ وهل أصبحت الجائزة الأدبية قيمة مضافة ترفع من شأن الحاصل عليها عربياً وعالمياً؟

اقرأ أيضاً: جوخة الحارثي: أول شخصية عربية تفوز بجائزة انترناشيونال مان بوكر البريطانية
أسئلة عديدة يفرضها واقع الجوائز الأدبية في المنطقة العربية الآن، مع الأخذ في الاعتبار المئات من الأدباء والكتّاب العرب، الذين يهتمّون سنوياً بوصول أعمالهم إلى قوائم الجوائز الأدبية، الطويلة والقصيرة، الوصول الذي يشغل بال الصحافة الثقافية لأوقات طويلة، تجعل حديث الجوائز هو الحديث الأكثر انتشاراً وسيطرة على الصحافة الثقافية.

عزت القمحاوي الفائز بجائزة نجيب محفوظ للأدب

مصداقية الجوائز الأدبية

الكاتب الصحفي والروائي عزت القمحاوي، يرى أنّ الجوائز الأدبية هي بالطبع جزء من صناعة النجم في عالم الأدب، موضحاً في تصريح لـ "حفريات": "هذه الآلية لا تسير في اتجاه واحد؛ بمعنى أنّ نجومية بعض الكتّاب تؤثر في قرارات لجان التحكيم، بقدر ما تستطيع الجائزة أن تدعم حضور الكاتب بقدر المصداقية التي تتمتع بها لدى القرّاء؛ فإذا جرّب القرّاء أعمال الفائزين عاماً بعد الآخر ووجدوها دون المستوى الذي توقعوه، تكفّ الجائزة عن أن تكون مؤثرة، وتصبح مجرد خسارة مادية للجهة المانحة، بل وتثير الشبهات حول أهداف المانحين".

عزت القمحاوي: نجومية بعض الكتّاب تؤثّر في قرارات التحكيم. المهمّ ألّا يكون الحصول على جائزة همّاً يفسد روح الكاتب

يضيف القمحاوي، الحاصل على جائزة نجيب محفوظ للأدب، دورة عام 2012، والممنوحة عن الجامعة الأمريكية في القاهرة: "ذهني انصرف إلى جوائز الخليج في اللحظة التي استقبلت فيها سؤالك، وربما يكون للسؤال الأثر ذاته على كثيرين عندما يسمعونه، لكن علينا أن ننتبه إلى الجوائز الوطنية في البلاد العربية، المثيلة لجوائز الدولة عندنا، التي لم تتسامح يوماً مع المبدعين المختلفين سياسياً مع النظام، والنتيجة أننا أصبحنا ننسى موعدها رغم الورم الذي أصاب قيمتها المادية، كانت جوائز الدولة المصرية وسيلة للظلم، وإساءة ترتيب الأقدار والمكانات، حتى صارت هدراً مضحكاً للأموال، ككلّ الهدر المضحك".
وعن مدى مصداقية الجوائز الأدبية، يشير القمحاوي إلى أنّه "من المفترض أنّ لجان التحكيم المتغيرة هي التي تصنع المصداقية عاماً بعد عام"، لافتاً إلى أنّ الأخطاء واردة؛ "لأنّنا يجب ألا ننسى أنّ التحكيم هو ذائقة عدد محدود من القرّاء، والإبداع مجال للاختلاف؛ فباستثناء الأخطاء الفادحة في اللغة وبناء العمل الأدبي، يمكن أن ينحاز أيّ خمسة نقاد آخرين لعمل لم يقدره الخمسة المحكمون".

اقرأ أيضاً: "بريد الليل" يحمل لهدى بركات جائزة البوكر
ويوضح القمحاوي أنّ "هناك بالطبع جوائز متمسكة بالخطأ نتيجة لتوجهات أماناتها الثابتة، التي تختار لجاناً تضمن نتائجها، وهناك جوائز تجتهد في التمسك بمستوى ما، والمهمّ ألّا يكون الحصول على جائزة همّاً يفسد روح الكاتب أو يحدّ من حريته وخياراته الشخصية في الكتابة".
 القرملاوي يتسلم جائزة الشيخ زايد

الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب
الكاتب والروائي الشاب، أحمد القرملاوي، الحاصل على جائزة الشيخ زايد للكتاب، فرع المؤلف الشاب، دورة عام 2018، أبلغ "حفريات" أنّ "نجومية الكاتب نتاج لعدة عوامل، ليس من أهمها حصوله على جوائز أدبية، فالمهتمون بالجوائز الأدبية ليسوا إلا نسبة محدودة من عموم المهتمين بالكتابة، وهناك عديد من الأسماء المهمّة في عالم الكتابة حصلت على جوائز مرموقة، دون أن يصاحبها نجومية تكافئ أهميتها؛ أمثال أمينة زيدان وسمية رمضان وحسن داوود، على أنّه باستطاعة بعض الجوائز الأدبية، من خلال حضورها الإعلامي القوي، أن تجمع بين ما تمنحه لفائزيها من قيمة أدبية وشهرة، لكن تبقى تلك الشهرة محكومة بنسبة المتابعين والمهتمين بالجوائز الأدبية من إجمالي عدد المهتمين بالحركة الأدبية والقراءة عموماً".

سليم شوشة: هناك جوائز يدور حولها لغط أو اتهام في مصداقيتها بسبب التنافس وخسارة بعض المتسابقين أو الطامحين للفوز

ويضيف القرملاوي أنّ "الهجوم مفهوم في إطار المنافسة بين المترشحين، وما يصاحبها من حماس أو إحباط، مع ذلك يجب الأخذ في الاعتبار كون الجوائز الأدبية مجهوداً بشرياً، ومن يقومون عليها أشخاص، مهما اتسموا بالحياد والتجرد ستبقى لهم ذوائق وأهواء متفاوتة تؤثر في معاييرهم لاختيار الفائزين، وأبداً لن يتفق الجميع على رأي واحد، خاصة فيما يتعلق بالفنّ، فليس هناك معيار وحيد يمكن اعتماده لقياس الجمال، وإن كان ثمة أطر أساسية فحسب".
ويرى القرملاوي؛ أنّ على المبدع تقبّل شروط اللعبة، إن جاز التعبير، والتعامل معها باعتبارها جهداً بشريّاً محموداً، قد يصيب وقد ينحرف عن هدفه المثالي، بدرجة أو بأخرى، وألّا يعتبرها مفاضلةً حاسمة بين النصوص الأدبية تمنح القيمة أو تنتزعها، موضحاً أنّ "النصّ هو الأصل، والجائزة، كما قال لي الناقد إيهاب الملاح، تعليقاً على فوزي بجائزة الشيخ زايد، تعترف بالقيمة ولا تمنحها".
 محمد سليم شوشة

نزاهة لجان التحكيم
الكاتب والناقد محمد سليم شوشة، عضو لجنة تحكيم جائزة "ساويرس" الأدبية المصرية، يرى أنّ الجائزة يمكن أن تصنع نجماً، "لكنّه يأخذ شكلاً من اثنين، فيكون نجماً حقيقياً إذا اقترنت الجائزة بمساحة قراءة واسعة له ولعمله الفائز، وإعجاب بهذا العمل الذي تمّ منحه الجائزة، أو يكون نجماً مزيفاً إذا لم ينتشر عمله انتشاراً واسعاً ويحقق قدراً من القبول والإعجاب به، بما يعني أنّ حكم الجمهور إما أن يصادق على رأي الجائزة، أو أن يتعارض معها، وهنا لا يخسر الفائز بالجائزة فقط؛ بل الجائزة نفسها تخسر من مصداقيتها وشفافيتها".

اقرأ أيضاً: الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب أحمد القرملاوي: الاغتراب مصير لا فكاك منه
ويضيف شوشة أنّ مصداقية الجوائز تتحقق عبر مسارين أو احتمالين "ذيوع الأعمال الفائزة، وانتشارها، ونجاحها في المستوى الجماهيري وعند القرّاء، أو أنّها تعلن دائماً تقارير فنية تؤيد فيها وجهة نظرها، أو تحدّد مبررات منح الجائزة من الناحية الفنية، وهذا السلوك يقلل من تسلط الجائزة وتعالي خطابها على الجمهور، ويجعلها أكثر شفافية"، معتقداً أنّ هذا السلوك ليس منتشراً أو ليس هو الغالب، وكثير من الجوائز لا تعلن مبررات منحها الجائزة.
ويستكمل شوشة: "جوائز كثيرة قد يدور حولها لغط أو جدل واتهام في مصداقيتها؛ بسبب التنافس من ناحية، وخسارة بعض المتسابقين أو الطامحين للفوز، وبسبب المعارك الدائرة بين المثقفين والأدباء وبعضهم، وبالتأكيد ليست كلّ الجوائز على الدرجة نفسها من النزاهة والمصداقية، كما لا يمكن إغفال دور لجان التحكيم في تأكيد مصداقية الجائزة أو نفيها، بحسب تاريخ أعضاء التحكيم ونزاهتهم ومنجزهم الإبداعي والنقدي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية