معارضو النظام الإيراني في ميونخ: كيف نتفادى صناعة بدائل مزيفة للملالي؟

معارضو النظام الإيراني في ميونخ: كيف نتفادى صناعة بدائل مزيفة للملالي؟

معارضو النظام الإيراني في ميونخ: كيف نتفادى صناعة بدائل مزيفة للملالي؟


26/02/2023

احتشد معارضو النظام الإيراني، في ميونخ، للاحتجاج ورفض سياسات الملالي، ودعم الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في غالبية مدن وأقاليم طهران، منذ أيلول (سبتمبر) العام الماضي، إثر مقتل الفتاة الكردية الإيرانية مهسا أميني، على يد دورية "شرطة الأخلاق".

احتجاج غير هادئ

وفي النسخة التاسعة والخمسين لمؤتمر ميونخ للأمن، تضمنت النقاشات عدة قضايا وملفات سياسية وأمنية ملحة، منها الحرب الروسية الأوكرانية، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي وموضوع "حل الدولتين"، فضلاً عن أزمة نووي إيران ثم علاقة طهران بدول الخليج.

وقال حسین داعي الإسلام عضو المجلس الوطني للمقاومة الإیرانیة، إنّ الانتفاضة في إيران ما تزال تزلزل الأرض تحت أقدام نظام "الولي الفقيه" في إيران، مؤكداً لـ"حفريات" أنّ الشعب الإيراني يواصل في مختلف المدن الإيرانية التعبير عن معارضة النظام والمطالبة بإسقاطه.

وذكرت وکالة "أسوشيتد برس" في تقریر لها، مؤخراً، أنّ دعوات التغيير في إيران تصل حتى إلى قلب مدينة قم الإيرانية، وهي المدينة المقدسة لدى الشيعة وتتواجد فيها مقرات الحوزات العلمية الدينية بينما تعد مركز النخبة الولائية الداعمة للنظام، الأمر الذي يؤشر إلى الاحتجاج ضد الحكومة الإسلامية ونبذ نمط الحكم الديني والبحث عن بدائل مدنية ديمقراطية.

ووفق داعي الإسلام، فإنّ الشعب الإيراني يحتج على انتهاك حقوقه الاجتماعية والسياسية على مدار أربعة عقود من الزمن؛ فصّعد الإيرانيون، مؤخراً، نشاطهم الاحتجاجي من خلال الانتفاضة داخل وخارج البلاد لتوجيه رسالة واضحة للنخبة الحاكمة بإيران، وكذا قوى المجتمع الدولي، مفادها رفض الشعب الثائر لـ"الولي الفقيه"، ورغبته في طي صفحة النظام السابق، والإصرار على تدشين نظام ديمقراطي.

المعارض الإيراني حسين داعي الإسلام: نحو تدشين نظام ديمقراطي

ويردف: "خلال الأیام الماضیة تظاهر الإیرانیون داخل البلاد في أكثر من 10 مناطق منها العاصمة طهران، کما نظم المحتجون یوم الجمعة الماضیة في منطقتي زاهدان وخاش، تظاهرات كبيرة ورددوا هتافات منها: "الموت للظالم سواء كان الشاه أو خامنئي"، وهو الهتاف المركزي للتظاهرات الذي تردد في قلب أوروبا مع نزول المتظاهرين للاحتجاج في شوارع مدينة ميونيخ الألمانية بالتزامن مع مؤتمر ميونخ للأمن، حيث نظموا مظاهرات ومسيرات تحت عنوان: "لا لنظام الشاه ولا لنظام الملالي، نمضي قدماً إلى الأمام نحو جمهورية ديمقراطية". هذا يعكس إرادة الحرية والاستقلال لدى الشعب الايراني".

ورقة ابن الشاه

ووفق عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فإنّ النظام وشركاءه الدوليين استخدموا "ورقة ابن الشاه حتى يلعب دور المعارض والبديل المحتمل للنظام"، الأمر الذي يحقق للنظام في إيران الاستقرار السياسي، ويحمي السلطة من ضربات المعارضة الحقيقية، فـ"النظام يدرك كراهية الشعب لنظام الشاه الديكتاتوري، بالتالي، يلعب على تخوفاتهم من سقوط نظام خامنئي فيصطدم الشعب بفلول الحكم السابق الممثل في الشاه. فتكون المعادلة السياسية هي أنّه إذا أطيح بالنظام الحالي، فإنّ النظام السابق المكروه سيحل محله. وسيقول أبناء الشعب لأنفسهم إنّنا أسقطنا قبل 44 عاماً نظام الشاه بفعل انتفاضة قوية، فهل نمضي إلى العودة للوراء مجدداً؟ وبما إنّ ابن الشاه لا يملك إمكانية قلب النظام ولا یرید ذلك، فإنّ تنصيبه في مؤتمر دولي ضد المقاومة الإیرانیة سيكون لصالح النظام ويغلق طريق الإطاحة به".

المعارض الإيراني مهدي عقبائي لـ"حفريات":  دعوة رضا بهلوي، ابن الشاه المخلوع لمؤتمر ميونخ، خطأ فادح، إذ لا يمكن أن يكون هو البديل السياسي للمحتجين بإيران

في السنوات السابقة، خدع النظام المجتمع الدولي وقطاعات ليس بالقليلة من الشعب الإيراني من خلال "لعبة" أو ثنائية التيار الإصلاحي والمتشدد، وفق المصدر ذاته، موضحاً أنّ النظام حاول الاستعانة بالتيار الإصلاحي لإقناع الشعب بـ"الإصلاح والتعدیل لمدة 20 عاماً، وطرح فكرة أنّ النظام يمكن إصلاحه من الداخل. ومنذ فترة طويلة فشلت هذه الحیلة. لهذا السبب، فإنّ أجهزة مخابرات النظام تراهن، الآن، علی ابن الشاه لتكرار اللعبة، وربما بهذه الطريقة یستطیع إخماد الانتفاضة أو إبطاء وتيرتها".

في نقاش بخصوص "الدور الجيوستراتيجي لدول الشرق الأوسط" انخرط فيه كل من الشيخ سالم الصباح، وزير الخارجي الكويتي، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، تم افتتاح الحوار بسؤال للوزير الكويتي حول أسباب تماهي وارتباط الموقف السياسي الكويتي مع الموقف الغربي تجاه قضية الغزو الروسي لأوكرانيا، فقال الصباح: "الكويت تبني موقفها لسببين، الأول أنّ بلاده ضد أي احتلال وتغيير الحدود بالقوة من حيث المبدأ، وثانياً لأنّ الكويت نفسها تعرضت لتجربة الغزو قبل أكثر من ثلاثين عاماً من العراق وتعلم ماذا يعني الغزو بالنسبة للناس". وعليه، فإنّ موقف الكويت قائم على المبدأ والخبرة بهذا الشأن.

الخليج وإيران في عالم متغير

ونفى الأمير السعودي وزير الخارجية، أن يكون موقف السعودية مغايراً لموقف دول مجلس التعاون الخليجي أو حتى القانون الدولي تجاه الحرب في أوكرانيا، وقال بن فرحان: "مازلنا نحافظ على حوار مفتوح مع روسيا لأنّنا في مجلس التعاون نؤمن أنّ علينا الحفاظ على هذا الاتصال لأنّه يسهل الحوار كما أنّ لنا علاقات مع روسيا من خلال أوبك بلاس… فهدفنا هو الحفاظ على سوق مستقرة للنفط. نريد الحفاظ على علاقات طيبة مع كل القوى المؤثرة على الصعيد العالمي".

وفي جلسة جاءت بعنوان: "المرأة، الحياة، الحرية"، تحدث فيها ولي عهد إيران السابق، رضا بهلوي، ومعارضين للنظام الإيراني منهم نازنين بنيادي، ومسيح علي نجاد، تم استعراض الوضع الداخلي بإيران وفضح جرائم النظام بخصوص قمع الاحتجاجات، فضلاً عن نشاطاتهم المعادية للقوى الإقليمية والدولية، ومنها دعم الميلشيات في سوريا والعراق واليمن، وكذا تسريع وتيرة تخصيب اليورانيوم، بالإضافة لدور طهران في الحرب الروسية الأوكرانية. كما شدد كل من هانت نيومان، ممثلة ألمانيا في البرلمان الأوروبي، وبوب منينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، على ضرورة وقف التفاوض مع النظام الإيراني.

وخلال الجلسة، قال ولي عهد إيران السابق، رضا بهلوي: "الإيرانيون متحدون ضد النظام ويتوقعون دعماً منسجماً من المجتمع الدولي لتطلعاتهم".

وفي حديثه لـ"حفريات" وصف عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مهدي عقبائي، ظهور ولي عهد إيران السابق، في مؤتمر ميونخ، بأنّه عملية "صناعة البدائل المزيفة لإيران".

قال عضو المجلس الوطني‌ للمقاومة الإيرانیة‌ في تصریح لـ"حفريات" إنّ سجل التاريخ يحفل بوقائع سيئة تذكرنا بـ"أخطاء تاريخية فادحة لا يجب أن تتكرر، خاصة إن كانت تلك الأخطاء تفاقم معاناة الشعوب، ولا تضع في الاعتبار محاولاتهم للثورة على الظلم، وبالتالي، ليس من المقبول الرجوع لحقبة زمنية في تاريخ إيران لا تختلف عن نمط الحكم الراهن".

نهاية الملالي الحتمية

ويرى عقبائي أنّ دعوة رضا بهلوي، ابن الشاه المخلوع منذ أكثر من أربعين عاماً، مع الصحفية والناشطة الإعلامية مسيح علي نجاد، لحضور مؤتمر ميونخ للأمن، يعد "خطأ فادح"، إذ لا يمكن أن يكون هذا النموذج هو "البديل السياسي" الذي يطمح له المحتجون بإيران، وقد تم طرد كل من روسيا وإيران لأسباب تتعلق بالحرب اللا إنسانية على أوكرانيا، وكذا القمع الوحشي للملالي لثورة غير مسبوقة مستمرة منذ 16 أيلول (سبتمبر) 2022.

ووفق عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فإنّه لا يمكن لهذا الخطأ أن يكون قد "وقع سهواً" من قبل منظمي المؤتمر، بل إنّه يبعث برسائل واضحة مفادها أنّ بعض الأطراف الدولية تحاول فرض "بدائل غير عملية" و"غير حقيقية لنظام الملالي"، في محاولة مقصودة لحرف مسارات الثورة الإيرانية عن أهدافها الحقيقية.

في السنوات السابقة، خدع نظام الملالي المجتمع الدولي وقطاعات واسعة من الشعب الإيراني من خلال "لعبة" أو ثنائية التيار الإصلاحي والمتشدد

ويردف: "ما لا يعلمه الكثيرون أنّه في زمن الشاه الأب، كان هناك نوع من التحالف غير المعلن بين دكتاتورية الشاه والملالي الرجعيين. فكل طرف منهما كان يستمد القوة والشرعية من السردية الدينية أو الوطنية بشكل نفعي وانتهازي. كما أنّ كلاً منهما يعتمد في إدارته للحكم على آليات قمعية ضد أيّ مبادئ وطنية وقانونية تحترم الحريات وحقوق الإنسان، مع الأخذ في الاعتبار أنّ الشاه هو من انقلب على محمد مصدق الذي اصطدم بالغرب بعد تأميم شركات النفط البريطانية".

في المحصلة؛ نحن أمام "صورتين ديكتاتوريتين متباعدتين زمنياً تحملان نفس الأفكار الاستبدادية بأساليب وأدوات مختلفة"، يقول عقبائي. ويؤكد أنّ ما يجب أن يدركه المجتمع الدولي جیداً هو أنّ الثورة الحالية "ليست ثورة لإعادة نظام بائد وشاه مخلوع، بل هي استمرار لثورة عام 1979 التي سرقها الملالي وركبوا موجتها منذ البداية، ورفض سائر أشكال الديكتاتورية سواء كانت بعمامة أو ببزة مدنية أو عسكرية".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية