غضب شعبي سعودي متصاعد ضد تركيا ودعوات للمقاطعة الاقتصاديّة

غضب شعبي سعودي متصاعد ضد تركيا ودعوات للمقاطعة الاقتصاديّة


11/10/2020

في خطوة تعكس روح التضامن بين الشعب والقيادة في السعودية، انطلقت دعوات شعبية لمقاطعة البضائع والأنشطة الاقتصادية التركية في المملكة، وعدم السفر للسياحة أو الاستثمار إليها، ولاقت الدعوات تأييداً واسعاً، بعد أن سئم السعوديون العدوان التركي الدائم على المملكة والتطاول على قيادتها.

الغضب الشعبي لم يكن حمية للمملكة فقط؛ بل تضامناً مع كافة الشعوب والبلدان العربية، التي طالتها أيادي التخريب التركية، وتعبيراً عن التضامن بين شعوب المنطقة، ضدّ مخططات الثلاثي تركيا ـــ قطر  ــــ الإخوان المسلمين.

وشهد التبادل التجاري بين الدولتين انخفاضاً ملحوظاً، منذ العام 2015، فانخفض من 5.59 مليار دولار، إلى 4.96 مليار دولار، عام 2018، وتراجعت أعداد السياح في 2019، عن السنوات السابقة.

دعوات المقاطعة

راجت على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات شعبية سعودية لمقاطعة المنتجات التركية، رداً على سياسات الرئيس التركي، أردوغان العدوانية تجاه السعودية، والدول العربية.

وطالب مئات المغردين بمقاطعة المنتجات التركية، واستبدلها بأخرى وطنية، أو من دولة صديقة، وطالت المقاطعة الأنشطة التركية في المملكة، التي يديرها وافدون أتراك.

فضلاً عن ذلك؛ طالب السعوديون بمقاطعة السياحة التركية، وعدم الاستثمار في تركيا، أو السفر إليها، والبعض طالب بمنع رحلات الطيران بين المملكة وتركيا.

بلغ حجم الاستثمارات التركية في المملكة 660 مليون دولار، مقابل 2 مليار دولار استثمارات سعودية في تركيا، وفي 2017 تملّك المواطنون السعوديون 3545 عقاراً في تركيا

وتلقف رئيس مجلس الغرف التجارية السعودية، عجلان العجلان، الدعوة الشعبية، وطالب في تغريدة عبر تويتر بمقاطعة تركيا تجارياً، وكتب: "المقاطعة لكلّ ما هو تركي، سواء على مستوى الاستيراد أو الاستثمار أو السياحة، هي مسؤولية كلّ سعودي (التاجر والمستهلك)، ردّاً على استمرار العداء من الحكومة التركية على قيادتنا وبلدنا ومواطنينا".

اقرأ أيضاً: هل تخدم حروب تركيا استراتيجيات أمريكا؟... أذربيجان نموذجاً

وحول أسباب دعوة المقاطعة، يقول الناشط والمدوّن السعودي، صالح العلي: "تركيا تريد فرض شخصيتها على الشرق الأوسط، بطرق تشبه البلطجة، وكان من الأجدى لهم أن يتعاملوا مع العرب تعاملاً أخوياً، ويحترموا جيرانهم، ويجنوا فوائد مشتركة من التعاون الاقتصادي مع المنطقة، لكن بدلاً من المحافظة على السياحة والاستثمار والتبادل التجاري مع الخليج، استبدلوا كلّ ذلك بالتدخل في شؤون المنطقة، والتوسّع على حساب العرب في ليبيا وسوريا والعراق، فهم قايضوا التعاون المشترك بالعدوان".

ويردف العلي لـ "حفريات": "المواطن السعودي يحبّ وطنه، ويحترم قيادته، ويعي جيداً مخططات تركيا وعداءها للمملكة والعرب، لذلك أبسط ما يقوم به تجاه وطنه وقيادته، هو موالاة من يوالي وطنه، ومعاداة من يعاديه، وأبسط ما نقوم به هو مقاطعة تركيا اقتصادياً، فهي من تحتاج إلى المملكة، لا نحن، فمن السهل استبدالها، لكنّها ستفقد سوق ضخم".

التبادل التجاري

وبلغت قيمة التبادل التجاري بين المملكة وتركيا 22,775 مليار ريال سعودي، بما يعادل 4.96 مليار دولار، بحسب بيانات وزارة الخارجية التركية، لعام 2018، وشهد التبادل التجاري انخفاضاً بنسبة 25 % في النصف الأول من عام 2019، كما انخفضت الاستثمارات السعودية بنسبة 30 % في تركيا، بسبب الأزمات التي يعاني من الاقتصاد التركي، وانخفاض الليرة، وارتفاع التضخم، والاعتداءات التي يتعرض لها السعوديون في تركيا.

المدون السعودي صالح العلي لـ "حفريات": أتمنى قطع الطيران بيينا، واستبدال منتجات تركيا ببدائل من الدول الصديقة، ومصلحتنا مع من يحترم وطننا، ويحترم المواطن السعودي

ويعاني المستثمرون السعوديون في قطاع العقار التركي من عمليات الاحتيال، وأصدرت السفارة السعودية في تركيا، في أيار (مايو) العام الماضي، بياناً قالت فيه: "السفارة السعودية ورد إليها شكاوى كثيرة من المواطنين المستثمرين والملاك، حول المشكلات التي تواجههم في مجال العقار في تركيا؛ مثل عدم حصولهم على سند التمليك، أو الحصول على سندات تمليك مقيدة برهن عقاري، إضافة إلى منعهم من دخول مساكنهم، رغم تسديد كامل قيمة العقار، وتهديدهم من قبل الشركات المقاولة".

وأثّر العداء التركي للمملكة في توجّه المستثمر السعودي إلى السوق التركي، وقال محمد سرور الصبان، المستشار الاقتصادي والنفطي الدولي السعودي، في تصريحات لـوكالة "سبوتنيك": "حجم التبادل التجاري بين البلدين لم يتجاوز الـ 5 مليار دولار، وهو في تناقص مستمر، كردّة فعل للكثير من المؤسسات التجارية السعودية، والتأييد الشعبي الكبير لحكومة المملكة، في مواجهة الحملة التي تتعرض لها من تركيا".

اقرأ أيضاً: التخلص من العبء أم تجميده: موقع الإخوان المسلمين في تحولات تركيا تجاه مصر

ويعلق على ذلك، الإعلامي السعودي، محمد الشقاء، بقوله: "سياسة أردوغان العدوانية تجاه العرب ساهمت في اتساع الهوّة بين الأتراك والعرب، وخلق حالة من العداء بين الشعوب، تغذّيها تصريحات أردوغان العدائية تجاه الدول العربية، وعلى رأسها المملكة، إلى جانب أطماعه التي يعلن عنها صراحةً في سوريا والعراق وليبيا".

اقرأ أيضاً: أردوغان يدخل تركيا في متاهة

ويردف الشقاء، لـ "حفريات": "التفاعل الشعبي، بلا شكّ، ليس وليد اليوم، بل منذ زمن طويل، لكنّه بدأ يظهر، وتمتدّ خريطته، أكثر فأكثر، بعد تكشّف سياسة أردوغان في المنطقة، والشارع العربي، الذي انخدع بنظام أردوغان أفاق من هذا الوهم، بعد أن ظهرت نواياه الحقيقية".

خسائر تركيا

وطالب المغردون السعوديون باستبدال المنتجات التركية بأخرى من دول صديقة، وتستورد المملكة من تركيا؛ التبغ، الملابس، الأجهزة والمعدات الكهربائية وقطع غيارها، وآلات وأدوات آلية، وأثاث، ومباني جاهزة، وهي منتجات تُصنّعها عدّة دول عدّة.

بينما تستورد تركيا من المملكة؛ المنتجات المعدنية، واللدائن ومصنوعاتها، والمنتجات الكيماوية العضوية، والحديد والصلب، والألمنيوم ومصنوعاته.

ولم يصدر قرار رسمي حول العلاقات بين الدولتين، وتلتزم الدولتان بالاتفاقيات الرسمية بينهما، لكنّ خسائر تركيا ستأتي من مقاطعة السعوديين للسياحة في تركيا، والعزوف عن الاستثمار في العقارات، خصوصاً بعد تنامي الروح العدائية ضدّ العرب والسعوديين في تركيا، التي تغذيها خطابات الرئيس التركي.

ويقول المدوّن السعودي، فهد المحمادي، لـ "حفريات": "مقاطعة تركيا شعبياً؛ سواء المنتجات أو السياحة أو الاستثمار، تكبّدها خسائر كبيرة، في وقت تعاني فيه من أزمات اقتصادية كبرى، ونرى أنّ المقاطعة واجب على كلّ مواطن حرّ، يحبّ وطنه".

اقرأ أيضاً: إس-400 وناغورني كاراباخ يضعان تركيا بمواجهة الغرب

ويضيف الإعلامي محمد الشقاء: "هناك خطوات لتفعيل المقاطعة على مستويات القطاع الخاص، ممثلاً في الغرف التجارية".

ويؤكّد المدون السعودي، صالح العلي؛ أنّ تصريحات أردوغان الاستفزازية بحقّ العرب، تزيد من مناخ العداء، الطارد للتعاون الاقتصادي.

ويقول لـ "حفريات": "أتمنى قطع الطيران بيينا، واستبدال منتجات تركيا ببدائل من الدول الصديقة، ومصلحتنا مع من يحترم وطننا، ويحترم المواطن السعودي، ودولتنا قادرة على الاستغناء عنهم، وهم من سيتضررون، عندما يخسرون شريك تجاري كبير".

اقرأ أيضاً: تركيا والحسابات الخاطئة

وفي التعليق الأول لمسؤول تركي عن دعوات المقاطعة في السعودية، قال رئيس لجنة العلاقات الاقتصادية الخارجية التركية، نائل أولوباك؛ إنّه تلقّى معلومات من أعضاء اللجنة بـمقاطعة السعودية للمنتجات التركية، اعتباراً من الأول من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، لكنّها تظلّ إشاعات، ما لم يصدر قرار رسمي سعودي.

وأضاف أولوباك: "عقدنا عدة لقاءات مع رجال أعمال سعوديين، وناقشنا معهم سبب تراجع استيرادهم للمنتجات التركية، فقالوا إنّ الأمر يتعلق بالتركيز على استهلاك منتجاتهم المحلية".

ووفق بيانات وزارة الخارجية التركية؛ شهدت الصادرات إلى المملكة تراجعاً منذ العام 2015، حيث بلغت فيه 3.47 مليار دولار، وانخفضت في عام 2018 إلى 2.64، بينما زادت الواردات من المملكة، من 2.12 مليار دولار في 2015، إلى 2.32 في العام 2018، وانخفض حجم التبادل التجاري الكلي من 5.59 في 2015 إلى 4.96 عام 2018.

اقرأ أيضاً: تركيا تسعى إلى توريط «الناتو» في الحرب الأذرية ـ الأرمينية!

ورغم أنّ المملكة لم تُخلّ بأيّ من اتفاقياتها الاقتصادية مع تركيا، لكن من المؤكد أنّ حالة العداء هي السبب في تراجع التبادل التجاري. وتتمثّل إحدى العقوبات غير المباشرة في فتور المملكة عن تنشيط التبادل التجاري مع تركيا، خصوصاً أنّ الأخيرة تسعى بقوة إلى التوسع في تجارتها الخارجية.

اقرأ أيضاً: تركيا في ليبيا.. إلى أين؟

ويقول الخبير الاقتصادي السعودي، غسان بادكوك، في حوار مع وكالة (سبوتنيك): "طبيعي أن تنخفض الاستثمارات المتبادلة بين المملكة العربية السعودية وتركيا، من قبل كلّ من المستثمرين السعوديين في تركيا، أو الأتراك في السعودية، على ضوء توتر العلاقات بين الجانبين في الآونة الأخيرة؛ حيث تتطلع الاستثمارات دائماً إلى ظروف سياسية مستقرة".

وبلغ عدد السياح السعوديين القادمين إلى تركيا: 450674 (2015)، 476561 (2016)، 651170 (2017)، 445.875 (2018)، وسجلت الأشهر السبعة الأولى من 2019، تراجعاً بنسبة 16.96%، وبلغ عدد السياح 370.265.

اقرأ أيضاً: الأحقاد العنصرية تحرك تركيا في ناغورني قره باغ

ومن المتوقع انخفاض العدد خلال الفترة المقبلة، خصوصاً في ظلّ أزمة كورونا، والمضايقات التي يتعرض لها السياح السعوديون في تركيا، ودعوات المقاطعة الواسعة.

وبلغ حجم الاستثمارات التركية في المملكة 660 مليون دولار، مقابل 2 مليار دولار استثمارات سعودية في تركيا، وفي عام 2017 تملّك المواطنون السعوديون 3545 عقاراً في تركيا، كما تعدّ المملكة العربية السعودية الدولة الخليجية الثانية بعد قطر، والدولة السابعة عالمياً على صعيد حجم الأعمال التي ينفّذها المقاولون الأتراك فيها.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية