ما بين الأمني والسياسي... الكشف عن تفاصيل محاولة اغتيال الكاظمي

ما بين الأمني والسياسي... الكشف عن تفاصيل محاولة اغتيال الكاظمي


01/12/2021

خلافاً لما كان متوقعاً لدى المتابعين بأن يكشف مستشار الأمن القومي العراقي "قاسم الأعرجي" تفاصيل ذات دلالة تشير بالاسم إلى الجهات التي تقف وراء المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس الوزراء العراقي، جاءت تصريحاته حول نتائج التحقيقات بالعملية عامّة، بل إنه طلب باسم لجنة التحقيق "من يملك دليلاً حول الحادثة، ونحن بعيدون عن أيّ سجال سياسي".

اقرأ أيضاً: بعد إعلان نتائج الانتخابات النهائية...الفصائل العراقية الموالية لإيران تلوح بالتصعيد

تصريحات الأعرجي ذهبت باتجاهين؛ الأوّل: تفاصيل العملية وكيفية تنفيذها وأبعادها وتفاصيلها الأمنية، والثاني: تشكيل لجنة التحقيق وآليات عملها، فعلى صعيد تفاصيل العملية، أكد "أنّ الهجوم على منزل رئيس الوزراء تمّ بطائرتين مسيّرتين، وإلقاء مقذوفتين؛ إحداهما على سطح منزل الكاظمي، والثانية في باحته"، مشيراً إلى أنّ المقذوفات والطائرات صناعة محلية" تمّ تجميعها في العراق"، وأنّ هناك "تقصيراً أمنياً برز من خلال تفجير مقذوفة لم تنفجر قبل رفع البصمات عنها، وهو ما تقرّر معه إلقاء القبض على الفريق الجنائي المختص، في إشارة إلى شبهة تعاون مع منفذي العملية، وأكّد الأعرجي أنّ الأمن العراقي تمكّن من تحديد إحداثيات منطقة الإطلاق، التي تبعد عدّة كيلو مترات عن منزل رئيس الوزراء المحصّن.

أمّا الاتجاه الثاني المتمثل بلجنة التحقيق، فقد أكّد الأعرجي أنّها عراقية خالصة، و"تقوم بواجبها دون أيّ ضغوطات، وتنفذ واجبها الوطني، ولم تتهم لغاية الآن شخصاً أو جهة، والتحقيق يحتاج لمزيد من الوقت"، مبيناً أنّ "رئيس الوزراء أوصى لجنة التحقيق بالحيادية والمهنية، وأن تكون مصلحة البلد نصب الأعين"، وأضاف: "نمتلك خيوطاً مهمّة للوصول إلى الحقيقة، ويجب منح التحقيقات الوقت الكافي توخياً للدقة"، داعياً إلى "تعاون الجميع" لتحديد الأطراف التي تعبث بأمن البلد.

 تقرير لجنة التحقيق لم يُشر لا إلى إيران ولا إلى فصائل موالية لها، مع تأكيدات أنه أوّلي، أي أنّه قد يصدر تقرير ثانٍ وثالث حول العملية

المعلومات التي قدّمها الأعرجي حول محاولة الاغتيال، إن كان على صعيد تفاصيل العملية، أو آليات عمل اللجنة، جاءت مدروسة وموزونة، ولم تُشر إلى أيّ دور لإيران أو فصائل الحشد الشعبي العراقي المتهمة بالوقوف وراء العملية، في الوقت الذي كانت فيه كلّ التصريحات من رئاسة الحكومة، ومن الزعيم الشيعي "مقتدى الصدر" تؤكد أنّ لديهم معلومات كافية.

وبالتفاصيل عن الجهة التي تقف وراء العملية، بما في ذلك التخطيط للعملية، وتفاصيل الأسلحة المستخدمة، وبالاستناد إلى التفاصيل التي قدّمها الأعرجي، مع تأكيده أنها أوّلية، وأنّ التحقيقات مستمرة، يمكن تسجيل الملاحظات التالية على التقرير، بما فيها من تساؤلات حول أسباب ظهور التقرير بهذه الصورة:

اقرأ أيضاً: العراق في مواجهة شح مائي أسرع من المتوقع... ما علاقة إيران؟

أوّلاً: كان الحذر واضحاً في مجمل التقرير، وهو ما يؤكّد خضوعه للحذف والزيادة، وتحديداً عند اقترابه من صياغات كان يفترض أن تشير إلى إيران، بما في ذلك عدم الحديث بالاسم عن الجهة المنفذة، والأسلحة المستخدمة، بالتأكيد أنها صناعة محلية، تمّ "تجميعها" في العراق، دون الإشارة إلى مصدرها المعروف.

ثانياً: الإسهاب في تقديم تفاصيل العملية، وكيف تمّت، والاستشهاد، خلال المؤتمر الصحفي، بفيديو توضيحي يرسل رسالة بقدرة الأمن العراقي وفريق حماية الرئيس، وأنه تابع العملية بتفاصيلها، ويعرف بالضبط النقطة التي انطلقت منها.

كان الحذر واضحاً في مجمل التقرير، وهو ما يؤكّد خضوعه للحذف والزيادة، وتحديداً عند اقترابه من صياغات كان يفترض أن تشير إلى إيران

ثالثاً: تحويل الأنظار عن المتهم المفترض أنه الحقيقي بالعملية، إلى متهم جديد، وهو بعض طواقم خبراء المتفجرات، الذين تمّ اعتقالهم بشبهة التآمر أو التقصير، بعد قيامهم بتفجير المقذوفة الثالثة التي تحمل بصمات المنفذين، وفي حال ثبوت أنّ هناك "تواطؤاً"، فسيكون ذلك مدعاة للكاظمي للذهاب باتجاه الإقدام على إعفاء بعض الضباط والمسؤولين في إطار عمليات واسعة لإعادة الهيكلة، وإبعاد العناصر الموالية لفصائل ولائية ولإيران.

اقرأ أيضاً: مقتل 5 من قوات البيشمركة بعبوة ناسفة في العراق... تفاصيل

رابعاً: التأكيد على عراقية اللجنة، والاستدراك بأنها قد تستعين بخبرات غير عراقية، رسالة للمشكّكين بنتائج التحقيق، وأنه لم يخضع لضغوطات داخلية أو خارجية، بما فيها أوساط أمريكية أو معادية للحشد الشعبي والموالين لإيران، لا سيّما أنّ التقرير لم يُشر لا إلى إيران ولا إلى  فصائل موالية لها، مع تأكيدات أنه أوّلي، أي أنّه قد يصدر تقرير ثانٍ وثالث حول العملية.

خامساً: تزامُن الإعلان عن التقرير مع انطلاق مفاوضات إيران مع القوى الدولية وأمريكا، دون أن يتضمّن اتهاماً لطهران بالوقوف وراء العملية، يُعدّ رسالة ذات دلالة لطهران بأنّ بإمكان الحكومة العراقية والكاظمي إلقاء ملف إدانة جديد لإيران، لا سيّما أنّ محاولة الاغتيال أدانتها القوى الدولية التي تجتمع مع طهران، وهو ما يرجّح معه سيناريوهات مستقبلية، يختلط فيها السياسي بالأمني، من بينها مستقبل الحشد الشعبي بالعراق، والفصائل الموالية لإيران، بالإضافة إلى احتمالات ترشح الكاظمي لقيادة الحكومة الجديدة، في تسوية كبرى، جوهرها موافقة إيران على ولاية أخرى للكاظمي، رغم سياساته غير المنسجمة مع طهران، والتي لا تحقق مطالبها وطموحاتها.

الأعرجي: "نمتلك خيوطاً مهمّة للوصول إلى الحقيقة، ويجب منح التحقيقات الوقت الكافي توخياً للدقة"، داعياً إلى "تعاون الجميع لتحديد الأطراف التي تعبث بأمن البلد"

بالخلاصة؛ فانّ مخرجات المؤتمر الصحفي للأعرجي تشير إلى قائمة من الاحتمالات؛ من بينها أنّ الكاظمي، وعلى خلفية ما تمّ الإعلان عنه في مؤتمر الأعرجي، وعدم ذكر إيران والحشد الشعبي، يخطط لاستثمار العملية سياسياً، خاصة أنّ رسالته التي تمّ الإعلان عنها من قبل الأعرجي والموجّهة لإيران، تقول: الكاظمي لديه خيارات باستمرار فتح ملف العملية والمضي بالتحقيقات وكشف دور إيران فيها، بما يؤثر عليها، أو إغلاقها مقابل قيام طهران بالضغط على وكلائها لتكليف الكاظمي بولاية جديدة لرئاسة الحكومة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية