هل أصبح مخيم الهول مصنعاً للإرهابيين؟

هل أصبح مخيم الهول مصنعاً للإرهابيين؟

هل أصبح مخيم الهول مصنعاً للإرهابيين؟


03/04/2023

ما يزال مخيم الهول يبعث بتهديدات جمّة، بينما يشكل مخاطر أمنية وسياسية، فضلاً عن معضلات إنسانية حقوقية وقانونية متفاوتة. هذا المخيم، الذي يضم معسكرات إيواء لعناصر تنظيم داعش الإرهابي بعد هزيمتهم في معركة الباغوز، يتواجد فيه آلاف اللاجئين العراقيين والنازحين السوريين، بالإضافة إلى آلاف المتحدرين من حوالي 54 جنسية عربية وغربية، منهم عائلات قيادات وعناصر التنظيم الإرهابي.

لكنّ المخيم، الذي سبق أن كشفت تقارير رسمية وحقوقية أممية عن سيولة الجرائم التي تجري داخله، وانتشار حالات قتل أو بالأحرى تنفيذ العناصر الإرهابية ممارساتهم العقابية العدوانية، حسبما تقر أدبياتهم الدينية والعقائدية، يؤشر إلى مخاطر باتت أكيدة وليست محتملة، تتمثل في كون المخيم قد أمسى بيئة حاضنة لأفكار متشددة في نسختها الداعشية، الأمر الذي يجعل الأطفال والمراهقين داخل معسكرات المخيم المتاخم للحدود السورية العراقية حوامل عنف مؤدلج.

ووفق قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تتولى حراسة المخيم، فإنّ تنظيم داعش الإرهابي يعيد تجميع صفوفه، بينما يهرّب الأموال إلى المخيمات التي يمكن استخدامها لشراء الأسلحة، والتخطيط للهروب وشن الهجمات. وقالت عضوة القيادة العامة في قوات سوريا الديمقراطية، نوروز أحمد: "إذا نظرنا إلى المخيمات التي تضم الإرهابيين وعائلاتهم، فهناك أطفال صغار يبلغون من العمر بضعة أعوام تتم تربيتهم على أيديولوجيا كيفية القتل. وإذا ما استمر الدعم بالوصول إلى هؤلاء، فإنّ شعبها سيكون من بين المستهدفين والقتلى".

وفي حديثه لـ"حفريات"، يقول الصحفي الكردي السوري، باز علي بكاري، إنّ ما يحدث، الآن، وما تحذر منه قوات سوريا الديمقراطية، هو تأكيد على ما سبق أن حذر منه سائر المراقبين المحليين والاجانب، تحديداً في ما يخص مدى خطورة تجميع عوائل تنظيم داعش الإرهابي في مخيمات أصبحت شبيهة بمدن، فضلاً عن كونها متاخمة للأماكن السكنية المدنية.

ويردف علي بكاري: "مخيم الهول وهو أكبر تجمع لعائلات تنظيم داعش يبلغ عدد سكانه نحو 70 ألف نسمة. وهذا العدد أكبر من عدد سكان الكثير من المدن في شمال شرقي سوريا. وكل التقارير، الصحفية والرسمية، وكذا الحقوقية، بالإضافة لمتابعتي الشخصية والميدانية (باعتباري من أبناء المنطقة)، تؤكد على أنّ هؤلاء النساء يقمن بتربية أبنائهن على قيم ومبادئ التنظيم الإرهابي. وتعتبر نساء داعش هذه التربية، أيّ دعشنة الأطفال، استمراراً "للجهاد" وفقاً لمنظورهم وقناعاتهم وأهدافهم".

عودة التنظيم

ويضاف إلى كل هذه التهديدات تهديد آخر أو بالأحرى نتيجة متوقعة، وهي "عودة التنظيم لتجميع صفوفه. كما لن يكون من المستبعد حدوث نهضة جديدة للتنظيم أكثر خطورة وشراسة من انطلاقته قبل نحو عشر سنوات، خاصة أنّ المنطقة مرهقة من ضربات وهجمات قوات الإحتلال التركي، والذي، بدوره، يقوم بدعم ومساعدة التنظيم، ويقوم بتهريب عوائل من داخل مخيم الهول وهذا وفقاً للإعلام التركي الرسمي"، كما يقول بكاري.

الصحفي باز علي بكاري: نساء داعش يربين أبناءهنّ على قيم التنظيم الإرهابي

وفي المحصلة، فإنّ التنظيم لم ينته، وكل الجهود في محاربته وصلت، حتى الآن، لتحجيم خطره، بشكل مؤقت، لكن الخطر قائم، ودعمه مستمر، بحسب المصدر ذاته، الذي يؤكد أنّه لا توجد "إرادة دولية لإنهاء هذا الملف، القابل للانفجار في أيّ لحظة".

وقبل أيام، دعت قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، التحالف الدولي بمزيد من الدعم في المجال الأمني وإعادة الإعمار. وقال بيان صادر عن قوات "قسد": "التنظيم لايزال يشكل خطراً محدقاً بمناطقنا والعالم، وخاصة من خلال خلاياه، فهو يسعى لترميم تنظيمه المتداعي وإنعاش أحلامه مجدداً، وإعادة سيطرته الجغرافية على بعض المناطق، وتشكيل خطورة على حياة السكان".

مخيم الهول أكبر تجمع لعائلات تنظيم داعش يضم نحو 70 ألف نسمة. وهذا العدد أكبر من عدد سكان الكثير من المدن في شمال شرقي سوريا

البيان، الذي أصدرته قوات "قسد" في الذكرى الرابعة لهزيمة داعش والسيطرة على آخر معاقله التنظيمية في الباغوز شرق دير الزور، طالب التحالف الدولي بمضاعفة جهوده الأمنية ورفع مستوى التعاون والتنسيق الأمني "بما يلائم مستوى الخطر الإرهابي، ولتجفيف منابع التّنظيم والقضاء على الظروف المساعدة له".

إلى ذلك، ذكرت الخارجية الأمريكية الأولويات والاستراتيجيات الخاصة بمواجهة تنظيم داعش، وكذا استمرار تخفيض مخاطره بالتزامن مع الذكرى الرابعة لهزيمته في سوريا. وقال نائب الناطق الرسمي بلسان الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل: "قبل أربع سنوات، حرر التحالف الدولي لهزيمة داعش وشركاؤه المحليون الجزء الأخير من الأراضي التي يسيطر عليها داعش في الباغوز بسوريا، وهو معلم رئيسي في الجهود المستمرة لضمان الهزيمة الدائمة للجماعة الإرهابية".

دور التحالف الدولي لم ينته

وقال باتيل إنّ واشنطن "تقر وتثني على شجاعة وتضحيات أولئك الذين تحملوا المعارك الصعبة ضد داعش وتواصل العمل لضمان عدم ظهوره من جديد". وتابع: "تكريماً لهم ومن أجل استقرار المنطقة وأمنها، نواصل اتخاذ الخطوات اللازمة لإخراج قادة داعش الرئيسيين من ساحة المعركة، وتسهيل إعادة وعودة مقاتلي داعش وأفراد عائلاتهم وتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة. وهذا يشمل مهمتنا العسكرية في سوريا من خلال شركائنا المحليين بما في ذلك قوات سوريا الديمقراطية، وتقديم المشورة والمساعدة والتمكين بدعوة من قوات الأمن العراقية، التي لا تزال بحزم في الصدارة في مواجهة داعش في العراق".

المحلل السياسي السوري حسن النيفي لـ"حفريات": الهول مخيم مغلق لا تطاله أي مؤثرات ثقافية أو اجتماعية مخالفة ومغايرة للعقيدة المتشددة للفكر السلفي الجهادي

كما شدد نائب الناطق الرسمي بلسان الخارجية الأمريكية على أنّ "مهمة التحالف الدولي في العراق وسوريا ليست كاملة وتتطلب الدعم المستمر من المجتمع الدولي. نواصل دعم وحث شركائنا على الانضمام إلينا في تقديم المساعدة لتحقيق الاستقرار بما في ذلك الخدمات الأساسية والتعليم وسبل العيش لتشجيع عودة النازحين داخلياً ودعم برامج إعادة تأهيل الشباب لمنع استغلالهم من قبل داعش وتجنيد هؤلاء السكان الضعفاء في العراق وسوريا. وكذلك دعم الاحتجاز الآمن والإنساني لعشرة آلاف من مقاتلي داعش المتبقين في عهدة قوات سوريا الديمقراطية".

ولمّح باتيل إلى أنّ بلاده وأعضاء التحالف الدولي يواصلون تعاونهم "لمنع داعش من الاعتداء على السكان المعرضين للخطر في هذه المخيمات والاستفادة منهم، ومعظمهم من الأطفال الأبرياء". غير أنّه "لا نزال نركز أيضاً على تحديد الحلول وتوفيرها بشكل عاجل لعشرات الآلاف من السوريين والعراقيين ورعايا البلدان الذين بقوا في مخيمات النازحين في الهول وروج، وكثير منهم أفراد عائلات مقاتلي داعش".

المحلل السياسي حسن النيفي: مخيم الهول قد يتحول إلى معقل لتفريخ الدعشنة

ونوه إلى أنّ "إعادة سكان المخيمات إلى أوطانهم وعودتهم إلى مناطقهم الأصلية، أو إلى مواقع آمنة بدلاً من ذلك، هو الحل الدائم الوحيد طويل الأجل لهذه التحديات. لا تزال الولايات المتحدة تكرس نفسها لهذه القضية، حيث تكون قدوة يحتذى بها من خلال إعادة المواطنين الأمريكيين إلى الوطن. نحن على استعداد لمساعدة البلدان الأخرى في الخدمات اللوجستية للعودة إلى الوطن، ومشاركة خبراتنا لتسهيل إعادة التأهيل وإعادة الإدماج، ولدى الحاجة إليها، المقاضاة".

وفي حين يمكن القول إنّ التحالف الدولي، ربما، قد أنهى معركته مع تنظيم داعش في ربيع عام 2019 ، فإنّ هذا لا يعني بالطبع أن تنظيم داعش قد انتهى، بحسب الكاتب والمحلل السياسي السوري، حسن النيفي، موضحاً أنّ على المستوى الميداني ما يزال التظيم قادراً على شن هجمات خاطفة بين الحين والآخر.

وعلى مستوى الحاضنة الشعبية، ما يزال مخيم الهول، والذي يضم أعداداً هائلة من أعضاء التنظيم وعائلاتهم، يشكل أحد مصادر ومكامن الفكر الداعشي، وفق النيفي في حديثه لـ"حفريات"، وذلك باعتبار أنّه مخيم مغلق لا تطاله أي مؤثرات ثقافية أو اجتماعية مخالفة ومغايرة للعقيدة المتشددة للفكر السلفي الجهادي. وبناء عليه يمكن الذهاب إلى نتيجة مفادها أنّ "المخيم يمكن أن يتحول إلى معقل لتنشيط وتفريخ الدعشنة باستمرار، ما لم يقم التحالف الدولي وقسد إلى تفكيكه، ثم إعادة من بداخله إلى الدول والبلدان التي يتحدرون منها".

مواضيع ذات صلة:

تحذيرات أممية من تزايد مخاطر مخيم الهول في سوريا لهذه الأسباب

هل لهجوم داعش على مخيم الهول علاقة بالحرب في أوكرانيا؟

"برميل بارود جهادي": مخيم الهول يجدد مخاوف عودة داعش



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية