لماذا لا يُعتبر انتقال الإمارات في اليمن إلى إستراتيجية أخرى مفاجئاً؟

الإمارات واليمن

لماذا لا يُعتبر انتقال الإمارات في اليمن إلى إستراتيجية أخرى مفاجئاً؟


10/07/2019

يمكن القول، إذا صحّت التقارير عن خفضٍ في عديد القوات الإماراتية في مناطق في اليمن، إنّ الإمارات تُعيد ترتيب أولوياتها في هذا البلد، وتأتي عمليات إعادة الانتشار في سياق الانتقال إلى إستراتيجيات وتكتيكات أخرى، لا تنفصل عن الأهداف الأساسية التي دفعت الإمارات للاستجابة لطلب الحكومة اليمنية الشرعية قبل أكثر من أربع سنوات ونصف السنة للتصدي للانقلاب الحوثي.

اقرأ أيضاً: إستراتيجية الإمارات في اليمن: السلام أولاً
بعبارة أخرى، فإنّ الحدث الجديد "ليس انقلاباً في الموقف الإماراتي"، كما يحلو للبعض أن يتصوّر، كما أنّه ليس قراراً مفاجئاً، ودعونا نشرح ذلك.
لقد كان عمل دولة الإمارات في اليمن ضمن "التحالف العربي" الذي تقوده الرياض يقوم على مهمة مزدوجة هي:
1.  التصدي للانقلاب الحوثي وتمدّده.
2.  محاربة الإرهاب.

الأحاديث عن "أطماع إماراتية" في اليمن لم تكن يوماً كلاماً دقيقاً
وقد كانت الأعمال التنموية لـ "التحالف العربي" في اليمن وإصلاح البنى التحتية وتقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية تصبّ جميعها في خدمة تلك المهمة المزدوجة. ولهذا، فإنّ الأحاديث عن "أطماع إماراتية" في اليمن، لم تكن يوماً كلاماً دقيقاً، ولا يُقال ذلك فقط بمناسبة ورود تقارير عن خفضٍ للقوات الإماراتية في اليمن، والدليل على ذلك أنّ مراجعة بسيطة لتصريحات المسؤولين الإماراتيين السابقة حول اليمن، تؤكد الإصرار الإماراتي على أنّ "مهمة الإمارات في اليمن مؤقتة". ففي الصيف الماضي قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، إنّه (بغض النظر عن شكل الحالة اليمنية بعد [توقف]النزاع، فإننا إذا سمحنا لتنظيم "القاعدة" من دون أن ننتزعها من جذورها، ستكون تهديداً على الحالة اليمنية، وبعد الاتفاق السياسي الذي نحرص على تحقيقه، سيكون لنا بعض التواجد المطلوب في اليمن لدعم استقراره الذي يصب في مصلحة المنطقة).

مسؤول إماراتي: سحب الإمارات بعض قواتها من اليمن مؤخراً جرى التخطيط له منذ أكثر من عام وبالتنسيق مع السعودية

والتقدير الإماراتي أنّ العمليات التي قامت بها الإمارات ضمن "التحالف العربي"، وبدعم من الولايات المتحدة، استنزفت قوة "القاعدة" في اليمن، وأنّ الوضع في العديد من الأماكن لمواجهة العناصر الإرهابية ناجح للغاية. هذا الضلع الأول (محاربة الإرهاب) من المهمة المزدوجة، أما الضلع الثاني، فيتعلق بوقف التمدد الحوثي بعد استلائه على العاصمة صنعاء، وفي هذا النهج ركّزت دولة الإمارات طيلة السنوات الماضية على تدريب قوة محلية يمنية؛ لمواصلة هذا العمل في مواجهة هذه العناصر الإرهابية التي لم تنته بعد.
وينطوي التقدير الإماراتي هذا على أنّ رؤية الإمارات قامت منذ البداية على أساس أنّ اليمن بحاجة إلى حل سياسي، وأنّ العمل العسكري كان ضرورياً لقيادة الحل السياسي، كما نقلت صحيفة "الخليج" الإماراتية عن الوزير قرقاش بتاريخ (14/8/2018).

اقرأ أيضاً: إخوان اليمن.. غايات استهداف الإمارات
وما يعزز هذا التقدير الإماراتي ما نقلته وكالة "رويترز" للأنباء أول من أمس عن مسؤول إماراتي، لم تُسمّه، قوله إنّ سحب الإمارات بعض قواتها من اليمن في الآونة الأخيرة جرى التخطيط له منذ أكثر من عام وبالتنسيق مع المملكة العربية السعودية.
وفي حديثه، قبل عام، المذكور آنفاً، أشار قرقاش إلى أنّ "الحرب ليست عملية نظيفة، ومن المهم تأكيد أنّنا نرى، ونقبل أن يُنتقد التحالف... هذه الحرب كانت، ولا تزال حرباً بشعة، ويجب أن تُسوّى إقليمياً"، مضيفاً (نموذجنا الإماراتي كان ناجحاً في مكافحة الإرهاب، حيث نحاول أن ندرّب بسرعة قوة من المنطقة نفسها، "محلية"، على أرض الواقع، كما أنّ "القاعدة" ليست خطراً على اليمن فقط، بل تعتبر تهديداً على العالم العربي والغربي والدول الآسيوية والإفريقية).
 العميد الركن في الجيش الإماراتي مسلم الراشدي

ضابط إماراتي في 2018: لن نبقى هناك مطولاً
ونقلت صحيفة "الخليج" يومها عن العميد الركن في الجيش الإماراتي، مسلم الراشدي، تأكيده أنّ منهجية الإمارات في اليمن هي حثّ اليمنيين على محاربة الإرهاب، ووقف تمدد الحوثيين، وإرساء الاستقرار ما أمكن، وقال الراشدي وقتها إنّ ما نسعى إليه في الإمارات هو أن يقوم اليمنيون "بذلك بأنفسهم، لأننا لن نبقى هناك مطولاً، حيث نقوم بتدريبهم، وتزويدهم، ومنحهم الاستشارة والنصح، وقد نقوم بالعمليات بأنفسنا إذا لزم الأمر".
وأشار الراشدي إلى أنّه "منذ نيسان (إبريل) 2015، قامت دولة الإمارات بتدريب وتسليح (عشرات آلاف اليمنيين)، حيث تحاول القوات المسلحة الإماراتية، بالتعاون مع قوات الأمن اليمنية، خلق البيئية المواتية للاستعادة وبناء القدرة والاستقرار".

 

الالتزام الإماراتي مستمر
وإذا توخينا الدقة في الفهم وموضوعية القراءة، فإنّه مع التصريحات السابقة، لا يبدو اليوم أنّ ثمة انقلاباً في الموقف الإماراتي، كما يريد البعض أن يزعم. وقد نقلت "رويترز" أنّ الإمارات سحبت بعض قواتها من مناطق منها ميناء عدن الجنوبي والساحل الغربي لكنها تقول، وفق وكالة "رويترز"، إنها لا تزال على التزاماتها تجاه حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً. والمؤكد أنّ أولويات هذا الالتزام هي إرساء الحل السياسي، وبناء الاستقرار وإعادة الإعمار والاستمرار في محاربة الإرهاب.

منهجية الإمارات في اليمن هي حثّ اليمنيين على محاربة الإرهاب ووقف تمدد الحوثيين وإرساء الاستقرار ما أمكن

وتابعت الوكالة: "المسؤول (الإماراتي) الذي رفض نشر اسمه قال إنّ قرار خفض القوات لم يكن وليد اللحظة بل نوقش باستفاضة مع الرياض". وأضاف المسؤول للصحفيين في دبي "استمر نقاشنا بشأن إعادة انتشارنا لما يزيد على عام وتزايد (النقاش) بعد توقيع اتفاق ستوكهولم في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي". وقال المسؤول إنّ مدينة الحديدة الساحلية هي الأكثر تأثراً بالقرار؛ بسبب وقف إطلاق النار بموجب اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه العام الماضي في السويد برعاية الأمم المتحدة لتمهيد الطريق أمام محادثات لإنهاء الحرب.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية: "الأمر يتعلّق بالانتقال من إستراتيجية القوة العسكرية أولاً إلى إستراتيجية السلام أولاً".
وقال المسؤول الإماراتي، بحسب "رويترز": "لا يعترينا أي قلق بشأن حدوث فراغ في اليمن؛ لأننا دربنا 90 ألف جندي يمني في المجمل... هذا أحد نجاحاتنا الكبيرة في اليمن".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية