يتحرك الإخوان في أوروبا وفق مشروعية قانونية، من خلال بناء شبكات ومساجد وجمعيات، والانتقال منها إلى الجاليات. وتعد منظمة الإغاثة الإسلامية من أكبر المنظمات التي أنشأتها الجماعة، وتعتبر مثالاً واضحاً على كيفية العمل التنظيمي داخل أوروبا.
اقرأ أيضاً: هل كانت "مؤسسة قطر الخيرية" في كوسوفو واجهة لتمويل الجماعات المتشددة؟
شارك في تأسيس منظمة الإغاثة، عام 1984، إحسان شبيب بالإضافة إلى هاني البنا، والثاني مموِّل جمعية عيد المسلم، وقد كانت ميزانيتها، عام 2013، 126 مليون دولار أمريكي، وهي متواجدة في ثلاثين بلداً، وقد أُنشئت المنظمة في برمنغهام، برقم 2365572، وأصبح لها أفرع في 28 دولة، تترأس إدارتها مجموعة من قيادات الإخوان، على رأسهم أحمد كاظم الراوي، وهو عراقي الجنسية.
علاقة المنظمة بالجماعة
أكبر الأدلة على انتماء هذه المنظمة للتنظيم العالمي للجماعة؛ تأسيسها من قبل قيادات إخوانية لفترة طويلة، ومنهم عصام الحداد، مستشار الرئيس الإخواني المعزول في مصر، عام 2013، محمد مرسي، كما يقودها، في قطاع غزة، وبشكل أساسي، أعضاء من حماس.
ووفق موقع "إخوان ويكي"؛ فإنّ أحد الإداريين في منظمة الإغاثة الإسلامية، هو عبد الوهاب نور ولي، وهو أيضاً عضو في الندوة العالمية للشباب الإسلامي، وقد أصبح محمد الشماوي المدير التنفيذي لمنظمة الإغاثة الإسلامية، عام 2012، وكان من قبل مديراً للإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية.
اقرأ أيضاً: الجمعيات الخيرية.. الاختراق الإخواني الناعم للنسيج الاجتماعي
ومن بين إداريي الإغاثة الإسلامية أيضاً؛ قيادي التنظيم العالمي للجماعة، إبراهيم الزيات، وهو العضو الألماني في جماعة الإخوان المسلمين، وكان الممثل الأوروبي للندوة العالمية للشباب الإسلامي، وهو أيضاً أحد مؤسسي اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، والمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية في شاتو شينون .(IESH)
المنظمة في شمال إفريقيا
وكشفت "مذكرةٌ مُسرّبةٌ"، أعدت من جانب الهيئة التونسية للتحاليل المالية؛ أنّ تحقيقاً يجري في البلاد مع مسؤولٍ مرموقٍ في منظمة الإغاثة الإسلامية، على خلفية مخاوف من أنّ الأموال التي مُنحت للفرع التونسي من هذه الجمعية، من جانب الفرع البريطاني لها، استُخدمت لتمويل من يصفون أنفسهم بـ "الجهاديين".
الطريقة التي تعمل بها منظمة الإغاثة الإسلامية هي الإستراتيجية ذاتها التي تستغل العمل الاجتماعي الإنساني للتمدد
التقرير الصادر من جانب الهيئة التونسية، المسؤولة عن التعامل مع عمليات غسل الأموال وتمويل المتشددين في البلاد، كشف أنّ (ع.د) رئيس جمعية خيرية في تونس، حصل على أموالٍ من مصادر وجمعيات مشبوهة أو مرتبطة بالتنظيم الدولي لجماعة "الإخوان".
وتلقى الرجل ما إجماله 2.5 مليون دولار من منظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم، وكذلك من شركة "آي. إن. تي. إل. إف سي ستون" المرموقة للخدمات المالية، التي تتخذ من مدينة نيويورك الأمريكية مقراً لها.
أوضحت التحقيقات التونسية؛ أنّ عشرات الآلاف من هذه الدولارات خُصِّصت لتأجير سيارات أو شرائها، ولدفع مصاريف استهلاك وقود، أو الإقامة في فنادق، أو لشراء هواتف نقالة، في منطقة تشكل بؤرةً ساخنةً للإرهابيين على الحدود مع ليبيا.
خطورة المنظمة على النسيج الأوروبي
أكد بحث أجراه الصحفي الأمريكي المتخصص في شؤون مكافحة الإرهاب، ستيفن إمرسون، في إحدى دراساته عن الإخوان، أنّ المنظمة وجميع المؤسسات التابعة لها، الموزعة على شكل جمعيات ومنظمات وهيئات مستقلة، هدفها الجوانب الثقافية والعلمية والاجتماعية والدينية، ليست أكثر من واجهات "إخوانية" في تيار عالمي له أبعاد سياسية مدروسة.
منظمة الإغاثة الإسلامية، وفق أجهزة أمنية عالمية، قبلت شيكاً من أسامة بن لادن بقيمة 50000 دولار أمريكي
وذكر البحث، المكوَّن من 35 صفحة، أنّ العديد من الجمعيات والمنظمات الإسلامية على علاقة بجماعة الإخوان المسلمين، وتعمل على بناء مجتمعات موازية داخل أوروبا، بقيم تختلف عن قيم المجتمع الأوروبي وعاداته، وقد كشفت عنه السلطات التونسية مؤخراً بأدلة تثبت انخراط منظمة مدعومة من قطر، تتصل بالتنظيم الدولي لجماعة "الإخوان"، وتتستر بالعمل الخيري والإغاثي، لتمويل تنظيمات متشددة ناشطة على الحدود بين تونس وليبيا، وفق بحث إمرسون.
وقال إمرسون في مقال مطول نشره موقع "ربوا تايمز" الإلكتروني، إنّ تلك الأدلة أدت إلى شروع المحققين التونسيين في التدقيق في أنشطة "الجمعيات الخيرية المرتبطة بجماعة الإخوان، والمدعومة من قطر، في منطقة شمال إفريقيا بأسرها"، وليس فيما تقوم به منظمة "الإغاثة الإسلامية"؛ التي تبين ضلوعها في تمويل المتشددين على الحدود التونسية - الليبية، فحسب.
الإمارات تضعها على قوائم الإرهاب
عام 2001؛ بدأت منظمة الإغاثة الإسلامية توضع تحت الأنظار، حينما علمت أجهزة أمنية عالمية أنّها قبلت شيكاً من أسامة بن لادن، بقيمة 50000 دولار أمريكي، وقبلت ما يقارب 60000 دولار أمريكي من جماعات أخرى تابعة لتنظيم القاعدة.
وكي يتأكد المراقب من علاقة المنظمة بشكل أكبر بالإرهاب؛ يتعين مراجعة أوراق القضية المعروفة بـ "التخابر مع حماس"؛ التي اتهم فيها الرئيس المصري الأسبق، محمد مرسي؛ ففي أوراقها ورد أنّ مستشاره، عصام الحداد، تولى إدارة "المنظمة الإسلامية للإغاثة"، أو (ISLAMIC RELIEF WORLDWIDE)، ابتداء من عام 1992 وصولاً إلى 12 تموز (يوليو) 2013، وعقب عزل الجماعة استقال منها، وتبينت في التحقيقات صلات المنظمة مع جماعات متشددة، ما دفع دولة الإمارات فيما بعد لوضعها على "قوائم المنظمات الإرهابية".
اقرأ أيضاً: الإسلام السياسي.. يشوّه العمل الخيري الإنساني
يقول د. سمير غطاس، رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات، لصحيفة "المصري اليوم": إنّ "استقالة عصام الحداد من منصبه كمدير لمنظمة الإغاثة الإسلامية عقب الإطاحة بالمعزول؛ جاءت خوفاً من تتبع أموال التنظيم، أو مصادرتها، أو مخاطبة الجهات الخارجية لتجميدها؛ فهو كان مسؤولاً عن التنسيق بين 64 جمعية في الخارج، وهذا المنصب كان يتطلب عدم الظهور على السطح، وأدار تلك الجمعيات لما له من خبرة في التنسيق بين أفرعها والجماعة بالخارج"، كاشفاً أنّه جرى التحقيق مع المنظمة في مباحث الأموال العامة عقب عزل مرسي.
وتكشف مستندات الدكتور محمد الألفي، أنّه كان هناك تعنت من جهات سيادية داخل مصر تجاه فتح فرع في مصر لمنظمة الإغاثة الإسلامية، التي تتخذ من لندن مركزاً رئيساً لها، حيث تمكنت هذه المنظمة من فتح مقر لها فعلياً في مصر، في عهد محمد مرسي.
الطريقة التي تعمل بها منظمة الإغاثة الإسلامية هي الإستراتيجية ذاتها التي تستغل العمل الاجتماعي الإنساني للتمدد، وهي نفسها التي نادى بها الإخواني جاسم سلطان، وتسمح بتطعيم البنى بشبكة تواصل صلبة، مع التخلي عن الشكل الهرمي المعتمد من قبل الإخوان (العنكبوتي سابقاً)، لصالح شكل مسمار البحر ذي الأذرع الخمسة، حتى يصعب التعرف عليها، من خلال بنيتها السرية المعزولة المحاطة دائماً، بمشاركين آخرين موّهوا صلاتهم بجماعة الإخوان حتى بات من الصعب كشفها.