مصر استنفدت الحلول السلمية في أزمة سد النهضة... فهل اقتربت المواجهة العسكرية؟

مصر استنفدت الحلول السلمية في أزمة سد النهضة... فهل اقتربت المواجهة العسكرية؟


27/06/2021

قبل أسابيع قليلة من الموعد الذي أطلقته إثيوبيا للملء الثاني لسد النهضة في موسم هطول الأمطار، وتحديداً في تموز (يوليو) وآب (أغسطس) المقبلين، طالبت كل من مصر والسودان مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة لمناقشة أزمة السد، خصوصاً بما يمثله الملء الثاني من تهديد للملايين. 

وواجهت إثيوبيا ذلك الطلب بالمزيد من العصبية والتصريحات الاستفزازية، لما يمكن أن تمثله تلك الجلسة من تعرية لإثيوبيا أمام المجتمع الدولي، ومن ثم تمهد لسبل أخرى ليست سياسية، في مؤشرات متزايدة على إمكانية لجوء دولتي المصب مصر والسودان إلى عمل عسكري لوقف ذلك الملء. 

 

ألمح المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية صامويل وربيرغ إلى تصاعد احتمالية لجوء مصر إلى الخيار العسكري

ومن المتوقع أن يحظر قرار مجلس الأمن أو يرجئ الملء الثاني لحين التوصل إلى اتفاق بين الدول الـ3، ورفض إثيوبيا ذلك القرار ومضيها قدماً في الملء، وهو ما تؤكده تصريحات إثيوبية مراراً وتكراراً، يعني تبرير أي تصعيد مصري - سوداني أمام المجتمع الدولي، وهنا تتصاعد احتمالية السيناريوهات العسكرية. 

وبالتوازي، تؤكد مصر تمسكها بالسبل السياسية إلى أقصى درجة، وكذلك عدم استبعادها استخدام الحل العسكري، وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في تصريحات متلفزة ليل الجمعة: "نسعى دائماً إلى استخدام الوسائل السلمية، ونلجأ إلى الأجهزة والآليات الدولية، لكنّ هذا لا ينفي أنّ لدينا القدرة ولدينا الإصرار على عدم الإضرار بمصلحة الشعب المصري، وفي حال وقوع الضرر بالتأكيد لن تتهاون الدولة المصرية في الدفاع عن مصالح شعبها".

وزير الخارجية المصري سامح شكري

وأضاف بحسب ما نقله موقع روسيا اليوم: لا نتهاون في حقوقنا وفي مصلحتنا، ونسلك في كل مرحلة بالعناصر والإمكانيات المتوفرة لدينا التي تتناسب مع الوضع والحالة القائمة. 

وألمح المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية صامويل وربيرغ إلى تصاعد احتمالية لجوء مصر إلى ذلك الخيار (العسكري) حين قال: إنّ بلاده "لن تترك 100 مليون مصري بدون مياه"، مؤكداً أنها ستدفع لاستئناف مفاوضات سد "النهضة" المتعثرة، وأضاف أنّ الولايات المتحدة تهدف للوصول إلى اتفاق سلمي مناسب لجميع الأطراف في قضية سد النهضة، دون اللجوء إلى أي حل آخر. 

 

زعمت إثيوبيا في رسالتها إلى مجلس الأمن أنه منذ بدء المفاوضات بقيادة الاتحاد الأفريقي  عطلت مصر والسودان العملية 9 مرات

وكان رئيس أركان حرب الجيش المصري الفريق محمد فريد في زيارة إلى كل من الكونغو والسودان استمرت عدة أيام.

من جانبها، هاجمت إثيوبيا طلب مصر من مجلس الأمن التدخل في أزمة السد، وطالبت أديس أبابا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية، مجلس الأمن الدولي بتشجيع مصر والسودان على احترام العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي، وعلى التفاوض بحسن نية فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي.

وقالت إثيوبيا: إنّ الإجراءات الأخيرة التي أقدمت عليها مصر والسودان تمثل استمراراً لمخطط معدٍّ جيداً بهدف "تقويض العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي وإعلان عدم فعاليتها في نهاية الأمر"، وأوضحت أنّ هذا لن يؤدي سوى إلى تآكل الثقة بين الدول الـ3.

 

هاجمت إثيوبيا طلب مصر من مجلس الأمن التدخل في أزمة السد، وطالبت المجلس بتشجيع مصر والسودان على احترام العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي

وأشارت إلى أنّ "البلدين حاولا خنق العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي عبر إدخال قضايا غير ذات صلة في المناقشات، من خلال إضفاء الطابع الأمني غير الضروري وتدويل المسألة، وجرّ الجامعة العربية إلى الموقف لزيادة تعقيد القضية".

رئيس أركان حرب الجيش المصري الفريق محمد فريد

وزعمت إثيوبيا في رسالتها إلى مجلس الأمن أنه، منذ بدء المفاوضات بقيادة الاتحاد الأفريقي  عطلت مصر والسودان العملية 9 مرات، وهو ما قوّض الجهود الحقيقية للاتحاد وعرقل إجراء مناقشات مثمرة، وأنّ إصرار دولتي المصب، مصر والسودان، على عدم السماح لإثيوبيا، دولة المنبع، بملء السد دون موافقة منهما، لا يدعمه القانون أو الممارسات الدولية.

 

أكد شكري أنّ المفاوضات الجارية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي بشأن سد النهضة فشلت في تحقيق أي نتيجة، رغم الجهود المبذولة، وذلك نتيجة لـ"التعنت الإثيوبي"

وفي الإطار ذاته، أطلق مسؤولون إثيوبيون تصريحات عدة عدّتها القاهرة استفزازية، فقد قال مدير إدارة الهندسة في وزارة الدفاع الإثيوبية الجنرال بوتا باتشاتا ديبيلي لموقع روسيا اليوم: إنّ أديس أبابا لا تسعى لحسم ملف سد النهضة عسكرياً، لكنهم جاهزون لذلك السيناريو، مشدداً على أنّ مصر لا تستطيع تدمير السد حتى لو أرادت ذلك. 

اقرأ أيضاً: بشهادة أمريكية.. مصر تمارس ضبط النفس أمام استفزازات إثيوبيا في سد النهضة

من جانبه، وصف وزير الخارجية المصري التصريحات الإثيوبية بالاستفزازية، قائلاً في تصريحات متلفزة: هذا نهج عرفناه على مدى الأعوام الماضية من تصريحات استفزازية لا تؤدي إلى تحقيق الوئام وإشاعة روح التعاون، وأيضاً الإصرار على فرض الإرادة المنفردة. 

ورفض شكري إصرار إثيوبيا على القول إنّ ملف سد النهضة خارج تفويض مجلس الأمن الدولي، واصفاً ذلك بأنه "محاولة أخرى للتهرب والتنصل من الآليات التي تستطيع التعامل مع هذه القضية".

مدير إدارة الهندسة في وزارة الدفاع الإثيوبية الجنرال بوتا باتشاتا ديبيلي

ولفت الوزير المصري إلى أنّ مجلس الأمن عبارة عن الجهاز الأممي المتوافق عليه دولياً وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، والمعني بحفظ الأمن والسلام الدوليين، ولذلك "لديه كل الصلاحية في تداول أي قضية".

وتابع رداً على الاتهامات الإثيوبية الموجهة إلى مصر والسودان بتدويل ملف سد النهضة: "ليس هناك أي تدويل للأمر، بل استخدام الآليات المتوفرة الدولية المختصة بذلك، ولذلك قدّمت مصر اليوم خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن لطلب عقد جلسة، دعماً للخطاب الذي تقدّم به السودان في الاتجاه نفسه".

وأكد شكري أنّ المفاوضات الجارية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي بشأن سد النهضة فشلت في تحقيق أي نتيجة، رغم الجهود المبذولة، وذلك نتيجة لـ"التعنت الإثيوبي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية