صحيفة أمريكية: دلالات جديدة على التعاون بين الولايات المتحدة وعُمان

سلطنة عُمان

صحيفة أمريكية: دلالات جديدة على التعاون بين الولايات المتحدة وعُمان


03/04/2019

لا تزال تتكشف أبعاد ودلالات جديدة للتعاون العسكري بين الولايات المتحدة الأمريكية وسلطنة عُمان؛ فقد أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية بأنّ توقيع الولايات المتحدة مؤخراً اتفاقية مع السلطنة من شأنه أن يتيح للبحرية الأمريكية الوصول إلى اثنين من موانئ بحر العرب، هما الدقم وصلالة، ما سيسمح للسفن الحربية الأمريكية وحاملات الطائرات بمراقبةٍ أكبر للممر المائي الدولي الإستراتيجي "مضيق هرمز"، الذي دأبت إيران القريبة على التهديد بإغلاقه.

ستحقق السلطنة مكاسب اقتصادية من الاتفاقية ولكنها قد تقوم بتعقيد إستراتيجية مسقط القائمة على الحفاظ على الحياد بمنطقة تعج بالتوترات

والدقم وصلالة العُمانيان هما خارج مضيق هرمز، الذي يمر عبره خُمس تجارة النفط العالمية من منطقة الخليج. وقالت السفارة الأمريكية في مسقط، في بيان لها، إنّ الاتفاقية "تؤكد من جديد التزام البلدين تعزيز أهداف الأمن المتبادل".
وتتنافس دول عديدة على إقامة موانئ، والسيطرة على موانئ إستراتيجية، في منطقة الخليج، كما نقل تقرير لـ"بي بي سي"؛ خصوصاً لتفادي إرسال السفن عبر هرمز. وهذا الكلام يتجدد مع توقيع الولايات المتحدة مع عُمان اتفاقية في نهاية آذار (مارس) الماضي،  تسمح باستخدام موانئ صلالة والدقم ومنشآتها القريبة من اليمن وإيران، وفق "بي بي سي".
الموانئ العُمانية تقع جنوب مضيق هرمز

الأهمية العسكرية
وفي معرض إبرازها الأهمية العسكرية للاتفاقية الجديدة قالت "وول ستريت جورنال" إنه نظرًا لأن الموانئ العُمانية تقع جنوب مضيق هرمز، فإنّ الوصول إليها سيمنح السفن الحربية الأمريكية حرية الملاحة في حالة المواجهة العسكرية مع إيران، أكثر مما لو كانت تلك السفن مضطرة إلى المرور عبر مضيق هرمز، الذي شهد في السابق حالات مضايقة من الجانب الإيراني للسفن الأمريكية.

اقرأ أيضاً: اتفاقية إستراتيجية أمريكية للموانئ مع عُمان .. ما أهم معالمها وأبعادها؟
وقال مسؤول أمريكي (لم تسمّه الصحيفة) قبل الإعلان عن الاتفاقية: "موقع [الموانئ العُمانية] جذاب للغاية، إنه خارج مضيق هرمز".
ولفتت الصحيفة الأمريكية في تحليلها إلى أنّ الاتفاقية مع عُمان تضيف ضغوطاً جديدة من طرف واشنطن على طهران؛ بعد أن سحب الرئيس دونالد ترامب العام الماضي الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المتعدد الأطراف، الذي وُقّع في العام 2015، إلى جانب فرضه عقوبات على إيران، لصدّ طموحاتها العسكرية في الشرق الأوسط.
وقال المسؤول الأمريكي، بحسب الصحيفة الأمريكية واسعة الانتشار، إنّ وصول البحرية الأمريكية إلى الموانئ العُمانية سيكون بمنزلة "إحداث توازن" مع إيران.
مواجهة النفوذ الصيني
وقالت منسقة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، كاميل لونز، إنّ الاتفاقية تخدم غرضاً ربما أكثر أهمية، ألا وهو مواجهة النفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط.

لونز: الاتفاقية بين أمريكا وعُمان تخدم غرضاً ربما أكثر أهمية ألا وهو مواجهة النفوذ الصيني المتزايد بالشرق الأوسط

وذكرت "وول ستريت جورنال" أنّ أسعار النفط المتقلبة أبطأت النمو في عُمان في الأعوم الأخيرة، ما جعلها أكثر انفتاحاً على الاستثمارات الصينية، التي قد تتركها مَدِينة إلى بكين. وقد استثمرت الصين في الجهود العُمانية لتحويل الدقم إلى مدينة صناعية، وهو حضور يمكن أن يساعد بكين على ربط قاعدتها الإستراتيجية في جيبوتي، غربي الدقم، مع أخرى تقوم ببنائها في ميناء جوادار في باكستان، شرقي الدقم.
وعلّقت الباحثة لونز على ذلك بالقول: "لا أعتقد أنّ إيران بالنسبة للولايات المتحدة هي العنصر الرئيسي في هذه الصفقة مع العُمانيين. الصين هي (المقصودة بدرجة أكبر). لكن واشنطن لا تتحدث عن الأمر مباشرة؛ لأن الرواية المعادية لإيران تعمل بشكل أفضل مع حلفائها الإقليميين؛ مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية".

اقرأ أيضاً: هكذا قضت سلطنة عُمان على تنظيم الإخوان المسلمين
ووفق "بي بي سي" فإنّ محور جوادار-جيبوتي مهم جداً لمشروع الصين "الحزام والطريق"-طريق الحرير الجديد. إلا أنّ الولايات المتحدة ركّزت في بيانها حول اتفاقها مع عُمان على دور الموانئ في مواجهة إيران.
وقال المسؤول الأمريكي لـ "وول ستريت جورنال" إنّ الحكومة العُمانية أكدت لواشنطن أن علاقتها مع الصين لا تُشكّل تهديدًا عسكرياً (للمصالح الأمريكية).
وأضاف المسؤول "لدينا تأكيدات من العُمانيين بأنّ علاقتهم بالصين ليست علاقة أمنية."
وتابع المسؤول بأنّ الصين لا يبدو أنّها نشطة في عُمان كما كان يعتقد من قبل، إذْ على الرغم من تخصيص جزء من منطقة الدقم الصناعية للصينيين، وتعهد بكين باستثمارات بمليارات الدولارات هناك، فإنّ الصين أبدت القليل من الاهتمام بالمنطقة، على حدّ ما نقلت الصحيفة عن المسؤول الأمريكي.
عمان ستحقق مكاسب اقتصادية من إقامة منشآت أمريكية في الميناءين العُمانيين

مكاسب للسلطنة
ولا شك في أنّ سلطنة عمان ستحقق مكاسب اقتصادية من إقامة منشآت أمريكية في الميناءين العُمانيين. ولكنها، وفق "وول ستريت جورنال"، قد تقوم بتعقيد إستراتيجية السلطنة القائمة منذ فترة طويلة على الحفاظ على الحياد؛ في منطقة تعج بالتوترات والتهديدات. وذكرت الصحيفة أن موقع السلطنة الإستراتيجي عند مضيق هرمز يجعل عُمان عرضة للضغط من جانب القوى الإقليمية.

اقرأ أيضاً: سلطنة عُمان تواجه تحدياتها بإستراتيجية من شقين
وقد استضافت عُمان محادثات سرية بين إيران والولايات المتحدة العام 2013، والتي أدت إلى اتفاق نووي العام 2015. وفي  تشرين الأول (أكتوبر) العام 2018 استضاف السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في لقاء هو الأول بين الزعيمين، وهي مبادرة أشادت بها الولايات المتحدة. وعلى هذا النحو، تضيف "وول ستريت جورنال" نقلاً عن الباحثة كاميل لونز، فإنّ اتفاقية الدقم الأخيرة هي أيضاً علامة على دعم الولايات المتحدة لدور سلطنة عُمان في تحسين العلاقات العربية-الإسرائيلية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية