ماذا تعرف عن أشهر "اللصوص الشرفاء" في التاريخ؟

ماذا تعرف عن أشهر "اللصوص الشرفاء" في التاريخ؟

ماذا تعرف عن أشهر "اللصوص الشرفاء" في التاريخ؟


16/03/2024

رغم أنّ مختلف الديانات والعادات في أغلب المجتمعاتِ البشرية تحرّم السرقة والنهب، إلا أنّ العديد من اللصوص، لاقوا من المجد والشهرة في التاريخ ما لاقاه أبطالٌ عظام، أو مشاهير السياسة والحرب.
ولعل السر يكمن، في طبيعة شخصيات هؤلاء، والمغامرات الغريبة التي قاموا بها أو حيكت عنهم، والظروف الاجتماعية الاستثنائية التي عاصروها، ما جعلهم يتحولون إلى ما يشبه الأسطورة فدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه.
تاريخ العالم، في الشرق والغرب، مليء بمثل هؤلاء اللصوص، حيث تختلط القصص الواقعية بالخيال في سرد سيرهم. فمن هم أبرز "اللصوص الشرفاء"؟
اللص الشاعر
شَكّل عروة بن الورد العبسي، واحداً من أوائل اللصوص المشهورين في التاريخ، ولا يعرف عن زمن حياته سوى تاريخ وفاته في 607م، حيث اشتهر كشاعر أيضاً، وقد عُد بعد الإسلام من شعراء الجاهلية وفارساً من فرسانها وصعلوكاً من صعاليكها المعدودين، وكان يسرق ليطعم الفقراء ويحسن إليهم.

اشتهر عروة بن الورد بشعره الجميل وكرمه وعلوّ نفسه، نصرة للفقراء واختلط في سرد سيرته الواقع بالخيال

ووفق المرويات التاريخية، كان عروة إذا أصابت الناس سنة شديدة القحط جمع الفقراء والمرضى من قبيلته، ثم جعلهم في الكهوف، يشرف عليهم ويطبّبهم حتى إذا نجا منهم من نجا، حملهم وأغار بهم على القبائل الأخرى الغنية، أو على القوافل، ليوزّع الغنائم والأموال بينهم، ويوصلها إلى الفقراء أينما وجدهم.
وقد اشتهر ابن الورد بشعره الجميل، وكرمه، وعلوّ نفسه، رغم كونه لصاً، ولم يذكر التاريخ منه لصوصيته، على أنّها سوء أخلاق أو جريمة.

صورة تشبيهية لعروة بن الورد

بطل الفلكلور
لا يمكن للقصص الشعبية أن تتضافر وتصر على بطلٍ يخرج من بين أفراد الشعب، إلا ويكون هذا البطل واقعياً، ولو في جزءٍ منه، وهذا ما تؤكده المراجع التاريخية حول نصير الفقراء الأشهر في التاريخ الغربي؛ روبن هود، الذي تقول الروايات الموثقة أنه ظهر العام 1322م، في حقبة حكم الملك البريطاني إدوارد الثاني، وأنه عاش قرب مقاطعة يوركشاير في إنجلترا. إلا أنّ رواياتٍ أخرى، تتحدث عن رجلٍ يدعى روبن هود، حارب مع الصليبيين، ثم عاد إلى بلاده بعد هزيمة ريتشارد قلب الأسد في الشرق، ليجد المسؤولين في بلاده، قد استولوا على الأراضي، وتمتعوا بالسطوة على الناس والخيرات.

اقرأ أيضاً: فوكوياما: لا بدّ من توفر العدالة حتى في عصابة اللصوص
ومن الموثق أنّه عاش في منزلٍ بسيط، على هامش الحياة، إلى أن كبر في السن ومات، لكن الفترة الواقعة ما بين عودته، وموته، غير معروفةٍ بدقة، ولا يعرف ما حصل خلالها، سوى أنه قرر أن يثور، فتمكن بذكائه من لمّ شمل العديد من قطاع الطرق والفقراء في غابة شيروود، ليضرب فيما بعد بسهمه قوافل أموال النبلاء، وإيراداتهم، ويستولي عليها ليوزّع الأموال والمؤن على الفقراء في بلدته والبلدات المجاورة، مما حوّله إلى لص في نظر السُّلطات، وبطلٍ في الوقت نفسه في نظر الفقراء والعامّة، لا يقبل له أحد أن يكون خيالياً، أو أن يموت.

صورة لتمثال روبن هود

لص الشعب
لعلّ المصريين، لا يمكن أن ينسوا علي الزيبق، بعد أن قاموا بعمل مجموعة من القصص الشعبية حوله، والتي لا تزال تُسرد حتى اليوم، وتحاك منها حكايات بعض المسلسلات والأفلام، التي تتمحور حول قصةٍ حقيقية حصلت في عهد حكم العثمانيين على أرض مصر، وبداية زوال حكم المماليك نهائياً. حيث ثار الزيبق في تلك الفترة على رئيس الدرك في أرض مصر "سنقر الكلبي" الذي قتل والده. ووفق الرواية التاريخية، فقد كان الناس يعانون من الظلم والفقر والقمع في مصر، فاعتبروا تمرد علي الزيبق بطولةً تمثل طموحهم في الحرية.

تحوّل روبن هود إلى لص وفق السُّلطات وبطل في نظر الفقراء والعامّة وتحول علي الزيبق إلى بطل ملحمي

وبحسب الرواية، التي تطورت إلى كثيرٍ من السير الشعبية المكتوبة قديماً وحديثاً، وآخرها ما كتبه الروائي الشهير خيري شلبي نهاية ثمانينيات القرن الماضي، إذ تقول حكاية الزيبق أنّه عُدَّ سارقاً في نظر السلطة؛ لأنه تمكن من التحايل على المسؤولين، وسرقة الأموال التي كانوا يكتنزونها، ليوزعها على من يستطيع من الناس.
لكن الأهم، هو سعيه للانتقام من سنقر الكلبي قاتل أبيه، وممثل القوة والقمع في ذلك الزمن. ولا توجد نهاية حقيقية واضحة لصراع الزيبق مع الكلبي والعثمانيين، إلا أنّ معظم الروايات تتفق، أنّ الكلبي زيف موته للهرب من الزيبق، ولفرط خوفه من أن يقتله، بينما تحول علي الزيبق إلى بطلٍ ملحمي، يخرج في وجه السرقة المنظمة والقمع، كلما ظهرا، وفي أي زمانٍ ومكانٍ كانا.

لوحة تمثل علي الزيبق

اللص الأخلاقي
عاش بيل كارلايل يتيماً في شوارع لندن، وأمضى أعواماً بعد أن بلغ سن المراهقة، في ركوب القطارات وشغل العديد من الوظائف الوضيعة، وفي العام 1916 عثر على مسدس، وقرّر سرقة قطار في تلك اللحظة، وبدأت مسيرته الإجرامية.

اقرأ أيضاً: لصوص يسرقون مرحاضاً ذهبياً بقيمة 5 ملايين دولار
لكن اللص المنبوذ، الذي كان أفقر من أن تقتله الحرب العالمية الأولى التي كانت مشتعلةً في ذلك الحين، فاجأ الناس أنّه شكل نموذجاً في الأخلاق، وقيل إنّه لم يؤذِ أحداً ولم يسرق الأطفال والنساء أو الجنود، وعندما حاول سرقة قطار وعرف بعدها أنه محمّل بجنود الحرب العالمية الأولى أعاد للجنود أموالهم، أي إنّ كارلايل كان يسرق ليعيش فقط، حتى أنّه بعدما تم القبض عليه أخيراً، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة بعد أن قام بسرقة إحدى خطوط السكك الحديدية عدة مرات، تضامن معه الناس ممن عرفوا عنه وعن قصته. لكن ذلك لم يمنع من بقائه في السجن إلى أن مات.

صورة السارق النبيل كارلايل



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية