كيف تلاقت مصالح الإخوان والديمقراطيين حول إلهان عمر؟

كيف تلاقت مصالح الإخوان والديمقراطيين حول إلهان عمر؟


05/11/2020

فازت النائبة في مجلس النواب الأمريكي، إلهان عمر، لدورة ثانية في انتخابات مجلس النواب، التي عقدت في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر)، بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية، وانتخابات مجلس الشيوخ.

 وترشّحت إلهان عن الحزب الديمقراطي في المقاطعة الخامسة، في ولاية مينيسوتا، التي فاز بها المرشح الرئاسي، جو بايدن، بنسبة 52.6 %، بفارق كبير عن الرئيس دونالد ترامب، وكان ذلك متوقعاً، فالولاية ذات هوى ديمقراطي.

اقرأ أيضاً: الانتخابات الأمريكية: تحالف الطرق الوعرة مع الإخوان وأردوغان

والمتابع لمسيرة عضوة الكونغرس الأمريكي، الصومالية الأصل، إلهان عمر، يقف حائراً أمام التيسير الكبير الذي رافقها في مسيرتها السياسية، منذ أن كانت طالبة في ثانوية توماس إديسون، في مدينة مينيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا، في الشمال الأمريكي، حتى انتخابها عضوة في مجلس النواب، عام 2018، لتكون بذلك أول امرأة محجبة تدخل الكونغرس.

أردوغان مستقبلاً إلهان عمر

ولم يكن هذا التيسير ضرباً من الحظّ؛ إذ لا وجود له في عالم السياسة الأمريكية؛ فمسيرة إلهان عمر السياسية تخدم طرفين، هما؛ الحزب الديمقراطي، والإخوان المسلمين.

فالأول يرى فيها وجهاً مطلوباً، بسبب أصولها الإثنية ودينها وزيّها، لتسويق صورته كحزب تقدمي منفتح على الأقليات والأعراق، وممثل صحيح عن الهوية الأمريكية بكلّ تنوعاتها، وهو ما يخدم الحزب سياسياً.

سواء تمّ إدانة إلهان عمر أم لا، فإنّ مسيرتها السياسية القصيرة، حفلت بالاتهامات الأخلاقية والمالية، والازدواجية السياسية، ما تسبّب في ترسيخ الصور السلبية عن المسلمين

والإخوان المسلمين رأوا فيها فرصةً للتغلغل الناعم في أروقة السلطة الأمريكية، والإعلام الأمريكي، لتسويق أجندة التنظيم الدولي للإخوان، وخدمة مصالح الجماعة، وهو ما يكشفه الهجوم الحادّ لإلهان عمر على الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ومطالباتها الدائمة بالإفراج عن السجناء الإخوان في مصر، إلى جانب علاقتها الوطيدة بالمراكز الإخوانية في أمريكا، والرئيس التركي، أردوغان، ودفاعها الشديد عن سياساته، وغير ذلك.

أيقونة الديمقراطيين

تجمع إلهان عمر مجموعة من السمات التي تخدم رؤية الحزب الديمقراطي؛ فهي، بحجابها وأصولها الإثنية وديانتها المسلمة، تعبّر عن رؤية الحزب للتعدّد والتنوّع، وهي رؤية سامية، لكنّها أداة سياسية للديمقراطيين، تستغل في الحشد الانتخابي.

وحول ذلك، يقول الباحث المصري في شؤون الجماعات الإسلامية، المقيم في أمريكا، سامح أبو الفتوح: "تحظى إلهان عمر بدعم كبير من داخل أجنحة في الحزب الديمقراطي، وتحقّق لهم أهدافاً تسويقية، فهي مكوّن فريد لهم، لأنّها من أصول مهاجرة، سمراء البشرة، ومسلمة، ومحجبة، فهي كضرب أربعة عصافير بحجر واحد".

إلهان عمر ورشيدة طليب في تجمع لمنظمة كير الإخوانية

ويردف أبو الفتوح، لـ "حفريات": "كثير من مسلمي أمريكا مخدوعون فيها، ويظنون أنّها تعمل لخدمتهم، لكنّ الأمريكيين يرونها حصان طروادة بيد الديمقراطيين، تخدم الأجندة التي يدعمونها تحت عنوان التعددية، وما تحظى به من تسويق إعلامي كبير يخدم الديمقراطيين، ومشروعهم السياسي".

ولا يرى كثير من مسلمي أمريكا في إلهان عمر المعبّر الأمثل عن الشخص المسلم في السياسة الأمريكية، وعن ذلك يقول الأمريكي المسلم، علي رمضان: "إلهان عمر شخصية انتهازية، تستخدم الإسلام لتحقيق سعيها إلى السلطة، وهي، بما تحمله من قيم، أقرب إلى الجمهوريين من الديمقراطيين".

اقرأ أيضاً: هكذا فضحت الانتخابات الأمريكية انتهازية الإخوان

وفازت عمر بمقعد عن الحزب الديمقراطي، في انتخابات مجلس النواب، عن المقاطعة الخامسة، في ولاية مينيسوتا، عام 2018، وجدّد الحزب دعمه لها في الانتخابات الجارية، رغم الشبهات الأخلاقية والمالية المثارة حولها.

ولا ينبع فوز إلهان من كفاءتها؛ حيث لا ينافسها مرشحون جمهوريون أقوياء، إلى جانب أنّ المقاطعة التي فازت عنها شبه محسومة بشكل دائم للديمقراطيين، ولذلك رشّحها الحزب في دائرة مضمونة، ومثلها رشيدة طليب، ليضمن فوزهما. والمقاطعة الخامسة ليست ضمن المقاعد القيادية للحزبين؛ الديمقراطي والجمهوري.

علاقة وطيدة بالإخوان

ولم يكن ترشيح إلهان عمر من اختيار الديمقراطيين وحدهم، وشاركهم في دعمها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، عبر أذرعه في المراكز والمنظمات الإسلامية، مثل مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR)، الذي يستضيفها بشكل دائم، وتقوم بجمع التبرعات لصالحه.

ويؤكد على العلاقة بينهما متابعة نشاط إلهان عمر في دعم الإخوان المسلمين في الدول العربية، والدفاع عن سياسات الرئيس التركي، أردوغان.

اقرأ أيضاً: عقود من أكاذيب الإخوان.. هذا ما كشفته الانتخابات الأمريكية

وتمتدّ علاقات إلهان مع الإخوان إلى ما قبل انتخابها في الكونغرس بكثير؛ ففي عام 2013، هاجمت السعودية، ودعت المسلمين إلى مقاطعة الحج، على خلفية تحيزها في قضية قتل طفلة، على يد خادمة من سريلانكا، ما يكشف عداء عمر للسعودية، بسبب موقفها الداعم للجيش المصري آنذاك، إبّان حكم الرئيس الإخواني السابق، محمد مرسي.

نهاد عوض، مدير مؤسسة كير مع أردوغان

وعقب انتخابها كعضوة في الكونغرس، نشطت إلهان عمر في دعم الإخوان المسلمين، وأثناء زيارة الرئيس السيسي إلى واشنطن، في شهر شباط (أبريل) 2019، شاركت إلهان عمر مع عدد من النواب والناشطين في جلسة استماع في الكونغرس، هاجموا فيها الرئيس السيسي، وطالبوا بالإفراج عن السجناء من الإخوان، المحبوسين على ذمة قضايا تتعلق بالإرهاب.

وفي الشهر نفسه؛ شاركت في الحملة التي نظّمها التنظيم الدولي للإخوان، للمطالبة بالإفراج عن عضوة الجماعة، المسجونة على ذمّة قضايا تتعلق بالإرهاب في مصر، هدى عبد المنعم، ودعت أمام الكونغرس إلى التدخّل للإفراج عنها.

اقرأ أيضاً: الإخوان والانتخابات الأمريكية: وعود "مليونية" من الإخوان لبايدن

وفي حزيران (يونيو) 2019؛ عقب وفاة الرئيس الإخواني، محمد مرسي، طالبت إلهان عمر أمام الكونغرس بتحقيق مستقلّ حول أسباب وفاة مرسي، متهمة السلطات المصرية بالتسبّب في موته بسبب المعاملة الوحشية.

وكتبت إلهان عمر، وسبعة من نواب الكونغرس، من بينهم رشيدة طليب، خطاباً إلى السفير المصري في واشنطن، باسم أعضاء الكونغرس، في شهر آذار (مارس) 2020، تطالبه فيه بالإفراج عن المعتقلين، وتهدّد باستخدام ورقة المعونات في الضغط على مصر.

وتجمع إلهان علاقة قوية بمنظمة كير الإخوانية، وفي شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، شاركت في الحملة السنوية لجمع التبرعات للمنظمة، وحلّت ضيفة على منزل القيادي الإخواني الليبي، عصام عميش، المتورّط في دعم الإرهاب في ليبيا، وأخطر عناصر الإخوان الليبيين في الخارج.

اقرأ أيضاً: هكذا تغذي الانتخابات الأمريكية أوهام جماعة الإخوان

ورصدت دراسة أعدّها مركز "Open Secretes"؛ أنّ 87 % من التبرعات لحملة انتخاب إلهان عمر، جاءت من خارج مقاطعتها الانتخابية، في ولاية مينيسوتا، والأمر الأكيد أنّها جاءت بدعم من الإخوان المسلمين.

وكشف تقرير منشور في موقع "Islamist watch" تلقّي إلهان تبرعات كبيرة من أعضاء في منظمات إخوانية، منها؛ مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR)، والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA)، والجمعية الإسلامية الأمريكية (MAS)، والتحالف الإسلامي في أمريكا الشمالية (MANA)، واتحاد أئمة أمريكا الشمالية (NAIF)، والمجلس الوطني للمسلمين الأمريكيين من أجل فلسطين (AMP)، ومجلس الشؤون العامة الإسلامية (MPAC)، وغيرهم.

نهاد عوض (الثاني من اليسار) رئيس مؤسسة كير في لقاء مع مسؤولين أتراك

وتجمع إلهان عمر صلات قوية بأردوغان، والتقته خلال زيارتها إلى تركيا، عام 2017، حين كانت عضوة في مجلس مدينة مينا بوليس. ودعمت أردوغان في الكونغرس، وصوّتت ثلاث مرات ضدّ مشاريع قوانين تدينه، مقترحة من نواب من الحزب الديمقراطي، وهي؛ مشروع قرار يدين العملية العسكرية التركية ضدّ الأكراد في شمال سوريا، عملية نبع السلام، ومشروع قرار آخر يطالب بإقرار عقوبات اقتصادية إن لم تتوقف العملية، وذلك في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، وبرّرت قرارها بأنّ العقوبات أثبتت أنّها ليست الحلّ المنشود.

اقرأ أيضاً: هل جعل الإخوان التحشيد لانتخاب بايدن من أركان الإسلام؟

وفي الجلسة نفسها؛ صوّتت إلهان ضدّ مشروع قرار ثالث تقدّم به الديمقراطيون، يحثّ على زيادة وعي الطّلاب بالمذابح التّركية بحقّ الأرمن، وبرّرت قرارها بأنّ المقترح يأتي ضمن الحرب السياسية ضدّ تركيا.

وذكر موقع "Asia times" الإخباري؛ أنّ وسائل الإعلام التركية تحثّ مسلمي أمريكا على التبرّع لحملة إلهان عمر الانتخابية، وتغطّي أخبارها بشكل كبير، ويكشف ما سبق، وهو النزر القليل، العلاقة القوية بين إلهان عمر والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.

ويقول الباحث سامح أبو الفتوح: "التقت إلهان عمر دبلوماسيين أتراكاً  عدة مرّات، وتجتمع مع مسؤولي منظمات تركية داعمة لأردوغان، لبحث تعزيز المصالح التركية في أمريكا".

شبهات مالية وأخلاقية

وتساهم ازدواجية إلهان عمر السياسية في زيادة المشاعر السلبية تجاه المسلمين في أمريكا؛ حيث تتبنّى عمر خطاباً ظاهرياً يدعم حقوق الإنسان، بينما تدعم نظام أردوغان الفاشي، الذي تصف منظمات حقوق الإنسان الدولية تركيا تحت حكمه، بأنّها "أكبر سجن للصحفيين في العالم".

علاوةً على تبريرها للجرائم التركية بحقّ الأرمن، ودفاعها عن أطماعه وجرائمه بحقّ الأكراد والسوريين، ما يجعلها مثالاً سيئاً يعرقل مسيرة مسلمي أمريكا الشمالية.

وربما لا يدرك جميع الأمريكيين خفايا علاقة إلهان عمر بالتنظيم الدولي للإخوان، لكنّها لم تفوّت عليهم فرصة تكوين صورة سيئة عن المسلمين، حين أقدمت على الزواج من أخيها، مستغلّة غياب المستندات القانونية التي تثبت ذلك، كي تجلبه إلى الولايات المتحدة.

ويرجح الباحث، سامح أبو الفتوح، صحّة هذه القصة، ويقول: "للأسف، مثل هذه الأعمال مشهورة بين الجاليات الصومالية، ويستغلون عدم وجود وثائق تفنّد ادّعاءاتهم، وفي فنلندا تسبّبت هذه الأفعال في كراهية الشعب للصوماليين؛ لذلك لا أستبعد زواج إلهان من أخيها، كي تمكّنه من القدوم إلى أمريكا بسهولة، بصفته زوجها".

الباحث المصري سامح أبو الفتوح، لـ "حفريات": كثير من مسلمي أمريكا مخدوعون بإلهان عمر، ويظنون أنّها تعمل لخدمتهم، لكنّ الأمريكيين يرونها حصان طروادة بيد الديمقراطيين

وهناك شبهات فساد ماليّ عديدة تحيط بإلهان عمر، ومن جانبها، تنفي عمر تهمة زواجها من أخيها، والشبهات المالية حولها، وتصف كلّ ذلك بأنّه حملة عنصرية ضدّها، بسبب أصولها ودينها.

ومن شبهات الفساد المالي، ما نشرته صحف أمريكية عن منحها مبلغ 2.7 مليون دولار، على دفعتَين، لشركة "E Street Group" التي يملكها زوجها، تيم مينيت.

وقُدّمت شكويان ضدّها في لجنة الأخلاقيات بمجلس النواب؛ الأولى بسبب خرق عقد لكتابة مذكّراتها، بعد أن حصلت على المال مقدّماً، والثانية قدّمها مجلس تمويل حملة مينيسوتا الانتخابية للمطالبة بإعادة التمويل الذي حصلت عليه لحملتها، بسبب سوء استخدامها لأموال الحملة، لتحقيق مكاسب شخصية.

اقرأ أيضاً: هل احترم الإخوان مقولاتهم التأسيسية؟

وتواجه أيضاً اتهامات بشراء الأصوات لصالحها، في حملتها الانتخابية، عام 2018، ولم تُوجَّه لها اتّهامات رسمية بعد، نتيجة الحماية التي يسبغها عليها الحزب الديمقراطي.

وسواء تمّت إدانتها أم لا، فإنّ مسيرتها السياسية القصيرة، حفلت بالعديد من الاتهامات الأخلاقية والمالية، والازدواجية السياسية، ومخالفة القيم التي ترفعها، ما تسبّب في ترسيخ الصور السلبية عن المسلمين، ولذلك تأثير سلبي على مسيرة مسلمي أمريكا السياسية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية