مؤتمر عودة اللاجئين السوريين يلقي باللوم على العقوبات... كيف جاء الرد؟

مؤتمر عودة اللاجئين السوريين يلقي باللوم على العقوبات... كيف جاء الرد؟


12/11/2020

فيما الرئيس السوري بشار الأسد يُلقي خطبته داخل قصر الأمويين للمؤتمرات في دمشق، خلال مؤتمر معنون بـ"عودة اللاجئين"، كان الشاب السوري المقيم في مصر منذ 5 أعوام باسل عمار (ليس اسمه الحقيقي) يفكر في 143 كيلومتراً يجب أن يقطعها من مقر إقامته في القاهرة إلى إحدى محافظات شمال الصعيد، كي يجدد إقامته المنتهية قبل أسابيع، خاضعاً لإجراءات بيروقراطية ثقيلة على نفسه، غير أنه لا فرار منها.

 

اجتاح هاشتاغ #العودة_تبدأ_برحيل_ الأسد مواقع التواصل الاجتماعي بالتزامن مع المؤتمر، الذي يرى مراقبون أنّ هدفه تأكيد سيطرة النظام السوري على الدولة

 

أكد الرئيس السوري، خلال المؤتمر الذي انطلقت فاعلياته أمس، ويستمر على مدار يومين، أنّ كافة السوريين اللاجئين في الخارج يرغبون في العودة إلى أرض الوطن، ملقياً باللوم على دول غربية تستغل اللاجئين كورقة سياسية للمساومة، ذاكراً الولايات المتحدة وعقوباتها كسبب رئيسي في الأزمة، وقال: خطوات تسهيل عودة اللاجئين "ستكون أسرع كلما ازدادت الإمكانيات وازديادها مرتبط بتراجع العقبات المتمثلة بالحصار الاقتصادي والعقوبات التي تحرم الدولة من أبسط الوسائل الضرورية لإعادة الإعمار".

 وصف الأسد قضية اللاجئين بأنها "قضية مفتعلة"، قائلاً: إنّ تاريخ البلاد يخلو من هجرة جماعية

كما وصف الأسد قضية اللاجئين بأنها "قضية مفتعلة"، قائلاً: إنّ تاريخ البلاد يخلو من هجرة جماعية.

الشاب السوري الذي يُعدّ واحداً ضمن نحو 550 ألف سوري مقيمين في مصر، وفق تقديرات رسمية، تلقى كلمات الأسد بسخرية، قائلاً لـ"حفريات": معظم اللاجئين خارج سوريا هم من المعارضة، ملفاتنا جميعاً لدى الأمن، بمجرّد العودة سنسكن الزنازين.

اقرأ أيضاً: كيف تورّطت تركيا بدعم الإرهاب في سوريا وليبيا والقوقاز؟

ويضيف وقد انخفضت نبرته: صحيح نتوق إلى الوطن والعودة إليه، لكن لا سبيل لذلك قريباً، وربما في  هاشتاغ "#العودة_تبدأ_برحيل_الأسد"، الحالة الوحيدة التي يمكن أن نعود فيها.

واجتاح الهاشتاغ، بالإضافة إلى شعار يوضع على الصور الشخصية، مواقع التواصل الاجتماعي بالتزامن مع المؤتمر، الذي يرى مراقبون هدفه الرغبة في تأكيد سيطرة النظام السوري على الدولة، عقب تراجع المواجهات على الأرض، وبفضل التفاهمات الروسية ـ التركية، فجاء المؤتمر محاولاً جمع أموال لإعادة الإعمار، دون الاضطرار لتقديم تنازلات سياسية أو الخضوع لتفاهمات غربية.

وإلى جانب مصر، تعد تركيا ولبنان والأردن، أكثر الدول استضافة للاجئين السوريين. ويقدر عدد اللاجئين السوريين في تركيا بـ 3 ملايين و580 ألف و263 سوري، بحسب وزارة الداخلية التركية، وهؤلاء الحاصلون على حق الحماية المؤقتة، وعاد إلى سوريا طوعا 402 ألف سوري.

فيما تقدر أعداد اللاجئين السوريين في لبنان بما يقارب 1.5 مليون لاجئ سوري؛ 73% منهم لا يملكون وضعاً قانونياً، رحّلت السلطات قسراً أكثر من 2,500 لاجئ، بحسب منظمة "هيومن رايتس واتش". وفي الأردن يبلغ عدد اللاجئين السوريين نحو 671.55 ألف لاجئ، بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

وكان كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي قد قاطعوا المؤتمر. وعلّق وزير خارجية التكتل الأوروبي جوزيب بوريل بأنّ "الشروط الحالية في سوريا لا تشجع على الترويج لعودة طوعية على نطاق واسع، ضمن ظروف أمنية وكرامة تتماشى مع القانون الدولي". بحسب ما أورده موقع "دويتشه فيله".

واستدلّ بوريل بعمليات العودة "المحدودة" التي سجلت خلال الفترة الماضية كدليل "يعكس العقبات الجمّة والتهديدات أمام عودة اللاجئين والنازحين"، وبينها "التجنيد الإجباري والاعتقال العشوائي والاختفاء القسري".

 

وزير خارجية التكتل الأوروبي: الشروط الحالية في سوريا لا تشجع على الترويج لعودة طوعية على نطاق واسع ضمن ظروف أمنية وكرامة تتماشى مع القانون

 

وفيما تتلاقى هزلية المؤتمر من وجهة النظر الأوروبية، ولدى الناشط السوري، بسبب القمع وترصد العائدين، فإنّ عمار يشير أيضاً إلى الأوضاع الإنسانية الصعبة للغاية في سوريا قائلاً: حتى الخبز لا يجده السوريون داخل وطنهم، شهدت الدولة ومحاصيل القمح حرائق مفتعلة كي يستورد النظام القمح من المحتل الروسي، بحسب وصفه.

ومن روسيا، شارك ممثلون عن 30 وزارة وهيئة حكومية في المؤتمر، فيما يحضر المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، عمران رضا، المؤتمر بصفة "مراقب".

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد استعرض، وفق تصريحات نقلها الكرملين قبل ساعات من إطلاق المؤتمر خلال اتصال مع الأسد عبر تقنية الفيديو، الجهود المشتركة لروسيا وإيران وتركيا في تدمير بؤرة الإرهاب في سوريا، وانخفاض معدلات العنف، على حدّ وصفه.

ورأى بوتين، بحسب موقع "العربية"، أنّه "مع عودة السلام والهدوء إلى غالبية الأراضي السورية، هناك احتمال جيد لضمان عودة أعداد كبيرة من اللاجئين".

اقرأ أيضاً: من سوريا إلى ناغورنو كاراباخ: هكذا استعمل أردوغان المرتزقة

وعلى الرغم من استشهاد بوتين بتركيا كفاعل رئيسي في الوصول إلى المرحلة الحالية من "العنف الأقل"، فإنها لم تُدعَ إلى المؤتمر، في ظل الخلافات العميقة بينها وبين النظام السوري، فيما تلعب روسيا دور الوسيط، إذ بفضل اتفاقها مع تركيا المتواجدة بقوة وصاحبة النفوذ الأبرز في الشمال السوري، تمّت عودة صورية للنظام هناك.

وحتى الآن، انسحبت تركيا، بناءً على تفاهماتها مع روسيا، من 4 نقاط مراقبة، كانت تطوقها قوات النظام.

اقرأ أيضاً: حزب الله يواصل نهب آثار سوريا بالتعاون مع هؤلاء

وفي غضون ذلك، شاركت كل من إيران والصين ولبنان والعراق في المؤتمر. وقال القائم المؤقت بأعمال السفارة العراقية في دمشق، ياسين الشريف: إنّ "الوفد العراقي المشارك في المؤتمر الدولي للاجئين، سيقدم دراسة بشأن إعادة تهيئة البنى التحتية المدمرة في سوريا وإعادة اللاجئين".

وأضاف الشريف: إنّ "العراق يعلن دائماً أنه مع العودة الطوعية للنازحين السوريين بما يخدم مصالح الشعب السوري الشقيق، وأيضاً مع الحل السياسي المؤدلج والذي من خلاله يتم حسم الأزمة السورية". وأوضح أنّ مشاركة بلاده في المؤتمر الدولي للاجئين في دمشق تأتي ضمن سياسة العراق التي تتمحور حول "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والحفاظ على سوريا أرضاً وشعباً"، بحسب ما أورده موقع المدن.

ومن جانبه، عوّل كبير مساعدي وزير الخارجية الإيرانية، علي أصغر حاجي، على ضرورة قيام المجتمع الدولي بعمل جاد والمساعدة في عودة اللاجئين السوريين من خلال تقديم المساعدات والتعاون في عملية إعادة الإعمار.

وقال حاجي، بحسب المصدر ذاته: إنّ تدفق الإرهابيين المدعومين من بعض الدول إلى سوريا أدى إلى سفك الدماء والدمار وتهجير ملايين السوريين قسراً، مضيفاً أنه بعد تحرير معظم الأراضي السورية من الإرهاب باتت الظروف مهيأة لهذه العودة، وعلى المجتمع الدولي المساهمة الفاعلة والحقيقية فيها.

اقرأ أيضاً: لماذا سحبت تركيا نقاطاً عسكرية شمال غرب سوريا؟

وأضاف حاجي: إنّ "الجماعات الإرهابية المدعومة من قوات الاحتلال الأمريكي في منطقة التنف تواصل منع اللاجئين في مخيم الركبان من العودة إلى قراهم وبلداتهم"، واقترح إنشاء صندوق دولي لإعادة الإعمار في سوريا، مجدداً التأكيد على موقف إيران الثابت بضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا، ودعم شعبها في الحرب على الإرهاب حتى القضاء عليه.

وفيما يلقي المسؤول الإيراني كلمته، كان الناشطون واللاجئون والنازحون السوريون يغرّدون عبر الفضاء الإلكتروني الفسيح، مذكّرين مرّة بالدور الإيراني، وأخرى بالدور الروسي، بجانب النظام، الذي انتهى بنحو نصف سكان سوريا خارج الديار، دون أمل قريب في عودتهم، بحسب وصفهم، إذ يتطلب الأمر "رحيل الأسد أوّلاً".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية