"داعش خراسان" يطلق إستراتيجية جديدة للتمدد جنوب ووسط آسيا.. ما علاقة "طالبان"؟

"داعش خراسان" يطلق إستراتيجية جديدة للتمدد جنوب ووسط آسيا.. ما علاقة "طالبان"؟


13/06/2022

يتجه الوضع الأمني في منطقة جنوب ووسط آسيا إلى الانفجار، جراء تكثيف العمليات الإرهابية لتنظيم داعش، أو ما يطلق عليه "ولاية خرسان"، من جهة، وحركة طالبان التي كثّفت عملياتها بالتزامن في محاولة لصد الهجوم المضاد والحفاظ على نقاط تمركزها، من جهة أخرى.

وخلال الأسابيع الماضية، تحدثت عدة تقارير، عن إستراتيجية جديدة أطلقها "داعش" مؤخراً في منطقة آسيا، تعتمد على التوسع الأفقي في نطاقها الجغرافي، والتركيز على أهداف إستراتيجية تستهدف تعزيز حضور التنظيم وقدراته على إعادة التموضع في تلك المناطق بالاعتماد على خسارة "طالبان" المتواصلة.

وأشارت التقارير إلى أنّ هذا التوسّع في آسيا يتزامن مع ضربات موجعة داخل مساحته الجغرافية التقليدية في المناطق السورية والعراقية، ساهمت بشكل كبير في كبح قدرته على إعادة التمركز داخل تلك المساحات وأجبرته على البحث عن بدائل.

وبحسب تحليل نشره موقع "مودرن دبلوماسي" للكاتب أوران بوتوبيكوف، فإنّ العودة الجامحة للتنظيم من منطقة آسيا تعتمد بالأساس على دوافع انتقامية، بعد مقتل زعيمه السابق أبو إبراهيم القرشي، والمتحدث باسم التنظيم أبو الحسن المهاجر فيما أطلق عليها "الثأر للشيخين". 

ونفذ "داعش خرسان" عدة عمليات دامية في البلاد خلال الأشهر الـ 6 الماضية، استهدف فيها عشرات المدنيين في الأسواق والتجمعات العامة والمساجد أيضاً، وركز بعضها على استهداف عناصر وقيادات حركة طالبان، الذين يصفهم التنظيم بـ"الكفار". 

ما الحدود الجغرافية لإستراتيجية "داعش" الجديدة؟ 

أصبحت دول آسيا الوسطى هدفاً لهجمات "داعش خراسان" بحكم الجغرافيا التي تربطها بحدود مشتركة مع الأراضي الأفغانية. 

العودة الجامحة للتنظيم من منطقة آسيا تعتمد بالأساس على دوافع انتقامية

وعلى سبيل المثال، أصدرت وكالة أعماق للأنباء التابعة للتنظيم في أيار (مايو) 2022 بياناً زعمت فيه إطلاق داعش 10 صواريخ من الحدودية الأفغانية على موقع عسكري في أوزباكستان، بحسب ما ذكرته الباحثة بوحدة الإرهاب والصراعات المسلحة بالمركز المصري للفكر والدراسات، منى قشطة.

وتقول قشطة في دراستها المنشورة تحت عنوان: "تنامي التهديد.. تداعيات تمدد داعش خراسان في وسط وجنوب آسيا"، إنه "بالرغم من نفي السلطات الأوزبكية وطالبان لوقوع هذا الهجوم، إلا أنّ هجمات التنظيم المتكررة في مدينة مزار شريف شمال البلاد تُظهر تمتعه بوجود قوي في هذه المنطقة القريبة من الحدود الأوزبكية، وتعزز من قدرات التنظيم على شن هجماته داخل حدود أوزباكستان".

الاستثمار في خسارة طالبان

وترى الباحثة المصرية، أنّ عودة "داعش خرسان" بهذه القوة، جاءت مدفوعة بعدة أسباب، أبرزها تراجع حركة طالبان وخسارتها العسكرية المتكررة، في تلك المناطق وارتباك الحركة بالسيطرة عليها، وحالة الغضب الشعبي ضدها مع تردي الأوضاع الاقتصادية لحدٍ غير مسبوق. 

منى قشطة: داعش خراسان يحاول في الوقت الراهن استثمار إخفاقات حركة طالبان وعجزها عن التغلب على التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية المُستفحلة

وتقول قشطة إنّ "داعش خراسان" يحاول في الوقت الراهن استثمار إخفاقات طالبان وعجزها عن التغلب على التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية المُستفحلة التي تواجهها إبان إدارتها لمُقدرات الدولة الأفغانية في تشويه سمعة حكمها في الداخل الأفغاني، وإحباط تحركاتها المُكثفة على الصعيد الدولي لنيل الشرعية الدولية الغائبة عنها. 

انقسام طالبان الداخلي.. فائدة أخرى

وقد تعددت أوجه استفادة التنظيم من عثرات الحركة، فبحسب الباحثة استغل داعش حالة الرفض الشعبي لحركة طالبان والانقسامات والمشاحنات الدائرة حتى داخل صفوف الحركة لتعزيز تجنيده وتوسيع تمدده، لا سيما بين الفئات السكانية المهمشة والعرقيات غير البشتونية الرافضة لممارسات الحركة ضدها، والتي تجسّد أبرزها في العديد من الأدلة التي رصدت قيام عناصر طالبان بعمليات قتل للعشرات من أقلية الهزارة الشيعية.

ذلك إلى جانب عمليات التهجير القسري للمئات من منازلهم لاستبدالهم بمستوطنين جُدد من المنتمين لعرقية البشتون. وجدير بالذكر أنّ هذه القومية الأفغانية تُمثل أكبر مجموعة بالبلاد، وينتمي إليها معظم عناصر طالبان وقادتها، وفق الباحثة.

قدرة كبيرة على التجنيد

لدى تنظيم "داعش خرسان" قدرة كبيرة على تجنيد الأعضاء الجدد، تغذيها بيئة الصراعات في تلك المناطق، وتشير الباحثة إليها باعتبارها عاملاً استثنائياً لمنح التنظيم قدرة على إعادة التمركز بشكل أسرع وربما صادم.

تعددت أوجه استفادة التنظيم من عثرات الحركة

وبحسب قشطة، دفعت معدلات البطالة والفقر المرتفعة وكذلك حالة عدم الاستقرار السياسي بالبلاد المواطنين الأفغان إلى الانضمام لصفوف داعش الذي يقدم مبالغ مالية كبيرة لمقاتليه الجدد، وهو ما يمثل عرضاً مغرياً لمئات الآلاف من الأفغان العاطلين عن العمل. 

ما علاقة أوكرانيا؟ 

وتنوه الباحثة إلى خطورة انشغال العالم بالحرب الأوكرانية وما ينتج عنها من تداعيات، أخرجت المشهد الأفغاني كاملاً من قائمة الاهتمام الدولي.

وترى أنّ الأزمة الأوكرانية تنطوي على تأثيرات جيوسياسية عميقة ستكون لها آثار مُضاعفة على الكارثة الإنسانية الكبرى في أفغانستان.

 استغل داعش حالة الرفض الشعبي لحركة طالبان والانقسامات والمشاحنات الدائرة حتى داخل صفوفها لتعزيز تجنيده وتوسيع تمدده

وأشارت قشطة إلى احتمال تحوّل المساعدات الإنسانية ومساعدات اللاجئين الأفغان إلى أوكرانيا، وهو ما سيصب في صالح تنظيم داعش؛ إذ تدفع الأزمات الاقتصادية والاضطرابات السياسية المزيد من السكان إلى الانضمام إلى صفوفه هرباً من الأوضاع المعيشية الصعبة.

كما أنّ أحداث الحرب من شأنها إضعاف الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب، وبالتالي سيعزز هذا الأمر من فرص صعود التنظيم في معاقله التقليدية بسوريا والعراق عموماً، وفي فرعه الخراساني على وجه الخصوص.

استدعاء القاعدة.. أبرز السيناريوهات المتوقعة

مع تنامي العمليات من جانب ولاية خرسان واعتمادها على خطة جديدة لتوسيع نفوذها تتجه السيناريوهات نحو تدشين نسخة أخطر من "داعش"، في تلك المناطق، وربما يبرز تحالفات مع تنظيمات أخرى أو تعمل على إحياء نشاط تنظيم القاعدة. 

وتقول الباحثة: إنّ سلسلة الهجمات الأخيرة التي يشنها الفرع الخراساني لداعش، تضع حركة طالبان أمام اختبار حقيقي حول مدى قدرتها على بسط سيطرتها على الأوضاع الأمنية داخل أفغانستان، والحيلولة دون تحول الأخيرة إلى بؤرة لانطلاق التهديدات الإرهابية خارج حدودها، والذي يعد أحد الشروط الأساسية التي تضعها الدول الإقليمية والدولية للاعتراف بحكومة طالبان الناشئة. 

وبالتالي فإنّ استمرار طالبان في الحكم والاعتراف بها دولياً بات مرهوناً بمدى قدرتها على التصدي لنشاط داعش. 

وفي ظل هذه الأوضاع، تتوقع الباحثة، أن تلجأ الحركة إلى الاستعانة، بشكل غير علني، بعناصر تنظيم القاعدة لمواجهة تمدد ولاية خراسان، لا سيما وأنّ العديد من التقارير الاستخباراتية تشي بأنّ التنظيم لديه ملاذات آمنة وحرية عمل متزايدة في أفغانستان تحت حكم طالبان، وتتزايد احتمالية قيامه بشن هجمات جديدة بعيدة المدى في الأعوام المقبلة.

مواضيع ذات صلة:

خبيران أمريكيان يقدّران حجم تهديد الدولة الإسلامية في خراسان

داعش في "ولاية خراسان": معضلة أفغانستان الجديدة

أفغانستان و"داعش خراسان"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية