منها ملف تسفير الجهاديين.. هل يصلح التقارب التونسي السوري ما أفسده الإخوان؟

منها ملف تسفير الجهاديين.. هل يصلح التقارب التونسي السوري ما أفسده الإخوان؟

منها ملف تسفير الجهاديين.. هل يصلح التقارب التونسي السوري ما أفسده الإخوان؟


05/10/2023

بعدما ظلّ ملف الجهاديين التونسيين في سوريا المتشعب في عهد منظومة الحكم السابقة على الرفوف وحرص المسؤولون فيها على التعتيم عليه بشدة، عبر تجميد كل تحرك قضائي أو حقوقي، من المرجح أن تمثل عودة العلاقات التونسية السورية إلى طبيعتها، فرصة لفتح ملفات عالقة بين البلدين أهمها ملف تسفير الإرهابيين إلى سوريا.

ويمهّد التقارب التونسي السوري لإعطاء دفعة قوية لمسار تحقيقات القضاء التونسي في ملف تسفير جهاديين تونسيين إلى بؤر التوتر والإرهاب خلال عهد حكومة "الترويكا" بزعامة حركة النهضة الإسلامية.

والإثنين الماضي، أدى السفير السوري محمد محمد اليمين الدستورية سفيراً لدى تونس، وفي ضوء هذا أعلنت سوريا في نيسان (أبريل) الماضي، إعادة فتح سفارتها في تونس وتعيين سفير لديها، بعدما اتخذت الأخيرة خطوة مماثلة في وقت سابق.

اتصالات حول الإرهابيين الموجودين في سوريا

وحول الملف، أكد السفير التونسي في سوريا محمد المهذبي وجود اتصالات مع دمشق في ما يتعلق بالتونسيين الذي قاتلوا في صفوف جماعات متشددة في هذا البلد، وذلك في وقت تتواصل التحقيقات القضائية في الملف المعروف إعلامياً بـ"التسفير إلى بؤر التوتر".

وأشار المهذبي في حوار نشرته صحيفة "الوطن" السورية إلى أنّ الكثير "من هؤلاء الإرهابيين موجودون خارج مناطق سيطرة الدولة السورية في الشمال"، مضيفاً "ليس لدينا إحصائية دقيقة لأعدادهم لذلك يصعب علينا معرفة ذلك لأنّنا لا نتعاون إلا مع الدولة السورية".

وكشف المسؤول التونسي عن "وجود تحد في إعادة هؤلاء" إلى بلده، قائلاً "نحن نشترك في مواجهة هذا التحدي .. وتحدي الإرهاب لا يشمل تونس فقط، وإنّما يشمل أفريقيا وجنوب الصحراء، وهذا يتطلب تضافر الجهود من أجل مواجهته".

السفير التونسي في سوريا محمد

وجاءت تصريحات السفير التونسي بالتزامن مع تحقيقات قضائية شملت عدة شخصيات معروفة في الملف المعروف إعلاميا بـ"التسفير إلى بؤر التوتر".

يُذكر أنّ العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وتونس عادت بعد 11 عاماً من القطيعة، بقرار افتتاح سفارة سوريا رسمياً في العاصمة تونس، في ضوء مبادرة أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيّد.

ظلّ ملف الجهاديين التونسيين في سوريا المتشعب في عهد منظومة الحكم السابقة على الرفوف وحرص المسؤولون فيها على التعتيم عليه بشدة

 

إلى ذلك، اعتبر الصحفي والمحلل السياسي بسام حمدي في تصريح لصحيفة "إندبندنت عربية" أنّ إعادة العلاقات بين البلدين بمثابة كلمة سر في قضية تسفير الإرهابيين إلى مناطق النزاع وتصبح تونس قادرة على إصدار إنابة قضائية للقضاء السوري للتحقيق مع عناصر متطرفة تونسية مسجونة في سوريا لنيل اعترافات قد تكشف حقائق تخص ملفات الإرهاب الذي أضر البلدين".

تحقيقات قضائية

وقبل أشهر فتح القضاء التونسي ملف "التسفير إلى بؤر التوتر"، وشملت التحقيقات قيادات سياسية بارزة من بينها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى جانب برلمانيين ورجال أعمال وقيادات أمنية وأئمة مساجد سابقين.

وكان أحد قضاة التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب أصدر بطاقة إيداع في حق علي العريض القيادي في حركة النهضة رئيس الوزراء الأسبق في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بعد التحقيق معه لساعات للاشتباه في أنّه أرسل شباناً للقتال في سوريا، بينما نفت الحركة في بيان حينها أي علاقة للعريض بالملف.

كما شملت تحقيقات الملف نورالدين البحيري نائب رئيس حركة النهضة الإسلامية وزير العدل الأسبق للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بمنح وثائق رسمية وجوازات سفر على نحو مخالف للقوانين.

يمهّد التقارب التونسي السوري لإعطاء دفعة قوية لمسار تحقيقات القضاء التونسي في ملف تسفير جهاديين تونسيين إلى بؤر التوتر والإرهاب

 

ويرى مراقبون أنّ البحيري لعب دوراً مفصلياً في التعتيم على ملف تسفير الجهاديين التونسيين إلى بؤر التوتر والإرهاب، فيما يحمّله البعض مسؤولية "تدجين القضاء" خلال تولّيه وزارة العدل عبر إرساء ما يعرف بـ"قضاء البحيري".

وفي القضية ذاتها أمر قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب العام الماضي بسجن كل من فتحي البلدي، رئيس ديوان وزير الداخلية الأسبق، ومحرز الزواري، المدير العام الأسبق للمصالح المختصة بوزارة الداخلية، وسيف الدين الرايس، المتحدث الرسمي السابق باسم تنظيم "أنصار الشريعة" المصنف تنظيماً إرهابياً، في انتظار انتهاء التحقيق في القضية.

وكان متحدث قضائي قد أفاد في تصريحات إعلامية سابقة أنّ التحقيقات في ملف التسفير تشمل أكثر من 800 شخص.

وفي العام 2017، قدّرت وزارة الداخلية عدد التونسيين الموجودين في بؤر التوتر آنذاك على غرار سوريا والعراق وليبيا بنحو 2929 شخصاً.

وكانت اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب (حكومية) التي تشكلت في 2019، قدمت إحصائية ثانية لعدد التونسيين في بؤر التوتر، قائلة إنّ "عدد التونسيين في بؤر التوتر بلغ حوالي ثلاثة آلاف، عاد منهم إلى تونس 1000 عنصر إرهابي، في الفترة الفاصلة بين 2011 وحتى تشرين الأول (أكتوبر) 2018".

النهضة مورطة في التسفير

وخلال عقد من حكم هيمن عليه الإسلاميون بقيادة حركة النهضة، التحق بالتنظيمات المتطرفة آلاف الجهاديين التونسيين منهم من قتل ومنهم من اعتقلته قوات النظام السوري وبعضهم عاد إلى البلاد.

 

خلال عقد من حكم هيمن عليه الإسلاميون بقيادة حركة النهضة التحق بالتنظيمات المتطرفة آلاف الجهاديين التونسيين منهم من قتل ومنهم من اعتقلته قوات النظام السوري

 

وتحوم الشبهات حول تورط الحركة في تسفير الجهاديين للقتال في سوريا وتقدرهم منظمات حقوقية بالآلاف، لكنها تنفي أي علاقة لها بالقضية.

هذا وقد كشف عدد من الجهاديين التونسيين الذين ألقت عليهم السلطات السورية القبض خلال السنوات الماضية عن مسار رحلتهم إلى سوريا بداية بالتجنيد والاستقطاب إلى تجميعهم في مراكز تدريب في ليبيا قبل أن يتم نقلهم في رحلات إلى إسطنبول ومنها إلى الأراضي السورية.

يُذكر أنّ التحقيقات في الملف بدأت بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 تموز (يوليو) 2021 وشملت عدداً من قيادات النهضة يتصدّرهم زعيمها راشد الغنوشي الذي خضع للاستجواب في القضية.

مواضيع ذات صلة:

جدل العلاقة بين حركة النهضة الإخوانية وجبهة الخلاص في تونس

هل تكون جبهة الخلاص بوابة تنازلات النهضة لاسترضاء قيس سعيد؟

تونس... هل ينجح البرلمان الجديد في ما فشل فيه برلمان الإخوان؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية