ما أسباب ارتفاع عدد الملفات القضائية المتعلقة بالإرهاب في إسبانيا؟

الإرهاب

ما أسباب ارتفاع عدد الملفات القضائية المتعلقة بالإرهاب في إسبانيا؟


19/01/2020

كشف تقرير جديد في إسبانيا، أصدرته المحكمة العليا، أعلى هيئة قضائية في البلاد، تزايد الملفات المرتبطة بظاهرة الإرهاب في الأعوام الأخيرة الماضية؛ بسبب استمرار التحديات الأمنية التي تلقي بثقلها على السياسات الداخلية للحكومة المركزية في مدريد.

عدد الملفات عام 2017 هو 20 ملفاً توبع فيها 27 شخصاً بتهمة الإرهاب
وسجّل التقرير، الذي غطى آخر 3 أعوام، على وجه الخصوص، ارتفاعاً في عدد الملفات المعروضة أمام المحاكم الإسبانية، والتي ترتبط بالإرهاب، إلى 43 ملفاً، توبع فيها 73 متطرفاً، وهو أعلى رقم خلال الأعوام الأخيرة، فيما يتعلق بالقضايا الجنائية المتعلقة بالجريمة الإرهابية.

ازدادت قضايا الإرهاب في إسبانيا بسبب استمرار التحديات الأمنية التي تُلقي بثقلها على السياسات الداخلية للحكومة المركزية

وكان عدد الملفات عام 2017، 20 ملفاً، توبع فيها 27 شخصاً بتهمة الإرهاب، وجاء ذلك في أعقاب العمليات الإرهابية التي شهدتها مدينة برشلونة وضواحيها في إقليم كاتالونيا، عشية تنظيم الاستفتاء حول الاستقلال الذاتي للإقليم، في شهر آب (أغسطس) من نفس العام، والتي نفّذها تنظيم داعش وراح ضحيتها 17 شخصاً. ولوحظ تزايد في عدد تلك الملفات، مقارنة بعام 2016 الذي سُجّل فيه 10 ملفات فقط، توبع فيها 25 شخصاً، ويُعدّ هذا الرقم الأعلى في إسبانيا منذ عام 2007، الذي أدين فيه 33 شخصاً بتهمة الإرهاب، وهي الفترة التي شهدت تنامياً في العمليات الإرهابية في بعض العواصم الأوروبية مثل؛ مدريد ولندن، كانت الأعنف من نوعها منذ تفجيرات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، التي نفذها تنظيم القاعدة.

اقرأ أيضاً: هل نحن على موعد مع مد أيديولوجي غير مسبوق في أوروبا؟
وبحسب التقرير، تُمثّل ملفات الإرهاب نسبة 37 بالمئة من حجم الملفات المعروضة أمام المحكمة العليا الإسبانية بشكل عام، وذلك منذ عام 2015، عندما أصبح الإرهاب التحدي الأمني الرئيسي في البلاد بالتزامن مع صعود تنظيم داعش ونهاية تنظيم "إيتا الباسكي" الانفصالي داخل إسبانيا، ولوحظ أنّ عدد الملفات المرتبطة بالإرهاب التي نظرت فيها المحكمة العليا لعام 2018 وحده كان 210 من بين 560 ملفاً هو العدد الكلي للملفات مختلفة القضايا.

اقرأ أيضاً: "جثة البغدادي" وراء تفكيك خلية إرهابية بين المغرب وإسبانيا
وذكر التقرير أنّه في عام 2018، قامت الأجهزة الأمنية الإسبانية بحوالي 23 عملية ملاحقة للخلايا الإرهابية النائمة داخل البلاد، قادت إلى اعتقال 29 شخصاً، كما شهد عام 2019 ارتفاعاً في القضايا ذات العلاقة بالإرهاب أمام القضاء الإسباني؛ حيث قامت الأجهزة الأمنية بـ 25 عملية لملاحقة الخلايا المتطرفة، أسفرت عن اعتقال 49 شخصاً، بزيادة حوالي الضعف عن العام الذي قبله.

تخشى الحكومة الإسبانية من انتقال عدوى التطرف إلى معتقلين في قضايا لا علاقة لها بالتطرف والإرهاب أو موظفين في سجونها

وبحسب نفس التقرير، فإنّ آخر 5 أعوام كانت الأخطر من حيث حجم العمليات التي تم تنفيذها في عموم الأقاليم الإسبانية بهدف تفكيك الخلايا الإرهابية واعتقال الأشخاص المشتبه في انتمائهم إلى شبكات إرهابية أو داعمة للتنظيمات الإرهابية الدولية، خصوصاً تنظيم داعش، الذي كان يتزعمه أبو بكر البغدادي، قبل أن يلقى مصرعه على يد الولايات المتحدة الأمريكية، قائدة التحالف الدولي ضد داعش، في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في العراق.
وكشف التقرير أنّ 75 بالمئة من مجموع المعتقلين في ملفات الإرهاب، اعتقلوا فقط خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، حيث تعرّض جلّهم للاعتقال في مدريد وبرشلونة، وفي سبتة ومليلية المحتلتين، ويقدّر عدد هؤلاء بـ 298 من أصل 391 معتقلاً في آخر 10 أعوام. فيما يُقدّر العدد الإجمالي للمعتقلين في ملفات الإرهاب بـ 826 شخصاً، منذ أن برز خطر الإرهاب الجهادي الجديد في إسبانيا عام 2004؛ أي بتاريخ العمليات الإرهابية التي نفّذها تنظيم القاعدة في محطة القطارات "أطوتشا" في مدريد، وخلّفت 191 قتيلاً من جنسيات مختلفة، بينهم اثنان فقط من بلد عربي هو المغرب.

تُمثّل ملفات الإرهاب نسبة 37 بالمئة من حجم الملفات المعروضة أمام المحكمة العليا الإسبانية بشكل عام وذلك منذ عام 2015

ومنذ عام 2004، انتقل ما يناهز 248 شخصاً من إسبانيا إلى مناطق النزاع، سواء كانوا إسباناً أو كانوا من المهاجرين الحاملين للجنسية الإسبانية أو من المقيمين بشكل عرضي. غير أنّ ما يُقدّر بنحو 19 بالمئة من هؤلاء عادوا من بؤر التوتر إلى إسبانيا، أو من بلدان أوروبية أخرى، بينما لقي 27 بالمئة منهم حتفهم في العمليات العسكرية التي شنتها قوى التحالف الدولي، أو في المواجهات المسلحة مع الفصائل المتطرفة المسلحة، فيما لا يزال 54 بالمئة منهم يتواجدون في مناطق التوتر، وقد وضعت المحكمة العليا الإسبانية، لائحة بأسماء 70 شخصاً من هؤلاء، باعتبارهم مطلوبين دولياً، بينهم 13 امرأة تم التأكد من أنهن يتحملن مسؤولية 17 طفلاً.


وتحاول إسبانيا، بصعوبة كبيرة، التغلّب على مخاطر التطرف داخل سجونها؛ حيث يقول تقرير المحكمة العليا إنّ 48 معتقلاً استفادوا من برامج محاربة التطرف التي تُقدّمها الحكومة الإسبانية لنزلاء السجون المعتقلين في قضايا الإرهاب، والموزعين على 53 مركز اعتقال، فيما يخضع 265 معتقلاً لهذه البرامج في الوقت الحالي.

اقرأ أيضاً: مؤشر الإرهاب 2019: لماذا أفريقيا الأكثر تضرراً؟
وتخشى الحكومة الإسبانية من مخاطر انتقال عدوى التطرف إلى معتقلين في قضايا عامة، لا علاقة لها بالتطرف والإرهاب، أو إلى موظفين في هذه المراكز؛ إذ بات الوضع يثير التوجّس منذ أن تم ضبط أحد الموظفين على علاقة ببعض المعتقلين المتطرفين الموجودين في سجون منفصلة، في شباط (فبراير) من العام الماضي؛ حيث تم اعتقاله برفقة 5 معتقلين كانوا على صلة به، ويبدو أنّ الأول كان يقوم بمهمة الوساطة وتسهيل التواصل بين المعتقلين وزملائهم في سجون أخرى.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية