صقور سنّة لبنان إذ تجتمع على مواجهة حزب الله

صقور سنّة لبنان إذ تجتمع على مواجهة حزب الله

صقور سنّة لبنان إذ تجتمع على مواجهة حزب الله


03/06/2023

مطلع شهر أيار (مايو) الجاري، أعلن النائب البرلماني والوزير السابق، أشرف ريفي، عن إطلاق تيار سياسي يحمل اسم "سند"، يهدف إلى تحقيق سيادة لبنان ومحاربة الفساد لتحقيق النزاهة وتعزيز الديمقراطية.

ما بين الترحيب والنقد استقبل اللبنانيون ميلاد التيار الذي يجمع رموزاً سياسية عُرفت بموقفها الحازم من هيمنة حزب الله على الدولة. ورغم أنّ إطلاق التيار لم يكن وليد الأشهر الماضية، بل كانت فكرة مؤجلة منذ ثلاثة أعوام، إلا أنّ وقت إطلاقه الذي يأتي بعد مرور أكثر من عام على تجميد تيار المستقبل، جعل الكثيرين يرون في التيار الجديد محاولةً لملء الفراغ في الساحة السنّية.

سيادة ونزاهة وديمقراطية

خلال حفل إطلاق تيار سند، أعلن النائب اللواء أشرف ريفي عن مبادئه السياسية، وهي "السيادة والنزاهة والديمقراطية"، والتي يعتبر اسم "سند" اختصاراً لها. صرح ريفي بأنّ أولوية التيار الجديد ستكون "العمل على رفع القبضة الإيرانية عن الوطن، والوقوف إلى جانب جميع السياديين في لبنان لمواجهة هذا الاحتلال المقنّع، وتكريس الديمقراطية والوصول بوطننا إلى حالة جديدة لنتمكن جميعاً من إنقاذه".

وأشار ريفي في حديثه إلى اختلاف الحاضنة التي يقوم عليها التيار عن معظم القوى السياسية التي عرفها لبنان، وذلك بالابتعاد عما وصفها بالإقطاعية السياسية. وقال ريفي "حان الوقت لنعود ونقول لسنا حالة فردية أو شخصية، بل نحن حالة سياسية وطنية وهذا ما يحتاج إليه الوطن لإنقاذه، كلنا في (تيار سند) نتحدر من عائلات بسيطة عصامية، وليس من عائلات سياسية وراثية".

مصطفى علوش: استمرارية المواجهة مع مشروع إيران

وتعليقاً على إطلاق تيار سند، قال النائب البرلماني السابق وأحد الرموز السنّية في التيار، مصطفى علوش، بأنّه حتى الآن لم يحصل أي شيء رسمي، ونحن في مرحلة التحضيرات للإشهار الرسمي للتيار.

وبسؤاله حول ملء التيار للفراغ الذي خلفه غياب تيار المستقبل عن الساحة الوطنية، أجاب لـ"حفريات" بأنّ الفراغ والضياع في التوجهات السياسية لدى معظم أهل السنة في لبنان كان أحد أسباب طرح تيار سند كإطار سياسي ينطلق من مدينة طرابلس إلى كل لبنان.

لكن يتابع علوش الذي شغل منصب نائب رئيس تيار المستقبل السابق، بأنّ ملء الفراغ في الساحة السنّية ليس السبب الوحيد؛ الهدف الأهم هو استمرارية المواجهة مع مشروع إيران في لبنان، وملاقاة القوى اللبنانية السيادية على موقف موحد للمواجهة، بدلاً من الشرذمة الحاصلة اليوم، والتي سمحت لحزب الله بالتفرد في استباحة الأمن والسيادة، وما كان استعراض القوة العسكرية الأخير إلا أحد أوجه ذلك.

تبدو الطائفة السنّية بحكم تاريخها السياسي وتكوينها الوجداني جزءاً من التيار العريض للسنّة في المنطقة صاحبة المخاوف الأقل والأقدر على حماية المعادلة الوطنية في لبنان

من جانبه، أشار الإعلامي ربيع ياسين، إلى أنّ تعليق رئيس تيار المستقبل المشاركة في الحياة السياسية العامة كان له أثر سلبي، ليس فقط على الطائفة السنّية، بل على المعادلة الوطنية الأساسية؛ لأنّ الرئيس سعد الحريري وما يمثّله من تيار المستقبل الذي أسسه الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو توجه وطني عابر للطوائف، وليس ممثلاً للسنّة فقط.

وأضاف لـ"حفريات" بأنّ المستقبل ليس تياراً سياسياً فقط، بل مظلة وطنية جامعة، انضوى تحت لوائها الجميع حتى المختلفين بالسياسة والتيارات الفكرية المتعددة، فهو تيار جامع منفتح منذ عهد الرئيس الشهيد وخلفه الرئيس سعد.

وأشار ياسين إلى أنّه في ظل تجاوز غياب الحريري عن العمل السياسي مدة العام، شهدت فيها البلاد محطات فاصلة في الانتخابات النيابية والفراغ الرئاسي وتشكيل الحكومة، تحاول بعض التيارات والقوى السياسية التي كانت قريبة من تيار المستقبل ملء الفراغ الذي خلفه غيابه، ومن ذلك التيار الذي أطلقه الوزير السابق محمد شقير.

ماذا يقدم تيار سند؟

وكان وزير الاتصالات السابق، رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية، محمد شقير، أطلق تياراً سياسياً باسم "كلنا لبيروت". وقال شقير في حفل الإطلاق في 19 أيار (مايو) الجاري في مدينة بيروت، بأنّ التطورات والأحداث السياسية التي يتخبط بها الوطن، أكدت أنّ "غياب الدور الفاعل والحيوي للمكون السنّي أدى إلى اختلال عميق في التوازنات السياسية، والتي بدورها أدّت إلى انعدام التوازن في المعادلة السياسية الوطنية في لبنان".

في السياق نفسه، شهدت البلاد إطلاق تيار سياسي جديد يضم عدداً من الشخصيات السنّية باسم "لبنان الجديد" ومن رموزه الأكاديمي والقانوني محمد زكور.

وأشار ياسين إلى أنّ هناك تشتتاً كبيراً في الطائفة السنّية، ولدى ريفي دعم كبير داخل مدينة طرابلس، وتدّعم ذلك بالتحاق قيادات سنّية وازنة مثل مصطفى علوش بالتيار الجديد.

ربيع ياسين: الناس سئمت من توريث العمل السياسي

ونوه ياسين إلى ما سبق وذكره اللواء أشرف ريفي بشأن القاعدة التي يستند عليها تيار سند، وقال إنّ الناس سئمت من توريث العمل السياسي، لافتاً إلى أنّ هذا التوجه الشعبي في طور التبلور وسيظهر بصورة أكبر خلال الفترة المقبلة. وحول مكانة طرابلس في تيار سند، قال إنّها أساسية، مبيناً أنّ انطلاقة تيار سند سنّية، مع هدف أن يكون عابراً للطوائف والمناطق.

يعتبر اللواء أشرف ريفي ممن لهم علاقة طيبة مع حزب القوات اللبنانية الذي يتصدر معسكر السياديين الرافضين لهيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية.

هل ينجح الصدام؟

ويتصدر حزب القوات اللبنانية وقوى سياسية ورموز منها اللواء ريفي المواقفَ الرافضة لأي حوار مع حزب الله طالما بقي سلاحه بعيداً عن سيطرة الدولة وموجهاً ضد الخصوم السياسيين، الرافضين لما يعتبرونها هيمنةً إيرانيةً على لبنان.

لكن إلى أي مدى في ظل موقف كهذا يمكن للبنان أنّ يستقر ويتجنب مزيداً من الفوضى، والتي تتمثّل في الإخفاق الواسع في انتخابات رئاسة الجمهورية، ومن قبل في تشكيل الحكومة. علماً أنّ سلاح الحزب لا ينفصل عن النظام الطائفي في البلاد، والذي من جانب آخر يتمسك المسيحيون به لما يوفره لهم من حصة النصف في مختلف مؤسسات الدولة، بما فيها المؤسسات المنتخبة.

السياسي اللبناني مصطفى علوش لـ"حفريات": الفراغ والضياع في التوجهات السياسية لدى معظم أهل السنة في لبنان كان أحد أسباب طرح تيار "سند كإطار" سياسي

لدى المسيحيين في لبنان هواجس كبيرة ليس من سلاح حزب الله فقط، بل من التحولات الديموغرافية لصالح المسلمين على حسابهم، نتيجة زيادة عدد المسلمين في لبنان إلى نسب يقدرها البعض بنحو 70% وأكثر من ذلك. من جانب آخر لدى الطائفة الشيعية مخاوف هي الأخرى بحكم وجودها كأقلية في محيط سنّي واسع. بينما تبدو الطائفة السنّية بحكم تاريخها السياسي، وتكوينها الوجداني كجزء من التيار العريض للسنّة في المنطقة، صاحبة المخاوف الأقل والأقدر على حماية المعادلة الوطنية في لبنان.

ما سبق يجعل مراقبين يعالجون قضية سلاح حزب الله في إطار الهواجس لدى المسيحيين والشيعة في لبنان، والاعتلال السياسي نتيجة الوضع الطائفي. واحدٌ ممن كانوا أقرب لتفهم ذلك رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، الذي رفض اتخاذ مواقف صارمة تجاه حزب الله، مفضلاً الحوار مع الحزب كأمر واقع لا يمكن التغاضي عنه.

يقول الكاتب والباحث السياسي عاصم عبد الرحمن بأنّه قبل أن يجف حبر توقيع اتفاق بكين بين السعودية وإيران علت الأصوات التي استذكرت صوابية الرئيس سعد الحريري الذي كان يرى حتمية هذا التقارب، وأنه لا بد أن يحصل في نهاية المطاف. وتابع لـ"حفريات" بأنّ الحريري انتقده خصومه لإصراره على ربط النزاع بين حزب الله وتيار المستقبل فقط، بمعنى أنه تصدى لأي إمكانية حدوث فتنة سنية - شيعية.

عاصم عبد الرحمن: ريفي يتبنى خطاباً مثالياً

ويرى عبد الرحمن أنّ الحريري يتبنى الواقعية السياسية، بينما ريفي يتبنى خطاباً مثالياً، لا يعدو كونه شعارات براقة. وأشار إلى أنّ ريفي حينما كان وزيراً للعدل لم يقدم حلاً لملف الإسلاميين في السجون، ثم استقال من الوزارة وراح يطالب بحلّ للقضية.

ولفت الباحث اللبناني إلى أنّ ريفي الذي طالما صرخ في وجه حزب الله مطالباً بمواجهته وحل مشكلة سلاحه، عندما أصبح نائباً برلمانياً ركن إلى التصريحات السياسية من حين لآخر، دون إقدامه على فتح ملف واحد في قضية فساد أو ما شابه لدى الحزب.

شكوك عبد الرحمن السابقة حيال تيار سند ليست حالة فردية، وتتردد في أروقة وسائل التواصل الاجتماعي، التي لا تهدأ السجالات السياسية بين اللبنانيين عبرها، لكن من جانب آخر لا تُفهم مثل تلك التصريحات بعيداً عن ما يعتري الطائفة السنّية من سجال بين تيار المستقبل والمكونات الأخرى.

يذكر أنّ اللواء أشرف ريفي كان وزيراً العدل من 2014 - 2016، وتولى قبلها منصب مدير قوى الأمن الداخلي من 2005 - 2013، وهو عضو في مجلس النواب.

مواضيع ذات صلة:

تنامي نفوذ حماس في لبنان... قاعدة أم محطة عبور؟

هل تقبل السعودية بفرنجية لتجاوز الفراغ الرئاسي في لبنان؟

أزمة التوقيت الصيفي في لبنان: هشاشة العيش المشترك



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية