ميليشيات إيران ترهب أهالي البصرة

ميليشيات إيران ترهب أهالي البصرة


26/09/2018

استقلت هاجر يوسف، الثلاثاء 18 سبتمبر، سيارة أجرة لتنطلق في رحلتها اليومية إلى العمل. كانت تحدق في هاتفها تتابع حسابها على إنستغرام. رفعت رأسها فجأة، لتجد نفسها حادت عن طريقها المعتاد. بدأت تشعر بعدم الارتياح وعرفت أن شيئاً ما سيحدث. سألت السائق، لكن لم يجبها بل زاد في سرعة السيارة ودخل بها في زقاق لا تعرفه.

تتذكر هاجر، وهي ناشطة عراقية ومساعد طبي متطوع، تلك اللحظات الصعبة قائلة “صرخت وحاولت فتح الباب، لكن السائق كان قد أغلق الأبواب. وانحرفت سيارة الأجرة إلى فناء كان ينتظر فيه ثلاثة رجال ملثمين. تقول هاجر في مقابلة بعد عدة أيام من الحادث قالوا لي على الفورسنعلمك درساً. دعوها تكون عبرة للمتظاهرين الآخرين’”.  حينها تبين لهاجر، البالغة من العمر 24 عاما، أن سبب اختطافها وتهديدها يعود إلى مشاركتها في احتجاجات في مدينتها البصرة وإمدادها للإسعافات الأولية في المظاهرات التي عمّت المحافظة الجنوبية العراقية بسبب نقص المياه وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر والبطالة.

قالت هاجر إن الرجال صفعوها وضربوها وخلعوا حجابها. وأضافت “في النهاية، أمسكوا بشعري وحذروني من المشاركة في الاحتجاجات قبل أن يعصبوا عينيّ ويلقون بي في الشارع”، مضيفة أن جسدها ما زال يعاني من كدمات.

وتعتقد هاجر أن اختطافها كان جزءاً، مما وصفته هي وناشطون آخرون، بأنه حملة تخويف واعتقالات تعسفية من جانب ميليشيات شيعية قوية مدعومة من إيران وبعض الجماعات السياسية التي تسيطر على محافظة البصرة.

وخرج سكان البصرة الغاضبون إلى الشوارع في الأسابيع الأخيرة للاحتجاج على قصور بعض الخدمات الحكومية، بما في ذلك تلوث المياه الذي تسبب في إرسال الآلاف إلى المستشفيات.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، تحولت الاحتجاجات إلى أعمال عنف عندما هاجم المتظاهرون وأضرموا النيران في المكاتب الحكومية ومقر الميليشيات المدعومة من إيران وقنصلية إيران في البصرة في استعراض للغضب حول ما يعتبره الكثيرون سيطرة إيرانية كبيرة على الشؤون المحلية.

وتعكس سرعة التحرك الإيراني لفتح مقر القنصلية في البصرة، كما تحركات الجماعات المحسوبة لها سواء من الحكومة أو من خارجها، التأثير المتزايد للميليشيات الشيعية، التي لعبت دوراً رئيسياً في استعادة الأراضي العراقية من مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية. وبرر البعض تواجد الميليشيات في البصرة بأنها تعمل مع السلطات المحلية لتهدئة الاحتجاجات. واتهم باسم الخفاجي، قائد كتائب سيد الشهداء، وهي واحدة من عدة ميليشيات في البصرة، ما أسماهم بـ”بعض العملاء” بتحويل الاحتجاجات إلى أعمال عنف وقال إنه يجب “التعامل مع المخرّبين المزعومين من قبل الأجهزة الأمنية”.

واتهم بعض قادة الميليشيات في البصرة المتظاهرين بالتواطؤ مع الولايات المتحدة التي تعمل على كبح النفوذ الإيراني في العراق.

وتعهد زعيم محلي لميليشيا بارزة بالرد على أعمال العنف بقوله “لدينا صور لأولئك الذين أحرقوا مكاتبنا وسيدفعون ثمن هذا غالياً. وأضاف “لن ندعهم يهاجموننا مرة أخرى، وإذا فعلوا ذلك فسنطلق النار. هذا ما اتفقنا عليه جميعنا”.

وقال مسؤول كبير في جهاز المخابرات بوزارة الداخلية، طلب عدم الكشف عن هويته، إنه تم اعتقال العشرات منذ بدء الاحتجاجات. واعترف بأن آخرين قد تحتجزهم الأحزاب السياسية وميليشياتها، لكنه قال إن مكتبه لا يستطيع تتبع ذلك.

وقال الناشط نجيب اللعيبي إنه تمكّن من تعقب 30 متظاهرا فقط احتجزتهم الأجهزة الأمنية. من بين هؤلاء، أُفرج عن 19 منهم وما زال 11 منهم قيد الاحتجاز. وقال اللعيبي إنه يعتقد أن العشرات لا يزالون محتجزين. وقال مهدي صلاح حسن، 26 عاما، إنه اعتقل من قبل قوات الأمن من خيمة احتجاج في أوائل أغسطس. وقال إنهم كبّلوا يديه وعصبوا عينيه، واحتجزوه في غرفة مع 33 متظاهرا آخرين.

وخلال ثلاثة أيام من الاستجواب العنيفة، قال حسن إنه صُفع على وجهه وضُرب بكابل على قدميه وظهره وعُلّق من ذراعيه في سقف الغرفة؛ ثم نُقل بعد ذلك إلى سجنين آخرين، كل منهما كان يحتجز عدة عشرات من المتظاهرين. وعندما أطلقوا سراحه بعد ستة أيام، قالوا له “لا تشارك في الاحتجاجات أو لن ترى الشمس مرة أخرى”. ومع ذلك، أكّد أنه سيستمر في الاحتجاج.

وقال ناشطان آخران، هما أحمد الوحيلي وسارة طالب، وعمرهما 23 عاماً، إنهما تعرضا للتهديد، حيث قال الوحيلي إن أحد المتصلين المجهولين حذره قائلاً: “لن تكلفنا فقط سوى ثمن رصاصة”. وقالت طالب إنها عادت إلى البيت في أحد الأيام لتجد بابها مفتوحاً وممتلكاتها متناثرة على الأرض. وخلال أحد المظاهرات، اقترب منها شخص وأمرها بالعودة إلى المنزل لأنها تعرض حياتها للخطر.

وقالت يوسف، التي ارتدت معطفا أبيضاً أثناء الاحتجاجات كطبيبة متطوعة، إن التهديدات مستمرة لكنها لن تتراجع. وأكدت “أخرج إلى الشوارع من أجل مدينتي، البصرة، للحصول على خدمات عامة والتخلّص من تلك الميليشيات والأحزاب السياسية. أنا لا أخاف منهما. هذه الميليشيات لن تمنعنا من الخروج حتى نغيّر حياتنا”.

عن صحيفة "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية