صراع حكومة الوفاق الليبية... ماذا سنشهد خلال الأيام المقبلة؟

صراع حكومة الوفاق الليبية... ماذا سنشهد خلال الأيام المقبلة؟


30/08/2020

رسّخ قرار رئيس حكومة الوفاق فايز السراج بإطاحة وزير داخليته فتحي علي باشاغا من منصبه وإحالته على التحقيق صراع الأجنحة داخل الحكومة التي تسيطر على غرب ليبيا، وفتحت الخطوة الحديث على مصراعيه بحصول مواجهات بين ميليشيات طرابلس التي تدين بالولاء للسراج وميليشيات مصراتة التابعة لباشاغا.

وكانت معلومات قد تردّدت على نطاق واسع في الأوساط الليبية بأنّ باشاغا يجري تجهيزه برعاية تركيا لخلافة السراج، لا سيّما بعد خروج تظاهرات واسعة في مدن غرب ليبيا أبرزها العاصمة طرابلس تطالب برحيل السراج والمجلس الرئاسي، بالاعتماد على عدد من ميليشيات مصراتة التي تستعد بالفعل للتحرك عسكرياً ضد السراج وميليشياته، وفق ما نقل موقع المرصد الليبي.

 

توقعات بحصول مواجهات بين ميليشيات طرابلس التي تدين بالولاء للسراج وميليشيات مصراتة التابعة لباشاغا

 

وفي محاولة من السراج لامتصاص غضب الشارع في مدينتي مصراتة والزاوية، قام أمس بتعيين رئيس أركان ووزير دفاع جديدين لقوات الحكومة القائمة في العاصمة الليبية طرابلس.

وأعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق تعيين الفريق أول محمد الحداد رئيساً لأركان "الجيش الليبي"، وتكليف العقيد صلاح الدين علي النمروش بمهام وزير الدفاع المفوض.

وشغل النمروش وكيلاً لوزارة الدفاع، وهو من مدينة الزاوية (غرب)، أمّا حداد، فيتحدر من مصراتة التي تقع على بعد 200 كيلومتر شرق طرابلس، وتعتبر مقراً للميليشيات النافذة التي تحارب إلى جانب قوات حكومة الوفاق ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الذي شنّ هجوماً لتحرير طرابلس.

وجاءت التعيينات بعد أيام من إعلان رئيس حكومة الوفاق فايز السراج إجراء تعديل حكومي استجابة للسخط الشعبي المتزايد في طرابلس ومدن أخرى في غرب ليبيا الخاضعة لسيطرته.

وفي سياق الخلاف مع باشاغا، أوعز السراج للوزارات والهيئات والشركات والمؤسسات التابعة لحكومته برفض أوامر سابقة وجّهها وزير الداخلية فتحي باشاغا إلى وزير المواصلات في حكومة الوفاق، ميلاد معتوق، احتكر فيها منح تراخيص هبوط وإقلاع وعبور الطيران الخاص، وكذلك الرحلات المُنظمة المؤقتة، إلّا بعد أخذ الإذن منه.

 

حراك 23 أغسطس يطالب المجلس الرئاسي بإصدار أوامر لإطلاق سراح المعتقلين ويعتبر باشاغا جزءاً من منظومة الفساد

 

وطالب السراج في مذكرة نشرتها صحيفة العرب اللندنية، موجهة إلى "الوزراء ورؤساء الأجهزة والمؤسسات والهيئات والمصالح والشركات العامة وما في حكمها"، بعدم تنفيذ قرار وزير الداخلية، بخصوص الحصول على إذن هبوط وإقلاع وعبور الطيران الخاص منه.

وشدّد السراج في مذكرته، التي أصدرها الثلاثاء الماضي، على أنّ دور وزارة الداخلية يقتصر فقط على طلب أسماء الركاب، أمّا منح أوامر الهبوط والإقلاع، فهو من اختصاص رئيس الحكومة فقط، وليس من اختصاص وزارة الداخلية، مُستنداً في ذلك إلى إعلان حالة الطوارئ.

وعاد وزير داخلية حكومة الوفاق في ليبيا فتحي باشاغا أمس إلى طرابلس، وذلك بعد قرار إيقافه عن العمل والتحقيق معه على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت في العاصمة الليبية.

وتأتي عودة باشاغا بعدما اختتم زيارة إلى أنقرة التقى فيها بوزير الدفاع التركي خلوصي أكار.

وأثار موكب باشاغا الضخم تساؤلات بشأن حقيقة المتحكم في السلطة بطرابلس، في ظل حديث عن صراع محتدم بين رئيس الحكومة ووزيره القوي.

وكان الموكب يتكوّن من مئات المركبات، وبعضها مزود بأسلحة ثقيلة وأخرى مضادة للطيران، مما يثير التساؤلات عن جدوى قرار الإقالة في ظلّ تحكم الوزير بكل هذه القوة.

وذكر موقع "ليبيا 24" أنّ الموكب يتكون من نحو 300 آلية، فيما ذكرت صحيفة "المرصد" الليبية أنّ موكب باشاغا ضمّ أيضاً سيارات التشويش على المتفجرات والكشف عنها، مشيرة إلى انسحاب ميليشيات طرابلس وقت مرور الموكب.

 

السراج يحاول امتصاص غضب الشارع في مدينتي مصراتة والزاوية بتعيين وزير دفاع ورئيس للأركان ينتميان إليهما

 

ويرى البعض أنّ هذا التحشيد العسكري الذي قام به باشاغا بدل أن يحتشد بحماية الشرطة فقط، كان الهدف منه أصلاً التأثير على مجرى ومسار التحقيق الذي من المتوقع أن يخضع له اليوم الأحد في المقرّ الرئاسي بطرابلس .

وكان اللافت أيضاً أنّ تبعيات هؤلاء المسلحين الموالين قد تفاوتت ما بين مجموعات تابعة للداخلية وأخرى مدنية مسلحة، ولكن اللافت أكثر أنّه كان من بينها من يتبعون لرئاسة الأركان العامة بالمنطقة الوسطى، وهم بالتالي من المفترض أنّ تبعيتهم لوزارة الدفاع و"القيادة السياسية العليا"، أي المجلس الرئاسي ورئيسه.

وفي سياق متصل بالصراع الدائر داخل أروقة حكومة الوفاق، اعتبر مراقبون أنّ مدينة طرابلس باتت مقسّمة بين 3 محاور.

المحور الأوّل: يمثّله الشعب الذي خرج للتظاهر، والثاني المجلس الرئاسي والسراج، والثالث محور باشاغا ومن يواليه، وأوّلهم المشري، من ميليشيات، وكذلك المتمركزون في مصراتة مسقط رأسه.

 

السراج يوعز للوزارات والهيئات والشركات والمؤسسات برفض أوامر سابقة وجّهها وزير الداخلية فتحي باشاغا

 

ويلعب المشري دوراً كبيراً في الأزمة الحالية، فهو عضو حزب العدالة والبناء الإخواني ورئيس مجلس الدولة الاستشاري.

هذا، ونظّم مئات المتظاهرين خلال الأيام الماضية مسيرات في طرابلس ومصراتة والزاوية وعدد من المدن الأخرى احتجاجاً على الفساد ونقص الكهرباء والمياه والوقود في الدولة الغنية بالنفط في شمال أفريقيا، وأطلق مسلحون النار على الحشود مرّات عدّة، كما شنت تلك الميليشيات حملات اعتقالات ضدّ النشطاء القائمين على تلك التظاهرات.

وندّد ما يُعرف بشباب "حراك 23 أغسطس" في ليبيا بمقتل متظاهر في طرابلس، وطالب المجلس الرئاسي بإصدار أوامر لإطلاق سراح المعتقلين.

وأكد الحراك أنّ وزير الداخلية، الموقوف عن العمل فتحي باشاغا، جزء من منظومة الفساد، محملين إياه مسؤولية ما يحدث في طرابلس حالياً.

 

استقبل باشاغا موكبٌ مكوّنٌ من نحو 300 آلية مسلحة، مزوّد بأسلحة ثقيلة وأخرى مضادة للطيران وسيارات تشويش على المتفجرات

 

وكانت مصادر متطابقة قد أكدت مقتل شاب ليبي متأثراً بجروح أصيب بها جرّاء إطلاق الميليشيات النار على متظاهرين في طرابلس.

وكان الشاب ضمن مجموعات من المحتجين منعتهم الميليشيات من الوصول إلى ميدان الشهداء وسط طرابلس؛ حيث كانوا يعتزمون القيام بتظاهرات ضد سياسات حكومة الوفاق.

واعتبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم أنّ ليبيا بحاجة ملحّة للعودة إلى عملية سياسية شاملة ومتكاملة لتلبية تطلعات الليبيين، مؤكدة أنّ الشعب الليبي يحتاج لحكومة تمثله بشكل ملائم وإلى الكرامة والسلام.

وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء استخدام القوة المفرطة والاعتقال التعسفي ضد المتظاهرين في طرابلس.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية