ما مصير المسجد الأقصى بعد جلب البقرات الحمراء الخمس؟

ما مصير المسجد الأقصى بعد جلب البقرات الحمراء الخمس؟

ما مصير المسجد الأقصى بعد جلب البقرات الحمراء الخمس؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
07/08/2023

زعمت شخصيات مقدسّية أنّ منظمات دينية يهوديّة، تمهد لهدم المسجد الأقصى المبارك استعداداً لإقامة الهيكل المزعوم الثالث على أنقاضه، وذلك بدعم مالي سخى وحماية من الحكومة الإسرائيلية، بعد أنّ أحضرت منظمات الهيكل خمس بقرات تمهيداً لذبحها وحرقها على جبل الزيتون المقابل للمسجد، إيذاناً ببدء طقوس إقامة الهيكل المزعوم، حيث يعتبر المخطط بداية لمرحلة حاسمة تقوم بها إسرائيل للانقضاض على المسجد الأقصى.
وتتسارع خطوات التهويد للمسجد الأقصى وتتطور بشكل غير مسبوق خلال الفترة الحالية، من خلال تصاعد موجة الاقتحامات بأعداد كبيرة ومتزايدة من المستوطنين بمشاركة كبار الحاخامات اليهود ووزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، حيث دانت الخارجية الفلسطينية ودولاً عربية واسلامية اقتحامات كبار الحاخامات والوزراء للمسجد الأقصى، والتي تمثل غطاء رسمياً لمزيد من الاقتحامات والاعتداءات بحق المقدسيين والمسجد الأقصى المبارك.
وتتزامن الضجة الإسرائيلية حول اسّتجلاب البقرات الخمس التي وصلت إلى مطار بن غوريون قادمة من الولايات المتحدة، مع شيوع اعتقادات يهودية مفادها أنّ ولادة بقرة حمراء بلا عيوب يُنبئ بأنّ مجيء المسيح يقترب، وفي أعقابه يتم بناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، كما أنّ فتوى دينية يهوديّة تنص على منع اقتحام المسجد الأقصى أو جبل الهيكل بدون تحقيق شرطي الطهارة ومجيء المخلص المنتظر، وهو ما دفع جماعات الهيكل إلى إحضار البقرات قبل ذبحها وحرقها وخلط الرماد بماء يتطهر به المستوطنين.
تورط الحكومة
تقارير إسرائيلية كشفت عن تورط الحكومة الإسرائيلية في خطوات التحضير لإقامة الهيكل الثالث مكان مصلى قبة الصخرة في المسجد الأقصى، حيث إنّ مدير عام وزارة شؤون القدس في الحكومة الإسرائيلية ناث نيال يتسحاق، قد أشرف مباشرة على جلب البقرات، في حين تقف المنظمتان اليمينيتان (بونا) وهي منظمة إسرائيلية تتكون من مسيحيين إنجيليين وأشخاص يمينيين، ومعهد (مكداش) على تطبيق المخطط التهويدي.

 الباحث والمختص في شؤون القدس فخري أبو دياب: الفلسطينيون يعيشون مرحلة هي الأخطر في تاريخ الصراع
القناة العبرية " الـ 13 " ذكرت، أنّ هناك عمليات تجرى على السطح قد تغير الصورة بالكامل، ففي الآونة الأخيرة وبالتعاون مع الوزارات الحكوميّة، تبذل العديد من الجهود لتنفيذ رؤية غيبية من وقت تدمير الهيكل الثاني، وبموجبها فإنّ حرق بقرة حمراء سيّمكن من وصول ملايين اليهود إلى المسجد الأقصى وإقامة الهيكل الثالث على أنقاضه، ويعلق مؤيدو تحقيق هذه الرؤية الغيبية آمالهم على البقرات الخمس الحمراء، التي تم إحضارها إلى إسرائيل بالطائرة من ولاية تكساس الأمريكية.

الباحث فخري أبو دياب لـ"حفريات": جلب البقرات إلى إسرائيل مؤشر خطير لبدء خطوات عملية وفرض وقائع جديدة من قبل منظمات الهيكل الإسرائيلية على المسجد الأقصى


وبحسب مراقبين، فإنّ الخطوة تعكس تنامي المعتقدات التوراتيّة، وتوجه المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف الديني والمعتقدات التوراتية لبناء الهيكل الثالث المزعوم مكان قبة الصخرة، حيث تتوافق الأحزاب اليهودية المشاركة بالائتلاف الحكومي على ضرورة تنفيذ فكر بناء الهيكل، الأمر الذي أدى لتسارع رصد الميزانيات الخاصة بالتجهيزات أملاً في تحقيق الهدف.
مؤشر مقلق
وفي تعقيبه على تداعيات جلب إسرائيل البقرات على المسجد الأقصى، يقول الباحث والمختص في شؤون القدس فخري أبو دياب إنّ "جلب البقرات إلى إسرائيل، مؤشر خطير لبدء خطوات عملية وفرض وقائع جديدة من قبل منظمات الهيكل الإسرائيلية على المسجد الأقصى، خاصة وأنّ حكومة اليمين المتطرف تدعم مساعي تلك المنظمات في إقامة الهيكل الثالث المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى".
وأوضح أبو دياب لـ"حفريات": "الفلسطينيون يعيشون مرحلة هي الأخطر في تاريخ الصراع تتجاوز الدور المقدسي أو الفلسطيني، وتحتاج لتدخل حقيقي حاسم من الدول العربية والعالمية، لوقف مخططات الجماعات الدينية التي تتلقى الدعم من الحكومة الإسرائيلية، والتي قد تؤدي إلى إشعال المنطقة، في ظل استمرار الحفريات أسفل المسجد وإقامة المعاهد والمعابد الدينية". 

أيّ خطوة تهويدية كإزالة للمسجد الأقصى أو أيّ أجزاء منه، ستؤدي إلى نشوب حرب تاريخية سواء على المستوى الفلسطيني أو الإقليمي، وستغير وجه الشرق الأوسط



وبين أنّ "الجماعات الإسرائيلية الدينية تقود خطوة تهويد حقيقية وخطيرة، وليس مناورة سياسية من قبل الحكومة التي تعانى من الانشقاق والصراعات الداخلية، في حين تعتبر هذه الخطوة بمثابة الورقة الرابحة بالنسبة لجماعات الصهيونية الدينيّة ومنهم سموتيرتش وبن غفير، فهي تساهم في بقائهم في سدة الحكم وتجمع معهم أعداداً كبيرة من الداعمين من مختلف الأطياف الدينية الإسرائيلية، وخاصة ممن يعارضون سياسات الحكومة في ظل التعديلات القضائية التي أحدثت الفوضى في البلاد".
ولفت إلى أنّ "الواقع الحاليّ للمسجد الأقصى صعب، في ظل استمرار سياسة تقسيم المسجد زمانياً ومكانياً ومحاولة نزع الوصاية الأردنيّة الإدارية للمسجد، للاستفراد به وتحقيق الأطماع التي تنوى جماعات الهيكل تطبيقها، من أجل تحقيق السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى وتشويش الوجود الإسلامي فيه".   
هجمة شرسة
من جهته، أكد رئيس الهيئة المقدسيّة لمناهضة التهويد ناصر الهدمي أنّ "المسجد الأقصى يعاني من هجمة شرسة غير مسبوقة، بدءاً بمنع ترميم المسجد في ظل تساقط الأحجار واستمرار الحفريات أسفله، مروراً بسياسة الاعتقال والابعاد المتواصلة بحق المرابطين وموظفي المسجد، وصولاً إلى التهديد بهدم الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم".

رئيس الهيئة المقدسيّة لمناهضة التهويد ناصر الهدمي
وأشار الهدمي في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ "حالة الصمت العربي والاسّلامي تجاه القضية الفلسطينية والمقدسات، منح ذلك الفرصة للإسرائيليين للتمادي على عقيدة الأمة الإسّلامية بانتهاك حرمة المقدسات الإسلامية، وباتت إسرائيل لا تحسب أي حساب لأيّ تحرك عربي ولا لأي ردة فعل، لذلك تسير نحو مخطط إزالة المسجد وتغيّر الوضع القائم".
 ولفت إلى أنّ " فكرة إقامة الهيكل المزعوم قديمة ومتجذرة لدى شرائح واسعة من التيّارات الإسرائيلية، وكذلك بين أوسّاط ما يسمى اليسار الصهيوني اليهوديّ، ولكن تستغل المنظمات حالة التراخي العالمي حالياً، والتسهيلات والدعم المقدم من قبل الحكومة الإسرائيلية مادياً ومعنوياً، لتنفيذ مخططاتها والسيطرة على الأقصى كاملاً لليهود".
وتوقع الهدمي أنّ تؤدي أيّ خطوة تهويدية خطيرة كإزالة للمسجد أو أيّ أجزاء منه، إلى "نشوب حرب تاريخية سواء على المستوى الفلسطيني أو الإقليمي، وستغير وجه الشرق الأوسط وستكون بمثابة الجحيم على دولة إسرائيل، لما تحمله الخطوة المرتقبة من قبل المنظمات الدينيّة من حماقة واستفزاز لمشاعر المسلمين حول العالم".   



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية