كيف طوّرت الإمارات استجابتها النوعية لمواجهة غسل الأموال؟

كيف طوّرت الإمارات استجابتها النوعية لمواجهة غسل الأموال؟


06/03/2022

تعهّدت الإمارات العربية المتحدة اتخاذ "إجراءات مهمة" لمحاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بعدما وضعت البلاد التي تعتبر المركز المالي في منطقة الشرق الأوسط، على قائمة رمادية للبلدان الخاضعة لتدقيق، بحسب تقرير نشرته "وكالة الأنباء الفرنسية".

أضيف البلد الخليجي الثري، أول من أمس، إلى قائمة "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" التي تتخذ من باريس مقراً لها وتضم 23 عضواً.

وأوضحت منظمة المراقبة العالمية، في بيان، أنّ الدول المدرجة على القائمة الرمادية "تعمل بنشاط مع فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية لمعالجة أوجه القصور الإستراتيجية في أنظمتها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة دمار شامل".

من جانبهم، أكد "كبار المسؤولين في دولة الإمارات التزام الدولة القوي ومواصلة جهودها في ما يتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ حيث تواصل دولة الإمارات تنفيذ مجموعة من الإجراءات المهمة لمكافحة الجريمة المالية وتعزيز فعالية نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بما يتماشى مع الإستراتيجية الوطنية لمكافحة هذه الجريمة، وخطة العمل الوطنية لدولة الإمارات" وفق ما نقلت وكالة "وام" عن المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال.

 

تواصل دولة الإمارات تنفيذ مجموعة من الإجراءات المهمة لمكافحة الجريمة المالية وتعزيز فعالية نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بما يتماشى مع الإستراتيجية الوطنية لمكافحة هذه الجريمة

 

وأشاروا إلى أنّ "سلطات الدولة المختصة أحرزت حتى الآن، تقدماً غير مسبوق في اعتماد المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وستواصل زيادة جهودها، من خلال التنسيق الوثيق والمستمر بين الجهات، والتعاون الدولي وكذلك مع القطاع الخاص في هذا الصدد".

وتقول "الفرنسية" إنّ الإمارات الغنية بالموارد تمثّل حلقة وصل بين الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا الوسطى وآسيا.

نزاهة القطاع المالي

وكان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، قال إنّ الإمارات تأخذ على محمل الجد مخاطر الجريمة المنظمة والاحتيال وغسل الأموال والفساد. وأورد الوزير، الذي يترأس اللجنة العليا المشرفة على الاستراتيجية الوطنية الإماراتية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أنّه "مع أنّ النمو السريع والعولمة هما فرصة لإحراز المزيد من التقدم، إلا أنّ ذلك لا يخلو من المخاطر. فكما هو الحال مع جميع المراكز المالية العالمية، يجب على الاقتصاد الإماراتي مواجهة تهديد الجريمة المنظمة والاحتيال وغسل الأموال والفساد. هذه المشكلة متنامية لدى جميع الاقتصادات الكبرى، ونحن في الإمارات العربية المتحدة نأخذها على محمل الجد".

ولفت الوزير الإماراتي، في مقال نشرته سابقاً مجلة "فوربس"، إلى أنّ "الأمم المتحدة تقدر أنّ حجم الأموال التي يتم غسلها على مستوى العالم في عام واحد هو 2 - 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي؛ أي ما يعادل 800 مليار دولار إلى 2 تريليون دولار. ورغم أنّ الإمارات العربية المتحدة تمثل نسبة ضئيلة جداً من هذا المبلغ العالمي الضخم، إلا أنّ التمويل غير المشروع يهدد نزاهة قطاعنا المالي الرائد عالميًا.لذا فإنّ هدفنا الجماعي يتمثل في معالجة هذا".

اقرأ أيضاً: هل تكون الإمارات وسيطاً لحل الأزمة الروسية الأوكرانية؟

واستطرد الشيخ عبد الله بن زايد بالقول: "لقد ساعدتنا التكنولوجيا والعولمة في نواح كثيرة، لكنهما وفرتا أيضاً فرصاً للمجرمين في جميع أنحاء العالم لممارسة شتى أنواع الجريمة المالية. فعلى مدى القرون الماضية، كان التجار يتبادلون العملات البرونزية فحسب، إلا أنه في الوقت الحالي تتم 42 مليون عملية دفع إلكترونية يومياً في جميع أنحاء العالم. لذا، فإنّ نظامنا المالي العالمي الحديث مترابط بشكل كبير، ويحتاج إلى تعزيز سبل حمايته. لهذا السبب أترأس اللجنة العليا المشرفة على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، مؤكداً "هدفنا بسيط، وهو زيادة فعالية الإجراءات لمكافحة الجرائم المالية".

خمسة مبادئ

وللقيام بذلك وتحقيق تلك الأهداف، قال الشيخ عبد الله بن زايد في مقاله: "نعمل ضمن خمسة مبادئ واضحة" هي:

أولاً، "نحن ندرك أنّ حجم وتعقيد الجريمة المالية يتطلب شراكة فاعلة بين القطاع الحكومي والقطاع الصناعي. لهذا السبب نقوم بتعزيز جهودنا للحصول على المعلومات القيمة، مما يجعل من السهل تبادل المعرفة عبر المؤسسات المالية والهيئات التنظيمية ووكالات إنفاذ القانون"، وفق قوله.

اقرأ أيضاً: الإمارات تتلقى إشادة دولية جديدة في هذا المجال

ثانياً، يؤكد الوزير الإماراتي أنّ لدى بلاده "هدفاً مشتركاً عبر الاقتصاد يتمثل في منع وكشف وردع النشاط غير المشروع في النظام المالي. فعلى سبيل المثال، يمكن للأجهزة الأمنية في كثير من الأحيان توفير معلومات فريدة عن جهات فاعلة غير مشروعة محددة، أو الاتجاهات عبر المؤسسات والقطاعات المالية، ولكن من دون تفاصيل المعاملات المحددة. كما يمكن للمؤسسات المالية أن ترى تدفقات المدفوعات داخل شركاتها ولكنها تفتقر إلى المعلومات التفصيلية عن الجهات الفاعلة غير المشروعة عبر المؤسسات المالية الأخرى"، مبيّناً أنّ "العمل معاً بشكل أكثر تماسكاً يفيد جميع الجهات المعنية. وهذا بالضبط ما نقوم به".

ثالثاً، يؤكد وزير الخارجية الإماراتي أنّ بلاده "تستخدم التحليلات المتقدمة والتكنولوجيا والتحقيق والشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز دفاعاتنا الجماعية. إذ يتيح ذلك لخبرائنا رؤية الصورة الكاملة في الوقت الفعلي، وتطبيق أحكامهم بسرعة على الموضوعات المعقدة والأنماط سريعة الظهور".

رابعاً، يبين الوزير في مقاله أنّ الإمارات "تعمل بشكل وثيق وتعاوني مع شركاء دوليين. فقد وقع أحمد علي الصايغ وزير الدولة الإماراتي، في أيلول (سبتمبر) 2021، شراكة هي الأولى من نوعها لمعالجة التدفقات المالية غير المشروعة مع بريتي باتيل وزيرة الداخلية البريطانية. ويحقق تبادل المعلومات الاستخباراتية والعمليات المشتركة نجاحات ملحوظة بالفعل"، على حدّ وصفه.

 

يؤكد وزير الخارجية الإماراتي: نستخدم التحليلات المتقدمة والتكنولوجيا والتحقيق والشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز دفاعاتنا الجماعية

 

خامساً، يوضح المسؤول الإماراتي الكبير في مقاله أنّ بلاده "تواصل إجراء تقييمات للمخاطر على مستوى الاقتصاد ككل بشأن غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. إلى جانب ذلك، فإننا نستثمر بشكل كبير في قدرات الكشف عن الجرائم المالية في دولة الإمارات. وقد تم نقل القطاعات المعرضة لخطر الانتهاكات المالية أكثر من غيرها، مثل تجارة الذهب والعقارات، بشكل شامل إلى نظام الإبلاغ عن مكافحة غسل الأموال المدار اتحاديًا منذ أيار (مايو) 2021".

وتابع: "أصبحت الآن كافة المؤسسات المالية والمحاسبين والمراجعين وتجار المعادن والأحجار الكريمة ووسطاء العقارات مطالبين ومسؤولين عن مراقبة المعاملات المشبوهة والإبلاغ عنها. ويتمتع تطبيق القانون أيضاً بإمكانية الوصول إلى قاعدة بيانات شاملة للملكية المنتفعة لكافة الجهات المحلية. هذا يساعد على ربط النقاط في القطاع الاقتصادي بسرعة وفعالية".

اقرأ أيضاً: الإمارات ..ومواجهة الإرهاب "الحوثي"

وفي سياق مماثل، يضيف الوزير الإماراتي، "ضاعفت وحدة المعلومات المالية، التي تقيّم تقارير الأنشطة المشبوهة بهدف بدء التحقيقات، من أعداد كوادرها. وبهذا ارتفع معدل إدانات قضايا غسل الأموال بنسبة 94 % في 243 حالة خلال الفترة من 2019 إلى 2021".

ويستطرد الوزير في تبيان الاستجابة النوعية لبلاده في مواجهة غسل الأموال بقوله "أعلن كل من مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي ووزارة العدل ووزارة الاقتصاد عن توجيهات جديدة بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء محاكم متخصصة لمكافحة غسل الأموال في أبوظبي ودبي، لتشديد نظام التنفيذ داخل أكبر مراكز الأعمال والتجارة في الإمارات العربية المتحدة. والنبأ السار هو أننا نحرز بالفعل تقدماً قوياً".

ويؤكد وزير الخارجية الإماراتي أنّه "من خلال الاستمرار في نهجنا الملتزم، سنقوم بإجراء تغيير حقيقي في قدرتنا على منع التدفقات المالية غير المشروعة وتحقيق هدفنا المتمثل في جعل الإمارات العربية المتحدة واحدة من أقوى الاقتصادات وأكثرها احتراماً في العالم الحديث".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية