سلاح التلويح بالعقوبات هل يردع الإخوان في ليبيا؟

سلاح التلويح بالعقوبات هل يردع الإخوان في ليبيا؟


30/11/2021

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية في ليبيا، وفي ظلّ المحاولات الحثيثة من قبل الإخوان لعرقلة مسار التسوية، خاصّة مع تصريحات خالد المشري، رئيس ما يُسمّى بالمجلس الأعلى للدولة، التي أعلن فيها عن مقاطعة الانتخابات، والتلويح بالحرب في حالة فوز المشير خليفة حفتر بالرئاسة، تحاول القوى الدولية الراعية للمسار السياسي ممارسة الضغط، والتلويح بسلاح العقوبات، لضمان إجراء الانتخابات في موعدها.

اقرأ أيضاً: ليبيا والاستحقاق الأهم

في هذا السياق، أكّد جوزيف بوريل، الممثل السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، على إصرار الاتحاد على سحب المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا، كاشفاً في الوقت نفسه عن وجود مجموعة من العقوبات الرادعة تنوي الدول الأوروبية فرضها على أيّ جهة أو جناح سياسي يدفع تجاه عرقلة المسار الانتخابي. وأضاف: "ليبيا أصبحت على أعتاب تحقيق الاستقرار، والاتحاد الأوروبي سوف يقدّم كلّ الدعم الممكن في هذه المرحلة السياسية الحساسة".

تصعيد دولي للضغط على الفرقاء

وعلى الصعيد نفسه، هدّد مجلس الأمن الدولي، في جلسته الأخيرة يوم الأربعاء 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، بمواجهة أيّ محاولة لعرقلة الانتخابات الليبية، ملوّحاً بسلاح العقوبات، مع حث المفوضية العليا للانتخابات على مواصلة الجهود  الرامية إلى إجراء الاستحقاق المرتقب في موعده، وأعرب المجلس عن تطلعه "لقيام المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بإضفاء الطابع الرسمي على الجدول الزمني لعملية الاقتراع، وتنفيذها في بيئة سلمية".

ودخلت الولايات المتحدة الأمريكية على خط التلويح بالعقوبات، ففي تحذير شديد اللهجة، شدّد جيفري ديلورينتيس، مستشار الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، على حتمية إجراء الانتخابات في موعدها، قائلاً: "التدخل في الانتخابات الليبية ومحاولة عرقلتها، أو استخدام العنف، قد يؤدي لفرض عقوبات، والتهديد بمقاطعتها  لن يعزز السلام، وعلى المجلس محاسبة معرقليها".

اقرأ أيضاً: ليبيا تنتخب رئيسها للمرة الأولى

الدكتور عبد السلام القصاص، الباحث المصري في العلوم السياسية، أكّد في تصريحات خصّ بها "حفريات" أنّ الإخوان بفعل هيمنتهم في منطقة الغرب الليبي، سوف يستميتون في السعي لعقد أيّ صفقة سياسية، تضمن لهم الإفلات من المحاسبة، والحصول على حصّة من المناصب السيادية، والبديل الآخر، في حال عدم تحقق ذلك، هو عرقلة الاستحقاق الانتخابي بشتى الطرق الممكنة.

 

أكّد جوزيف بوريل، الممثل السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، على إصرار الاتحاد على سحب المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا، كاشفاً في الوقت نفسه عن وجود مجموعة من العقوبات الرادعة

القصاص أكّد أنّ سلاح العقوبات ربما لا يكون كافياً في ظلّ عدم وجود آلية سياسية ناجزة لتنفيذه، وفي ظلّ تعدد الميليشيات المسلحة، وعدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بتفكيك بنيتها المسلحة قبيل الانتخابات، ومدى تأثير ذلك على الناخب، وكذلك الغموض الذي يحيط بملفات بعض المرشحين للرئاسة، مثل عبد الحميد الدبيبة الذي ربما يدعمه الإخوان في النهاية، وسيف الإسلام القذافي الذي لم يتحدد موقفه النهائي بعد.

اقرأ أيضاً: ليبيا.. إصلاح الحاضر بأدوات الماضي

إرادة الشعب الليبي، في ظنّ القصاص، هي التي سوف تفرض الحلّ النهائي، وترغم كلّ الأطراف على احترام رغبة الشعب في الاختيار والاستقرار، ونبذ الحرب، وإخلاء الساحة الليبية من المرتزقة والقوات الأجنبية، ساعتها سوف يدرك الإخوان أنّ رهانهم كان خاسراً.

مناورات الإخوان 

عبد المنعم اليسير، رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي، المنتهية ولايته، كشف هو الآخر، في تصريحات لشبكة سكاي نيوز عربية عن الصعوبات التي تواجه الاستحقاق الانتخابي، لافتاً إلى أنّ "من يسيطر على الأرض في المنطقة الغربية، التي يتمّ بها استلام إيرادات النفط والتصرف بها، هي منظومة إخوانية، متحالفة مع عدة ميليشيات مختلفة التوجهات"، وهي منظومة، في ظنّه، ربما "لن تسمح بخروج الأمور عن سيطرتها، وسوف تقوم بكلّ ما تستطيع لعرقلة الانتخابات، وإن تمّ إجراء هذه الانتخابات، فلا بدّ أن يكون أحد مرشحيها هو الفائز؛ حتى لا تشتعل حرب، من الصعب التنبّؤ بمعالمها".

المحلل السياسي الليبي عبد الغني دياب، مدير وحدة الدراسات الأفريقية بمركز العرب للدراسات، ضمّ صوته إلى الأصوات المتوجسّة من تحركات الإخوان في اللحظات الأخيرة، مؤكداً أنّ "الشعب الليبي يُحمّل جماعة الإخوان وحزبها  المسؤولية عن تبنّي منهج العنف الموجود حالياً"، وضرب مثالاً بما حدث في أعقاب خسارة الإخوان في انتخابات مجلس النواب في العام 2014، حين انقلبوا "على نتائجها، ودفعوا إلى حرب فجر ليبيا؛ ممّا أدى إلى حالة انقسام بين شرق البلاد وغربها، ودفعوا الأمور إلى حلٍّ سياسي يضمن بقاءهم في السلطة، وقامت الجماعة بالسماح لتركيا بالتدخل فى شؤون البلاد، وارتهان ثروة الشعب الليبي وتبديدها، وجلب المرتزقة، وعدم قدرتهم على تقديم مشروع وطني؛ لإخراج البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية".

هامش المناورة الإخوانية يضيق

في تصريحاته لـ "حفريات" يرى السياسي الليبي محمود الكزة، من موقعه كناشط برقاوي، أنّ بيان مجلس الأمن الأخير قد يمثل ردعاً حقيقياً لجماعة الإخوان، خاصّة أنّ هذا التلويح الحاد بالعقوبات يتمّ للمرّة الأولى بهذا الشكل، ويأتي ذلك بالتزامن مع دعم أوروبي وأمريكي لسلاح العقوبات، على الرغم من عدم معرفة ماهيّة هذه العقوبات، التي سوف تطال الجهات المعرقلة للانتخابات.

 

عبد السلام القصاص: الإخوان، بفعل هيمنتهم في منطقة الغرب الليبي، سوف يستميتون في السعي لعقد أيّ صفقة سياسية تضمن لهم الإفلات من المحاسبة، والحصول على حصّة من المناصب السيادية

ويعتقد الكزة أنّ النتائج المبدئية للانتخابات هي التي سوف تكشف عن نوايا الإخوان، فإمّا تزوير النتائج، وهو الأمر الذي يعتمدون عليه بشكل رئيسي، وإمّا تدمير ومهاجمة مراكز الاقتراع التابعة للمفوضية، والتشكيك في النتائج لاحقاً، وكلّ ذلك يأتي تمهيداً لجعل البلاد أمام خيارين؛ إمّا فرض الحرب مرّة أخرى، وإمّا إبقاء البلاد في حالة الانقسام والتشظّي.

ولعلّ التأكيد على ذلك يأتي على لسان خالد المشري، أحد أبرز قيادات الإخوان، الذي هدّد بعرقلة الانتخابات في ليبيا، وأكد ولاءه للجهود التركية، في زيارة سريعة لتركيا، ومقابلته لأردوغان في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، وعلى خلفية تصريح المشري، هدّد السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند بفرض عقوبات على كلّ من يحاول عرقلة الانتخابات.

ويقول الكزة: إنّه "بعد الجدل الذي أثاره الإخوان، احتجاجاً على مسودة القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي صدّق عليها مجلس النواب، والمحاولات التي تبنتها الجماعة؛ لإسقاط حفتر، ومنعه من الترشح للانتخابات، ها هي الآن تضع المقدمات لإمكانية عرقلة الانتخابات؛ وفقاً لتلك المبررات" .

محمود الكزة: بعد الجدل الذي أثاره الإخوان، احتجاجاً على مسودة القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والمحاولات التي تبنتها الجماعة؛ لإسقاط حفتر، ومنعه من الترشح للانتخابات، ها هي الآن تضع المقدمات لإمكانية عرقلة الانتخابات

ويرى السياسي البرقاوي أنّه بعد أن كُشف أمر الإخوان في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، باتت الحلقة تضيق على هذا التنظيم، وعلى من يدور في فلكه من ميليشيات إرهابية مؤدلجة، لا ترى ولا تؤمن إلا بثقافة العبث، وفرض الأمر الواقع ونهب الأموال، التي وجدت المناخ مناسباً لاستمرار ممارسة عبثها، في ظلّ انقسام الدولة، وعدم وضوح الرؤية الدولية حول الملف الليبي.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية