لماذا تهاجم إيران وتركيا الأكراد...الآن؟

لماذا تهاجم إيران وتركيا الأكراد...الآن؟

لماذا تهاجم إيران وتركيا الأكراد...الآن؟


17/12/2022

طارق العليان

تعتبر إيران وتركيا، الأكراد إشكالية قديمة، غير أن لهما دوافع خفية تدعوهما للتحرك الآن.

وتناولت كارولاين د. روز، محللة في معهد "نيولاينز" الأمريكي، في  مقال بـ"جيوبوليتكيال فيوتشرز" الأمريكي، أسباب هجمات إيران وتركيا على الأكراد.

أطلقت إيران وتركيا، خلال أيام ضربات صاروخية وأخرى بطائرات دون طيار ضد مقاتلين أكراد ومنظمات سياسية يعدها البلدان تهديدات لأمنهما القومي. ولمّح الجيشان الإيراني والتركي إلى هجمات بريّة محتملة ضد أهداف كردية أيضاً، وتعزيز قواتهما على الحدود بقواتٍ إضافية، ومعدات ثقيلة مُدرعة.

ووفق التحليل، يكشف التصعيد المفاجئ ضد الجماعات المسلحة والسياسية الكردية المزيد عن السياسة الداخلية التركية والإيرانية أكثر مما يُطلعنا على أجندات الأمن القومي لكل منهما.

الذريعة التركية

بالنسبة لتركيا، شكلَت المناطق الكردية في سوريا والعراق تحدياً سياسياً جغرافياً. فمنذ سبعينيات القرن العشرين، كانت الحكومة التركية على خلاف مع حزب العمال الكردستاني، الجماعة الكردية المسلحة التي تعدها أنقرة منظمةً إرهابية وتهديداً سياسياً كبيراً لأجندتها العثمانية الجديدة.

ويرى حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان، أن الجيوب الكردية في شمال شرق سوريا، وشمال العراق، أكثر من مجرد مراكز للنشاط الإرهابي الذي يمكن أن يشجع الأحزاب السياسية الكردية، والمسلحين في تركيا.
ومنذ 2019، أرادت تركيا أن تقيم ما تُطلق عليه "ممر السلام"، وهي منطقة طولها 30 كيلومتراً في شمال شرق سوريا، بعيداً عن الحكومة السورية، ومساحات شاسعة من الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش، ولكن ببنيةٍ تحتية كافية لتكون قابلة للحياة بفضل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. وترى تركيا في القوات الكردية عقبة أمام تنفيذ هذه الاستراتيجية.

وفي 2019، أطلقت تركيا "عملية المخلب"، وهي سلسلة من عمليات القصف المدفعي والهجمات الجوية والبرية لاحتواء المسلحين الأكراد في شمال سوريا والعراق.

ومن الناحية العملية، أودت "عملية المخلب" بقادة أكراد كبار، وجردت القوات الكردية من هيكلها القيادي، وبالقدر نفسه من الأهمية لدى أنقرة، طردت العملية السكان الأكراد، لإفساح المجال لجهود إعادتهم إلى الوطن.

ودفعت المشاكل السياسية الداخلية الأخيرة أردوغان إلى تسريع استراتيجية طويلة الأجل، بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو (حزيران) 2023، والتي يسعى أردوغان من خلالها إلى الحفاظ على الدعم لسياساته الطموحة والتوسعية.

وكان الانفجار القاتل في اسطنبول في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فرصةً ذهبية لأردوغان، الذي ألقى باللوم على حزب العمال الكردستاني لحشد الدعم المحلي، وتهيئة بيئة سياسية أكثر ملاءمة قبل الانتخابات.

ولذلك كانت لتركيا الذريعة المنطقية لإطلاق عملية السيف، التي استهدفت المسلحين في المناطق الكردية في سوريا، والعراق.

وطيلة ثلاثة أسابيع، شنت تركيا ضربات صاروخية وضربات بطائرات دون طيار استهدفت دوريات قوات سوريا الديمقراطية، ومراكز القيادة، والبنية التحتية النفطية والمدنية، وحتى القواعد المشتركة مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لهزيمة داعش.

وفي شمال العراق، شنت تركيا غارات جوية على جبل قنديل، ومنطقة آسوس، وإقليم حاكورك ضد أهداف لحزب العمال الكردستاني، وبنيته التحتية العسكرية.

الانتهازية الإيرانية

وبالنسبة لإيران، هددت المجتمعات الكردية داخل وخارج حدودها الحكومة الإيرانية، ورأت إيران في القومية الكردية والنزعة العسكرية، تهديداً مباشراً للنظام الديني والنظام الداخلي والنفوذ الإيراني في بلاد الشام.

وفي شمال العراق، يساور إيران القلق من المنظمات الكردية المسلحة والأحزاب السياسية مثل حزب الحياة الحرة الكردستاني، الذي تعتقد أنه يؤجّج المشاعر المناهضة للحكومة بين الأكراد الإيرانيين.

وتشك طهران في النفوذ المتزايد لقوات البشمركة الكردية في العراق وسوريا، إذ أنها فعالة في محاربة الميليشيات المتحالفة مع إيران، وتُقيم شراكة محورية مع الولايات المتحدة في حربها ضد داعش.

وعلى عكس تركيا، فإن إيران ليست في خضم حملة عسكرية لمدة عام لاجتثاث مراكز القيادة العسكرية الكردية والنشاط الإرهابي.

وفي حين استهدفت القوات العسكرية الإيرانية النظامية مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال شرق العراق، استهدفت القوات المُقاتلة بالوكالة عنها من قوات الحشد الشعبي العراقية والميليشيات المتحالفة مع الحرس الثوري في سوريا، الأحزاب السياسية الكردية، والقواعد العسكرية المشتركة للتحالف بين الولايات المتحدة والأكراد، والكيانات الكردية الأخرى.

ولم تَعُد الاحتجاجات التي اندلعت في إيران تعبيراً عن إخفاقات الحكومة، بل حركات انفصالية عنيفة تغذيها العناصر الكردية، أو هكذا تريد طهران أن يعتقد العالم.

وقبل أيام فقط من إطلاق تركيا عملية المخلب-السيف، ضرب الحرس الثوري الإيراني، كردستان العراق، بصواريخ فاتح-110 وطائرات دون طيار، وهاجم قاعدة جماعة معارضة في مدينة كويا، ما أسفر عن قتيلين و8 جرحى، وتدمير خمس قواعد جبلية أصغر في سيداكان، وقاعدة للحزب الشيوعي الكردي الإيراني في السليمانية.

وفي الوقت الذي أصبح فيه المشهد السياسي الداخلي في إيران وتركيا أكثر اضطراباً بسبب المظاهرات المستمرة، والاقتصادان الراكدان، وصعود التهديدات المحتملة لمراكز السلطة، ستظل المناطق الكردية في العراق وسوريا في عين الحكومتين التركية والإيرانية أهدافاً رئيسية، بحسب التحليل.

عن موقع "24"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية